الفصل الثالث

669 40 1
                                    

جلست تغريد بجوار شيماء التي كانت تقلب في هاتفها وتتصفح المنشورات في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي الشهير (فيس بوك).

توسعت عينا شيماء بعدما ظهر أمامها منشور ممول تابع لإحدى الصفحات وكان هذا المنشور يتحدث عن عدم فرضية الحجاب وأنه مجرد ثقافة ظهرت وانتشرت بين الناس بعد الهزيمة القاسية التي تعرضت لها مصر في حرب يونيو عام 1967 والتي اشتهرت باسم (النكسة).

-"تبا لك أيها الجاهل!!"

كانت تلك الكلمات هي أقل رد لديها على هذه الفكرة الغبية التي يطرحها كاتب المنشور.

-"من تقصدين شيماء؟!"

سألتها تغريد وهي تشعر بالدهشة فليس هناك أحد يجلس بجوارهما حتى تنعته شيماء بالجاهل!!

وضحت شيماء بصوت يحمل مزيجا من السخرية والغضب:

-"أقصد مسؤول هذه الصفحة الذي كتب هذا الكلام الذي لا يمت إلى الواقع بصلة".

أعطت شيماء الهاتف إلى تغريد حتى ترى المنشور بنفسها ... أخذت تغريد الهاتف ورأت ما تعنيه شيماء لتهتف بدهشة يتخللها عصبية وغيظ:

-"هؤلاء يقصدون بحديثهم أن جميع النساء كن غير محجبات قبل النكسة وهذا كلام فارغ ، ربما كان هناك تقصير في هذه المسالة وقتها ولكن تحسنت الأمور بعدها والدليل على ذلك أن جدتي وجميع أقاربها من النساء كن محجبات ، أما بالنسبة لقولهم أن الحجاب ثقافة حديثة استوحاها الشعب المصري من دول الخليج في سبعينيات القرن الماضي فهذا مجرد عبس وجهل ، الحجاب فرض وكان جميع النساء في الماضي يضعنه فوق رؤوسهن منذ سنوات طويلة وهذا الأمر موجود أيضا في غالبية الدول الإسلامية غير العربية ، صحيح أنه حدث قليل من التسيب لدى بعض الفئات ولكن هناك الآن والحمد لله صحوة دينية وغالبية النساء يلتزمن الآن بهذا الفرض".

-"معك حق تغريد ، هذا أكثر ما يغيظهم ويجعلهم يستشيطون غضبا ، أن يعود الناس إلى دينهم ويلتزمون بتعاليمه هو شيء يهدم جميع مخططاتهم في نشر مبادئ التنوير والعلمانية داخل مجتمعنا".

صدرت ضحكة ساخرة من شفتي تغريد قبل أن تهتف:

-"هؤلاء القوم مختلون عقليا ، انظري إلى باقي المنشور".

تناولت شيماء الهاتف وقرأت باقي المنشور لتشارك صديقتها في ضحكتها الساخرة وهي تقول بلهجة مستهزئة:

-"يقولون أن الدولة العثمانية هي من فرضت الحجاب حتى يتم التمييز به بين الحرة والأمة".

ضربت شيماء كف بكف قبل أن تستكمل:

-"لا حول لها ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، بأي عقل يفكر هؤلاء الحمقى ذوي عقول البازلاء؟! ، حسنا سأتظاهر بأنني غبية وأفترض أن حديثهم صحيح ، كيف يفسرون لي قول الله تعالى في سورة النور:

يقين الروح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن