الفصل الثاني

793 43 0
                                    

تملك الغيظ من شيماء التي كانت تجلس وتتابع حديث إسراء وسها وهي تشعر بغضب شديد من وقاحتهما في التعدي على حدود الله والعبث بتفسير الآيات والأحكام وفق أهوائهما ومزاجهما الشخصي:

-"ما هذا الكلام الفارغ الذي تقوله تلك الغبية؟! الحجاب فرض فرضه الله على بنات أدم في القرآن الكريم وفي جميع الكتب السماوية الأخرى ، كيف تتجرأ تلك المتعجرفة على تفسير آيات الله حسب أهوائها الشخصية؟!"

هتفت تغريد بصوت منخفض محاولة تهدئة صديقتها وهي تهز رأسها بقلة حيلة:

-"هذه القذارة التي يروج لها العلمانيون في برامجهم هي السبب في وجود هذا الكلام السخيف على ألسنة المراهقات والساذجات والذي ظهر منهن عاهات التيك توك كما أنها تسببت أيضا في ظهور الإلحاد وأيضا ظهور تلك الأصوات البشعة التي تنادي بحقوق لهؤلاء الشواذ الذين خرجوا عن الفطرة السليمة ومارسوا الفعل الذي اهتز له عرش الرحمن من فوق سبع سماوات وعاقب بسببه الله قوم لوط عقاب لم يعاقب به أحد قط".

هتفت شيماء باندفاع وهي تحاول أن تتحلى ببعض الانضباط فتلك المسخرة التي تسمعها على لسان "إسراء" و "سها" تجعلها تفقد أعصابها:

-"اذهبي وأخبري خالتك فادية بما تفعله ابنتها من وراء ظهرها حتى تتصرف معها قبل فوات الأوان".

هتفت تغريد بأسف وهي توجه بصرها نحو إسراء التي تجلس على طاولة قريبة جدا وترمقها بعدم اكتراث:

-"إذا ذهبت وأخبرت خالتي ستحزن وتغضب وسيؤثر هذا بالسلب على صحتها ولن تستطيع في النهاية أن تتصدى لأفعال إسراء".

استطردت تغريد بحزن وهي تشعر بالضياع فهي تريد أن تنتشل ابنة خالتها من هذا المستنقع قبل أن تغرق فيه بشكل كامل:

-"إسراء تأثرت كثيرا بحديث سها عن الحرية والتحرر وتأثرت أيضا بأفكار العلمانيين التي تصيح بالتحرر من العادات والقيم".

نظرت تغريد إلى ساعتها وقالت:

-"انهضي يا شيماء حتى نلحق المحاضرة التي ستبدأ بعد خمس دقائق".

ألقت "شيماء" نظرة أخيرة على "إسراء" و "سها" ثم هزت رأسها بأسف مرددة وهي تغادر برفقة تغريد:

-"أنتِ محقة في كل كلمة يا تغريد ، هؤلاء العلمانيون أو كما يسمون أنفسهم بالتنويريين أناس منافقون لا يصدقهم سوى حفنة من البلهاء ستكون الهاوية هي مصيرهم المحتوم إذا لم يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان".

جلست تغريد في المدرج تستمع إلى شرح المعيد بدون تركيز فذهنها كان مشغول بأفعال إسراء الكارثية ولم تفق من شرودها إلا عندما هتف المعيد وهو ينظر لها بضيق فيبدو أنه انتبه لعدم تركيزها:

-"هل يمكنك أن تخبريني ما الذي كنت أقوله قبل دقائق؟"

صمتت تغريد وأخفضت رأسها تفرك أصابعها بتوتر فهي لم تستطع أن تتفوه بكلمة واحدة لأن ذهنها لم يكن حاضرا أثناء الشرح.

يقين الروح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن