الْفصل الخَامِس

258 21 1
                                    

دَفعَت مارِي نَفسَها خارِج الحُجرَة سرِيعًا و أحسَّت أنّ الهوَاء حَولَها قَد اختَفَى، و وَجدَت صعُوبةً فِي التنَفُس. جَلَست مَارِي عَلى أرضيّة المَشفَى الرُخامِية و أخذَت تَبكِي فِي صَمت. كَان بُكاؤها أشبَهَ بالتَنهِيدَات الطَوِيلَة التَى كَانت تَحرِقُها مِن الدّاخِل. تَبِعَها ستِيڤ إلى حَيث سَكَنت و جَلس بجوَارِها. حرّكَت مارِي رأسَها ببُطء لِتَنظُر لَه، كَان حَاجِبَيها مُقطَبَان فِي جَزَع و عَينَاها الآن أَصبَحتَا حمرَاوَين، يَستَطِيع ستِيڤ رُؤية عُروُق عَينَيها و هِي تَرسُم طَريقًا عَلى صُلبَتِها البَيضَاء.

"هذَا خطَأي، لَقد تَركَت المَنزِل بعَدمَا تشَاجرنا. لَو كُنتُ التَزَمتُ الصَمتَ دُون أَن أجرَحها، ما كانت لِتخرُج." خَرَج صَوت مارِي مِن حَنجرَتِها مُتحَشرِجًا و مبحُوحًا كَما لَو كَانَت تَصرُخ، و فِي الوَاقع كُل مَا أرَادته بالفِعل هُو الصُراخ. رَبَّت ستِيڤ عَلَى ظَهرِها مُحاوِلًا بفَشَل تَهدِئَتَها قَائلًا بهدُوء "يَكفِيكِ يا مارِي، لَقد أَشبَعتِ روحَكِ المسكِينَة لَومًا طَوال الأسبُوعَين المَاضِيَين. لَوم نَفسِكِ و تحَمِيلُها ذَنبًا لَم تَقتَرِفُه، سَيُنهِكُكِ و رُوز تحتَاج إلَيَكِ الآن."

أمسَكَت مارِي بأطرَافِ شَعرِها القَصير بَين أصَابِعها و نَظرَت لَهُم، "أ تَعلَم ؟ هِي مَن اقتَرَحت أنْ أقُوم بقَصِّه، و كَانَت معِي عندَما ذَهبتُ لقَصِّه . أخبَرَتنِي يَومَهَا أنِّي أبدُو أجمَل، دائمًا تُخبِرُني بذَلك لَكنِّي لَا أصدِقُها" ، ابتَسَم ستِيڤ "لمَ لا تُصدِقِينَها، هِي عَلى حَق !". ابتَسَمَت مارِي و تَحَوَلَت ابتسَامَتُها إلَى ضِحكَة طفِيفَة سمِع ستِيڤ صَوتُها بصُعُوبة و تَحَوّل خدَاها الأحمرَين مِن البُكاء إلَى لَونٍ أكثَر احمرَارًا مِن الخَجَل و شَعرَت أنّ قَلبَهَا سَيقفِز هرَبًا مِن قَفَصِها الصَدري، لَكِنَّها تَدارَكت نَفَسَها و أعَادت الحدِيثَ إلَى مسارِه "هِي حتَى لَم تُلاحِظ أنّي أرتَدِي مِعطَفِي الأبيَض" أنَهت مارِي جُملَتها و تنَهَدت فِي حُزن.

مرَّت ثَانِيتان ثُمّ أكمَلَت حدِيثَها بنَبرَةً أقوَى "لَكنِّي لَن أترُكها، لَن تُصدِّقَنِي لكن أؤكِد لَك أنَّنا مررنَا بأسوأ مِن هَذا. لَكنَّنا كُنَّا سَويًا، تَحمِلُ كِلتَانَا الأُخرَى، و لَم تُفلِتَ أبدًا" ، قَالت مارِي تِلك الكَلِمات تُذكّر نَفسَها بأنَّها و رُوز دائمًا كانَتَا معًا.

لَم يَكُن مرُور مارِي بِجانِب غُرفَة رُوز خِلَال سَاعات عَمَلِها المُتبَقِية سَهلًا. و لَم تَكُن مُزَاولَة عمَلِها ببَالٍ مَشغُول و فكرٍ فارغٍ إلَا مَن صدِيقَتِها بالشَىء الهَيّن أيضًا. لَكِنّها أيضًا كَانَت تتَذَكَّر جُملَة رُوز التَى بدَأت تتَكرَّر لتُحارِب أفكَارَها. (الدَرس الأَوّل و الأهَم دائمًا: كُلّ الأشيَاء بإمكَانِها الانتِظَار، إلّا أروَاح البَشَر.)، فمَا كَان يتَشَتت انتبَاهُ مارِي حَتَى تَعُود تِلكَ الجُمَلَة لِتَصدُو بَين أفكَارِها و تُعِيدها للواقِع.

مَـارِي رُوز | Marie Rose.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن