الفصل الاول

58 4 3
                                    

كنت اسرع في خطواتي حتي اتمكن من الوصول الي غرفتي الصغيرة الموجودة في المستشفي... او بالاصح مكتبي الصغير و لكني اتشاركه مع فتاتين اخرتين, و قد كانت الساعة تشير الي الخامسة الا ثلاث دقائق اي انه متبقي ثلاث دقائق فقط....اسرعت اكثر في خطواتي و عندما وصلت الي الدرج المؤدي الي الطابق السفلي, نزلت علي السلالم في سرعة حتي انه كدت ان اقع اكثر من مرة و انا احاول ان اتجنب الاقتراب من المرضي و الممرضات. 

تمكنت من الوصول,اخيرا, الي المكتب الصغير ثم اخرجت جهاز الراديو الصغير الذي امتلكه و قمت بتشغيله, لتصدر موسيقي البرنامج الهادئة التي بت اعشقها.

"اهلا بمستمعي برنامجنا اللذاذ و اللطاف.... و الحقيقة النهاردة الحلقة هتبقي من الحلقات ال انا مجهزتلهاش اي موضوع عشان كدة مستني منكم اتصلات و رسائل عن اي حاجة تحبوا تتكلموا فيها" تخلل صوت مروان,الذي اعتبره الان احد الاشياء الرئيسية في يومي و الذي اصبح جزء من حياتي, الي مسامعي.... قهقهت بخفة علي ما قاله, فهذة ليست اول مرة فهو اغلب الوقت يعتمد علي ما نطلبه نحن المستمعين, سواء كان ذلك بتلك الطريقة المباشرة في البرنامج او من خلال صفحة البرنامج علي شبكات التواصل الاجتماعي.

اخرجت هاتفي من جيب المعطف الابيض الذي ارتديه, و الذي يعني انني طبيبة هنا و لكني مازلت تحت التدريب اي انني اساعد الاطباء الكبار هنا و في مجالات مختلفة, كما انني اقوم باسعاف المرضي الذين يكونون في حالات الطوارئ و ما الي ذلك... قمت بالاتصال برقم البرنامج الذي احفظه مثل اسمي الان و ما هي الا دقائق حتي اجابني احد الافراد من طاقم الاعداد.

"اهلا يا لين, اخبارك ايه" سأل حسن بنبرة مرحة مما جعلني ابتسم 

"اهلا يا حسن, انا بخير انت عامل ايه" سألته و مازالت تلك الابتسامة موجودة عبي وجهي.... فبالرغم من انني لا اعلم هؤلاء الاشخاص سوي من خلال هذا البرنامج و حتي لا اعلم اشكالهم الا انني اعتبرهم مثل عائلتي, ف معظم وقتي اقضيه معهم سواء من خلال البرنانج او من خلال شباكات التواصل الاجتماعي.

"ناوية تساعدي مروان في حلقة النهاردة ؟" سأل حسن ليخرجني من افكاري 

"ايوة طبعا" اجبته بمرح 

"طيب استني شوية" قال مما جعلني اخفض صوت الراديو حتي استطيع التحدث مع مروان بشكل افضل.

"لين لين ليييين, عاملة ايه فينيك اليومين ال فاتو ؟" سأل مروان بنبرته المرحة كعادته مما جعلني اقهقه.

"تمام تمام تمام... انت عامل ايه؟" اجبته بنفس نبرته و انا اشعر انني اتحدث مع اخي ا ربما شئ اكثر من ذلك.

"انا زي الفل عشان سمعت صوتك" اجاب هذه المرة و كأنه يتغزل بي.... " ليه بتبخلي علينا بس ؟ انت بتوحيشينا اوي هنا " اكمل عندما لم اجب بشئ و ظلت اقهقه علي حديثه فقط.

"خد بالك من كلامك ده عشان هيخليني ادلع عليك اكتر" اجبته محاولة ان اجاري لغبته الصغيرة.

"لا بلاش و النبي مش هنتحمل" توسل بطريقة مرحة مما جعلني اقهقه بشدة.... "يالا بقي اقترحي علينا موضوع بلاش دلع " اكمل بنبرة امرة هذه المرة و هذا جعلني اتوقف عن القهقهة ثم اخذ نفس قبل ان اتحدث.

"هو انا معنديش موضوع, بس حصل معايا حاجة النهاردة في شغلي عايزة احكيلك عليها" اجبته بنبرتي الهادئة الجدية.

" احكي يا ستي" اجابني.

"انت عارف ان هنا في المستشفي عندنا بعض حالات مرضي السرطان... و كان في بنت اعتقد عندها 18 سنة بتيجي هنا علي طول عشان تقعد مع المرضي دول و تحاول تخفف عنهم و بتحاول علي قد ما تقدر تديهم امل" توقفت حتي اخذ نفسي.

"طيب ما ديه حاحة كويسة جدا" اجاب مروان.

"منا عارفة طبعا... بس الفكرة مش في كدة, الفكرة ان البنت ديه جات النهاردة الصبح علي عادتها و لكن للاسف جات في عربية الاسعاف, و اتضح انها مصابة بالسرطان" اكملت بأسف و انا احول ألا ابكي... فقد تألمت كثيرا لحال هذة الفتاة التي كانت مليئة بالامل و الحيوية.

"اوه... الموضوع صعب فعلا" تحدث مروان بنبرة اسفة.

"و بعد ما فاقت بقي من حلة الاغماء ال كانت فيها الدكتور صارحها و قالها علي المرض ال هي للاسف مش في بدايته بس هو قالها عشان كان متوقع انها تبقي ماسكة نفسها و تتحمل علي اساس انها كانت بتحاول تدي امل لغيرها.... لكن ال فجئنا كلنا انها بدأت تعيط و تصرخ بهيستيرية لدرجة ان احنا اضطرينا نديها حقنة مهدئ عشان تنام.... ال عايزة اقوله بقي ان احنا ساعات بنفضل ندي حكم و مواعظ لغيرنا و نوريهم نص الكوباية المليان, و لما بتحط في موقفهم بنبقي اضعف منهن بكتير اوييي و مش بنقدر نساعد نفسنا ولا نعمل اي حاجة" انتظرت قليلا حتي اسمح له ان يفكر فيما قلته ثم يجيبني, كعادته.... و هذا ما فعله بالضبط.

"ال يتقوليه كله صح, احنا فعلا ضعفاء جدا, صعفاء اكتر مما نتخيل و عشان كدة ربنا خلقنا عندنا القدرة اننا نفهم بعض و نحس ببعض و بالتالي هنقوي بعض ... بس للاسف مؤخرا معظم الناس نسيت كل ده, نسيوا انهم بشر اصلا " اجاب بنبرة حزينة بعض الشيء.

"معاك حق" تمتمت له في المقابل.... "انا هقفل بقي دلوقتي لحسن بقيت الناس هزعلوا مننا" اكملت بنبرة عادية.

"ماشي بس متغبيش علينا تاني بعد كدة" و ها هو يعود مجددا لنفسه المرحة و الهزلية التي تساعدني ان اتخلص من عبء يومي....

اغلقت معه و جلست في هدوء استمع بقية الحلقة والتي اتصل فيها العديد من الاشخاص منهم من عبرعن رأيه فيما قلته انا و منهم من تحدث في مواضيع اخري.... و هذه هي عادتنا, فمن خلال هذا البرنامج نتبادل الاراء و المواضيع, فهذا البرنامج اصبح عائلة بالنسبة  لنا جمبعا و الفضل كله يعود لمروان و شخصيته الهزلية المرحة التي,و انا اؤمن بهذا, تخفف الامالكثير من الناس.

كانت الحلقة علي وشك ان تنتهي عندما فتح باب المكتب الصغير بقوة لأجد علياء, احدي شريكاتي في المكتب, تقف خلفه...

"لين, قومي بسرعة في حالة مريض قلب طارئة !!!" اخبرتني في هلع قبل حتي ان تسمح لي ان أسألها ماذا هناك, لتجعلني انهض بسرعة من مكاني و اركض خلفها.....

________________________________________________________________________________

اتمني البداية تعجبكم 🙏🙏






برنامج بدون موضوع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن