حلم ولا علم – الحلقة السابعة – بقلمي/ منى لطفي
استيقظت ( هبة ) في الصباح الباكر بعد ليلة طويلة من الأرق لم تلجأ الى النوم الا قرابة الـ 2 صباحا, وتفاجأت عندما نظرت الى ساعتها فوجدتها تشير الى الـ 7 صباحا .. معنى هذا أنها لم تنم سوى 5 ساعات فقط منذ الأمس!, تذكرت ما حدث بالأمس وجعل النوم يجافي عينيها وما صار من هذه الفتاة المسماة ( سارة ), وكيف تضايقت من أسلوبها مع ( أمجد ),وكيف أنها قد التزمت غرفتها بعد ذلك رافضة النزول لتناول العشاء متعللة بصداعها الذي يتكون من اسم واحد كان السبب في أرقها طوال الليل.... موجي!!
عندما حضر والدها للاستفسار عن حالتها كانت ترقد في سريرها, وعلم عندما رأى عينيها انها تتهرب من وجودها معهم خاصة انها علمت ان هذه الـ ( سارة ) قد مكثت لتناول العشاء فآثرت عدم الاحتكاك بها, نظر اليها والدها وقال بحنو :
- انا عارف سبب الصداع اللي عندك, ومش هضغط عليكي علشان تتكلمى معايا, لكن هقولك كلمة واحده.. ( هبة ) بنتي اقوى من كدا !! مش اي حد يهز ثقتها في نفسها, ( أمجد ) طلبك انت علشان عاوزك انت, واللى شوفته يخليني اقول انه لو كان عاوز اللي اسمها ( سارة ) دي كانت هتوافق على طوول, لكن كون انه اختارك انت, يعني عاوزك انت مش هي, فما تخليش الغضب والغيرة تعميكي وتخسريه بسهولة ..
انتفضت ( هبة ) التي اعتدلت جالسة في رقدتها منذ دخل والدها وقالت نافية باستنكار وتلعثم :
- نـ... نعم؟ غيرة ؟؟ ازاى يا بابا تقول كدا ؟ انا اغير من دي؟
أجابها بابتسامة حانيه :
- لا انت مش بتغيري من دي, انت بتغيري على دا !, واظن في فرق؟, انا عارف انه صعب انى اقولك كدا وأواجهك باللي أنا شايفه وحاسّه منك, يمكن لو كانت والدتك الله يرحمها عايشة كانت قدرت تنصحك افضل مني, لكن بردو ماينفعشي اشوفك في حيرتك دي وما اواجهكيش صح مش كدا ؟؟
ارتمت ( هبة ) في حضن والدها وقالت بغصة من البكاء:
- ربنا يخليك ليا يا بابا, انت ابويا وامى وصاحبي, انا ماليش في الدنيا غيرك, ربنا ما يحرمنى منك ابدا يارب ..
ابعدها يوسف عنه ومسح دموعها بيديه وهو يعلق بحنو :
- لا.. في شريك ليا دلوقتى, ولو انا كان عندى شك ولو بسيط انك مش هتكونى سعيده معاه انا كنت رفضت من الاول, لكن الراجل بيقدر يقرا الراجل اللي قدامه, خصوصا لو كان هياخد اغلى جوهرة في حياتي, اصبري حبيبتي واجمدي, انت قوية ومش ( سارة ) ولا غيرها اللي تقدر تضعف ثقتك في نفسك, عاوز ثقتك في نفسك ما يهزهاش أي شيء مهما كان, مافيش هروب تاني, وافتكرى كويس ( أمجد ) اختارك انت ...
افاقت ( هبة ) من شرودها وقامت حيث اغتسلت وارتدت بنطال من الجينز اسود اللون وتي شيرت اصفر وحذاءا رياضيا خفيفا واطلقت شعرها ووضعت قليل من عطر الورود المفضل لديها ثم انصرفت بعد ان رتبت سريرها فكونهم لديهم خادمة لا يعني ألّا تهتم بترتيب غرفتها كما اعتادت ...
هبطت هبة الى الطابق السفلي, ووقفت في مكانها أسفل الدرج قليلا حائرة أي اتجاه تختار؟, فمن الواضح ان سكان المنزل مازالوا نياما , كما أنها لم يتثنى لها الوقت الكافي لرؤية كافة أرجاء المنزل من الداخل فالزيارة الفجائية التي تكرمت عليهم بها طمطم قد تسببت في افساد يومها!!
قررت الذهاب الى الحديقة لتتنشق الهواء قليلا .. خرجت الى الحديقة وسارت حيث جلسوا امس, واغمضت عينيها مستنشقة الهواء الجميل وما لبثت ان سمعت من يقول :
- الله, لو كنت فاكر ان ست الحسن والجمال هتيجي كنت جبت الكاميرا معايا علشان أخد لها صورة ولا أخد معاها صورة سيلفي ..
التفتت ففوجئت ب ( علاء) يستند الى الحائط المقابل لها ابتسمت مجيبة :
- صباح الخير..
رد تحية الصباح عليها قائلا وهو يتقدم اليها :
- يا صباح النور, عاملة ايه ؟ اخبار صداع امبارح ايه؟؟
أجابته بهدوء وابتسامة خفيفة تعتلي شفتيها الورديتين :
- لا الحمد لله احسن كتير , بس غريبة ايه اللي مصحيك بدري كدا؟؟
أجاب ضاحكا :
- شكلك كدا خدت عنى فكرة انى انسان مستهتر لما جيت متاخر على الغدا امبارح, لكن اللى ماتعرفهوش انى كنت في الاستوديو بتاعى اللي انت شوفتيه امبارح, مندمج في لحن جديد بألّفه, والوقت سارقنى ونسيت نفسي, لكن انا بحب الصبح اووي, خصوصا في أول النهار, بيكون الجو جمييل, والهواء بارد وتحسي انك مالكة الكون دا كله وانتي لوحدك بتشوفي الجمال دا ..
شعرت هبة بالخجل من نفسها لدى سماعها كلامه ودفاعه عن نفسه لدى استشعاره لفكرتها السيئة عنه, وعاتبت نفسها بأي حق تظن في علاء الظنون وهي لم تراه الا منذ سويعات قفليلة, وكيف تبني أحكام مسبقة على شخص لم تختبر منه بعد أي شيء سواء ايجابي أو سلبي, فهي دائما ترفض الأحكام المسبقة, ابتسمت ابتسامة خجل واعتذار ةقالت بوصت رقيق:
-أنا آسفة يا علاء, المفروض ما كنتش حكمت عليك قبل ما اعرفك كويس, لكن المثل بيقول اللي ما يعرفك يجهلك, عموما من كلامك شكلك فنان وشاعر بجد, وتابعت:
- انا بدين لك باعتذار فعلا' وياريت تقبل أسفي حتى كلام جدي عنك مش كافي يخليني أحكم عليك قبل ما أعرفك كويس ...
نظر اليها (علاء) مجيبا بابتسامة هادئة:
- ما فيش حاجه تستاهل الاسف والاعتذار يا هبة, انت معذورة مهما كان,ممكن بقه نقفل كلام في الموضوع دا وطالما بنتكلم جد و دا من النادر بتاعى انى اقولك نصيحه تقبليها منى ؟
هزت براسها قائلة :
اتفضل انا سامعاك..
مال برأسه ناحيتها ونظر اليها وهو يقول بعزم :
- ما تخليش ( سارة ) تنجح في اللي هي عاوزاه !, انت مش اقل منها في حاجة!, اوعى تحسي بضعف او ثقتك في نفسك تقل !, لازم تعرفي اننا كلنا معاكى وأولنا ( أمجد ) .. صدقيني لما قال لنا انه اتقدم لك وانك اشترطت انه عيلته توافق على الارتباط دا انت كبرتي في نظرنا اووى, معلهش واحده تانية كانت ما هتصدق خصوصا ان ( أمجد ) مش صغير ويعتبر عريس لقطة, وسيم وغنى ومن عيلة ورجل اعمال مشهور, لكن كونك فكرت في قبول عيلته ليكي خلّانا عرفنا انه عرف بجد يختار ...
ابتسمت له شاكرة كلامه وقالت :
- انا متشكرة اووي على كلامك دا يا ( علاء), انا طول عمرى نفسي يكون عندى اخوات, بس صدقنى انت وعلا بقيتوا اكتر من اخواتى بجد , ودلوقتى بأه يا ترى ممكن كوباية شاي, لقمة بجبنة, اي حاجه, حضرتك انا من غدا امبارح ما أكلتش ؟!
ضرب راسه بيده ضربة خفيفة وهو يقول :
- اووف دا انا مضيف فاشل صحيح .. بقولك, ايه رايك في فطير وعسل وجبنة ؟؟
نظرت اليه ضاحكة وهتفت بحماس :
- يا سلام اكلة ميه ميه ..
ثم قطبت متابعة :
- لكن هو حد صاحي دلوقتى هيعملنا الفطار ولا هتصحي حد مخصوص؟؟, لو كان كدا انا ممكن اعملنا اي حاجه سريعه ..
أجابها ضاحكا :
- الفطير جاهز, الموضوع كله عاوز تجهيز الفطار بس مش اكتر, الفطير بيخبزوه كل يوم في الفجر ويجيبوه لنا علشان عارفين جدي, دا الفطار المقدس بتاعه, مع انه ممنوع من الاكل الدسم لكن لازم ولو حتة صغيرة, ها قولتي ايه ياللا بينا نروح نحضّر ؟..
هزت براسها ايجابا ورافقته .. ما ان دخلا المطبخ حتى قال لها :
- ( سميرة ) تلاقيها دلوقتى في المزرعه بتجيب لوازم الغدا, احنا هنا كله طازة بطازة ..
ثم فتح البراد الكبير الذي يحتل مساحة لا بأس بها من المطبخ واخرج أنواعا عديدة من الجبن والعسل الأبيض والبيض لتجهيز طعام الافطار, تقدمت منه ( هبة ) وقالت وهي تتناول من يده المقلاة وطبق البيض:
- اتفرج انت بقه على الشيف هبة وهي بتعمل لك أحلى قرص عجة أسباني هتاكله في حياتك كلها!!
ضحك علاء وأجاب مفسحا لها الطريق لتبدأ بعمل البيض, فيما استند على البراد خلفه بكتفه:
- أما نشوف عجة أسباني ولا تايواني تقليد!!..
أجابت هبة مازحة:
- عيب حضرتك دا أنا تعليم الشيف يوسف أحسن شيف يعمل بيض أشكال وألوان في مصر كلها, عموما هتدوق وتشوف, هوريك !!, وهي تظهر ثلاثة من أصابعها الخنصر والبنصر والوسطى فيما ضمت السبابة والابهام في حركة وعيد وتهديد, جعلته ينطلق ضاحكا بصخب رافقته ضحكتها المرحة...
فيما هى منهمكة بعملها وأثناء انشغالهما بالحديث طرق سمعها صوت يقول بسخرية طفيفة :
- اللاه.. انتو صاحيين؟, شكلكو كدا من بدري؟,انتو هنا من امتى بالضبط؟؟ وبعدين ينفع تخلي ضيفتنا تشتغل يا ( علاء )؟..
التفتت ( هبة ) لتنظر الى ( أمجد ) العاقد ساعديه وكان يرتدى زي ركوب الخيل, كان منظره جذاب لدرجه شديده وخافت ان يظهر افتتانها على ملامحها فابعدت نظرها عنه وقالت بهدوء وبرود أغاظاه:
- لا ابدا, ( علاء ) كان عاوز يحضّر هو الفطار, بس انا اللي صممت, و ( سميرة ) مش فاضية, ايه المانع انى احضر الفطار؟, انا عارفة انه الخدامين عندكم كتير بس ايه المشكلة يعني الموضوع كله طبق بيض وكوبايتين شاي؟....
نظر اليها أمجد قليلا ثم أجاب بهدوء ونظرة غامضة تكتنف عيناه:
- طيب و ياترى الفطار دا ليكي انت و ....( علاء ) بس ولا ممكن حد تانى ؟...
أجابت هبة وهي مندهشة من طريقته في الحديث, وهذا الغضب المكبوت الذي تستشعره خلف كلماته, في حين نظر ( علاء ) اليه بخبث واضح :
- لا طبعا الاكل كتير, ثوانى بس ازود كمان فنجان شاي ...
بعد ان انتهت من تحضير طعام الافطار ورتبت الصحون على الصينية الكبيرة ايذانا لنقلها الى الخارج لتناول الفطور وسط الخضرة الجميلة في الحديقة خارجا, دخلت ( سميرة ) وتفاجئت مما تراه, فسيديّها يقفان مشاهدان لـ ( هبة ) وهى تحضر الفطور, قالت ( سميرة ) :
- يا خبر يا خبر يا ست ( هبة ), حضرتك بتحضري الفطار بنفسك ؟ هيا دي تيجي ؟؟ حضرتك ارتاحى وانا هجيبلك الفطار لغاية عندك .. ثم نظرت لسيديّها وتابعت :
- انا آسفة يا سي ( أمجد ) معلهش, روحت الارض اجيب الخضار وطلبات الغدا والست ( حسنية ) بعافية شوية ما جاتش انهارده و ( عبد الله ) نزل البلد يجيب التموين ..
ثم نقلت نظراتها الى ( علاء ) وأكملت :
أنا اسفه يا سي ( علاء ) و ...
قاطعتها ( هبة ) :
- انت بتتأسفي على ايه يا ( سميرة ) ما حصلشي حاجه لدا كله ؟؟ كلها طبق بيض وكوبايتين شاي؟!, وبعدين انا مش متعوده على الراحه انا بحب الشغل ..
تكلم ( أمجد ) بعد صمت دام لبرهة وهو ينظر الى ( هبة ) قائلا وابتسامة صغيرة تعتلي فمه بشفاهه الرفيعة دليل الحزم :
- حصل خير يا ( سميرة ), وبعدين يعني علشان الانسة ( هبة ) تحس بألفه للبيت باعتبار ما سيكون, مش هي بردو هتبقى ست البيت الصغيرة ...
وقع تصريح ( أمجد ) كالصاعقة على ( هبة ) ولم تستطع الرد في حين خجلت ( سميرة ) وهمهمت بمباركة غير مسموعه وتبسم ( علاء ) بمكر قائلا في نفسه :
- والله و ( هبة ) قدرت تعمل اللي معملتوش اي ست تانية, برافو عليكي يا ( هبة ) .. برائتك وطفولتك هما اللي هيخلوه يستسلم, وخلوا ابو الهول يبتدي ينطق, ها.... بركاتك يا هبة, افرجها يا رب!!
أمر ( أمجد ).. ( سميرة ) ان تأتى بطعام الافطار الى الحديقة ...
جلس هو و ( هبة ) و ( علاء ) لتناول الطعام وانضم اليهم بعد قليل ( علا ) ومدام ( سعاد ) والجد ويوسف, تجمع الكل على المائد المستديرة لتناول الفطور وسط الحديقة الغناء وزقزقة العصافير التي تملأ الجو...
ما ان تذوق ( علاء) البيض الذي صنعته ( هبة ) - وقد قامت ( سميرة ) بصنع اطباق اخرى لتكفي الموجودين- حتى اغمض عينيه وقال وهو يتذوق الطعام :
- يا سلااااااام أحلى طبق بيض اكلته في حياتي بجد , ثم فتح عينيه ونظر الى ( هبة ) متابعا بابتسامة مرحة ونظرات الخبث تتراقص في عينيه :
- تسلم ايدك يا مرا....يا ( هبة ) ...
كاد ان يقول ( مرات اخويا ) ولكنه قضمها فلم ينتبه اليها سوى ( هبة ) والتى نظرت اليه بعصبية مما جعله يتدارك نفسه ومال اليها ليهمس لها :
- غصب عنى والله, طلعت كدا سماح يا أهل السماح!؟, نظرت اليه قليلا ثم لم تلبث ان ابتسمت وقالت :
- سماح ..
ابتسم واكمل طعامه, فيما راح ( أمجد ) ينقل نظراته بينهما , هو لا يعجبه أسلوب اخيه مع ( هبة ), والاكثار من المرح والمزاح معها, ولكن لابد ان يأتي الصد منها هي, ولكن من الواضح انه قد أعجبها اسلوب الغزل والمرح الذي يتصف به ( علاء ) في كلامه عموما ..
استفهمت ( علا ) عن موضوع طبق البيض, فحكى لها ( علاء) فيما كان الجميع يستمع ثم ضحكوا وقال الجد :
- لا اذا كان كدا يبقى لازم ادوقه..
وتناول قطعة صغيرة وتذوقها ليهتف بعده منتشيّا:
- الله , طعمه رائع فعلا ..
ثم نظر الى ( يوسف ) والد (هبة ) وتابع :
- ماشاء الله بنتك طباخه بريمو يا أ.(يوسف) ..
نظر( يوسف ) الى ابنته ضاحكا وهو يقول :
- اه اكيد ..
ثم نظر الى ( هبة ) وقال :
- اقولهم على مغامراتك في المطبخ وتجاربك اللي تعلمتيها فيا ولا خلي الطابق مستور احسن ؟؟
ضحكت ( هبة ) وأجابت :
- خلاص, خلاص يا ابو حجاج قلبك ابيض, وبعدين أنا حتى لسه قايله لعلاء الصبح اني تلميذتي احلى شيف فيكي يا مصر تخصص بيض!!
ما ان أنهت كلامها حتى انتبهت للجالسين حولهما, فهي وان كانت معتاده على التحدث مع والدها بمرح و لكن هؤلاء أناس اغراب لا يعلموا عنهما أي شيء, وقد يعتقدوا ان هذه حرية مبالغ فيها او نقص احترام منها لوالدها خاصة امام الأغراب ..
ولكنها لم تلبث أن فكرت فليفكروا كما يشاءوا لن أتزيف أمامهم بشخصية غيري لأنال رضاهم, فهذه أنا وهذا والدي فليقبلوا بنا كمان نحن أو... يتركونا بسلام!!
وكأن الجد قد قرأ ما دار في خاطرها إذ تحدث مبتسما وقال :
- ما شاء الله, ودمها زى الشربات كمان!, عارفة يا هبة لو كنت اصغر بـ 30 سنة بس.. ما كنتش سبتك تفلتي من ايدي!! ...
ضحك الجميع بما فيهم ( هبة ) الا ( امجد ) الذي كزّ على اسنانه وقبض يديه بشده وهو يسمع ( هبة ) تقول :
- حضرتك ما شاء الله عليك مايبانش عليك سن أبدا..
نظر اليها ( أمجد ) ولم يستطع ان يتمالك نفسه وقال :
- يعني لو حد أد جدى اتقدملك توافقي؟؟
نظرت اليه وأجابته بثقة : لا طبعا ..
ثم نظرت الى جده وابتسمت متابعة :
- لو جدي بنفسه ممكن, لكن حد تانى لا ..
ضحك الموجودين بينما زاد غضب ( أمجد ) اكثر واكثر, بينما هتفت هبة في نفسها متوعدة:
- خليك يا موجي, أنا هطلع عليك القديم والجديد, أنا بقه هخليك ماشي والدخان بيطلع من عينيك وبؤك!!..
فيما أعجبت اللعبة ( الجد ) واراد ان يلقن حفيده درسا ليفيق من سباته ويعلم ان ( هبة ) انسانه ممتازة يتمناها الكثيرون فهو لم يرض عن الاستعراض الذي قامت به ( سارة ) امس وعلم ان ( هبة ) قد تضايقت مما حدث.. التفت الجد الى ( هبة ) وتساءل بتلقائية مزيفة :
- بجد ؟؟ ولا بتجبري بخاطر راجل عجوز ؟؟
تطلعت اليه هبة ضاحكة وأجابت :
- نعم ؟ راجل عجوز ؟ حضرتك بتخزي عنك العين اكيد ؟؟ شون كونرى عدا الـ 80 وكان من اوسم نجوم السنيما, وعمر الشريف عدّى بردو الـ 80 كمان ولسه زى ما هو ..
تبادل الجد و والدها الضحك بينما علق يوسف قائلا :
- هى دى ( هبة ) بنتي, معلهش لما بتحب حد بتاخد عليه وتحب تهزر معاه ...
العبارة الأخيرة لفتت انتباه ( أمجد ) فهو لا يتذكر ان ( هبة ) بادلته الضحك والمزاح كما تفعل مع جده او حتى مع اخاه اللذان لم ترهما سوى بالامس فقط, وليس هما وحدهما.. بل امه واخته ايضا حتى ( سميرة ) الخادمه!, اذن لم هو ؟؟ أترى العيب فيه ام لانه لا يزال بعيدا عنها مما جعلها تعتمد الاسلوب العادي الأقرب الى الرسمية في حوارها معه؟؟, حتى اسمه لم تنطقه سوى مرة واحده عندما اجبرها على النطق به !! لابد ان يعلم شعورها تجاهه.. ولكن كيف؟ بالامس عندما شعر انها تضايقت من ( سارة ) لا يعلم لما فرح بداخله ؟ هل لانه اراد ان يقتنع انها تغار عليه والغيرة دليل على وجود مشاعر معينه ؟؟ هو لا يعلم ماذا يريد ؟ تارة يقول انه يريده زواج دون حب وتارة اخرى يريدها ان تشعر بوجوده ولكن ما يعلمه الآن انه لا بد له من الانفراد بها!!..
استأذن ( أمجد ) من والد ( هبة ) قائلا :
- لو سمحت يا عمي ممكن آخد ( هبة ) أفرجها على المزرعه ؟؟ نظر والد ( هبة ) اليها وأجاب :
- انا بالنسبة لي مافيش مشكلة ولا ايه يا ( هبة ) ؟؟
تطلعت الى والدها متجاهلة النظر الى ( أمجد ) وقالت :
- اللي تشوفه يا بابا ..., فنظر ( أمجد ) اليها واشار بيده لتتقدمه ...
سارا بين الاشجار, كانت ( هبة ) مستمتعه بالنظر الى الطبيعه الخضراء حولها, أما ( أمجد ) فكان يشرح لها كل قطعه من الارض وما الذي يتم زراعته فيها, .. سارا حتى وصلا الى اصطبل الخيول فرأت حصان يخرج راسه من نافذة خشبية صغيرة, تقدم (أمجد ) وربت على وجه الحصان وهو يمسك براسه قائلا وابتسامة زهو تحتل وجهه :
- دا عنتر .. اجمل حصان عربي اصيل ممكن تشوفيه , عجبني في مزاد للخيول العربية واشتريته, صاحبه باعه لانه عنيد وما كانش راضي حد يركبه, انا اشتريته وروضته, وبئينا اصحاب, مدي ايدك ليه خليه يشمها علشان يعرفك وخدي إديلو دي... واعطاها قالبين من قطع السكر والذي يحتفظ به في علبة صغيرة في جيبه وتابع :
- الاحصنة بتحب السكر اديهاله وماتخافيش ..
امسكت قطعتى السكر من يده ومدتها الى الحصان وهى خائفه ولكنها ارادت ان تثبت لـ ( أمجد ) انها تثق به وانه أبدا لن يدفعها لفعل شيء يضرها!!
بعد ان تعرفت الى عنتر, نادى ( أمجد ) سائس الخيول وطلب منه ان يحضر مهرة صغيرة ويجهزها للركوب ويجهز( عنتر ) أيضا, ثم التفت الى ( هبة ) وقال مبتسما :
- انت بتركبي خيل ؟؟
اشارت براسها بالنفي فتابع :
- انا هديكي اول درس في ركوب الخيل دلوقتي, قلت لـ ( سعيد ) السايس يسرج لك ( شمس ) مهرة صغيرة سميتها كدا علشان اتولدت ساعه شروق الشمس ..
ارتاعت ( هبة ) من الفكرة وقالت :
- ايوة بس انا بخاف, مش هقدر, لا.. ازاى اركبها؟, افرض وقعت من عليها؟, لا انا خايفه مش هقدر ..
امسك بمرفقها واقترب منها ينظر فى عينيها وهو يقول :
- خايفه حتى وانا معاكى ؟؟
أجابت بهمس وقد تاهت في نظرات عينيه اللتان شعرت بهما وكأنهما تغازلانها:
- ها ؟؟
كرر عبارته مبتسما :
- هتخافي وانا معاكى يا ( هبة )؟, تفتكرى انى هخلى اي شئ يحصل لك ؟؟, ما تخافيش.. انا عاوزك تتعلمى الخيل علشان نبقى نخرج نجري بالخيل سوا, دي امتع حاجه انا بحب اعملها, وانا عاوز اي حاجه اعملها انت تكونى معايا فيها, ايه رايك؟؟
ابتلعت ( هبة ) ريقها بصعوبة وقالت بهمس :
حاا.. حااضر .. بس لو وقعت ذنبي في رقبتك ..
مال على اذنها هامسا لها:
- الحاجه الوحيده اللي عاوزك تقعى فيها هي ...., وبتر عبارته ناظرا في عينيها ولكن قبل ان يواصل حديثه, قطع تواصلهما وصول السائس بالحصانين فإبتعد ( أمجد ) عنها وهو يحمد الله في سره على وصول السائس في الوقت المناسب, هو لايعلم ما الذي دهاه؟, فهو ما ان ينظر الى عينيها حتى يتوه عن عالمه ويبحر في عالم خاص بها فقط!!...
ساعدها على الركوب وصعد الى حصانه وامسك بلجام حصانها لتصبح على مقربة منه وهو يقول :
- ما تخافيش, انت اوزنى نفسك عليها.. ايوة كدا, انا ماسك اللجام, هنمشي بشويش سوا لغاية ما تتعود على وزنك وانت تتعودى عليها ياللا ..
وابتدآ السير قليلا حتى اعتادت ( هبة ) على الفرسة واعتادت الفرسة على وزنها وشدت ظهرها كما قال لها ثم ترك اللجام قليلا وما زالا يسيران بخفه , بعد برهة من الوقت عادا الى الاصطبل حيث ترجل من فوق حصانه واعطاه للسائس ليدخله الى حظيرته, وتقدم من ( هبة ) ليساعدها على الترجل هي الأخرى ولكن قدمها علقت في الركاب فسرعان ما تناولها بين ذراعيه ليتفادى وقوعها وانزلها على قدميها وهو ما يزال ممسكا بخصرها ونظرا الى أعين بعضهما البعض!
لم يعلما كم مر من الوقت وهما على وضعهما ذلك, ولكن كان ( أمجد ) أول من خرق الصمت المحيط بهما حيث قال بخفوت:
- (هبة ) ...
أجابته بهمس :
- همممم !!
فقال وهو يميل اتجاهها :
- انا .., انا بحـ..... , وفجأة :
- يا سلام يا سلام, ايه دا.. انور وجدي وليلى مراد ؟؟؟
التفتا الاثنان متفاجئان من الصوت الذي قطع عليهما خلوتهما, والذي لم يكن سوى صوت ...( سارة )!!...
ابتعدت ( هبة ) سريعا عن ( أمجد ) في حين التفت هو الى ( سارة ) وقال بترحيب متحفظ:
- اهلا سارة ازيك , عرفت منين اننا هنا ؟؟
وهو في قرارة نفسه لا يعلم أيشكرها ام ينهرها صارخا:
- ايه اللي جابك دلوقتى ؟..
حركت ( سارة ) راسها وقالت ببراءة مزيفة بينما ابتسامة صفراء تعتلي شفتيها القرمزيتين:
- ابدا عادي, مامتك قالت لى انك بتفرج .....( هبة ) – ونطقتها بمنتهى البرود – المزرعه وانا عارفة ان اول حاجه هتوريهالها عنتر اكيد يعني حسبة بسيطة ..
علق قائلا :
- تمام, طيب ياللا اتفضلوا نشرب الشاي أكيد سميرة جابته دلوقتي.. كانت ( هبة ) تنوى الاستئذان منصرفة, ولكنها تذكرت كلام والدها و (علاء) فشدت نفسها ورفعت قامتها,وسارت وسطهما بتصميم منها لأن تضع هي هذه الـ..طمطم عند حدها!!...
تناولوا الشاي في غرفة الجلوس, وانفردت ( سارة ) بالحديث الى ( أمجد ) متجاهلة ( هبة ) تماما والتى لم ترى أيّا من والدها او جدها فكلاهما في مكتب الجد حيث يتناقشان ويقرآن بعض الكتب, و مدام ( سعاد ) تستريح قليلا في غرفتها, وشعرت بالحرج لتستفسر عن مكان تواجد( علا ) او ( علاء ) فهى لم ترهما ..
حاول ( أمجد ) إشراكها بالحديث كثيرا, ولكن كل محاولاته قد باءت بالفشل فقد اصطنعت ( سارة ) حوارا تروي فيه ذكريات حدثت بينهما وكانها تريد ان ترسل برساله الى ( هبة ) تخبرها انها تتشارك مع أمجد ايام وذكريات لا تعلم هي عنها شيئا .. , تمتمت هبة بينها وبين نفسها بنزق وهي ترمق سارة بنظرة حنق عميقة:
- حسبي الله فيكي يا بعيدة روحي, كان خلاص ابتدى يستهجها وينطقها, جيتي زي البتاع خلِّيتي الكلمة تقف في زوره, روحي يا شيخه الهي يا رب الماية تقف في زورك كدا لا تعرفي تبلعيها ولا تخرجيها, تقف لك في النص كدا حيطة سد!!..
انتبه أمجد الى تمتمة هبة فقطب ومال عليها متسائلا:
- بتقولي حاجة يا هبة؟؟
انتبهت هبة الى سؤاله فرسمت ابتسامة عريضة على وجهها وقالت بمرح مزيف:
- ها... انا؟, وانا فتحت بؤي؟, ولا نطقت حتى!, خليك انت تابع نشرة الاخبار بتاعت ذكرياتكم لا تفوتك حاجة ولا تطلع لها مديون بمصاصة ولا كيس كاراتيه في سنّك دا لو اتعرفت تبقى كارثة!!..
رمقها بنظرة تحذير وهو يخبأ ابتسامته ثم أعاد تركيزه لسارة متابعا ما تقوله الاخيرة والتي رمقت هبة ببرود وعنجهية وتابعت سرد احداث 24 ساعة على مسمع أمجد!!..
فُتح باب غرفة الجلوس بعد وهلة زمنية كادت فيها هبة أن تتسبب بعاهة مستدية في تلك المسماة سارة تكمن في اسكات فمها عن العمل مطلقا!!.
اطلت ( علا ) من باب غرفة الجلوس والتى كانت مبتسمه ولكن سرعان ما خبت ابتسامتها لدى رؤيتها ( سارة ), رحبت علا بها ببرود ثم قالت لاخيها :
- معلهش يا أبيه ( أمجد ), عاوزة شوية حاجات من البلد هنزل اجيبهم, وكنت عاوزة اسالك او اسال ( هبة ) محتاجين حاجه اجيبها معايا ؟؟
كادت ( هبة ) أن ترجوها أن تدعها تصاحبها في مشوارها ذاك, ولكنها خجلت فـ ( علا ) لم تعرض مرافقتها, وهى بالتالى لا تستطيع فرض نفسها, ثم اذ بـ ( علاء ) يظهر قائلا :
- ايه دا؟, انتى قلتى 5 دقايق تشوفي البوس واليمامه عاوزين حاجه ولا لأ مسنترة هنا ليه ؟؟؟
استغرب ( أمجد ) وقطب حاجبيه وهتف مستنكرا :
نعم؟, يمامه؟؟ مين يمامه ؟؟
أجابه ( علاء ) بمرح وهو يغمز بمكر:
- هو في غير يمامه واحده هنا ؟!
قالت ( سارة ) وقد اغتاظت من تدليل علاء لهبة وحمل صوتها نبرة برود :
- ليه انت مش شايف انا و .. ( هبة ) احنا الاتنين موجودين؟
أجاب علاء ببرود شديد وهو يبتسم ابتسامة مغيظة لها :
- انا بقول يمامه ! يمامه !, ونظر الى ( هبة ) وهو يبتسم ثم ما لبث ان اعاد نظره الى ( سارة ) قائلا :
- مش حداية !!!
هتفت ( سارة ) مندهشة ومصدومة في آن واحد في حين كتمت كل من ( هبة ) و(علا) ضحكتهما :
- ايه ؟؟ انت بتقول ايه ؟؟
قاطعه ( أمجد ) بصرامه قائلا :
- ( علاااااااء ) اظن عيب ! مهما كان ( سارة ) ضيفه عندنا ما يصحش التهريج بالشكل دا..
قلب علاء شفتيه ممتعضا من كلام اخيه وقال :
- معلهش يا بوس انت عارف هزارى, ودلوقتى بأه هتيجي ولا لأ ؟؟ وهو ينظر لـ( علا ) ثم ما لبث ان طرأت على باله فكرة ونفذها فورا فقال ببراءة مزيفة :
- ايه رايك يا ( هبة ) تيجي معانا؟, منها تتفرجي على البلد وبالمرة نروح المركز كمان, اهو تغيير من جهة.. وتروقي دمك من جهة تانية ؟؟
لو كان بمقدور ( هبة ) لكانت عانقت ( علاء ) فرحة باقتراحه!, فهى فعلا قد شارفت على الانفجار!!
اومأت براسها موافقه وهتفت وهي تنهض واقفة بحماس :
- ثانية واحده ابلغ بابا بس...
ثم هرعت الى ابيها لتطلب اذنه و ( أمجد ) يمتاز غيظا..وهو يفكر في نفسه:
- هرعت لتسأل أبيها فقط وهو ما مكانه بالنسبه لها ؟؟ , اتراه ان رفض ذهابها واباها وافق من الذي سترضخ لقراره؟, هو أم والدها؟؟
عادت سريعا بعد ان تأكدت من أن هيئتها تصلح للخروج وقد وضعت بعض من ملمع الشفاه الةردي وبضعة قطرات من العطر وقد صففت شعر ها على هيئة ذيل فرس طويل وقالت بابتسامة عريضة لقرب ابتعادها عن هذا الجو المثقل الخانق الذي يكاد يطبق على أنفاسها:
- انا جاهزة ..
تحدث ( أمجد ) بغيظ مكبوت من بين اسنانه :
- معلهش ممكن شوية يا ( هبة )؟, ودون أن ينتظر سماع جوابها قبض على ذراعها وسار بها بعيدا عن اسماع الباقين, ثم أوقفها ووقف أمامها وهتف بها بغضب :
- بأه حضرتك أخدت اذن والدك بس وانا ايه إن شاء الله؟ موقعي ايه من الاعراب بالظبط؟؟
نظرت اليه بدهشة وأجابت بتلقائية مزيفة :
- انت مبني للمجهول !!
تساءل بدهشة وهو عاقد حاجبيه :
- نعم ؟؟ مبني للمجهول ؟ ازاى يعني مش فاهم؟؟
فقالت وهى تجذب ذراعها من قبضته والتي ارتخت بفعل دهشته من عبارتها السابقة:
- يعني لسه مافيش شئ يخليني اسالك أو أخد الإذن منك!, لما تبقى مبني للمعلوم تأكد انى ساعتها هاخد رأيك قبل والدى كمان! عن اذنك اتاخرت عليهم و ...
وبترت عبارتها متطلعة الى ( سارة ) ببرود ثم أعادت نظرها ثانية اليه وأكملت بابتسامة مزيفة لم تصل الى عينيها :
- وانت ضيوفك مايصحش تسيبهم لوحدهم كتير كدا ...
وانصرفت من دون أن تنتظر سماع تعليقه على حديثها وانطلقت مع ( علا ) و ( علاء ) بدون النظر اليه تاركة اياه يفكر كيف يصبح مبنى للمعلوم بالنسبة لها؟, ومتى؟, فهو لم يعد يستطع احتمال هذا الوضع أكثر من ذلك ولابد من حل عاااااااااااااجل لهذا الأمر الذي أصبح يقض مضجعه ليلا ونهارا فيما التساؤل ينخر عقله: ترى من هو بالنسبة اليها؟؟؟...
ترى ماذا سيفعل ( أمجد ) ليصبح مبني للمعلوم ل ( هبة ) وهل ستوافق ؟؟ وما موقف ( سارة ) اذا علمت ان الخطبة تكاد تكون رسميه بل وستعلن قريبا هل سترضى بالامر الواقع ام ستضع خطة محكمة لتفوز ب( أمجد )وان كان عن طريق الخلاااص نهائيا من ( هبة )....تابعونا لنعلم ماذا سيحدث في الحلقات الشيقه القادمه من .....( حلم ولا علم ).....
- يتبع -
أنت تقرأ
حلم ولا علم رواية شرقية كاملة بقلمي/ منى لطفي
Roman d'amourحلم ولا علم بقلمي/منى لطفي الملخص قديما قالوا "إذا حلمت فاحلم بحرص فقد تتحقق أحلامك يوما ما!!!" لم تكن "هبة" تعتقد أن حلمها بـ.. "أمجد".. ممكن أن يتحول الى حقيقة، ولكنه استيقظت ذات يوم لتفاجأ أن الحلم أصبح..علماً!... ولكن.. تئثرى.. هل سيطابق الواقع...