١٨ يوليُو ...
هاهيَ شمسُ الإثنينِ تشرِق مبددةً الشّفق..
الساعةُ تشيرُ إلىَ الثامنةِ صباحاً وقد إستيقظَ زين منذُ نصفِ ساعة لكنّه لم يشأ أن يغادِر الفراش كي لايوقظَ سيلينَا النائِمه على صدرِه..
فقط أخذَ يحدّقُ بهَا حتّى رآها تصحو..هاهيَ تبتسِم وهاهيَ تتحدثُ بصوتِها الناعِس
”صباحُ الخير يا جميلَ الأعيُن“
إبتسم وقبّل جبينهَا هامساً
”صباحُ الخيرِ أيتُها الحسناء“
لحظةُ تأمّلٍ مضت ، وتبِعها مغادرةُ زين الفرَاش
”هيّا علينَا الذّهاب“
”الوقتُ لايزالُ مبكراً على سانتراليّو ألا تظنّ ذلِك؟“
نظرَ إليهَا مِن المرآةِ وأردف
”لا ، نحنُ لن نذهبَ هناك“
رفعت بجسدِها من الفراشِ بتثاقلٍ وتسائلت
”بحقّك زين إلى أينَ سنذهبُ في هذا الوقتِ المبكّر؟“
إبتسمَ بطرفِ شفتهِ الأيسر وأجاب ببساطه
”سِر..“
كادت هيَ أن تتحدث فقاطعها زين بقولِه
”لا أسأله هيا هيا بسرعَة“
لم تجد إلا أن تبدّل ثيابهَا وتتبعهُ إلى الخارِج...
إلى المجهولِ في نظرِها..أمسكَ هو بكفّها فإبتسمت رغمَ أنهُ لايراها..
وإبتسمَ هو رغمَ أنّها لاتراه...
طوالَ الطريق كانت تبتسِم وحينما رأت الأشجارَ أمامها توسّعت إبتسامتُها أكثر...
قادها زين بينَ الشجيرات ، كانَ المكانُ كالغابَه..
عدا لمساتِ السحر فِيه والأضواءِ بديعةِ الألوان حولَ الأشجار ، على الأرجح هوَ مكانٌ سياحي لكن لا أحدَ هنا سِواهُما ... لا عجبَ في ذلِك!.
”لم أكُن أعلمُ بوجودِ هذا المكانِ في بروكلِين!“
ضحكَ زين وأجاب
”أراهِن على أنكِ لم تزورِي إلا سانتراليّو وحديقةِ الحيّ!“
وكزتهُ بمنكِبها وراحت تقهقِه..
جلسوا على العشبِ الطرِي وراحوا يتبادلونَ الأحاديث.
كانَ الضحكُ هو المهيمِن قبلَ أن يقتُله ذاك الحديث..
عن ناقِص واحِد
”في الخامِس عشر مِن ديسمبَر..“
هي لا تعلمُ لمَا نطقت بذلِك ، نفسُها تصرخ أن لا تنطقِي ، لا تنطقِي!
لكنّها أكملت على أي حال...كانت دوافِعها واضِحه..
اليومُ هوَ الإثنين؟ وزين معها ، وهيَ تريدُ إخبارهُ بالقصّه قبلَ أن يسمعها بشكلٍ سيء إذا صحّ القول ويمكِن التنبؤ بالبقيّه..
عودةٌ لها ، أطرافٌ بارِده وأعينٌ مكتضّة بالدموع...
”سيلينَا لا تفعلِي ، لايجبُ عليكِ التحدثُ بهذا الصدد إذا كانَ يؤذيكِ هكذا!“
إقتربت منهُ وأردفت
”في الخامسِ عشَر مِن ديسمبر...“
ليلةٌ بارِده من ليالِ ديسمبَر...
لكنّها لم تكُن كذلِك في ذاكَ المنزِل ، المدفئَه وموسيقى الميلاد تدوّي في الأرجاء.
”هذهِ أنتِ ، والعمّه جيس ، والعمّ مايكِل“
”إلهِي تسريحةُ شعرِي!“
ضحكَت والدتُها وأردفت
”كانت لطيفه!“
عادت سيلينَا تقولُ وقد زيّفت الحنق
”كانت بشِعه أمّي“
أغلقت ألبومَ الصورِ ووضعتهُ جانباً وإتجهت للمطبَخ
”شوكولا ساخِنه؟“صرخت بِها ولم تستطِع سماعَ الرد ، ماسمعتهُ هو صوتُ تحطّمِ شيءٍ ما وبعدها دوّى صراخُ عال.
راحت تجرِي لغرفةِ المعيشَه حيثُ وجدَت ما جعلهَا مشدوهة ، حاولت تحريرَ والدتِها من قبضتِه..
ذاكَ الرجُل غليضُ البُنيه أبيضُ اللحية ...
ما يعرف برمزُ السعادةِ في أعيادِ الميلاد..
ليسَ لها فهيَ تعرِفه جيداً ، الوحيدُ الذِي يرتدِي ثيابَ بابا نويِل في كُل عيدِ ميلاد ليسرِق المنازِل ويهرُب
يختطِف الصبيَه ، يسطوا متسلحاً ...
المطلوبُ الأول في بروكلِين ...
طليقُ والدتِها... آدم لوك.راحت تبكِي محاولةً تحريرَ والدتِها لكنّه يدفعُها..
هاهيَ طلقةٌ ناريّة تجاهَ السقف أفزعتها كفايةً لتبتعِد
”بعدَ كلّ هذَا البحث ، أخيراً “
نطقَ بجشع وهوَ يشدّ قبضتهُ على عنقِها..دموعُ سيلينَا جعلتها غافلةً عن إشارات والدتِها لها ..
”خلفكِ سيلينَا ، الدرجُ الثالِث من المنضَدة“
هاهيَ تمسكُ المسدّس بيدِها ، راحت ترمقهُ خائِفه..
سرعانَ ما رآه آدم وأشارَ بسلاحةِ لرأسِ والدتِها وهمسَ بجنون
”حاولِي وسأفرّغ تسعَ طلقاتٍ في رأسِها“كانت مشوّشه ، تبكِي وتصرُخ ... لم تشعُر بضعفٍ كهذِه اللحظة ، صارت تشعُر بثقلِ جسدهَا للمرةِ الأولى
سحبتِ الزّناد وبِلا تفكِير أطلقت..
هاهيَ ترا ما أمامهَا بحركةٍ بطيئة ، حيثُ رمى آدمز جسدَ والدتِها أمامه جاعلاً إياها درعاً له..
تلقّت هيَ الطلقة وفرّ هوَ هارباً...
تاركاً إياها محطّمه تصرُخ وبينَ ذراعيها جثةُ والدتِها.كلّ البيوتِ تترنّم بأغانِ الميلاد إلا ذاكَ المنزِل..
كل البيوتِ باتت هنيّه إلا ذاكَ البيت الذِي لم ينم
ليلتهَا”شهدَ عدّة صبية كانوا في الخارجِ وقتها وزعموا على أنهُم رأو شخصاً يخرجُ من المنزِل بزيّ بابا نويِل وإستطاعوا حزرَ كونهِ آدم ، أقيمَت الجنازه عصر اليومِ التالِي..“
نظرَ زين لها وبلا سابقِ إنذارٍ ضمّها إلى صدرِه..
لم تستطِع تحملاً فراحت تبكِي وتهمِس
”أنا قاتِله زين..“
كان زين يقرّبها له أكثرَ فأكثر ويربّتُ على ظهرِها مردداً”أنتِ لستِ بقاتِله ، أنتِ ملاكٌ مصابٌ بلعنة لطهرِه..“
”أنتِ لستِ بقاتِله ، أنتِ ملاكٌ مصابٌ بلعنةٍ لطهرِه..“راحت تهدأُ شيئاً فشيئاً وأبعدت رأسها عن صدرِه..
أحاط وجنتيهَا بكفّه وهمس
”أنا أحبّك سيلينَا ، مهما حدث لن أتخلّى عنكِ.“
رغمَ دموعِها كانت تودّ أن تقبّله ، تودّ ذلِك بحقّ..
لكِن الفوجُ القادِم من السيّاح جعلَ ذلِك غيرَ ممكناً للوقتِ الحالي ، أمسكت بكفًه هذهِ المرّه وهمست
”لنخرُج مِن هنا“
”فكرةً سديدة ، كانَ المكانُ أفضل ونحنُ لوحدِنا“
إبتسمت هيَ موافِقه وغادروا المكَان.
طوالً طريقِ الذهابِ للمقهَى لم تنفكّ سيلينَا عن الشعورِ بالقلَق ، كما تشعُر عادةً في أيامِ الإثنين لكن أسوأ...