فى النهاية ، لم يذهبا الى اى مكان مثير .. لوارا لاحظت ان جوناس يبدو اكثر من متعب ولايرغب فى اى جهد للصخب والاحتفال .. فوافقت بسهولة على اقتراحه بان يتعشيا فى مطعم هادئ متواضع كان يرتادانه من قبل 0
ادارت ان تعرف كيف سارت الامور بينه وبين ايلين ، لكنها كانت حساسة اكثر من ان تثير الموضوع الى ان فعل هو ، فقد كان من الواضح ان السعادة التى شاهدتهما بها هى وروب قد فسدت . وتحدثت لوارا عن كونها اضطرت لملء منصب سكرتيرة روب المؤقتة ، فسالها : وهل انت متفقة معه ؟
منتديات ليلاس
-اوه .. اجل 0
حسنا .. هكذا كان الامر اليوم على اى حال .. وكبحت التوق لان تخبره بالاقاويل التى تدور فى عائلة زوجته حول عمق صداقتهما . فقد بدا ان لديه ما يكفيه من الهموم .. وعلى اى حال ، وبما ان روب قد غير وجهة نظره السابقة لم يعد هذا مهما ، مع انها لاتعرف لماذا يهمها راى روب ماكفرسون فيها الى هذا الحد ، ثم ابعدت كل تفكير بما حدث سابقا ، وتحدثت مع جوناس حول العمل الذى وجدت نفسها جزءا منه الان ، وكم ان روب منغمس فى عمله ، وقال جوناس فجاة : كانت مفاجاة لى ان اعرف انكما تعرفان بعضكما 0
وكانت هذه اول اشارة منه اشارة منه الى الليلة التى التقى فيها الاربعة معا .. وردت لوارا بحذر : وكانت مفاجاة لى كذلك .. ان اجد انك قريب له بطريقة غير مباشرة 0
-الم اذكر لك من قبل ان عائلة ايلين لها علاقة بدارموند ؟.. لا .. لا اعتقد هذا .. مع ان دارموند هى اصل السبب الذى تركتنى ايلين لاجله . يا الله ! كم اتمنى ان لااسمع باسم تلك الشركة اللعينة ! فلولا تصميمها على رؤيتى فى مجلس ادارتها ، لكانت لاتزال تعيش معى 0
تقبلت لوارا قوله بان دارموند كانت السبب الرئيسى لمشاكله ، لكنها تذكرت انه قال لها كذلك ان زواجه كان مضطربا قبل هذا الخلاف . ولو ان ايلين تحبه كما يقول روب ، فانها لاتحسن الظن بها لانها تضع المستوى الاجتماعى قبل الحب . مع ذلك ، فكلاهما عنيد متعنت حول هذه المسالة .. لكن ان يتركا الامر يؤدى الى سنة من الفراق دون ان يتنازل احدهما ، لاينبئ عن اى حب بالنسبة لها .. مع ذلك ما الذى تعرفه هى عن الحب ؟ كانت تجاهد دوما لتتجنب اى نوع من الحب ، عدا العلاقات السطحية 0
احست بان جوناس ، وهو الذى ذكر امامها اسم زوجته ، يريد ان يتحدث عن ليلة الاثنين ، فسعت لان تعطيه الفرصة فسالته : انت لم تمانع فى ان يوصلنى روب تلك الليلة الى منزلى . اليس كذلك ؟
كانت هذه اشارة الى واقع انه بقى وايلين لوحدهما ، مع انه لم يفهم قصدها تماما ، وظن انها تعتذر لانها خرجت مع رجل وعادت الى منزلها مع اخر 0
-لا .. ابدا 0
وتمنت لو ان نيكولاس ماكداف يسمع رده ، فهو يوضح تماما ، انه انما ينظر اليها كصديقة فقط . واكمل بصراحة : كنت سعيدا لانفرادى بايلين .. لذا بدا لى ان اخذك تلك الاوراق معك الى المنزل امر فيه حظ لى .. لقد كانت امسية رائعة لى .. مع اننى اعترف انها بدات سيئة .. لكن جحين ذهبت مع روب للرقص .. ابعدت ايلين البرودة عنها وعادت تلك المرأة التى تزوجتها . وكان الامر رائعا لوارا . بعد رحيلك ، رقصنا معا ، واحسست اننى عدت الى سن العشرين مجددا ، وانا واثق انها احست بالشئ نفسه 0
تخطتها عيناه وهو يتذكر ما كان ، اضطرت الى كبح دموعها امام تلك النظرة على وجهه ... الا تعلم ايلين ماذا تفعل به ؟ انها تمزقه اربا .. وتابع : ولكن الامر لم ينته هكذا .. فبعد مغادرتنا المطعم ، قالت ايلين انها تريد رؤية شقتنا مرة اخرى .. لم استطع تصديق انها تعنى ما تقول ، فهى لم تقترب منها منذ ان وضبت حقائبها ورحلت 0
توقف جوناس عن الكلام قليلا ، تعابير وجهه تقول لها ان لامكان لها فى افكاره الخاصة ، واحست بالصدمة لادراكها ان الامور ، وفى مرحلة ما ، قد تحولت الى ماساة .. ثم رفرف بعينيه ، وقد تلاشى النور منهما ، وشاهدت قبضتيه تشتدان فوق الطاولة ، فارادت ان تضع يديها على يديه كرجل يغرق .. ولاحظت كذلك انه اضطر لابتلاع ريقه بصعوبه ، لكنه سيطر على نفسه ليقول لها : كم يجعلنا الحب اغبياء .. كنت اعيش فى عالم الخيال عندما كنت اعتقد ان ايلين ستترك اباها وتعود الى فى اليوم التالى ..
ضحك ضحكة لابهجة فيها ، واظهر سخرية لم ترها عليه من قبل . واكمل : .. كنا نتناول الفطور ، حين قالت لى ايلين ، ان المقعد فى مجلس الادارة مازال لى ان كنت اريده .. وان اباها يفكر بالتقاعد ، وان الطريق سيصبح مفتوحا امامى ...
تنهد بعمق : .. وقبل ان اعرف ما حدث كنا وسط شجار حام وعرفت ساعتها ان ايلين لاتزال تتمسك بشروطها السابقة نفسها 0
ذهلت لوارا لمعرفتها بان ايلين امضت ليلتها معه .. فهذا مالابد حدث وقد تكلم عن تناولهما الفطور معا . لكن ذهولها كان اشد لمعرفتها بان ايلين وبعد استسلامها لزوجها استمرت فى التمسك بالعودة حسب شروطها ، لا عجب اذا ان يكون جوناس كئيبا الى هذه الدرجة ! فقد كان يظن ان اساس الخلاف بينهما قد دفن ، لكنه اكتشف ان السبب مازال موجودا 0
لم تعد تفكر كثيرا بما قاله روب حول كونها تقف فى طريق عودتهما الى بعضهما .. ومع تحطم قلبه لم تجد مجالا للتفكير بايقاف صداقتهما . ثم تذكرت تلك النظرة الحقودة التى رمقتها بها ايلين ، وانقلب كل تفكيرها راسا على عقب ، يدفعها التساؤل عما اذا كان هناك اى شئ من الحقيقة فيما قاله روب .. عليها ان تعرف ... سالت : جوناس .. اتظن ان ايلين .. غاضبة بسبب صداقتك لى .. اتظن هذا ؟
-صداقتى لك ؟ اتعنين الغيرة ؟
ضحك بحرارة ، واكمل : لا .. فايلين تعرف ان لاسبب يدعوها للغيرة .. وانه ما من امرأة غيرها تناسبنى
-اذا ، انت لاتظن انها قد ...
صمتت .. احست بكراهية لروب ماكفرسون ، فبسبب ما قاله تتعثر الان فى شق طريقها : ما اعنيه ، هو لو اننى بعدت عن طريقك ، اتظن ان هذا يعنى ان عثرة ستزاح من وجه عودتها اليك ؟
-لقد اخبرتك لتوى عن العثرة الوحيدة التى تقف فى الطريق .. فانا لن اعمل فى شركة دارموند .. عملى الخاص بدا طريقه فى الصعود ، تلك العقود الاوروبية اعطتنى دفعة هائلة الى الامام .. اوه .. كرمى لله لوارا ، لا تتخلى عنى الان .. رؤيتك ويقينى اننى استطيع ان اتحدث اليك ، هما كصمام امان لى .. انت الوحيدة التى تبقينى سالما ، عاقلا ، متماسكا . ارجوك لوارا .. لاتسحبى صداقتك منى الان 0
بسرعة ، اندفعت تطمئنه ، وما ان انتهت وجبتها ، واوصلها الى المنزل ، حتى ذهبت راسا الى الفراش . لم تشعر يوما بهذا الارهاق والاستنزاف .. ما كان بدا مجرد صداقة ، لان جوناس كان وحيدا ، واستمر هكذا لانه كان مرافقا امينا ، ثم تحول من هذه النقطة لينمو الى علاقة اخ باخته .. يهدد الان بان ينقلب الى توتر يرهق قواها .. فهى الان تحس باحباط يماثل احباطه ، وكانما فى محاولتها لرفع معنوياته المنهارة ، اخذت التوتر منه والبسته لنفسها .. استلقت فى الفراش تحاول ان تتذكر بان جوناس لم يكن دائما هكذا ، وانه بعد اسبوع او اسبوعين ، سيخرج من حالته سالما 0
رنين جرس الباب ايقظها من نزم عميق .. ادارت راسها تنظر الى الساعة ، وفكرت بان العناية الالهية ارسلت من يرن جرس الباب ، ولانها نسيت ان تجهز منبه الساعة ، والساعة الان السابعة والنصف 0
سارعت الى روبها ، لبسته ، ربطت حزامه وهى تنزل السلم قفزا .ارجعت شعرها عن وجهها وفتحت الباب 0
-جوناس ! ماذا ... ؟
-اسف لزيارتى الباكرة .. نسيت ان اخذ حقيبة اوراقى حين خرجنا بالامس 0
كان يبدو افضل بكثير هذا الصباح .. وكانه نال قسطا طيبا من النوم 0
-اوه .. ادخل .. اين تركتها .. لم الاحظ وجودها 0
-قرب الاريكة .. ها هى .. كنت ساضيع من دونها 0
ثم ، وكانه لاحظ انها لم ترتد بعد ملابسها فقال معتذرا مرة اخرى لازعاجها باكرا 0
-ساخرج بنفسى 0
-من الافضل ان اغلق الباب الرئيسى وراءك .. فانت تعرف كيف يهتز البيت كله اذا لم اقفله جيدا 0
نزلت السلم مع جوناس بهدوء كى لاتزعج جيرانها ، وسالها بصوت منخفض ماذا ستفعل فى نهاية الاسبوع ، ثم وقف معها لحظات امام الباب ليقول لها انه سيتصل بها الاسبوع المقبل ، مضيفا انه قرر السفر هذا الاسبوع .. وفكرت بان هذا قد يفيده لبضعة ايام ، وابتسمت له وهو يتابع الشرح لها بان صديقا اشترى لتوه املاكا يتداخل جزء من نهر فيها
كان لايزال يتكلم ، حين تجاوزته عيناها الى سيارة بدت لها مالوفة ، تبطئ سيرها وهى تقترب . ثم تعرفت الى السائق .. ولم تعد تسمع كلمة مما يقوله جوناس .. وكاد قلبها ينقلب راسا على عقب بوقوف السيارة ، وشاهدت روب ماكفرسون ينظر اليها ، تعابير وجهه مليئة بالازدراء ، قبل ان يدوس دواسة السرعة ويكمل طريقه .. ولم تجد صعوبة اطلاقا لان تعرف من تلك النظرة المزدرية ، ما كان يفكر به بالضبط 0
ارادت ان تركض خلفه تصيح ! لا ... لا ! الامر ليس كما تظن ! لكنه كان قد استدار حول المنعطف ، وخرج عن زاوية النظر .. وكان جوناس يقول لها ..
-.. وهكذا فكرت ، وبما ان موسم صيد السمك على الابواب .. ساقبل دعوته والقى نظرة على الجزء الذى يملكه من النهر .. حسنا .. يجب ان اذهب الان0
-فى شقتها ، القت نظرة على نفسها فى المرآة .. شعرها مشعث ، ملابس النوم ملفوفة على جسدها بسرعة .. تاوهت .. آه يا الهى ! وتذكرت نظرة روب ماكفرسون المزدرية لها .. بالامس فقط صدق بانها ليست سوى صديقة لجوناس .. اما اليوم ، فما من شئ يمكنه ان يخترق رايه الثابت بما شاهده . مر فى تفكيرها ان تطلب العون من جوناس ، ماذا لو اقنعته ان يتصل بروب ويشرح له ... ولكنها صرفت النظر عن الفكرة .. فجوناس لم يشاهده يمر ، ثم ان جوناس كان يبدو ليلة امس على حافة الانهيار ، صحيح انه بدا افضل حالا بكثير هذا الصباح ، لطكن هذا لايمنع ان تعيده افكاره السوداء الى حالة الامس ... لا .. فلديه ما يكفيه .. وعلى اى حال ، وهنا رفعت الكرامة راسها ، لماذا تهتم بما يؤمن به روب ماكفرسون ؟
-... دخلت الحمام لتستحم استعدادا للذهاب الى العمل ... لقد كان لديها احساس ما بان التجانس الذى كان بالامس بينها وبين روب ماكفرسون لن يكون اليوم0
-وكانت محقة فى هذا ، فما ان وضعت قدمها على باب المكتب حتى علمت ان ذلك التجانس اصبح من الماضى . كان الباب بين المكتبين مفتوحا ، وشاهدت روب وراء مكتبه ، وكانه ينتظر قدومها . لم يبتسم لها ، حتى انه لم ينظر نحوها ، واذا كانت تنتظر منه ان يقول لها صباح الخير لوارا كما فعل بالامس ، فالافضل لها ان لاتتكلم انتظارا ، والا ستنفجر قبل ان يقول شيئا .. باندفاع تحركت نحو الباب وقالت : روب ...
-لكن النظرة المشتعلة التى رماها بها اسكتتها .. وقال بصوت قاس كالحجارة : لقد سجلت لك ما اريد املاءه عليك .. اقفلى الباب عندما تخرجين 0
-خرجت لوارا ، تقفل الباب زراءها بحدة .. من تراه يكون لكى ينصب نفسه حكما على اخلاقها ؟ امتزج الغضب لديها مع الاحساس بالظلم ، بالامس ليملى عليها الرسائل .. ثم ، ان يصرفها عنه هكذا ، وكنها نكرة ! ثارت كرامتها لتضيف المزيد من التوتر الى المشاعر الاخرى ، فانتزعت الغطاء عن الالة الكاتبة ، مصممة على ان تناقش معه شيئا ليس له علاقة بالعمل .. وليذهب الى الحجيم ! ثم انها لاتهتم مطلقا بما يفكر بها . وكاد الشرر يتطاير من مفاتيح الالة الكاتبة وهى تصب شيئا من غضبها عليها
-مرت ساعة وهى تعمل فيها بصمت ، حين فتح روب الباب وخرج .. لكنها رفضت ان تنظر اليه او ان تتوقف عن العمل . واحست بانه وقف يراقبها ، لكنها استمرت فى التركيز على ما تفعل ، لاتريد ان ترتكب اية غلطة ثم تتوقف لتصلحها ، وبهذا يعرف انه يثير اضطرابها . بالطبع ، ارتكبت غلطة .. ثم ابعدت يديها عن المفاتيح ورفعت راسها 0
-التقت بعينين فاحمتين ، قاسيتين ، وتعابير وجه مماثلة .. لكنها سالته ببرود شديد : هل استطيع فعل شئ لك ؟
-تابع تفرسه بصمتها المتجهم .. ثم تبدلت اساريره الى الاستخفاف ، وقال بصوت مهين : انت تفعلين شيئا ... لى ؟ لا .. لاشئ 0
-انتظر بما يكفى لان يرى بريق الغضب فى عينيها انها فهمت ما يعنى ، ثم استدار الى الباب الاخر وخرج 0
-استشاطت لوارا غيظا .. اوه .. لو انها فى مركز يسمح لها بان لاتكون هنا حين يعود ؟
-اوه .. لو انها قادرة على ان تترك له رسالة صوتية مسجلة ، عذبة اللهجة ، تقول له بالضبط ما يمكنه ان يفعله بوظيفته ! كان يجب ان تكون سميكة الذهن لكى لاتفهم ما يعنيه بقوله لاشئ .. انها كانت تعنى العمل ، لكنه بدماغه الملتوى ، وضع ، وبوقاحة ، معنى خاصا لسؤالها ، والاهانة التى كانت فى لهجته لم تترك لها مجالا للشك بانه يعتقد ان جوناس مجنون لاعجابه باى شئ تقوله لها 0
-رن جرس الهاتف ، فى الوقت نفسه الذى كان يدخل فيه الباب ، بعد حوالى العشر دقائق .. فتركت لوارا طباعتها ، ورددت على المكالمة ، لتسمع صوتا بهيجا يقول لها : مرحبا لوارا .. معك ايلين بريستونز .. هل روب موجود ؟
-ساوصلك به 0
-لم تنتظر لتعرف ما اذا كان روب يريد الرد ام لا .. بل قالت له : السيدة بريستونز تطلبك 0
-كان باستطاعتها ان تقول بسهولة ايلين تطلبك لكنها كانت تريد ابقاء كل شئ رسميا بينهما 0
-ساخذ المكالمة فى مكتبى 0
-لم تكن لوارا مهتمة بسماع اى شئ مما سيقوله فى المكالمة ، وتمنت لو انه تذكر ان يقفل الباب وراءه ... مجرد رؤيتها لبذلته القاتمة ، شكله ، راسه الاسود الشعر التعجرف وهو يدير ظهره لها ، دفعها الى الغضب مجددا . ثم تلاشى غضبها ، فمما سمعته من رده على ايلين ، عرفت ان مزاج المرأة قد تغير من اللطف الى الغضب .. وما قاله ردا عليها فيما بعد اكد لها شكوكها .. فقد سمعته يقول : لاتبكى ايلين .. اقال لك هذا ؟ .. بغض النظر عن كل الوقائع .. لا اظن الامر سيدوم طويلا 0
-فى هذه اللحظة استدار ينظر اليها ، وحدق فى عينيها ، شئ من المغناطيس فى نظرته جعلها غير قادرة على تحويل عينيها عنه . واكمل يقول لايلين 0
-قد تكون جميلة .. لكن فى نظرى ، لاتملك شيئا اخر يشفع لها .. وسيسام منها بعد وقت قصير .. انا متاكد من هذا . ثقى بكلامى .. لن تكون عشيقته لمدة طويلة -اتسعت عيناها وهى تنظر اليه .. انهما يتكلمان عنها .. ليس هناك مجال للخطا ! طغى على بشرتها لون احمر نارى ، ودون تفكير بما تفعل ، وقفت على قدميها فى الوقت الذى تفضل فيه روب عليها بنظرة ساخرة اخرى من نظراته المهينة ، ثم ادار لها ظهره . سمعته يقول لايلين ان تجفف دموعها ، وانه سيخرجها الى الغداء ... دون انتظار المزيد ، وقبل ان يعيد السماعة الى مكانها هجمت الى مكتبه وصاحت قبل ان يستدير : كيف تجرؤ على الكلام عنى هكذا ؟
-استدار ، ومع انه لاحظ انه تبدو رائعة فى غضبها الا انه لم يظهر ما يدل على هذا . وقال متشدقا باهانة : اى جزء من الحديث تعترضين عليه ؟ انا واثق انك سمعت من قبل وصفا بانك جميلة 0
-ليس هذا .. وانت تعرف جيدا 0
-هل انت غاضبة لاننى قلت لايلين ان زوجها سرعان ما يسام منك ؟ ام انك منزعجة لاننى قلت انك لاتملكين سوى جمالك تجذبين به الرجل ؟
-المها هذا ، ولابد انه كان يقصد ان يؤلمها .. لكنها كانت متعبة اكثر من ان تفكر لماذا كان راى روب ماكفرسون فيها وعن عدم قدرتها على الحفاظ على اى رجل ، يؤلمها . بل قالت ملتهبة : رايك بى لايزعجنى مطلقا .. مع انك بالامس فقط صدقت ما قلته لك عن الوضع الصحيح للعلاقة بينى وبين جوناس ... لكنك الان تقول لزوجته اننى عشيقته ! انت ...
-قاطعتها بخشونة : وهذا ما يثبت كم كنت مخطئا ، بالامس ظننت اننى ارى الصدق فيك حتى اضطررت لمخالفة حكمى السابق . هذا الصباح شاهدت بريستونز يغادر شقتك وكنت تبدين كانك خرجت من فراشكما المشترك لتوديعه .. لا .. لقد سئمت من اكاذيبك ومن قلة شرفك . على الرغم مما قاله بريستونز لايلين فانت لاتملكين الجراة لان تكونى صريحة حول ما يجرى بينكما 0
-خفف الارتباك من غضبها : بالرغم من ماذا ؟
-ماذا يمكن ان يكون جوناس قد قاله لايلين حول علاقة لايمكنه ان يثبت براءتها ؟ سمعت روب يقول لها ببرود : كانت ايلين تتصل بى قبل دقائق من اتصالها بى .. وقد تحطم قلبها بسبب ما قاله لها .. وهى تظن انها لاتملك فرصة للعودة اليه الان 0
-مات غضبها تماما وهى تحاول فهم ما ترمى اليه ايلين .. فهى تعرف تماما ان جوناس يريد استعادة ايلين .. وتعرف كذلك انها ستضيع وقتها لو حاولت مجادلة روب فى هذه النقطة ، فهو غير مستعد بعد لتصديق كلمة منها ... لكن ، ماذا بحق السماء قال جوناس لزوجته مما جعلها تبكى امام روب ؟ سالت ، تريد معرفة السبب ، بما ان الظاهر انها هى سبب حزن ايلين : هل تكدرت ايلين بعد مكالمتها مع جوناس ؟
-هذا شعور طبيعى لامرأة فى مثل وضعها . انها تعرف تماما ما بينكما ، ولا حاجة له لان يقول لها انك تحبينه 0
-اجفلت لوارا وقالت بذهول : انا .. احبه ؟ قال لها جوناس هذا ؟
-انتكرين صحة هذا ؟
-لو ان لهجته كانت اكثر دفئا .. لو ان هناك اى دليل بانه يمكن ان يصدقها ، لقامت بالجهد مجددا لتبرئة نفسها امامه .. لكنها لم تجد جدوى فى ان تضرب راسها فى جدار صلب ، ولن تحاول .. لكن ، ولانها ارادت ان تعرف الحقيقة .. هل قال جوناس هذا حقا ؟ ام ان ايلين تختلق الامر لسبب شرير خاص بها ؟
-وهل تصدقنى لو انكرت ؟
-رات الرد عليها فى كل خط قاس من خطوط وجهه ، ودون انتظار سماع الرد .. استدارت وتركته 0
-حين مر روب امام طاولتها قبل موعد الغداء مباشرة ، ابقت راسها مدفونا فى عملها .. حين اقفل الباب خلفه فقط ، رفعت راسها : سيتناول الغداء مع ايلين .. لامجال للشك ان اسم لوارا ويلكنسون محور الحديث 0
-عادت من غدائها ، مصممة تماما على الاتصال بجوناس ساعة يخرج روب الى اجتماع له فى الثالثة لتعرف ما يجرى .. وما اذا كان فى مزاج يسمح له بسماع اسم ايلين ام لا ، يجب ان تعرف ماذا يجرى .. هل حقا قال لايلين ان لوارا تحبه ؟ ام ان ايلين اختلقت كل هذا لغرض فى نفسها ؟
-كانت الساعة تقارب الرابعة قبل ان تتمكن لوارا من مخابرة جوناس .. وحين حصلت على المكالمة اخيرا ، قالت لها سكرتيرته انه خرج . فقالت لسكرتيرته انجيلا هنتر : لاتقلقى .. ربما استطيع الاتصال به فى منزله 0
-لم يعد الى المنزل .. لقد سافر باكرا لقضاء نهاية الاسبوع ، ليتجنب زحمة السير 0
-اقفلت لوارا الخط .. لقد فاض الكيل .. بالكامل والى اقصى حد .. شكرا ايلين ، انها الان عالقة فى وسط خلاف زوجى لايبدو حله قريبا .. لكنها كانت خائفة جدا من ان تفعل ما يقوله لها جزء صحيح التفكير من جسدها ، ان التصرف الافضل لها .. هو ان تتوقف عن رؤية جوناس ... اوه .. انها خائفة من ان ينهار فيما لو انسحبت من صداقته فى هذه المرحلة .. الجميع حولها يدور بوجه صفيق ، ووجهها ليس بالاستثناء ... وهذا ما بدا منها اليوم .. اليس كذلك ؟ فكرت بمنزل ابيها فى ريف بروكن هيل وبجولى ، ومرحها الذى لا يفشل ابدا .. فجاة صممت على رايها .. ستذهب الى بروكن هيل فى نهاية الاسبوع ، وليذهب كل شئ الى الحجيم 0
-كانت تجلس فى القطار المتوجة الى ويلز الجديدة الجنوبية تلك الليلة متجهة الى بروكن هيل .. وقد بدات تشعر انها افضل حالا . لم تكن قد شاهدت روب ماكفرسون عندما خرج لاجتماعه ، وكانت سعيدة لهذا 0
-لكن فى بروكن هيل ، حدث شئ جعلها تعود الى سيدنى وفى ذهنها اشياء اخرى تفكر بها .. حين وصلت فى الباص الذى استقلت من محطة قطارات بركن هيل الى حيث تسكن ، شاهدت مارك ينتظر عند اسفل المفرق الذى يتجه الى منزلهم . واصر مارك على ان يحمل لها حقيبتها وسالته : كيف حال المدرسة ؟
-من بعيد شاهدت بونى يقف قرب بوابة المنزل . كان ياخذ دوره كرجل البيت بجدية ، ومع علم لوارا كم يحبها .. فقد كان اقل اظهارا للعاطفة من اخيه ..لوحت له من بعيد ، ولوح لها ، يفتح الباب يلوح . ورد مارك السائر قربها : لاتذكرى لى المدرسة .. احاول نسيان امرها حتى يوم الاثنين .. ليت الاجازة تطول ! سنتان اخريان من العذاب اتطلع اليهما !
-وتاوه مارك بسخرية فضحكت جدا به فهى تحتاج الى كل ذرة ارادة كى لاتحتضنه ، لكنها كانت تعى انه يمر فى مرحلة من نموه ، قد يحرجه فيه مثل هذا الاستعراض لو شاهده الجيران ، لذلك رضيت فى طبع اسرع ما يمكن من قبله على وجهه .. لكنه عرف ان حبها موجود حين قالت له : مرحبا حبى!
-اراح بونى مارك من حمل حقيبة لوارا ، ووجهه يبتسم وهو يسالها عن رحلتها .. كم بدا لها ناضجا وهى ترد له الابتسام .. كان عليه ان يكبر بسرعة ، مع ان امه لم تكن تاخذ مسؤولياتها بخفة . لكنه وضع على عاتقه ما اعتبره عمل الرجل فى البيت 0
-ثم فتح بونى الباب الخلفى ، وهناك كانت جولى .. العزيزة الرائعة !
-جسدها استدار قليلا ، شعرها البنى يخالطه اللون الرمادى ، لكن العينين اللوزيتين كانتا تشعان بالحب والترحيب لابنة زوجها .. ولم تصدر عنهما اية كلمات ، بل فتحت جولى ذراعيها لتضم لوارا بينهما ، واحست لوارا بالسعادة .. وتلاشى من راسها كل التفكير بسيدنى ويومها المخيف .. من الجيد ان يعود المرء الى منزله 0
-اثار توتر لوارا ان يقتحم ذهنها التفكير بروب ماكفرسون فى لحظة غريبة من نهاية الاسبوع ، كانت تظن مثل مارك انها قادرة على نسيان كل الامور البغيضة حتى يوم الاثنين .. ووجدت ازعاجا خاصا فى ان تملا راسها الذكرى ، ليلة الجمعة وهى تستلقى دون نوم فى فراشها .. والاكثر ازعاجا كان واقع انها مهما حاولت جاهدة ان تبعد عنها هذه الافكار باشياء اخرى ، كانيرفض ان ينصرف من تفكيرها 0
يوم السبت ساعدت جولى باعمال المنزل العادية ، بعد الظهر خرج الاربعة فى نزهة الى الحقول .. كانت تفكر بان تقص على جولى شيئا مما يقلقها حول استمرار صداقتها مع جوناس ، لكن حين سالتها جولى وقد ابتعد مارك وبونى عن السمع : كيف حال جوناس ؟ وجدت لوارا صعوبة فى الافضاء لها بما تريد .. فقد بدا لها .. اوه .. مشينا .. صحيح ان جولى ليست متكبرة ، لكن بدا لها ان ليس من حقها ان تاتى معها بما اصبحت تؤمن انه غسيل قذر الى المنزل 0
-انه بخير ...
-الازلت تقابلينه؟
-اجل .. كان مسافرا فى عمل ، كما كتبت وقلت لك ، لكنه عاد الان ، تعشيت معه مرتين هذا الاسبوع 0
-لديك مرافقين غيره .. اليس كذلك ؟
لانها تحب جولى ، التقطت اذناها رنة فى صوتها تجعل سؤالها اكثر اهمية مما يجب .. اجابت بصدق : احيانا 0
لكنها اصيبت بالحيرة للسؤال .. فسارغت تقول لها : انا وجوناس مجرد اصدقاء جولى .. لاشئ اكثر 0
ما اروع ان تجد من يصدقها ! النظرة الصريحة التى نظرتها اليها جولى قالت لها انها لم تكن تعتبر صداقتها لجوناس ، اى شئ اخر .. واحست بالفرح لسماع ضحكتها ، ووصفها لها بالغبية لانها لم تعن يوما مثل هذا قالت جولى ، وقد تلاشت ضحكتها : اعرف هذا ، فجوناس يحتاج الى صديقة مثلك اذا كانت زوجته ماتزال تتعبه .. هل من دليل يشير الى اتفاقهما مجددا ؟
-ليس الكثير ، والاشهر تمر بسرعة 0
-حسنا .. سيتفقان معا حين يكونان مستعدان ، كما اتوقع 0
وتابعتا المسير تتحدثان بامور اخرى 0
لكن ، فى اليوم التالى ، وبعد الغداء ، والكثير من الضحك والمرح ، قررت لوارا تاخير عودتها الى سيدنى ، على ان تركب قطار الصباح الباكر .. وجلست فى مواجهة جولى ، كل منهما فى كرسى هزاز على جانبى مدفاة تهدر فيها النار .. حيث توجه حديثهما الى ناحية وجدتها لوارا مزعجة . لاول مرة لاحظت لوارا ان وجه جولى اصبح جادا ، بعد ان عادت لتسال السؤال نفسه عما اذا كانت لوارا تخرج مع رجل غير جوناس . مرة اخرى تلك الرنة كانت فى صوتها .. فجاة قلق لوارا تحول الى حذر .. فقد بدا لها ان جولى كانت تمعن التفكير ، وخرجت ببعض الردود التى لم تكن تريحها . وتابعت السؤال : رسائلك الينا دائما مليئة بالاخبار ..وكلنا نسارع الى قراءتها .. لكن حين اكتب لك لاسال كيف حال فلان او فلان ممن تذكرينهم فى رسائلك تردين دائما انك لم تعودى تقابلينهم .. انت تعيشين فى المدينة منذ زمن طويل ، واعلم ، منذ كنت هنا ، انك لاتواجهين صعوبة فى ايجاد الاصدقاء . لذلك لا استطيع ان ارى انك المخطئة فى عدم خروجك مع رجل اخر غير جوناس ، اكثر من مرتين 0
زاد حذر لوارا .. لم تكن قد فكرت ، فى تخطيطها لان تبقى دون زواج ، ان جولى ستقرا الكثير بين سطور ما تكتب لها ... وكم كانت غبية قصيرة النظر ! لكن ، قبل ان تتمكن من التفكير بتعليق .. استمرت جولى فى كلامها : وانا لااستطيع التفكير ، ماعدا جوناس ، ان ليس هناك رجلا واحدا ، منذ وفاة والدك ، يملك شيئا لايدفعك لمحاولة معرفته اكثر 0
والها ميت منذ خمس سنوات ، وماقالته جولى اوضح انها قد اصابت الهدف . فقالت : جولى ...
لكن جولى قاطعتها : لا .. دعينى انهى كلامى . كنت افكر كثيرا ومنذ مدة .. انت مخلصة بشكل زائد عن اللزوم لنا لوارا .. ونحن نحبك لهذا .. لكننى لااستطيع الا ان احس بالقلق عليك 0
هذا اخر شئ ترغب فيه : تقلقين على ؟ جولى .. ليس لهذا سبب .. صدقا 0
-بل اعتقد ان له سببا . انا اعرفك لوارا ..وانا ممتنة لاخلاصك لنا . لكن هذا لن يمنعنى من التساؤل ما اذا كنت وبسبب هذا الاخلاص تهدرين حياتك 0
منتديات ليلاس
مرة اخرى حاولت لوارا قول شئ ، لكن جولى هزت راسها وتابعت : يجب ان اقول هذا .. لقد كان يشغل تفكيرى منذ زمن .. ستصبحين فى السادسة والعشرين فى الاسبوع المقبل .. اعرفك ، واعرف كل شئ عن البحث عن النفس الذى ساعدتك عليه حين حققت استقلالك بالسفر الى سيدنى قبل وفاة والدك بسنة .. لكن ، مع كل نزعتك الى الاستقلالية ، انت اساسا ربة بيوت .. انت تحبين الحياة العائلية ، ولااستطيع الا ان اقلق لان سبب عدم زواجك حتى الان هو انك تضعيننا فى المرتبة الاولى فى حياتك 0
صاحت لوارا ، غير قادرة على السكوت : اوه .. جولى !
راعها ان تكون جولى قد تعذبت وهى تفكر حتى توصلت الى مثل هذا الاستنتاج دون ان تقول شيئا .. واكملت بسرعة : انا لم اتزوج ، لان الرجل المناسب لم يتقدم للزواج منى بعد 0
-لكن .. هل ستقبلين به لو فعل ؟ هل ستسمحين لنفسك ان تحبى ؟ اذا وقعت فى وقعت فى الحب ، هل سترحبين به ، وتسمحين لقلبك ان يحكم راسك ؟ ام انك كما اتوقع ، ستديرين ظهرك لهذا الحب مندفعة باحساس مخطئ باننا نحتاج الى المال الذى ترسلينه لنا كل شهر ، بحيث لاتستطيعين ترك عملك لتاخذى دور الزوجة وانجاب الاولاد ؟
كذبت لوارا متعمدة : طبعا سافعل 0
لكن تعمدها هذا كان ظاهرا جدا ، فقد هزت جولى راسها وتنهدت : اوه .. يا لوارا . انت فتاة عزيزة .. لكننى لا اظنك صادقة .. لقد صممت الراى على الا تتزوجى الى ان يصل بونى الى الجامعة ، وربما ليس هذا فقط ، بل بعد ان يتمكن من كتابة لقب دكتور قبل اسمه 0
وجه جولى المرح دائما رغم كل الصعاب بدا فجاة كئيبا مثقلا بالهمزم ، حتى ان لوارا اصبحت بسرعة خارج مقعدها تجثو الى جانبها 0
-لاتكونى تعيسة جولى .. ارجوك 0
وامضت نصف الساعة التالى تحاول اقناعها ان الامر هو ما قالته تماما ، الرجل المناسب لم يتقدم بعد للزواج منها .. وانها حين يتقدم ستقبل به دون تردد .. لكن ، لماذا فكرت فى هذه اللحظة بروب ماكفرسون .. انها لا تدرى ! ابعدته بحدة عن افكارها ، تحاول كل جهدها ان تعيد نظرة السعادة الى وجه جولى 0
ذهبت تلك الليلة الى النوم ، وتفكيرها مثقل بالقلق . لقد تمكنت من اقناع جولى انها لاتضحى لاجل الاولاد لكنها لم تستطع التوقف عن القلق حين تفكر كم مضى على جولى وهى تفكر بهذا الامر 0
*****
أنت تقرأ
هل تجرؤين للكاتبة جيسيكا ستيل
Romanceاذن انت الانسة ديكنسون 000 المصدر الوحيد لمشاكلى فى الوقت الحاضر ؟ لم تفهم لورا السكرتيرة البسيطة كيف تشغل بال روب ماكفرسون رئيس مجلس الادارة العظيم الى هذه الدرجة ، ولكنها ادركت ان مستقبلها محكوم بالدمار من هذا الرجل ، ومع هذا قبلت التحدى : -حياتى...