كانت مثقلة العينين ، لكن حالها افضل بكثير من الصباح التالى ، تمكنت لوارا من التفكير بروب دون الاستسلام للدموع .. متذكرة كلماته الوداعية ، عرفت انها لو كان لها شان بجوناس ، فلن يخسر بونى منحته الدراسية فقط ، بل ستفقد وظيفتها كذلك .. حسنا .. بكل تاكيد لن تفعل شيئا لتفسد فرصة بونى فى الحياة ، وعلى اى حال ، لقد تقبل جوناس بالامس ان الامسيات الجميلة الرفقة ، التى امضياها معا ، اصبحت من الماضى .. لا .. لن تسمع منه شيئا بعد 0
لكنها اكتشفت انها مخطئة فى هذا ، فما ان مضى على غياب روب يومان حتى كانت تحس بالقلق والوحدة ، ورن جرس الهاتف فى شقتها ، كان المتكلم جوناس ، يبدو صوته انه اكثر وحدة منها . وقال لها : سمعت ان روب فى اوروبا ... وظننت انك قد تكونين مستوحشة لسماع صوت مالوف
منتديات ليلاس
بعد تلك المخابرة ، اتصل بها جوناس عدة مرات . ودائما قبل التاسعة مساء ، وكانه بحاجة الى كسر ظل الليل الطويل باتصال مع شخص ما .. دائما كانت تصمم على ان تقول له ان لايتصل ثانية ، لكنها فى كل مرة ، وهما يكشفان لبعضهما ثقل وحدتهما ، كانت المخابرة تنتهى دون ان تقول له شيئا . وفى كل مرة كانت تبرر فعلتها بالقول : حسنا .. انا فى الواقع لا اقابله .. اليس كذلك ؟
لقد مضى على غياب روب اسبوعان ، وتلظى قلبها بالشوق لرؤيته ، فصممت ، وبما ان وقت عودته اصبح وشيكا ، ان تقول لجوناس ، اذا اتصل الليلة ، ان لاتفعل هذا مرة اخرى .. لكن ، وقبل التاسعة ، رن جرس هاتفها ، وبدا صوت جوناس وقد تحول فى الايام الاخيرة الى المرح ، وكانه يمر باحباط جديد ، ولم يساعدها قلبها على ان تقول له ، بل ستفعل هذا فى المرة القادمة .. اجل فى المرة القادمة 0
لكنها تلقت صدمة فى اليوم التالى حين دخلت السيدة شارب ، كلها حيوية وصحة ، الى المكتب ، فادركت لوارا ان عملها المؤقت قد انتهى قبل ان ترى روب مجددا . واكدت السيدة شارب انها صحيحة كما تبدو ، ووفرت على لوارا طرح سؤال كان على شفتيها بان قالت : يقول الطبيب اننى قادرة على العودة الى العمل فى اى وقت اشاء .. لكن السيد ماكفرسون قال حين زارنى ، ان لا داعى للاستعجال فى العودة 0
عادت لوارا الى منزلها تلك الامسية وهى تعرف ان هناك احباطا يصل الى اكثر من القعر ... برؤيتها للسيدة شارب تذكرت بقوة ان وقتها فى دارموند كان محدودا .. فهل سيفكر روب فيها ، ابدا ، بعد عودتها الى غولدر وبروك ؟
كبحت دموعها ببروز الرد على تساؤلها 0
وبينما تظن انها امام امسية طويلة ، يشغل روب فيها كل تفكيرها ، مع كل ما ستحاوله بان لا تفعل ، خرجت من ياس افكارها حين قرع بابها .. ترتدى الجينز والقميص ، نزلت السلم كما هى ، املة ان يكون الجرس قد رن خطا لاحد الجيران . فهى لم تكن تشعر بانها قادرة على ان تبتسم لاحد اذا كان الزائر لهااندفع اللون الاحمر الى كل جزء من جسدها حين شاهدت الرجل الذى احتل كل تفكيرها فى الاسابيع الماضية ، يقف امامها ... وكانت اكثر من مسرورة للضوء الخافت الذى حجب عنه احمرار لونها ، والسعادة فى عينيها لمجرد رؤيته . لكنها لم تتمكن من اخفاء صوتها البعيد عن عادته ، حين اندفعت تصيح : روب ! ما هذه المفاجاة ؟ ظننتك لازلت فى اوروبا 0
-الن تدعينى ادخل ؟
صوته كان عاديا لايعطى فكرة عما دعاه لزيارتها . لكنها لم تكن تهتم ، يكفيها انها تراه . ردت ، تتراجع الى الوراء : طبعا 0
وتمكنت من الاحتفاظ بصوت هادئ وهى تحدثه فى طريقهما الى فوق 0
كان قلبها يرقص بحماقة وهى تدعوه للجلوس .. كانت تعى انه من السخف ان تكون مسرورة بهذا القدر لرؤيته . لكن ، ما اروع الاحساس هكذا بعد احباط طويل كان لازال يغمرها قبل لحظة من فتحها الباب 0
حين جلسا ، جلس روب هذه المرة على الاريكة ، بينما جلست هى على الكرسى ، قال لها انه وصل لتوه ، لكن بما ان خاله سيتصل به هذه الليلة دون شك ، فقد فكر ان ياتى اليها اولا ، ليرى ما اذا كان هناك شئ يجب ان يعرفه . فقالت له : لا .. كل شئ على ما يرام 0
كانت تعرف انه يشير الى خطوبتهما ، وتعرف انه لايجب ان يفاجئه شئ ... وسالها : الم تشاهدى بريستونز وانا غائب ؟
تمنت لو تستطيع ان تغضب لسؤاله هذا ، واحست باحمرار عقدة الذنب لتلك المخابرة ، وتذكرت الوقت الذى اعتاد ان يتصل فيه جوناس ، وطارت عيناها الى الساعة . اوه ... يالله ... فقد تجاوزت التاسعة لتوها 0
كرر روب سؤاله : حسنا ؟ هل كنت ترينه من وراء ظهرى ؟
لو انها حقا مخطوبة له ، لما بدا عليه مثل هذا الغضب وردت بعجلة بعد ان بدا لها انه سيقف ليمسك بها ويهزها الى ان تصطك اسنانها : لا .. لا .. بالطبع لا .
تاوهت داخليا ، فى اللحظة نفسها رن فيها جرس الهاتف .. وخطر فى بالها ان تتركه يرن ، لكنها لم تستبعد ان يرد عليه بنفسه اذا لم تفعل ، فتقدمت الى الطاوله بقربه لتلتقط السماعة وظهرها اليه ، تعرف انه يحس بانها تشعر بالذنب لشئ ما .. كانت تدعو الله ان يكون المتكلم جولى ، لكنها سمعت صوت جوناس ، ووجدت نفسها تتمتم ، لاتريد اطالة الحديث : روب هنا 0
ادرك جوناس على الفور انه يتصل فى وقت غير ملائم 0
-اسف لوارا ، اتريدين ان نهى المكالمة ؟
-ارجوك 0
اعادت السماعة الى مكانها ، وارسلت الى السماء احر الدعوات بان تجد روب قد رحل عندما تستدير . لكن دعواتها لم تستجب ، فقد كان مازال هناك ، وليس جالسا كما كان ، بل يقف مستعدا لان يسحقها بكلماته التى لن يكون مستعدا لانتقائها 0
-اكان يتصل بك دائما وانا غائب ؟
اذا كانت قد ظنت يوما انها رات العدوانية فى وجهه من قبل ، فقد كان ما راته بسيطا بالمقارنة مع ماتراه الان وهو يقف شامخا فوقها 0
-اجل .. كان .. يحس بالوحدة 0
رد بلؤم : اراهن انه كان يحس بالوحدة ! فانت لم تدفئى له الفراش منذ خطوبتنا ، اليس كذلك ؟
صاحت بغضب ، ولم يعد يهمها انه يبدو على وشك ان يقتلها : انا لم ادفئ له يوما فراشه !
رد ساخطا : لا وحق الجحيم ... لقد كنت تتجاوبين معى كامرأة مجربة حامية الدماء ، فلا تعطينى عذر مجرد صديقين الى ان يبدا ضميرك بوخزك لاجله ، كنت تعطينى الانطباع بانه لاحدود نهائية لخبرتك 0
تلاشى غضبها ليحل مكانه قلق مؤلم .. اذا كررت له انها لم تعاشر جوناس من قبل ، ولانه يعرف مسبقا ان جوناس هو الرجل الوحيد الذى تعرفه ، فسيعرف ان التجاوب الذى يثيره فيها له اسباب اخرى .. بالكاد تستطيع التفكير السوى ، تطغى على تفكيرها مشاعر تلك اللحظة ، دون حتى التفكير فى جولى او مارك او بونى ، خلعت الخاتم الذى تحبه اكثر من اى شئ ، من اصبعها ... وقالت بقدر ما تستطيع من الهدوء : الافضل ان تاخذ هذا 0
لم يكن فى وسعها فعل شئ اخر ، مع انها تعرف جيدا ان عينيها ستتورمان حين يخرج روب ... وشاهدت فكه يتقلص بقسوة وهو ينظر الى الخاتم .. ثم انفلتت سيطرته على اعصابه فصاح : استبقى هذا الخاتم اللعين !
وكانما خيط رفيع من السيطرة قد عاد اليه ، فاضاف من بين اسنانه : واذا اردت لاخيك ان يحصل على تلك المنحة فمن الافضل لك ان تعيديه الى اصبعك !
كيف تمكنت من تعريض مستقبل بونى للخطر ؟ تساءلت لوارا عن هذا بعد ان اهتز المنزل بمغادرة روب واقفاله الباب الخارجى بقوة .. فيما بعد ، وبينما هى فى الفراش تلك الليلة ، تدير راسها الى فوق الوسادة المبللة ، اخذت تفكر كم كان روب كريما معها فى وقت ما ، وبمجرد تكلمها مع جوناس على الهاتف ، كانت قد اعطته سببا وجيها لفسخ خطوبتهما ...
بحلول يوم الجمعة ، احست لوارا انها اكتفت بما يكفى من تصرفات روب معها ، كانت تظنه لا يحتمل قبل ان يعصف خارجا من شقتها ، لكن الايام التى تلت اثبت فيها ان الدب المجروح الراس افضل منه بكثير . ولو ان نيكولاس ماكداف اختار اى لحظة فى تلك الايام للزيارة ، فلا يمكنه الا ان يلاحظ كم يجاهد روب ليكون متمدنا معها ... حتى انها الان ، وقد كانت من قبل تتخوف من وصول يوم الاثنين ، لحظة عودة السيدة شارب الى عملها ، اصبحت تعد الدقائق لحصول هذا ... واية درجة من الخيال السخيف الذى كانت غبية بما يكفى لان تحلم به ، بان يصل روب الى قليل من الاعجاب بها بعد ان اظهر رغبته فيها ، خرج كله من راسها منذ تلك الليلة التى حاولت فيها اعدة الخاتم اليه 0العدوانية ، والتى لابد ان لها يدا فى وصولها الى القمة عنده ، كانت تقريبا ، ظاهرة فى كل ذرة منه ذلك الصباح . كان لديه جلسة مجلس ادارة يراسها ذلك الصباح . وشكرت الله لان الاجتماع يمكن ان يستمر اليوم كله .. وكانت لوارا قد سئمت من اضطرارها للتحرك حوله على رؤوس اصابع قدميها كى لاتثير نقمته فوق راسها ، اذ بدا لها ان اقل حركة قد تطلق تلك النقمة
هل حضرت تلك تلك الاوراق لى ؟
سمعته يدخل اليها ويسال ، وهى بالطبع ترهف السمع الى كل حركة فى غرفته ، استغرقت دقيقة او اثنين لتجد الاوراق التى طلبها ، وهذا امر سخيف لانها كانت تعرف انه يريدها ووضعتها فى مكان يستطيع ان تجدها على الفور . كان وجهها هادئا من الخارج ، مع انها لم تعرف كيف ابقت اصابعها دون ارتجاف ، وهى تعطيه الاوراق التى ينتظرها بفارغ صبر 0
قالت بهدوء تسحب يدها من ملامسة يده : اظن انك ستجدها مرتبة 0
قال لها ، وعيناه كالحجر الصوان تنظران الى عينيها : لقد تغيرت لوارا ... هناك لحظات كانت ردة فعلك فيها مختلفة عند ملامسة يدى 0
القذر ! القذر الكامل ! لكنها ابقت وجهها هادئا بمعجزة ، مصممة ان لا يرى دموعها ... وردت بسخرية حلوة ، نابعة من الياس ، كى لايرى تداعيها من الداخل : كان هذا قبل ان اعرف كم انت محبوب ...
برقت عيناه ببريق اخبرها ان سخريتها اصابت الهدف . وتراجعت حين تحرك الى الامام وكانه متجه اليها ، ليثبت انه قادر على اثارة رد الفعل نفسها فيها .. ثم تراجع ، ينظر اليها بحدة قبل ان يترك المكتب الى اجتماعه 0
بعد موعد الغداء بقليل ، اضطرت افكارها المتصارعة لاعطاء الاولوية لنزيف انف مفاجئ ... وبانشغالها فى وضع المحارم الورقية على انفها ثم استبدال خرج روب من تفكيرها فى هذا الوقت . لكن ، حين لم يظهر النزيف دليلا على التوقف ، توجهت الى مركز العناية الطبية ، املة فى شفاء عاجل 0
لكن ، لم يكن هناك شفاء عاجل ، فقد اجبرت على الاستلقاء لفترة ، وكلما حاولت كان انفها يعود للنزف من جديد .. وبما انها كانت قد انهت كل عملها بسرعة . فى محاولة لاخراج روب من راسها ، ولم يعد امامها ما هو متاخر ، فقد تلقت الاقتراح بان تعود الى المنزل بالقبول دون اضطرار لسماع المزيد من طباع روب الحادة لو انتهى اجتماعه قبل الخامسة 0
وقال لها احد العاملين هناك : ساخرج بعد عشر دقائق ... فاذا احببت ساوصلك 0
بامتنان ، قبلت ، عشر دقائق تكفى لترتيب طاولتها فى مكتبها ، وضبت الطاولة ، وغطت الة الطباعة وقررت ترك رسالة لروب فى حال عودته 0
ضغطت زر التسجيل فى الة التسجيل وبدات : لقد ...
ثم صمتت لسماعها صوتها الاجش المخنوق بسبب السدادات التى وضعتها فى انفها كى لايعود النزيف .. ثم ان روب لن يهتم كثيرا بنزيف انفها على اى حال وقررت ان تكون رسالتها مختصرة : لقد ذهبت الى المنزل 0
وبدا صوتها كانها كانت تبكى ، واقفلت التسجيل 0
ساعة من الاستلقاء على ظهرها فى الفراش ، افادها ولم تعد هناك حاجة لان ترى الطبيب كما نصحها العامل فى المركز الصحى اذا لم يتوقف النزيف . ووقفت لوارا بحذر ، سارت ببطء الى الحمام ، لاتريد ان تثير النزيف مجددا ، نظرت الى وجهها فى المرآة ، وقررت ان وجهها لم يكن جميل المظهر
بعد ساعة من هذا تفحصت وجهها مجددا .. هكذا افضل ! استحمت ، بعد ان تخلصت من ملابس العمل ، وارتدت بنطلونا ضيقا وقميصا مناسبا ، واحست انها عادت الى طبيعتها . لكن انفها لازال محمرا قليلا . وكان من رايها ان المحارم الورقية ، على الرغم من قيمتها عند الحاجة ، فان الاستخدام المتكرر لها كان له فعل ورق الزجاج0
رنين جرس الباب قطع عليها افكارها ، تفحصت ساعتها لترى انها تقارب الخامسة ... فلم تستطع سوى ان تفكر بروب وهى تنزل لتفتح الباب .. فاخر مرة نزلت تفتحه كان هو الزائر ... لكن قد لايكون هو هذه المرة .. وصلت الى الباب ، مع رغبتها بان لا يكون هو ، يكفيها ان تضطر لتحمل اطباعه السيئة فى العمل دون ان يلحق بها الى المنزل 0
جذبت الباب الامامى الثقيل لتجد انها كانت مخطئة فى ظنها بان الطارق ليس روب ... فقد وقف هناك ... ضخم نشيط كما هو دائما ، وجهه متجهم وهو يلحظ وجهها الخالى من الزينة ، وطرف انفها المحمر 0
دون كلام تراجعت لتتركه يمر ، من غير المجدى ان تقفل الباب امام هذا الوجه المتجهم ، وما تشاهده فى وجهه يشير الى انه لم يكن مستعدا للجدال 0
بصمت صعدا السلم ، لكن ما ان دخلا الشقة ، حتى احست لوارا بانها لا ترغب بدعوته للجلوس ... ومع قليل من الحذر .. لن يبقى هنا طويلا 0
قال لها ، كانه يقرّ امرا ، لايسالها عنه : هل اتصل بريستونز ؟
تاوهت لوارا لعودته الى موضوع جوناس ، فهذا نذير مؤكد لشجار بينهما 0
-لا ... لم يتصل 0
-ايلين اذن ؟
ايلين ! ولماذا تريد ايلين ان تتصل بها ؟
-اخر مرة تحدثت فيها مع ايلين ، كانت يوم اتصلت بك فى المكتب 0
تمنت لو تبقى هادئة هكذا حتى انتهاء المقابلة ... وتمنت لو يتوقف روب عن النظر اليها ، فهو لم يبعد عينيه عنها منذ التفتت اليه .. ثم سال : اكنت تبكين ؟ هل سمعت الخبر من مصدر اخر ؟
اى خبر ؟ اخذ قلبها يخفق بالم ، احست بان هذا الخبر قد يدعوها للبكاء .. وقالت متصلبة : لااعرف عم تتكلم ... وانا لم اكن ابكى 0
تابع روب النظر اليها بثبات ، كانه يحاول ان يعرف ما اذا كانت صادقة ... وقال : صوتك على المسجل بدا لى متكدرا 0
ارتفعت معنوياتها قليلا لظنها انه جاء على الفور بسبب ظنه انها متكدرة ، ثم غاصت مجددا حين عرفت مدى بلاهتها واستعدادها لالتقاط الفتات 0
-حصل لى نزيف انفى . ولم يتوقف ، فطلب منى المسؤول عن الوحدة الصحية ان اعود الى المنزل لاستلقى 0
تطلع مرة اخرى الى انفها المحمر ، ثم رفع عينيه الى عينيها ، ليقول وقد تلاشت بعض قسوته : اذا ... انت لاتعرفين 0
ادركت انه يتوقع منها البكاء ، مهما كان نوع الخبر ، وانه يجب ان يكون هو من يقوله لها ... فسالت تستعد لاستقبال الاسوا : اعرف ماذا ؟
-هل لنا ان نجلس ؟
ارادت ان تعرف الخبر بسرعة ، فقد بدا انه يظنها ستنهار ما ان تسمعه .جلست لوارا على طرف الاريكة ليجلس روب الى جانبها . وقال يهدوء : لقد اخبرنى نيكولاس ماكداف ، فى نهاية الاجتماع ان ايلين ، عادت الى بريستونز 0
-ايلين عادت ...
واندفعت الدموع الى عينيها ، ليس بسبب تحطم قلبها ، بل لانها تصورت فرحة جوناس التى لاحد لها 0
رفعت عينيها المبللتين اليه وسالت : كيف ...
تقصد كيف تم هذا ، لكن النظرة على وجهه منعتها من المتابعة .. صحيح ان وجهه كان متجهما ، لكن عينيه كانت مليئتين بالرقة والحنان .. لكنها سارعت الى رفض مثل هذا التصور ، وردت نظرته الى الشفقة لما يظنها تشعر فى هذه اللحظات . وقال لها : اعتقد ان ايلين كانت تريد العودة اليه منذ مدة ... قلت لك مرة اننى اعرفها جيدا .. ومن وجهة نظرى اظنها وهى التى اعتادت ان تحصل على ما تريد من بريستونز ، اصطدمت باعند منها حين حاولت دفعه الى تصفيه اعماله والانضمام الى دارموند0
كانت لوارا قد اخفضت عينيها حين بدا الكلام ، لكنها رفعتهما مجددا باجفال ، حين احست بيده تمسك يدها ، وتلك النظرة المشفقة لاتزال فى عينيه . وارادت ان تنتزع يديها منه لكنها لم تستطع ... ثم قال لها بهدوء : يجب ان تواجهى الامر لوارا ... بريستونز يحب زوجته 0
-كنت تقول انك تظنها تريد العودة منذ مدة 0
حاولت ان تبقى هادئة فى وقت كان اصبعه يداعب ظهر يدها .. وتابع يقول : بعد ان اتخذت موقفها المعادى له ، اعتقد انها فهمت بالتدريج ، وبعد مضى الاشهر انه لن يتراجع .. ولو تراجع فلن يكون زواجه ثابتا .. واصبحت ايلين يائسة من ايجاد طريقة ، تعود فيها اليه ، دون ان تريق ماء وجهها 0
-اتقول انها وجدت الطريقة ، وانها عادت دون ان يضطر للتخلى عن شركته ؟
-هذا ما اقوله 0
اشتدت قبضته على اصابعها قبل ان يقول لها عن الطريقة التى وجدتها ايلين 0
-ياللسماء .. ليس هناك طريقة لاخفاء الامر 0
نظرت اليه منتظرة ... فاخذ نفسا عميقا وقال : ايلين حامل 0
صاحت لوارا بدهشة : اوه !
لم تكن تدرى لماذا اندهشت ، ربما لانها لم تفكر بهذه الامكانية . وتابع روب : قد تكون ايلين اشياء كثيرة ، لكن هناك شيئا ما ينقصها .. ان تكون راشدة 0
اذا يريد ان ينتزع اى شك فى نفسها ان الطفل ليس لجوناس .. حسنا ، انها لم تفكر بهذا مطلقا . واذا كان يتوقع منها ان تنهار وتبكى لهذا الخبر ، فهو غير محظوظ .. وتابع : اتفهمين تماما ما اقول ؟ اتدركين انه لم يكن قادرا على ان يكون مخلصا لك ؟ وبينما كنتما معا ، كان هو ...
-ينام مع زوجته ؟ اجل ... اعرف هذا ... لقد اخبرنى ...
-اخبرك ؟
-ليس بكلمات مباشرة .. لكنى عرفت 0
صاح بدهشة : ولم تتركيه ؟
لاحظت انه بدا يتفكك من الشك .. حسنا هذا لاباس به بالنسبة لها .. فظنه انها بقيت مع جوناس مع علمها بظروفه ، كان يشتتها كذلك . الانفجار الذى كانت تتوقعه ، تاخر فى القدوم : ما نوع العلاقة التى كانت بينكما بحق الجحيم ؟
ارتجفت لعنفه ، لكنها ردت ببرود : قلت لك : انا وجوناس مجرد صديقين 0
-صديقان وعاشقان ! حسنا استطيع القول مطمئنا ان علاقتك به انتهت 0
غضبه كان قد انتزع الشفقة من عينيه وقالت له بصراحة : جوناس وانا لم نكن عاشقين يوما 0
احست بالارهاق لاستمراره فى تكذيب اى شئ تقوله حول علاقتها بجوناس ... ولم يعد من المهم ان جوناس كان يوما الغطاء لحبها لروب ، فالمرة الوحيدة التى كانت فى خطر ان تكشف نفسها ، ساعة كانت بين ذراعيه ، ومن الطريقة التى ينظر فيها اليها الان ، فان هذا لن يحدث ثانية 0
سالها روب ، وكانه سئم من طلب ان تكون صادقة معه 0
-ولم الكذب ؟ كلانا يعرف انك تحبينه ... وعلى الرغم من شدة حبك لبونى ، سارعت الى الحنث باتفاقنا لحظة سافرت ، ولم تستطيعى نسيانه او نسيان حاجتك للاتصال به ... وعدا كل هذا ، اذا اردت المزيد من البراهين ، كانت هناك اوقات حضنت فيها امرأة دافئة متجاوبة بين ذراعى ... ولقد اخطات هنا لوارا ، وكنت مستعدة لان تتجاوبى اكثر قبل ان تتذكريه 0
تلك النبرة العاضبة كانت تتسلل مجددا الى صوته ، وعرفت انها لن تستطيع ان تسمح لنفسها بالاستمرار فى خداعه .. انه يلامس موضوعا يحمل فى طياته الخطر لها ، وهى تعى هذا تماما .. ولانها بحاجة الى ابعاده عن اى شئ له علاقة بهذا الموضوع ، ابعدت نظرها الى يديها فى حجرها ، فرات الخاتم الالماسى الجميل .. بعد ان عادت ايلين الى جوناس ، لم تعد هناك ضرورة لان يحافظ روب دوره فى التمثيلية . ومع انها لاترغب فى التخلى عن الخاتم ، لانه يشكل لها اخر صلة به ، فقد انزعته من اصبعها 0
-الافضل ان تاخذ هذا .. لن يعود خالك للضغط عليك بعد الان .. اليس كذلك ؟
اذا اعتقدت انها بهذا ستبعد تفكيره عن الطريقة التى تتجاوب فيها معه ، فانه تجاهل يدها الممدودة ... واذا لم تكن تريد الكلام فى الموضوع فهو يريد .. وكرر : كنت مستعدة للاستسلام لى .. اكان بريستونز اول رجل فى حياتك ؟ اكان الاول ؟ الهذا تحسين انك مرتبطة به ، وان لامكان لرجل اخر فى حياتك ؟
صاحت دون تفكير : لا ... لم يكن 0
لم يكن جوناس اول رجل فى حياتها ، ولا احد كان الاول .. لكنها لن تترك روب المحنك المجرب ، يضحك عليها لو عرف .. ثم بدا ما تبقى من قوله يرعد فى اذنيها .. فكررته : لامكان لرجل اخر ؟ ... ماذا تعنى ؟
ارتفع الامل فى نفسها ، ولعنت هذا .. انها تحبه كثيرا ، واحست بما يرغبه قلبها فيما قال .. ثم تلاشى الامل ، وتصاعد الغضب ، وافلتت اعصابها ، يدفعها الى هذا الاحساس بالاحباط فقد استقر فى ذهنها انه يريدها ، ان تنسى جوناس ، ليحل هو مكانه كعشيق .. ولو وافقت فسيكون الرجل الوحيد لها ... ما المها هو ان ما يقترحه كان علاقة عابرة .. الى اى حد .. لتقل شهرا ؟ ربما شهرين ؟ لا وليس اكثر مما ستستغرقه الرغبة التى لابد ان تخمد 0
قالت تحاول كبح غضبها : اذا كنت تلمح الى انك ترغب فى اخذ مكان جوناس ... فانس الامر 0
صاح بغضب : عليك اللعنة ... انا لااريد اخذ مكانه كعشيق لجزء من الوقت ... انا ...
قاطعته بشراسة :هذا مايبدو عليه اقتراحك !
رفضت ان تخاف من انه بدا على وشك ان يضربها ... وصاح بها مجددا : الا يمكن لتفكيرك ان يفكر باكثر من علاقة ؟
الذهول دفعها لتشهق : تفكيرى ؟ انت من يتابع دوما اصراره على هذه المسالة منذ عرفتك !لا تترك فرصة الا وتمسكت بما تظن انه بينى وبين جوناس !
-وانت لازلت تصرين على انكما مجرد صديقين ؟
لم تعد تهتم ولو انها شاهدت فكه يتقلص بقسوة ... وتابع بلؤم شرير : صديقان ام لا .. كان لبريستونز اكثر من تاثير صديق عليك . كنت اريدك كما اردتنى .. لكنه كان دائما يقف بيننا .. الم يحصل هذا ؟
وقفت بحدة .. تستشيط غيظا ، اكثر من ان تتمكن من مجرد الجلوس ، ملاحقته لها جعلتها تفقد السيطرة على نفسها .. ولم يبد مستعدا للتراجع قبل ان ينتزع منها الحقيقة .. صاحت به بحرارة : لادخل لجوناس بالامر 0
تراجعت خطوة الى الوراء حين وقف بدوره والغضب مستعر بينهما ... وقال يقلدها ساخرا : لادخل لجوناس بالامر ؟ بل له دخل وحق الجحيم !
صاحت ، وقد اصبح التفكير الهادئ شيئا منسيا : لا .. ليس له دخل ! كان مستوحشا وهو ينتظر ايلين !
-كنت تعرفين انها ستعود له ؟
-لا ... لم يكن هذا محتملا .. لكننى كنت امل 0
ظنت ان ردها اجفله ، لكنه ابقى الدهشة بعيدا عن صوته 0
-مع ذلك بكيت حين قلت لك انها عادت 0
-هذا لاننى كنت سعيدة له ... لقد ظننته مؤخرا مرهقا عاطفيا ويكاد ينهار 0
بدا ان الغضب بدا يموت بينهما فجاة كما ثار فجاة ... نظر اليها روب وكان شيئا ينخره بازعاج ، لكنه اخيرا بدا فى وضع ذهنى اكثر تعقلا 0
-اتحاولين القول انك كنت تخرجين معه بسبب وحدته ؟
كان فى صوته رنة تكذيب ساخرة ، اعادت غضبها ثانية ، فقالت له ، دون ان تكون قد نوت البوح له بشئ كهذا : كان ابى يحس بالوحدة بعد ان تركتنا امى ... كان بائسا مستوحدا قبل ان تاتى جولى والاولاد .. حين التقيت بجوناس فى حزيران الماضى ...
كاد حاجباه يتقاطعا عبوسا ، وقاطعها : فى حزيران ؟ لكن ايلين تركت بريستونز فى اذار ...
-لايهمنى ما قالته لك ... فهى لم تتركه بسببى 0
لم تتوقع منه ان يصدق ، لكنها ظنت انها شاهدت فى وجهه انه يعرف ابنة خاله بما يكفى ليعرف انها قادرة على توسيع الحقيقة قليلا ، وبدا انه يمنحها فرصة البراءة من الشك على اى حال .. وقال : تابعى ... قلت انك قابلته فى حزيران ، ولانك تذكرت وحدة ابيك بدات الخروج معه 0
-رفضت حين علمت انه متزوج 0
ارادت ان تقف هنا ، لكن شيئا ما كان يدفع الكلمات الى الخارج ... ربما السبب ان روب لم يعد يصرخ فى وجهها : لكن ... كما قلت انت ، تذكرت وحدة ابى .. وبما ان ...
وصمتت ، عرفت فجاة انها تقول الكثير ... مد يده يجذبها اليه ويجلسها الى جانبه : بما ان ... ماذا لوارا ؟
-حسنا .. اذا كان لابد ان تعرف .. بسبب بونى قررت اننى لايمكن ان اتحمل علاقة ملتزمة دائمة ... ولم اسمح لنفسى ان اقع فى الحب ...
-لكنك تحبين بريستونز !
-لا ... لم اكن احبه !
اخذ غضبها يبرد بالتدريج ، لكنها اضطرت الى النظر نحو اى شئ ما عدا روب ... فانكارها العاصف كان له اغرب تاثير عليه ، وكان يمسك بذراعها وكانه لايريد ان يتركه ابدا .واكملت : عرفت منذ البداية ان جوناس يحب زوجته ، وانه قال لها اننى احبه لانها دفعته لهذا .. وهو يعرف ان هذا غير صحيح .. اوه .. انت تؤلمنى !
كانت قبضته تشتد ضغطا على ذراعها ، واحست بالراحة لانه ابعد يده عنها تماما ، مع انها شاهدت قبضتيه متكورتين بقوة وكانه يجد صعوبة فى السيطرة على نفسه ... وقال يحثها : تابعى ... قلت انك تعرفين ان بريستونز يحب زوجته ..
-اجل .. حسنا .. ولان جوناس يحب ايلين ، ويحتاج بالتالى الى من يرافقه ، ولاننى لا ارغب فى التورط مع اى رجل الى ان ينتهى بونى ومارك تعليمهما تحولت علاقتنا الى صداقة جميلة امنة لكلينا 0
نظرت الى روب ، لكن وجهه المتجهم لم يكن يوحى بشئ .. ولم تستطع منع تنهيدة افلتت منها ، فقد بدا لها ان كل ما كشفته كان تبديدا لانفاسها ، فلا شئ فى وجهه يقول انه يصدقها . حين عاد الى الكلام ، عرفت من لهجته انه يشك فى كل شئ قالته ... وكل ما رغبت به لحظتها ان يخرج ويتركها بسلام ، تعرف انها لحظة يقفل الباب وراءه ستنعت نفسها بكل صفات الغباء المعروفة لديها لانها اخبرته بكل شئ عن نفسها
أنت تقرأ
هل تجرؤين للكاتبة جيسيكا ستيل
Romanceاذن انت الانسة ديكنسون 000 المصدر الوحيد لمشاكلى فى الوقت الحاضر ؟ لم تفهم لورا السكرتيرة البسيطة كيف تشغل بال روب ماكفرسون رئيس مجلس الادارة العظيم الى هذه الدرجة ، ولكنها ادركت ان مستقبلها محكوم بالدمار من هذا الرجل ، ومع هذا قبلت التحدى : -حياتى...