الفصل الثالث

5K 108 0
                                    

صباح اليوم التالى كانت ناتالى تحتسى قهوتها عندما هبط تروى الدرج وهو يترنح وقد ارتدى بنطلون بيجامته فقط . توقف فى الحال عندما شاهدها جالسة فوق الأريكة وبجوارها ديزى وهى سعيدة من تدليل الشابة لها ...

- لم أسمعك وأنت تنهضين . هل نمت جيدا ؟

أوشكت ناتالى أن تختنق بما تحتسيه من قهوة وهى مفتونة بالجسد الرجولى الماثل أمام عينيها : كان صدره عريضا قويا وقد غطاه شعر أسود كثيف حتى أسفل صدره . وكان وسطه نحيفا .

قالت بلهجة أرادت أن تكون طبيعية :
- أنا ... أنا نمت جيدا وشكرا .

لم يطرف لـ تروى رمش وأكتفى بالإعجاب بشعرها الأشقر تنسدل خصلاته على كتفيها وثوبها الخوخى الذى بدا ناعما مثل بشرتها .

كان فى الليلة الماضية قد استعاد سيارتها الجاجوار وأصلحها . وكان قد عثر عليها على بعد كيلو مترين من البيت وأحضر لها حقيبة ملابسها . كيف تصرفت تلك المرأة حتى تذهب لتفقد طريقها كل هذه المسافة البعيدة ؟

إن ذلك ظل سرا غامضا بالنسبة له والآن تقدمت صحتها تقدما ملموسا . دار فجأة على عقبيه ثم ذهب ليصب لنفسه قدحا من القهوة فى المطبخ ! اللعنة . إنها السابعة صباحا وها هو يشعر بالرغبة الشديدة نحوها .

ابتلع السائل المغلى دون أن يدرى . إن تلك المرأة تورثه الجنون . سب ولعن فى نفسه . من الأفضل له أن يفكر فى خوخه بدلا من أن ينجذب نحو فتاة لن يراها بعد ذلك فوق الطريق المهجورة .

هبت واقفة وأعلنت :
- سأذهب لأخذ دشا .

عندما مرت بالقرب منه لم تستطع أن تمنع نفسها من إلقاء نظرة على كتفيه العريضتين بارزتى العضلات . إن بنية تروى كفيلة بأن تجعله يحمل جملا ثم لاحظت وشما على ذراعه .

- ما هذا المكتوب على ذراعك ؟

أجاب ببساطة وهو يستغرب كيف ينطق الاسم بعد كل هذه السنوات :
- مى لين .

- إن وقعه غريب .

- ليس غريبا لأنه من فيتنام الجنوبية

قالت بسرعة :
- هل اشتركت فى الحرب . أليس كذلك ؟

- بلى 

- وهذه مى لين هل كانت صديقة ؟

- بالضبط . لقد كانت ...

أدرك أنها ستخترق أحد أسراره فحاولت ناتالى أن تخفف من توتر الجو وأطلقت ضحكة مرحة :
- كيـف حـدث أن معظم الجنود كانوا يعودون وقد رسموا الوشم على كل جسدهم تقريبا ؟

نظر إليها تروى نظرة ساخرة .وقال وقد كز على أسنانه :
- صدقينى .. لا شئ يمكن أن يسعدنى أكثر من عبورى عتبة هذا المنزل . انا لست ناسكا وأفضل الحضارة .

تائهة وسط العاصفة   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن