أمي الحبية / والدي الحبيب،،،،،ربما تتعجبان عندما تصلكما رسالتي تلك علي هواتفكم المحمولة، و تحاولان بشتى الطرق أن تعرفا مصدرها و من مرسلها و لكني أرجوا الا تفعلا.
ستتمسكان بأمل زائف و في النهاية لن تتوصلا لأي نتيجة، مما سيصيبكما بإحباط يزيد من معانتكما منذ اختفائي.
ببساطة لقد كتبت تلك الرسالة بأخر طاقة عندي حتي أودعكما و أحكي لكما عن ما اصابني.
ما زلت مندهشا مما آلت اليه الامور... لم أعد ادري غلطة من التي اوصلتني الى ما انا فيه الان، و لكن عزائي انني نجحت في ما فشل فيه الاخرين و استطعت التواصل معكما لأحكي لكما ما أصابني و احذركما من القادم.
و الان فلنعد بذاكرتنا الى بداية الاحداث، و بدايتها ليست منذ شهر كما تعتقدان بل تعود الى حيث كنت طفل رضيعا.
قد تتذكرين يا امي انني أخشى الظلام منذ الصغر، ربما من قبل حتى أن أفهم معناه أو معنى الضوء، و لكن من المؤكد أنك قد لاحظتي انني كنت طفلا مختلف.
عكس كل الاطفال لم أكن انام الا و الضوء ساطعا و ما أن تظلمي الغرفة حتى استيقظ من نومي وانطلق في الصراخ و لا أهدأ الا بعد أن تشعلي النور مرة أخرى.
عبثا حاولتي تغيير مواعيد نومي و لكن ذلك لم يكن يجدي نفعا، ببساطة أنا انام في الضوء و استيقظ في الظلام مذعورا دون سبب واضح.
استمرت تلك الحالة المزعجة لسنوات و كنتي ترجعين ذلك الى صغر سني و حساسيتي المرهفة، صحيح أن تلك الحالة كانت تختفي أحيانا و اضحى طفلاً طبيعياً ، الا انها كثيرا ما كانت تهاجمني في صورة نوبات هلع شرسة حتى بعد ما كبر سني و استطعت التمييز.
كان والدي كان هو صاحب فكرة عرضي علي أحد الاطباء النفسيين خاصة بعد أن زادت حدة النوبات منذ أن بلغت سن المراهقة.
صحيح أن ذلك الطبيب كان شهيرا و يتقن عمله، و صحيح أنه كان مقنعاً عندما شخص حالتي بأنني مصابا بحالة مزمنة من رهاب الظلام والتي تسبب لي حالات الهلع الليلي تلك، الا ان تشخيصه كان أبعد ما يكون عن الحقيقة.
و الآن و قد أدركت الحقيقة، فعلت المستحيل حتى ارسل لكم رسالتي هذه لعلي استطيع أن احذركما فتجنبا أخي الصغير (رامي) نفس مصيري الاسود.
حقا يا أمي لم أكن طفلا عاديا، و لكنني لم اكن مريضاً أيضا، بل كنت فائق الحساسية كمثلي من الاف الاطفال الذي يعاني معظمهم من نفس الحالة و التي دائماً ما يشخصها الأطباء بالخوف المرضي من الظلام.
و حساسيتي لم تكن بسبب شيء مادي ملموس بل حساسيتي كانت منهم، قوم الظلام، كائنات أخرى تعيش في عالم موازي لعالمنا و لكنه عبارة عن عالم مظلم.
لا تستطيع تلك الكائنات العبور الي عالمنا الا من خلال الظلام حيث تستمد خواصها و قوتها.
و يبدو أن هناك رابط ما يربط بين الأطفال الحساسة و كائنات الظلام تلك، فهي تعرف طريقنا و تتواجد دائما حولنا، و كلما ازدادت حساسية الطفل كلما ازدادت تلك الكائنات تعلقاً به و ارتباطاً، حتى تصل في مرحلة متقدمة الي الاندماج معه في كيان واحد و تختطفه الى عالمها البغيض... و ذلك ما حدث معي.
و بأخر حضور لي في ذلك العالم احذركما، لا تستهينوا بحالات الذعر الليلي اذا ما اصابت أخي، صدقوه، تفهموه، و الأهم أضيئوا الأنوار.
(تمت)
#فوبيا
#أحمد_مجدي_جلال
#قصص_قصيرة_جدا
أنت تقرأ
فوبيا
Horrorسلسلة من القصص القصيرة، التي تحكي عن الفوبيا التي تصيب الإنسان في اطار من الخوارقيات و الرعب و التشويق و الإثارة