الْفَصل الثَامِن

154 18 1
                                    

كَانَ هذَا الصّبَاحُ مُختَلِفًا. تَستطِيع رُوز الآنَ الخرُوج مِن المَشفى و أوّل شىء قرّرت القيَامَ بِه هو العَودَة للمَنزِل الذّي تتشاركُه مع مَارِي. أرادَت رُوز أن تَرى ما قَد عَاشَته قَبل الحَادِث، لَرُبَّمَا تتَذكَّر شَيئًا مِمّا تتمنَّى تذَكُرُه.

اتَّخذت رُوز طَريقها بَين المَمرَّات، مِن المُفتَرَض أنْ تكُون تِلك الطُرقات مَألُوفةً لَها فَقد مرّت مِنها آلاف المرّات كَطبِيبَة لَكنّها الآن تَمُرّ مِنها كَمرِيضة. قَابلَت رُوز العَدِيد مِن الناس؛ أطبَّاء، مُمرضِين و عُمَّالًا فِي المَشفى. لَم تتَعرّف عَلى أحدٍ مِنهُم. لَكنَّها اكتَفت بأنَّهم يَعرفُونها، و اكتَفت بالمَودة التِي رأتها مِنهُم. حتَّى و إنْ لَم تَذكُرهُم.

سَمعت رُوز صَوت أحدٍ فِي الغُرفة و كَان الصَوتُ غاضبًا، دفَعها الفضُول لتَرى ماذَا يحدُث فدَخلَت الغرُفة كَان أحَد الأطِباء، مَن صار معرُوفًا لدى رُوز بتُوماس، كَان يتحدّثُ فِي الهاتف و الغضَب و التوَتُر بادِيَين بعُنفٍ علَيه. لَم يَعرِف بوجود رُوز إذ كَان ظَهرُه موَاجِهًا للبَاب.

أغلَق تُوماس الهاتِف سرِيعًا و كأنَّه فَاض بِه، عِندما التَفَت و وَجدَ رُوز تَقف أمامَهُ حَاوَل تَهدِئة نَفسَه. طَأطَأت رُوز رَأسَها شاعِرةً بالذَنب لأنَّها دَخلَت دُون استئذَان و استَدَارت لتَرحَل لكِّن صَوت تُومَاس أوقَفَها "رُوز انتَظرِي ! رجَاءً" ، تردَّدت رُوز لَحظَة لكِنَّها استَدارَت علَى أيّ حال. تلَعثَمَت رُوز فِي الحَدِيث وَ صَوتُها كَان بالكادِ مَسمُوعًا "أنَا أعتذِر، لَم أقصِد الدخُول خِلسَة. لَقد جذَبتنِي الضَوضَاء فقَط لَا أكثَر".

تنَهدَ تَومَاس و مرَّر يدهُ علَى شعرِه الكَستنائيّ و صمَت للحظَة قَبل أنْ يُطلِقَ تنهيدةً أُخرَى "لَا علَيكِ، أنَا تُومَاس، يبدُو هذَا غرِيبًا تَقدِيم نَفسِي مرَّةً أُخرَى". ضَحكَت رُوز و أخذَت كُرسِيًّا فِي الغُرفَة لتَجلِس علَيه "لا بَأس أنَا أعرِفُك، مَارِي و ستِيڤ قَاما بجُهدٍ كَبِير فِي تَعرِيفِي علَى الآخَرين مرَّة أُخرَى. أنَا آسفَة مرَّة أُخرَى، لَم أقصِد.." قَاطَعَها تُومَاس سِريعًا "لا مُشكِلة، فِي الوَاقِع أنتِ تَعلمِين بالأمر مِن قَبل."

رَفَعَت رُوز كَتِفَيها و مَطَّت شَفَتَيها الوَردِيَّتَين و هِي تَقُول "لكِنِّي لَا أتَذَكّر" ، هزَّ تُومَاس رأسَه بأسَف مؤكِدًا كَلامَها. صمَتت رُوز تُفكِّر للحَظَة ثُم قَالَت "هَل تَستطِيع إخبَارِي مُجدَّدًا ؟"

أخذَ تُوم نَفَسًا عَمِيقًا و بدَأ بالحدِيث مُجدَّدَا عَنهُ و عَن زَوجتِه إيڤانچلِين و أولادِهما، لَقد كَان حزِينًا، حزِينًا للغَاية .. حزِينًا في حدِيثِه، فِي تَعابِير وَجهه، فِي لُغَة جسَدِه. لَكنَّ الحُزنَ القَاتِل كَان نابِعًا مِن قَلبِه و أظهرَتُه عينَاه. و لنَكُن صَادقِين فَقَد تسرَّب ذَلِك الحُزن لرُوز، لَيس لأنَّ تُومَاس كَان يقصِدُ ذَلك، لَكنٌّ صِدقَ حُزنِه و شُعورِه بأنَّه يخسَرُ عائلَته قَد وَصل إلَيهَا كمَا يَصِل الأُكسُچِين إلَى الرِئَتَين.

مَـارِي رُوز | Marie Rose.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن