الـِـِِـِِِـِِـِـدوامـْـْْـْة

201 46 182
                                    

سكن الشجو قلب الوالدين المسكينان صباح يوم الجنازة البارد الممطر، وأخيراً وليس آخِراً تم تسجيل وفاته على أنها حالة انتحار، غيمت السماء ولبس الجميع الأسود وحظروا للمقبرة حيث يحومون حول قبر

هشهشت روزلي باكيةً على رحيله فهي كانت معجبةً بشخصيته وروح الفكاهة التي كان يتميز بها، اصطف الجميع لدقائق حول قبره يدعون له أجمل الأدعية ويصلون لروحه وصوت البكاء نغمة حزينة تسمع في هدوء ذلك الموقف

بعد دقائق بدأ كل شخص يمر على قبره ليسلم عليه آخر مرة، بعضهم يضع الزهور ويذهب باكياً والآخر لا يقوى على رؤيته أو يقف صامتاً ويرحل صامتاً

اقتربت روزلي لقبره بوجهٍ بمبي اللون من شدة البكاء قائلةً :

- أقسم لأنك ستترك فراغاً لن يملئه أحد سواك، لطالما كنت معجبةً بشخصيتك، فلتنم بسلام، سأشتاق لك يا مارو

خطت بضعة خطوات لتذهب لكنها توقفت والتفتت خلفها رغبةً برؤيته مجدداً لتلمح السيد سامي يلبس معطفاً أسود يقترب لقبر مارو بوجهٍ يملئه التأسف والهم بينما يرفع يده يدعو له بكل خشوع

لم تكن هي الوحيدة التي رأت ذلك بل كل زملاء الراحل الحاضرون، بعد مدة وقف سيد سامي من القبر كونه قد كان منحنياً لتحت القبر فجأة يلحظ شرود روزلي فيه قالت له بينما يتجه إليها:

- سيد سامي أنت هنا؟، بصراحة ظننتك لن تأتي...
-(رد عليها بصوتٍ هادئ جداً أكثر من عادته): ولما لا آتي؟، تلميذ مثله يستحق التقدير، سيبقى تلميذي المفضل للأبد ...

حينها تجلى صوت بكاء الأم المتألمة التي تعانق شاهد قبر ابنها متحسسةً عليه بيديها رغبةً برجوعه ولو دقيقةٍ واحدة لتعانقه بعمق، يال حزنها الذي لا يحسد عليه وصوت نحيبها الذي يذيب قلباً من حجر

بعد ثوانٍ جلس سيد سامي مع تلميذته روزلي في أحد الكراسي البيضاء التي تم وضعها للحضور، وبعد صمتٍ طويل قالت روزالي :

-هذا الموقف يذكرني برحيل أمي، كنت لأزال في السن السابعة من عمري، منهم من ذهب ومنهم من بقي يحوم حولي وكل ما أفعله هو البكاء بصوتٍ عالٍ بدموعٍ حارقة، كنت حقاً قد اعتبرت العالم قد انتهى عندي بعد وفاتها، كم كان يعم صدى صوتي في البيت وأنا أنادي باسمها حينما أستيقظ من النوم كل صباح، كنت أبحث عنها، ماما؟، ماما؟، في كل زاويةٍ من منزلنا كنت أبحث بسرور منتظرةً ظهورها كعادتها لتعانقني وتحملني في الهواء عالياً، وعندما أتذكر أنها قد رحلت بعيداً أعود للصياح مهرولةً إلى سريري، اعتقد أبي أنه سيعوضني عن الحنان والاهتمام الذي فقدته اذا تزوج من جديد، فهو يحبني حباً كبير، لكنه لم يعلم أنه قد زاد ألمي ومعاناتي. ..

M R . S A M M Y || ســيد ســــامي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن