"جزء 2" 8.

14 0 0
                                    

_____

03.04. 17 , Germany
---

الحفل كان صاخباً قليلاً .
ارديلان كان يعرفني علىٰ اصدقائه وكل من يعرفه هناك ، كانو يستقبلونني بابتسامة ويتحدثون معي وكانني واحدة منهم منذ زمن .
كان الجو جميلاً عكس صباح اليوم.
الجميع كانو يتكلمون ، ارديلان كان مشغول بصب كأس شراب و كان هناك من كانو في ساحة الرقص يرقصون ببلاهة ومنهم من يغنون بصوت مزعج وهم في حالة سكر.
احببت ذلك في بادئ الامر عندما أتوا اصدقاء ارديلان واصبحوا لطفاء معي وعرفوا عن انفسهم، لقد كان جميلاً جدا ولكنني لم اتعود علىٰ مشاهدة اشخاص لطفاء معي لهذا الحد لذلك اصبحت أتمنىٰ ان اعود إلىٰ المنزل في اقرب وقت.
" هل كل شيء علىٰ ما يرام؟"، إنه ارديلان يسألني بصوت عالي ، لابد وهو شاهدني غير مرتاحة في هذه الأجواء.
"نعم كل شيء علىٰ ما يرام ، انني لم اتعود علىٰ اصوات الموسيقىٰ العالية فقط!" ، كذبت.
" اوه نعم انا أيضاً ولكن لا بأس، فسوف تتعودين عليها بعد مرور نصف ساعة صدقيني ، اخي كان لديه نفس المشكلة وكان يغادر بعد عشر دقائق من حضور الحفلات ، يا إلهي لقد كان مزعجاً جداً! "، اخبرني ارديلان بصوت عالي بسبب الموسيقىٰ وهو يضحك ببلاهة .
اصبحت انظر في وجهه وهو مستمتع بالرقص وكان لا شيء يثير اهتمامه إلا هذه اللحظة ، كنت أفكر لو أنه طلب مني الرقص، ماذا سأفعل؟  لأنني حقاً لا اريد ان اصعد علىٰ المسرح لأرقص بين هؤلاء الأشخاص ، لست جريئة لهذه الدرجة، ولكن لا تجري الرياح كما تشتهي السفن.
" بعد قليل سوف نصعد ، لقد اراد صديق لي أن نبدأ الآن ، اذا تأخرنا فسيكونون متعبين من الرقص او في حالة سكر ولا اعتقد بأنك تريدين ذلك!" ، اخبرني ارديلان ضاحكاً وهو ينظر في عيناي مباشرةً وكأنه كان يعرف بالضبط ما الذي كان يجري في بالي .
لم اعلم ما يجب عليَّ ان اقول ، لذلك التزمت الصمت واصبحت اوبخ نفسي علىٰ قراري العشوائي هذا ، بأن احضر حفلة صاخبة وانا اعلم بأنني لا انتمي لهكذا أجواء.
وبينما كنت افكر رأيت شبح شخص اعرفه جيداً، يقف بمسافة بعيد عني مع مجموعة من الشباب ، تمعنت النظر لاعرف من هو، ولكنني لم استطع معرفته .
"هيا كأس واحد لن يضر ، تفضلي!" ، اردف ارديلان بينما لا ازال احاول ان انظر إلىٰ وجه ذلك الشخص جيداً ، وبينما اخذت الكأس منه محاولة ان لا اجعله يتكلم اكثر ، رأيت وجه ذلك الشخص ، إنه نيلس .
لم اصدق في بادئ الامر، اعتقدت بأن عيناي تكذب ولكنه وبعد محاولة أخرى للتركيز في وجهه ، كان نيلس حقاً!
نظر فجأه باتجاهي  ، في عيناي بالضبط ، شعرت وكأنه ينظر إلىٰ روحي وليس عيناي فقط ، كان ينظر بعمق وهذا ما كان يخيفني، نظراته كانت تخيفني جداً .
شربت ذلك السائل المر في الكأس الذي اعطاني ياه ارديلان محاولة مني تجاهله وبنفس الوقت اخبرني بأنه وقت المسابقة .
امسكت بيده لنذهب فوراً .
علىٰ المسرح كان هناك ٤ ثنائي وكنا الثنائي الخامس مما يعني بإننا سنرقص في الأخير.
لم اعطي بالاً للامر كنت فقط أتمنىٰ ان نبدأ وننهي بسرعة لاعود إلىٰ المنزل ، كنت اتذكر خطوات الرقص الذي علمني إياه معلمي في الرقص عندما كنت صغيرة ، مع انها كان حركات بسيطة من رقصة الباليه إلا انها كانت رقصتي المفضلة.
عندما حان دورنا صعدت علىٰ المسرح مع ارديلان ماسكة بيداه ، بدأ قلبي بالخفقان سريعاً، لم يكن طبيعياً ، كنت اريد فقط النزول و الذهاب إلىٰ المنزل ، اسوء شيء في الامر هو إن نيلس يقف مباشراً امامي .
اغمضت عيناي وحاولت التفكير في شيء آخر،  محاولة اخماد شعوري بالتوتر والخوف ، محاولة مني أن لا افسد اي شيء .
-
الموسيقىٰ بدأت، وانا انظر في الارجاء محاولة  إيجاد نيلس ، لكنني لم اراه .
اغمضت عيناي واخذت نفساً عميقاً .
كل تلك الرقصات التي كنت ارقصها في ارجاء المنزل ، كل لحن كنت استمتع به ، كل تفكير كنت افكر به عندما كنت ارقص ، طبقته هنا.
لم اعد اشعر بشيء وانا احرك جسدي ، اشعر بيدا ارديلان حوالي .
اتذكر آخر حديث دار بيني وبين معلمي  في اخر حصة لنا من الباليه. لقد كان يشجعني ان ارقص في مهرجان كان سيقام في المدينة ولكنني لم اقبل بذلك ، بقيت في ذلك اليوم في المنزل بينما كنت اسمع صوت الموسيقىٰ العالية من الخارج .
اتذكر جيداً ما قاله لي محاولا منه أن يقنعني بأن اخرج أخيراً من قوقعتي ولكنه خرج من المنزل فاقداً للأمل . في اليوم التالي عندما كنت في المدرسة انتظرته  لكي نذهب معاً لصالة الباليه  ، اخبرني شخص كان يقف هناك يعلم بأنني طالبته ، بإنه تعرض لجلطة قلبية ليلة امس في المهرجان و مات في طريقه للمستشفىٰ.
قبل موته قال بإنه يحمل ليَّ رسالة وضعه في خزانتي في صاله الباليه .
لم استمع اكثر للحديث و لم اعد اعلم ما عليَّ فعله.
قدماي بدأت في الركض بإتجاه صالة الباليه محاولة مني عدم تصديق الرجل وكلّي أمل بأنني سأجده هناك ينتظرني ويوبخني علىٰ تأخيري الدائم .
ولكنه لم يكن هناك .
وخزانتي كانت مفتوحة واشيائي مبعثرة وبها رسالة كما قال الرجل تماماً . تقدمت ببطئ ويداي ترتجفان.
امسكت الورقة وفتحتها لاقراها :
-
" ذلك المنحدر الذي حطمك و كسر كل شيء فيك ، ستشكريه يوماً ما  ، لا داعي للخوف ، اصطدمِ بكل قوتك عزيزتي "
___

فتحت عيناي علىٰ صوت تصفيق الجمهور ، نيلس لم يكن هناك . ارديلان كان يمسك يداي وينظر إليَّ بعمق ويبتسم ابتسامة عريضة ويتنفس بسرعة .
نظرت للآخرين وهم يضحكون ويصفقون بقوة وينظرون إلينا ومنهم من صعدوا علىٰ خشبة المسرح .

لقد فعلتها !

فراغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن