حلم ولا علم 16 بقلمي/ منى لطفي

17K 410 5
                                    

حلم ولا علم – الحلقة – السادسة عشر – بقلمي/ منى لطفي
سكت ( امجد ) قليلا ثم تكلم بهدوء مجيباً:
- انت مش بتحبيها يا ( هبة ), ودايما كانت كل ما تيجي او تشوفيها تزعلى وتتضايقي من وجودها, والدكتور مانع عنك اي انفعال نفسي لدرجة انه حظرني انى اضغط عليك علشان تفتكري واسيب الامور تمشي بشكل طبيعي, فطبيعي إني أمنع اي فرصة للتواجد بينك وبينها...
نظرت اليه ( هبة ) عاقدة جبينها وتساءلت في حيرة:
- غريبة!, وانا ايه اللي كان بيخليني اتضايق منها اووي كدا؟, انا مانكرش انى اول ما شوفتها في فرحنا اتقبضت, ولما جاتلى انهارده حسيت نفس الاحساس, ودا يأكد لي كلامك اني ما كنتش بطيقها, لكن اللى انا عاوزة اعرفه ليييه؟, اييه اللي خلّاني احس ناحيتها كدا؟, الا اذا ...
وسكتت ناظرة ليه بشك في حين نظر اليها مستفسرا وقلبه يخبط في صدره من القلق وقال:
- الا اذا ايه يا ( هبة ) ؟؟
أجابته وهى تنظر في عينيه بتركيز شديد:
- الا اذا كان ليك دخل في الموضوع؟!, يعني لما ست تتضايق من وجود ست تانية اعتقد انه دا غيرة؟!, وأعتقد بردو يبقى أكيد فيه راجل في النص؟!, وخصوصا اننا مش زملا شغل ولا جيران ولا نعرف بعض من اصله ولا في بينا وبين بعض أي تعامل من أي نوع!, الحاجه الوحيده اللي بتربط بيننا هى انت يا ( امجد )!, ودا يرجعنى لنفس السؤال.. في ايه يا ( امجد )؟, ايه اللي انت مخبيه عليا ومش بتقوله؟, صدقنى مهما كان اللي حصل وقولتهولي دلوقتى يمكن اتضايق وازعل بس هقدّر انك كنت صريح معايا, لكن لو ماقولتليش الحقيقة وعرفتها بعدين.. ساعتها بس هتخسرني فعلا !!, وعلشان كدا ارجوك يا ( امجد) تصارحني في ايه؟, لأول مرة اكره احساسي بالعجز وإنِّي فاقدة الذاكرة!, صدقني الفترة اللي فاتت دي كلها ولا كان فارق معايا ابدا لانك معايا وانا عرفتك بمشاعري وقلبي فانت كفاية عليا, لكن دلوقتى.. انا حاسة بالعجز وفي نفس الوقت بالرعب من اللي انا مش عارفاه!, علشان كدا لازم اواجه خوفي دا, ارجوك يا ( امجد ) صارحني!
كتم أمجد شتيمة كادت تفلت منه في هذه اللعينة المسماة سارة لانها السبب في هذا التخبط الذي تعيشه حبيبته, وبسببها يرى هذه اللآليء تكاد تنساب من مقلتيها اللتان يعشقهما!
أمسك ( امجد ) بكتفيها ونظر الى عينيها الغائمتين بالدموع, شعر بنصل سكين حاد يغرز في احشاؤه لدى رؤيته لنظرة التشتت والضياع التي تملأ وجهها الملائكي الذي يعشقه .. نظرة.. من لا حول له ولا قوة ... قرّبها منه وأراح رأسها على صدره بيد بينما يده الأخرى تمسد شعرها وهمس:
- صدقيني يا ( هبة ) انت اغلى حاجه في حياتي, عمري ما هسمح لأي شئ انه يزعلك او يضايقك, الموضوع وما فيه انك كنت بتغيري فعلا منها علشان زي ما انت شايفه كدا طريقتها وكلامها فري أوي, وحصل اننا اتخانئنا بسبب كدا, دي كل الحكاية مش أكتر!..
أبعدت رأسها قليلا عن حضنه الدافيء ونظرت اليه ويديها مرتاحتان على صدره وقالت بتساؤل مقطبة جبينها :
- اتخانئنا علشان كدا؟, قصدك ان انا كنت من النوع الغيور المتملك؟, ولا قصدك اني كان عندي حق إني ما أطيقهاش وانها فعلا كانت عينها منك وانت اللي عاندت ومارضيتش تسمع كلامي واعتبرتها اهانة لسيادتك إني اقولك تكلم مين وما اتكلمش مين؟
ف
هتف بدهشة مازحا:
- ايه دام ين اللي قالك؟, انا فعلا كنت ضد فكرة انك تتحكمى فيا, وتقوليلي كلّم وما تكلّمش..
أجابت بابتسامة خفيفة :
- ( امجد ) انا يمكن اكون فعلا فاقدة الذاكرة بس مش غبية!, والفترة اللي فاتت دي أنا عرفتك فيها كويس اووي, أو تقدر تقول انى افتكرتك كويس اوووي!, واضح كمان انى كنت فاهماك جدا لدرجة لما بنيجي نتناقش دلوقتي وفيه حاجه عاوزة اقولها ومش عارفة رد فعلك عليها هيبقى ايه...ألاقي احساسي يقولى هيعمل كدا او هيقول كدا... والمدهش أن احساسي بيطلع صح!, علشان كدا زي ما قلت لك.. يمكن انت الانسان الوحيد اللي فعلا حسيت انى ما نسيتوش حتى بابا!, قعدت فترة مستغربة كلمة بابا!, لكن انت لما عرفت اننا مرتبطين حسيت ان دا طبيعي وما استغربتكش ولا حاجه !! , علشان كدا انا خمنت وتخميني طلع صح, انت اللي مارضيتش تصدقنى واعتبرتها غيرة بنات صح ؟؟
هز برأسه موافقا وأجابها وهو يمسك يديها بين يديه :
- للاسف صح !! صدقيني انا فعلا شخصية عنيدة وصعبة !! وكنت بهرب من احساسي بيكي واللي كان بيكبر يوم عن يوم وكنت عاوز اثبت لنفسي اني لسه زي ما انا محدش يملا عليا تصرفاتي واللي انا عاوزة اعمله مهما كان اللي قدامى مقتنع او لأ!!, وانا من جوايا واثق انه عندك حق حتى لو كانت غيرتك مبالغ فيها او مالهاش اساس, لكن المفروض اني انا احترم مشاعرك دي خصوصا وانا ما كنتش بستحمل ألمح اي حد يبص لك بس او يتكلم معاكي, علشان كدا بعد الحادثة الدكتور شدد ان كل ما نفسيتك تكون مرتاحه كل ما رجوع الذاكرة هيكون بطريقة اكتر امان, لان اكتر حاجه الدكتور قلقان منها انك تكوني انت اللي مش عاوزة تفتكري !!
سكت قليلا ثم تابع وعينيه تلمعان قائلا برجاء حاار :
- ( هبة ) انا بحبك !! و أووووي كمان.. انا .. انا كنت رافض انى احب حد كدا .. شوفت امي وهى بتموت في اليوم الف مرة بعد ما والدي الله يرحمه اتوفى , وأعز اصحابي مات قودام عينيا لما حبيبته سابته واتجوزت غيره, فقررت اني لا يمكن اسيب قلبي يتحكم فيا بالشكل دا!, ولما عجبتيني واتقدمت لك لاقيت انك نوع تاني خاالص مش زي البنات التانية اللي كل همّها اللبس وازاي تلفت نظر الناس ليها, شدتيني ليكي ببساطتك وتلقائيتك وعفويتك .. صراحتك وعنادك .. شقاوتك وخفة دمك .. جمالك الهادي اللي يدخل القلب على طوول .. عينيكي يا ( هبة ) !, آه عينيكي ما تستغربيش .. عينيكي دي قصة تانية خاالص .. ولما لاقيتك بديتي تتهربي مني وترفضي ارتباطنا ساعتها رفضت انك تكونى لحد تاني غيري, انت بتاعتي انا وبس, وما استنيتش افكر ليه .. غروري صور لي ان ( امجد علي الدين) رجل الاعمال المشهور اللي تتهز له رجاله اكبر منه واغنى لكن لانه معروف بشراسته وقوته محدش بيرضى يعاديه ولا يعانده, مش أمجد دا اللي يترفض!, لكن انت.. لأ!! انتي رفضتيني وعاندتيني .. وصممت وقلت لا.. انا قررت انى اتجوزها يبقى لازم اتجوزها .. واتضح ان طول الوقت اللي فات دا كان حلاوة روح مش اكترر!, قبل ما اعلن استسلامي ليكي .. وبالتحديد بعد الحادثة, لما لاقيت انك ممكن تروحى مني في ثانية, فوقت وقلت اومال انا كنت بهرب من ايه اصلا ؟؟ ليه مافرّحتش نفسي بحبك ؟؟ ليه هربت منك؟, وخدت عهد على نفسي انه ما في شئ هيزعلك طول ما أنا موجود, وان اي حاجه كانت بتزعّلك او انا بعملها وبتضايقك لازم أوقفها .. علشان كدا كنت حريص اووي ان ( سارة ) ماتعرفش توصلك .. لاني مش عاوز اي حاجه تضايقك حتى لو انت مش فاكراها .. واللي خايف منه حصل .. انت فعلا من ساعه ماشوفتيها وانت مش مرتاحه صح ؟؟
هزت برأسها ايجابا في حين اعتصرها بقوة بين ذراعيه متابعا:
- انا مقدرش اشوف دموعك يا ( هبة ) , انت متعرفيش بتعمل فيا ايه؟, ولا النظرة اللي لمحتها دلوقتي في عينيكي دي .. بحس انى زي المشلول مش عارف اتصرف, ونظرة العجز دي اللي بصّيتي لي بيها بتدبحني, ارجوكى يا ( هبة ) صدقيني واوعي تفكرى انك تسيبيني ابداااااا ..
طوقته ( هبة) بذراعيها في حين انسابت دموعها تغسل وجهها وقالت :
- انا كمان بحبك يا امجد وأووي أووي كمان ....
بعد هذه الاحداث بيومين تذكرت ( هبة ) انها قد كانت وعدت (علاء ) بالتحدث مع ( امجد ) بشأن اشتراكها معه في الحفل الجامعي وابتسمت وهي تتذكر ( امجد ).. فمنذ حديثهما بعد موضوع ( صابر ) وهو اكثر رقة , ويعاملها كأنها من زجاج قابل للكسر..بل انها ومن شدة حرصه عليها أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانفجار فيه غضبا!, تبًّا هي ليست بمريضة انها فقط ..حامل!, وكونها فاقدة للذاكرة لا يعني ان صحّتها البدنيّة مهددة !!, وزفرت بضيق وهي تتذكر انها لابد و أن تفاتحه في موضوع ( علاء ) وهي تعلم جيدا انه لن يوافق بل أنها لا تستبعد أن ينتهي الأمر بأمجد برفضه مشاركة علاء نفسه في هذا الحفل..
بعد تناول طعام العشاء استأذن ( امجد ) لمراجعة بعض الاوراق مع والد ( هبة ) في غرفة المكتب , بعد فترة من الوقت قررت ( هبة ) الذهاب اليه والتحدث معه بشأن حفل علاء , طرقت الباب ودخلت فوجدت والدها و ( امجد ) و قد نظر اليها والدها قائلا بضحك :
- اييه خدته منك مش كدا ؟؟, اتفضلي يا ستّي احنا خلاص تقريبا خلصنا ..,
ثم نهض يتبعه ( امجد ) الذي سار متجها الى ( هبة ) قائلا لها:
- حبيبي معلهش اتأخرت عليك شوية الكلام خدنا
أجابته بابتسامة خفيفة :
- لا يا حبيبي ولا يهمك..
خرج والدها بعد ان القى عليهما تحية المساء قائلا بضحك :
- أنا هقولكم تصبحوا على خير و هروح انام انتو شباب اسهروا براحتكم
أومئا برأسيهما اليه وما ان خرج واغلق الباب وراءه حتى التفت ( امجد ) الى ( هبة ) جاذبا اياها بين ذراعيه بقوة وهو يقول :
- يااااه وحشتيني يا قلب ( امجد ) ..انا عارف اني انشغلت عنك شوية يا قلبي معلهش.
ابتعدت قليلا عنه وقالت بحنو تطالعه بحب:
- لا يا قلبي مافيش حاجه, بس انا بصراحه فيه موضوع عاوزة اكلمك فيه ومش لاقية وقت مناسب وخلاص مش فاضل الا 3 ايام بس!!
قطب حاجبيه وهو ينظر اليها :
- 3 ايام على ايه بالظبط ؟؟ وايه هو الموضوع ؟؟
ابتعدت بضعة خطوات الى الخلف وقالت وهى ترفع يدها امامها :
- بس تسيبني اكمل للآخر ممكن ؟؟
زادت عقدة جبينه وقال :
- مش عارف ليه عندي احساس انه الموضوع دا مش مريح ؟؟ عموما اتفضلي ..
أخبرته ( هبة ) بأمر الحفل وكيف انها ستحلّ محلْ عازف الفرقة لانقاذ موقف ليس اكثر, وان ( علاء ) قد أخبرها كيف ان المخرج قد أُعجبه بأدائها عندما قامت بالعزف بالبروفة معهم قبل الحادث, وانه من المقرر ان الحفل سيكون في نهاية الاسبوع, ولدى ذكرها الشق المتعلق بتدريبها على الحفل مع ( علاء ) في الأستوديو الصغير الخاص بـ ( علاء ) بالفيلا... ارتبكت, لأنه لم يكن يعلم بهذا الأمر مسبقا, ولكنها لم تجد مفرًّا من اخباره, ما ان انتهت من سرد كلامها حتى رفعت نظرها اليه منتظرة تعليقه, فوجدته يقف عاقدا ساعديه وهو ينظر اليها بمنتهى الهدوء ثم قال :
- يعني انت كنت بتتمرني مع ( علاء ) اليومين اللي فاتو دوول وانا معرفش؟ .
أجابته برجاء :
- ما هو يا حبيبي الموضوع لما ( علاء ) فتحه معايا انا كنت عاوزة اقولك, وبعدين حصل موضوع صابر وكدا .. والحفلة خلاص بعد 3 يام وبعدين ما هو انا بقولك أهو!! ...
نظر اليها ببرود قائلا :
- آه .. لازم تقوليلي !!, تحصيل حاصل يعني!!
هزت راسها بنفي هاتفة :
- لالالا خااالص, بس كل الحكاية ان الحاجات اللي حصلت الكم يوم اللي فاتوا خلّوني نسيت, دا غير اني أنا سبق وقلت لـ ( علاء ) انك لازم توافق ...
نظر اليها بغموض قليلا ثم تحدث بجمود بعد ان أولاها ظهره:
- ياللا علشان ننام يا ( هبة ), انا تعبان وانت مريحتيش بئالك فترة طويلة, لازم تفردي ضهرك شوية ...
قطبت ( هبة ) حاجبيها وقالت:
- نوم ايه دلوقتي بس يا ( امجد )؟, انت مارديتش عليا؟!
فتح باب غرفة المكتب ونظر اليها من فوق كتفه وقال متجاهلا سؤالها:
- انا هسبقك ما تتأخريش عليا عاوز انام ...
ثم تركها وذهب, في حين ضربت الارض بقدميها كالأطفال متأففة من اسلوبه في إنهاء الحديث....
صعدت ( هبة ) الى طابقهما و دخلت الى غرفة النوم فوجدت (امجد ) راقدا فوق الفراش وهو يمسك بكتاب يقرؤه, وكان قد ترك الضوء الخافت لينير الغرفة, دخلت الى الغرفة من دون ان توجه اليه اي حديث وتوجهت الى خزانة الثياب فأخرجت ملابسها وذهبت الى الحمام لتغتسل, ثم عادت وقد ارتدت ثوب النوم وهو من الساتان النيلي وفوقه مئزره وهو من الشيفون من ذات اللون, ثم وقفت امام المرآه حيث مشطت شعرها بالفرشاة ووضعت بعض قطرات من العطر الخاص بها, ومالبثت ان ذهبت الى المصباح المجاور للفراش حيث اضاءته وأطفأت النور الخافت, خلعت مئزرها ثم اندست في الفراش بجانبه وأولته ظهرها, اما هو فقد اغلق الكتاب االذي بيده ووضعه على الجارور بجوار الفراش ثم التفت اليها متحتضنا اياها بذراعه ضاما ظهرها الى صدره بينما لم تحرك هي ساكنا... فادارها ناحيته حيث نظر جيدا الى وجهها وقال :
- قلب ( امجد ) زعلان ولا اييه ؟؟ لو على الزعل المفروض انا اللي ازعل!
نظرت اليه باستنكار قائلة :
- نعم ؟؟ وتزعل ليه ان شاء الله ؟؟ انا ماسيبتكش في وسط الكلام وقولتلك انا عاوزة انام!, انت حسيستني انى واحده هبلة هتضيع لك وقتك !!
نظر اليها ببراءة مصطنعه :
- انا ...!! مين اللي قال كدا ؟؟ انتي .. دا انتي ست البنات !!
زفرت بضيق وابعدت نظراتها عنه في حين اسند هو جبهته الى جبهتها وقال وهو يتنهد :
- و آخرتها يا قلب ( امجد ), هتفضلي مكشرة كدا كتيير ؟؟
أجابته بإلحاح:
- انا دلوقتى عاوزة افهم الموضوع فيه ايه مش مخليك موافق؟, انا شايفه انه ما فيهوش حاجه ابدا!!
ابتعد عنها قليلا وجلس مجيبا ببرود :
- يعني بردو لسه مصممة على نفس الموضوع؟! , طيب يا (هبة ) انا مش موافق!, خلاص ارتحت؟, وياريت ماتفتحيش معايا الكلام في الموضوع دا تانى .. تصبحي على خير..
ثم ادار لها ظهره ساحبا الغطاء فوقه ونام في حين نظرت هي الى ظهره باندهاش ورددت قائلة :
- تصبحي على خير؟
ثم اعتدلت في جلستها وأكلمت بغضب :
- بس انا مش موافقة على كلامك يا ( امجد ) .. وانا .. انا قلت لـ ( علاء ) انى هحضر معاه الحفلة ..!!
اغمضت عيناها منتظرة العاصفة القادمة وقد تحفزت عضلاتها بإنتظار هجومه الوشيك!, والتي لم تتاخر الا لبضعة ثوان, شعرت به بعدها وهو يعتدل جالسا هاتفا بدهشة غاضبة من بين اسنانه:
- نعم ؟؟ قلت لـ ( علاء ) انك موافقة!, وانا ايه ان شاء الله , ماليش رأي ؟؟ ولا جوز الست ؟؟
فتحت عيناها واسعا وحدقت به بذهول مجيبة باستنكار محاولة نفي هذه التهمة التي رماها بها:
- لا مين قال كدا ؟؟, انت جوزى وحبيبي, بس انت رأيك ما أقنعنيش!, انت مش موافق حقك, يعني ما اقدرش اجبرك انك تحضر الحفلة مثلا .. وانا موافقة حقّي ..انا مش شايفه فيها حاجه .. انت جوزى آه .. لكن مش معنى كدا انك تلغي شخصيتي!! ...
قفز من فوق الفراش وجذب الغطاء بعنف متناولا وسادته وهتف وهو يخرج من الغرفة متجها الى الردهة الخارجية للجناح:
- دا آخر كلام عندي يا ( هبة ), الموضوع اتقفل ومش مسموح بالمناقشة فيه تاني, ولولا انك حامل وتعبانه.. كان هيبقى لي تصرف تاني خالص معاكي..
ثم خرج صافعا الباب خلفه بقوة ...
خرجت ( هبة ) من الغرفة حيث أمجد فوجدته نائما على الأريكة المزدانه بقماش مزخرف بالزهور الرقيقة والفراشات, وكان مديرا ظهره اليها, فتقدمت بخفة حتى وصلت اليه ثم ركعت على ركبتيْها بجواره, ومدت يدها ووضعتها على كتفه وهمست بأسف:
- انا .. انا آسفه !, ممكن تقوم تنام جوا بأه يا ( امجد )؟, انا.. انا مش هيجيلي نوم وانت مش جنبي .. انت عارف اني مبعرفش انام طول ما انت مش نايم جنبي ...
سمعت زفرته العميقة ثم ما لبث ان استدار ونظر اليها نظرة من لا يدري كيفية التصرف معها ثم قال :
- نعم يا ( هبة )؟, انا سيبت لك الاودة علشان تعرفي تنامي, واظن دا اختياري وانت من حقك تقبليه او ترفضيه, لكن مش من حقك تجبريني على اختيارك .. مش دا كلامك ليا؟!
نظرت الى الأسفل قليلا ثم رفعت نظرها اليه وأجابت بخفوت:
- أنا .. انا .. انا آسفة يا ( امجد ) , بس انا اتنرفزت لما حسيت انك بتعاملنى كأن فيا عاهة او مرض خطير, انا حاامل يا (امجد ).. مش عيانه !, وكوني فاقدة الذاكرة مش معناه اني فاقده الاهلية ولا حاجه .. انا مش مجنونة خايف عليها تتعامل مع الناس!! ..
جلس في مكانه وامسك بيدها ليجلسها بجواره ثم التفت اليها قائلا :
- بأه انا بحسسك انك مجنونة؟, ازاى الاحساس دا يوصلك؟, كوني بخاف عليك من الهوا مش معناه انك مريضة او بعد الشر عقلك مش مظبوط !, انا بخااف عليك لاني بحبك .. ومش عاوز اي شئ يتعبك .. عايزك دايما قدامي وردة مفتحه كدا .. انت مراتي وبنتي وحبيبتي وكل حاجه ليا, ليه مش عاوزة تصدقي دا؟؟
قالت بهمس :
- مصدقاك يا ( امجد ) ..بس انت كمان كل ما آجي اتحرك خطوة تقول لأ .. قولتلك اساعدك في شغلك ..لأ ... اساعد ماما ( سعاد ) وهى بتسقي الزرع ...لأ, حتى الفسحة بـ شمس وعنتر ما عدناش بنعملها , انا حسيت انى عاملة زي الازاز اللي خايف عليه انه يتخدش حتى .. خلاص يبقى حطّني في فاترينة احسن بأه ...
رد عليها بابتسامة :
- تصدقي فكرة بردو!!
زفرت بضيق وقالت :
- انت حابب تغيظني صح؟ , طيب اقدر افهم بالراحه كدا.. انت رافض موضوع الحفلة ليه؟, احنا هنروح مع بعض الحفلة هعزف مش هشتغل في الفاعل؟, يبقى لا مجهود ولا حاجه ابدا... يبقى رافض ليه ؟؟
ابتسم بسخرية خفيفة وقال :
- ومين اللي قالك انى رافض علشان خايف عليك من المجهود؟
فنظرت اليه بتساؤل ودهشة :
- اومال علشان ايه ؟؟
اقترب منها ناظرا في عينيها وهو يقول بهمس مشددا على أحرف كلمته:
- غييرة !!
قطبت متسائلة:
- ايه ؟؟ غيرة ؟؟, من ايه ومن مين ؟؟
أجابها وهو يطالع عيناها بشوق شديد:
- من اي حاجه ممكن تشد انتباهك عني ..او تخدّك مني ,,
هتفت بدهشة :
- تاخدنى منك؟!, انا مش ...
قاطعها وهو يقول بقوة :
- شوفي بنفسك لما قلت لك لأ, اول مرة تكلميني بالاسلوب دا؟! , وبعدين ازاي اوافق انك تطلعي تعزفي قودام الناس؟, دا غير اللي يعجبه عزفك واللي يعجبه انت شخصيا !,. انتي بتستعبطي؟, انا مش ممكن اوافق ان حد يبص لك ولو بطرف عينه حتى !!
قالت برجاء:
- ( امجد ) افهمنى , انا مش رايحه اعزف في حتة مش كويسة ولا كازينو, دى حفلة في الجامعه, وانا مش لوحدي فيها, وفي بنات غيري كمان, وانت عارف انا مش من النوع اللي بتمادى في الكلام مع اي حد ,,بصراحه انا حاسة انك ديكتاتور ..
قال وهو ينظر اليها بطرف عين :
- وهو كذلك .. انا ديكتاتور ...عجبك ولا مش عجبك ؟؟
سكتت قليلا ثم طالعته رافعة حاجبها باستفزاز قليلا قبل أن تجيبه بدلال وهى تقترب بوجهها منه :
- عجبني .. عجبني .. خلاص بس ما تزوئش !! واتفضل ياللا علشان ننام , عتريس تعبني اووي يا ( امجد ) ...
نظر اليها دهشا وقال :
- مين عتريس دا ؟؟
أشارت الى بطنها في براءة وقالت :
- دا !! ما هو يا عتريس يا فؤاده لسه منعرفش !!
هتف مستنكرا:
- انا ابني يبقى اسمه عتريس؟, بتهرجي صح؟
هزت براسها نافية وأجابت :
- لا.. غلط!, ثم تابعت بسخرية:
- طبعا بالنسبة لك ابن ( امجد علي الدين ) يبقى عتريس حاجه تكسف صح ؟؟, بس ايه رايك بأه.. انه طالع في دماغي عتريس اقله علشان تهدا من الغرور اللي انت فيه دا شوية!! ..
قال بمكر:
- بأه كدا ؟!
أجابته بضحك :
- ايوة كدا كدا ..
فقفز واقفا وحملها بين ذراعيه فجأه لتصرخ صرخة خفيفة من المفاجأه وقالت بين ضحكاتها :
- ايه دا !! على فين العزم كدا ان شاء الله ؟؟
أجابها غامزا بخبث وهو يتجه الى غرفتهما :
- هوريك الغرور بجد ...
ودخل حاملا اياها صافقا الباب خلفه ...( cut علشان الرقابة ما تستعبطووش ) ...
استيقظت ( هبة ) في اليوم التالي وبعد ان انهت حمامها ونزلت تناولت الافطار في الحديقة مع باقي العائلة الا ( امجد ) ووالدها اللذان ذهبا الى الشركة فقد أسند ( امجد ) معظم العمل الى ( شوكت ) ليدير مجموعته الاستشمارية في مصر وهو معظم الوقت في مجموعه جده هنا بالبلدة كي لا يضطر للإبتعاد عن هبة الا في أضيق الظروف...
حضر ( امجد ) ووالدها في موعد الغداء حيث صعدا و أبدلا ملابس العمل ثم نزلا لتناول الطعام واستغرب ( امجد ) لعدم وجود ( هبة ) فقد ظن أنها في جناحهما عندما لم يرها بالاسفل ولكنه لم يرها فنزل حيث قابل والدته وسألها عنها فقالت له بضحك:
- مراتك زهقت من القاعده وصممت انها هي اللي هتطبخ لنا انهارده, بس ما تخافش ( سميرة ) و ( حسنية ) ما سابوهاش..
زفر حانقا وقال :
- هي مصممة تعمل فيا حاجه .. هي عارفة كويس اني منبّه عليها انها ما تتعبش نفسها .. ماتشوف شكلها لو جالها شوية دوخه او صداع بيكون عامل ازاي؟, انا بتجنن ساعتها ..
ربتت امه على وجنته قائلة بحنو :
- يا حبيبي بشويش مش كدا, مراتك حامل مش عيانه بعد الشر, وكل الحوامل بتجيلهم نفس الاعراض ويمكن اكتر كمان .. ما تخنؤوهاش بخوفك دا !!
هتف بدهشة :
- حتى انت يا امي بتقولي انى بخنؤوها ؟!
أجابت وهى تسير مبتعده عنه:
- بصراحه لو كانت قالتها لك قبل كدا يبقى عندها حق!, بالراحه.. الرحمة حلوة مش كدا!
زفر بضيق ثم سار متجها الى غرفة الطعام حين سمع صوتا يقول:
- وشهد شاهد من اهله... الرحمة حلوة.. جِبتش حاجه من عندي؟!
فالتفت الى ( هبة ) الواقفة بجواره وهي تكتم ضحكتها بصعوبة ونظر اليها بطرف عين وهو يقول :
- فرحانه فيا يا ( هبة )؟, طيب لانه مش وقته الكلام دلوقتى اتفضلي اما نشوف عكالنا ايه؟, قصدي طبخالنا ايه؟
فقطبت جبينها وقالت بحده :
- نعععم ؟؟ عكالنا ؟؟ فيه راجل يقول لمراته الحامل الواقفة علشان تعمله الاكل بايديها مع انها مش بتطيق ريحته عكّالنا ؟؟ ولو كان عكّ ان شاء الله هتعمل ايه يعني ؟؟
غمزها وهو يقول بضحك :
- اللي خلّا سنبل ياكل عكّ ذيبة مش هيخلي ( امجد ) ياكل عكّ ( هبة )؟, على الاقل انتي الاكل عارفينه يعني مرّ علينا قبل كدا!
نظرت اليه ويديها في وسط خصرها تتوعده:
- بأه كدا؟, امممم طيب ايه رايك اني ما عدت عاملة العملة دي تاني وغلطة وندمان عليها !!
ثم سارت لتدخل الى غرفة الطعام بينما سار ليلحق بها وهو يقول :
- استني.. استني بس توبة !, توبة ان كنت اقولها تاني توبة!
نظرت اليه من فوق كتفها وقد هزت له بكتفيها سخرية ودخلت وهو خلفها الى غرفة الطعام ...
أثنى الجميع على طهي ( هبة ) وأخبرهم والدها انها تطهو الطعام منذ صغرها, حيث كانت تساعده في جميع شؤون المنزل, ونظر الى ( امجد ) قائلا له بابتسامة :
- يعني زوجة كاملة أهي ,صحيح انتو ممكن ماتحتاجوش انها تطبخ لكن وقت زنقة بتكون احسن من احسنها شيف فيكي يا مصر..
التفت ( امجد ) الى ( هبة ) الى الجالسة بجواره وقال :
- ( هبة ) مافيش زيّها في الدنيا كلها مش في مصر بس !..
احمرت ( هبة ) خجلا وهمست له كي لا يسمعها الباقون:
- ولو ..!
فهمس قائلا :
- خلاص بقه قلبك ابيض !!
زفرت زفرة يأس قصيرة وأجابت:
- اعمل ايه؟, ما هو قلبي دا اللي جايبني ورا!
تابع بهمس :
- مين قال؟, انتي قلبك دا جايبك قودام على طول, هوّ لولا قلبك كنت حبيتك واتجوزتك ؟!
نظرت اليه بابتسامة واسعة ثم تابعا تناول الطعام ..
دخلت ( هبة ) لكي تنال قسطا من الراحه وهي لا تدري كيف تبلغ ( علاء ) برفض ( امجد ), هى لا تستطيع اغضاب (امجد) حتى وان كانت غير مقتنعه بوجهة نظره , وفيما هي جالسة وسط الفراش تفكر اذ بـ ( امجد ) يدخل اليها وهو يقول:
- نمت حبيبي ؟؟
اغلق الباب بينما قالت هى :
- لا حبيبي مانمتش لسه و ...
بترت عبارتها حينما وقع نظرها على حقيبة ورقية كبيرة في يده استغربت منها فقامت من الفراش متجهة اليه حيث تساءلت وهى تشير الى الحقيبة في يده :
- ايه دا ؟؟
ناولها الحقيبة وهو يجيب مبتسما :
- خدي افتحيها شوفي فيها ايه!.
امسكت بالحقيبة وفتحتها وأدخلت يدها التي لمست شيئا ناعما, فأخرجته, وفردته أمامها لتشهق شهقت ناعمة من روعة ما رأته بيدها, فقد كان فستان سهرة لم ترى في جماله ولا روعته من قبل, هتفت بدهشة :
- ايه دا يا ( امجد ) ؟؟ علشاني ؟؟
أجابها مازحا:
- اكيد مش علشاني!
فقالت مقطبة جبينها :
- انما ايه المناسبة يعني ؟؟ احنا معزومين عند حد او عاملين عزومة لحد قريب ؟؟
أجابها وهو يقترب حتى وقف على بعد عدة خطوات منها:
- علشان عاوزك أشيك واحده في الحفلة !!
قطبت جبينها وقالت :
- حفلة؟ حفلة ايه ؟!
ثم ما لبثت وان اتسعت عيناها دهشة ونظرت اليه وهى تتابع غير مصدقة :
- ( امجد ) انت قصدك حفلة....؟
قال مكمِلًا عباراتها :
- ايوة.. حفلة ( علاء ), بس مش معنى كدا انك هتروحي لوحدك او معاه, لا لا انت هتروحي معايا أنا !!, رجلي على رجلك!!
تركت ما بيدها وركضت اليه وطوقته بذراعيها وهى تهتف بسعادة :
- بجد يا ( امجد )؟؟ انا مش مصدقة ! انا لسه كنت بفكر حالا هقول لـ( علاء ) ازاي اني مش هقدر احضر الحفلة .. ربنا يخليك ليا يارب...
اعتصرها امجد بين ذراعيه يبادلها عناقا بآخر أقوى دافنا رأسه بين خصلاتها العنبرية متشمما رائحته الجذابة وهو يقول بعشق:
- ويخليكي ليا يا قلب أمجد..
جاء يوم الحفل وارتدت ( هبة ) الفستان الذي اشتراه لها (امجد) مع كافة لوازمه, وما ان رآها حتى اطلق صافرة طويلة وهو يدور حولها قائلا :
- ايه دا ! ايه الجمال دا ! بقولك ايه ماتيجي نطنش الحفلة واعزمك على العشا في اجمل مكان رومانسي ؟؟
أجابت بضحك :
- يا سلام وسي رومانسي دا ماينفعشي بعد الحفلة ؟؟
قال وهو يدعوها لتتأبط ذراعه :
تصدقي عندك حق !! نخلِّي سي رومانسي بعد الحفلة ...
نجح الحفل نجاحاً منقطع النظير وكانت العائلة كلها مجتمعه لحضور الحفل الذي ما ان انتهى حتى دعا امجد الجميع للعشاء احتفالا بنجاح الحفل الرائع, ولكنهم اعتذروا, فالكبار لا يستطيعون السهر وعلاء سيحتفل مع زملائه بينما علا اعتذرت برغبتها بالمذاكرة قليلا لقرب الامتحانات وهي في الأصل خجلت من الذهاب بمفردها مع شقيقها وعروسه..
قرر الجد ان يرجعوا مع ( حسانين ) السائق حيث كان هو من أوصلهم لمكان الحفل, وقد ودعوا هبة وامجد, واثناء خروجهما اذ بـ ( علاء ) يخبرهما ان ( ممدوح ) مخرج الحفل يريد ان يقدم شكره لـ ( هبة ) لمساعدتهم في انجاح الحفل..
طوال الوقت الذي كان ( ممدوح ) يتحدث اليها وهي كانت واعية لغضب ( امجد ) المتصاعد وتدعو الله ان يتمالك نفسه ولا يثير ضجة, وما ان انصرف ( ممدوح ) حتى تنفّست الصعداء وسمعت ( امجد ) وهو يقول حانقا:
- ممكن نخرج بأه ولا فيه معجبين تانيين ؟؟
نظرت اليه بنصف عين وأجابت مغيظة اياه :
- معلهش يا ( امجد ) دي ضريبة الشهرة !! والفنان لازم يجامل المعجبين بتوعه طبعا, اومال هيبقى ناجح ومشهور ازاي ؟؟
اقترب منها وقبض بحده على ذراعها واتجه خارجا من الحفل وهو يعلّق:
- بجد؟ ضريبة الشهرة ؟؟ ماشي يا ( هبة ).. ابقي قابليني لو وافقتك على جنانك دا تاني!, انسي ان حد يسمعك تانى وانت بتعزفي, عاوزة جمهور مافيش غير واحد بس أنا !!, مش عجبك يبقي إعلني اعتزالك بأه !!
أجابته ضاحكة وقد وصلا الى السيارة حيث فتح لها الباب لتصعد :
- اعتزل قبل ما ابتدي ؟!
اغلق الباب خلفها ودار حول السيارة حيث صعد مكان السائق وقال بلامبالاه :
- اه هو كدا ! عندك مانع ؟؟
نظرت اليه هامسة بدلال :
- انا اقدر اقول حاجه .. موافقة طبعا...!!
ابتسم وتناول يدها مشبكا أصابعهما ورفعها مقبلا كل اصبع على حدة وظلّ قابضا على يدها طوال الطريق حيث توجها لتناول الطعام في مطعم رومانسي يطل على النيل ...

احضرت ( سميرة ) كوبا من عصير البرتقال الطازج لـ ( هبة ) التى ارتشفت منه رشفة ثم لاحظت وقوف سميرة وكأن هناك كلام تريد قوله, فسألتها :
- ايه يا ( سميرة ) انا حاسة انه فيه حاجه عاوزة تقوليها؟!
قالت ( سميرة ) :
- بصراحه آه ! حضرتك طيبة اوي ولما وقفت جنب عم (حسانين ) وخليتي سي ( امجد ) يدّي فرصة تانية لـ ( صابر ) ما تتصوريش انا دعيتلك أد ايه !!
قالت ( هبة ) :
- انا ماوقفتش جنب ( صابر) علشان خاطره ..لأ !! انا وقفت جنبه علشان عم ( حسانين ) .. صعب اووي على الاب بعد ما ربّى وتعب انه يشوف ابنه وهو بيضيّع تعبه وتربيته ليه, وبعدين انا حسيت ان ( صابر ) معدنه كويس فحاولت اننا ندِّيه فرصة تانية , مش المشكلة اننا نغلط ..لأ !! المشكلة اننا نتمادى في الغلط دا !!
أجابت ( سميرة ) على استحياء:
- انا عاوزة اطلب من حضرتك طلب صغير ممكن؟
فاشارت لها ( هبة ) بالموافقة فاستمرت ( سميرة ) بالكلام قائلة :
- عم ( حسانين ) و ( صابر ) طلبونى من ابويا امبارح وانا وافقت وكنت متعشّمة ان حضرتك تحضري الشبكة, هي مش شبكة.. شبكة.. لأ .. يعني حاجه بسيطة كدا على قدّنا, وهنكتب الكتاب كمان لغاية ما ربنا يسهلها ونلاقي حتة تتاوينا احنا الاتنين ساعتها نعمل الفرح ...
هتفت ( هبة ) بفرح وهى تنهض لتحتضن ( سميرة ) :
- مبرووك مبرووك يا ( سميرة ) وفستان االشبكة هدية مني, انتو هتعملوها امتى ان شاء الله ؟؟
أجابتها وهى خجلى :
- الخميس الجاي غير الجاي يعني بعد عشر ايام كدا ان شاء الله..
قالت ( هبة ) :
- على خير ان شاء الله, اكيد طبعا هحضر, وفستانك زي ما قولتلك عليا, ودي مش عاوزه كلام, انتي زي اختي الصغيرة يا ( سميرة )
تركتها ( سميرة ) وهى تدعو لها ان يتم الله حملها وان يتمم شفائها قريبا ...
دق جرس المحمول الخاص بـ ( هبة ) وكانت على وشك النزول الى الاسفل للجلوس مع العائلة, وما ان أجابت على المتصّل حتى سمعت صوتا أجشًّا غريبا يقول:
- ما تفرحيش اووي كدا يا....شاطرة !, لسه النهاية ماجاتش!, والشاطر اللي يضحك في الآخر!..
تبعت تلك الكلمات ضحكة شريرة إنطلقت من محدّثها بعثت الرجفة في اوصالها قبل ان يغلق الخط في وجهها!!
تعجبت من أمر هذه المكالمات والتي كثرت في الآونة الأخيرة, فهذا ليس الإتصال الاول, فنفس المحادثة الهاتفية تتكرر وان من ارقام مختلفة, وهي لا تريد اخبار ( امجد ) حتى لا تتسبب في إقلاقه من دون داع!, كما انها تنتظر موعد جلستها النفسية مع طبيبها المعالج بفارغ الصبر, فهى تشعر بازدياد الصداع في الآونة الاخيرة, بل انها قد بدأت فعلا في تذكّر بعض الأشياء البسيطة ولكنها لم تخبر أيّ شخص حتى والدها, فلا يعلم سوى طبيبها المعالج, ولكن يظل سبب وقوعها والمتسبب في حادثتها هو الذي لا تستطيع تذكره, وان كان الطبيب قد طمأنها بقرب انكشاف الحجاب عنه, ولبّى رغبتها بعدم كشف بداية شفائها من مرضها حتى يكتمل شفاءها تماما وتستعيد ذاكرتها بالكامل لتكون مفاجأة للجميع وبالأخص أمجد حبيبها!!...
كانت قد تذكرت بعض المواقف والاحداث التي مرّت بها, وبالحديث مع والدها بطريقة غير مباشرة كانت تتوضح لديها الصورة اكثر, حتى انها تذكرت شكل والدتها المتوفاة قبل ان ترى صورتها لدى والدها, ولكن... سبب الحادث مجهولا بالنسبة لها!!....
ترى من الذي يقوم بهذه المكالمات الغريبة ؟؟ من الذي يهدد (هبة ) ؟؟ هل ستستعيد ( هبة ) ذاكرتها بالكامل ؟؟ ماذا سيكون رد فعل ( هبة ) عندئذ ؟؟ ترى هل سينتهي ...حلم ( هبة ) بكابوس رهيييب ؟؟؟؟ ...تابعونا في الحلقات الشيقة القادمة من ( حلم ولا علم ) ...

حلم ولا علم رواية  شرقية  كاملة  بقلمي/ منى لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن