.4

22 0 0
                                    


29.03.2017 , Germany

_____


إنه يَمسكُ بيْ ، إنه يخنقُني ! 

" أنتِ ضعيفةٌ للغاية ، ما ان تواجهينَ العالم حتىٰ تنصدمينَ من قسوتها ، هل تعلمين لماذا ؟ ، احلامُك وردية ، تتمنين كل شيء ولكنكِ لازلت بداخل تلكَ القوقعة الغبية ، يكفي غباءً ، افتحيْ عيناكِ ! "

اشهقُ بسُرعة و اجلسُ علىٰ حافة السرير ، أخذُ نفساً عميقاً و اتفحصُ كلَ شيء ،

 انا في غرفَتي .

نهضتُ لأفتح النافذة على مصراعِيها ، اتنفسُ بعمق وانظرُ للخارج .

تلكَ لم تكن المرة الاولى التي رأيتُ فيها كابوس ، دائما ما يخنقُني ويخبرُني بكلامٍ جارح ، ولكني اعتدتُ على ذلكَ ، احياناً ابكي واحياناً اظل صامتة ، اشعر بأني سأصاب بالجنون .

رأسي يؤلمنُي بشدة ، لا استطيعُ التوقفَ عن التفكير ، الكثير منَ الاشياء السيِئة تحدثُ لي ، ارىٰ كوابيس دائماً . 

كلما كنت ارى كوابيس كنت افكر بإِنهاءِ حياتي ، كنت افكرُ باشياء سلبية ولكن في كل مرة كنت اتوقف بدون معرفة السبب ، لا اريد تضييعَ المزيد من الوقتْ ، لديَّ عمل !

-

هَل سيخرجني احد في يوم من الأيام من هذهِ المهزلة ؟

هَل سيكون هناكَ احد بجانبي ؟ ، ماذا ان بقيتُ هكذا ؟ ، لا اريْد .

-

نظرتُ للساعة لاجدها الثالثة صباحاً ، رائع !

__

" هل نمتِ جيداً ؟ " ، أتانِي صوتهُ المُعتاد من خلفي .

" نعم ، وانتَ ؟ " ، كذبت لم انم جيدا ، لا يوم يمر بدون كوابيس مزعجة ، بكاء مستفز وتفكير سلبيْ، لا يوم .

الغريبُ في الامر إني كنتُ أريدُ سماعَ اجوبته ، إن كانَ بخير أم لا !

" نمتُ جيداً ، نعم ! ، وجهكِ يبدو مرهقٌ ، هل انتِ علىٰ ما يرام ؟! " سأل مرة اخرى بقلق .

انه اول شخص في حياتي يسألني بقلق ان كنتُ علىٰ ما يرام ، ولكن ليسَ اول شخص ينظر الي بتلك النظرة في عينيه ، نظرة الشفقة .

" لماذا تسأل هذهِ الاسئلة ؟ ، أنتَ لا تعرفني ولا تهتم أن كنتُ موجودة ام لا , لم نتقابل إلا منذُ ثلاثة ايام لذا لا تنظر إليَّ بتلكَ النظرة المليئة بالشفقة ! ، انا لا احتاجك ولا احتاجُ شفقتك ، اتركنيْ لوحديْ ! "  أجبتُ بإنفعال واستدرتُ لأكمل تنظيفَ الصحون ، ماذا اصابَني !

لا اعلم .

لم اسمع منهُ شيء ، فقط صوتُ خطواته وهو يمشي بعيداً ، ليتركَني مع افكاري السوداوية مجدداً .

بعد تفكيرٌ طويلْ قررت الذهاب اليه والاعتذار .

ذهبت الىٰ غرفة الطعام ، لم اجده هناك ، ربما هو يساعد احدهم للذهاب الىٰ الغرفة ، الان هو وقتُ الاستراحة . 

ذهبت الى الحديقة ، لأجلسَ قليلا ، بعيدا عن الجميع ، افكر بماذا اقول له ، لـألاحظه جالس على الارض وهو ينظر الى النافورة التي امامه بشرود . اقتربت وجلست بقربه ، هذه المرة الاولى لي اجلس بجانب احد ، دائما ما اجلس وحدي ، اينما كنتْ .

لا ادري كيف أبدا بالحديث ، هل اعتذر أولاً ام أسأل عن حاله ، أن سألتُ عن حاله سأبدو غبية ، لاننا سبق وتحدثنا . 

" أأعتذر عما بدر مني ، لا أعلم ما أصابني " تكلمت بتوتر وأنا أنظر الى يداي ، خائفة من رده ، خجلة من نفسي .

-

" كانت هناك نملة التصقت بمغناطيس ، هل تَعلمين لماذا ؟ "

لانظر إليه باستغراب ، كيف يمكن لنملة أن تلتصق بمغناطيس ؟

" لا أعلم ، لماذا ؟ " أجبتُ بعد تفكير .

" لأنها كانت تضع تقويم أسنان ! " هتف قائلاً مع ابتسامته المشرقة المعتادة .

لم أجد نفسي إلا وأنا أضحك بصخب ، أشعرُ بدموعٍ في عيناي ، أشعرُ وكأنه أول مرة أضحكُ لهذهِ الدرجة علىٰ شيء 'تافه' ، تلكَ الحركة الفجائية مني لم أفهمها أبداً . 

ظلَ ينظر إلي وعلىٰ محّياه تلكَ الإبتسامة المشرقة التي لا أمّلُ منها ، ظلَ يتأملني حتىٰ انتهيتُ من نوبة الضحك تلكَ ومسحتُ دموعي وانا انظرُ إليه ، الوضعُ اصبحَ متوتر ، هو ظلَ شارد .. ينظرُ الي ، وانا لا اعلم ماذا افعل في حالات كهذه ، بقيتُ انظر في عيناه مثلما يفعل هو  ، الان لاحظتُ كم أنَ عيناه جميلتان ورموشه كثيفة ، ملامحٌ طفولية  .

" تبدينَ جميلةٌ عندما تبتسمينْ ، مهما حدث ، لا تخبئيِ تلك الابتسامة مجددا !" 

-

كلماته دخلت إلىٰ قلبي وحطمت جميعَ الحواجز التي قمتُ ببنائها علىٰ مدارِ السنواتْ، كلُ شيء توقفَ من حولي فجأة ، فقط عيناه وكلماته التي لازالتْ تتردد في عقلي ، تأبه الخروج .

اصارعُ نفسي كي لا أبتسم ، كي أُريه بأني لا أهتم له أو لكلماته ، هو مثل الجميع . لكنيِّ في النهاية ابتسمت ، فقط تلك الابتسامة المشرقة علىٰ محياه اعادتْ الدفى الىٰ قلبي بشكلٍ غريب .

نهض و ذهبَ للجهة الاخرىٰ للعبِ برفقة الاخرين المستيقظين في الحديقة ، لأبقىٰ فيِ مكاني ، ابتسمُ كالبلهاء وانظر الىٰ النافورة بشرود .

كيفَ يمكنه بجعلي اضحك في ثوانٍ ، بينما انا لا استطيع اسعاد نفسي بنفسي ! 

-

في الطريق إلىٰ المنزل كان الجو صامتا ً ، لم يكن يخلق معي أحاديث أو يخبرني نكت ، كان فقط صامتا ً ، ينظر للعامة مع ابتسامة صغيرة ، حتىٰ وصلنا الىٰ شارعنا .

" حسناً اذا ً ، نلتقي غداً ، الىٰ اللقاء !" هتف قائلا ، مكملا طريقه الى منزله بدون انتظاري للرد ، وكأنه كانَ يعلم بإني لَن ارد  .

لأتنهد و أكملُ طريقي إلىٰ منزلي الكئيب  ، خائفة مِن الغد .

فراغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن