يرقد وحيداً في احدى غرف المشفى الحكومي الباردة والتي تفوح منها رائحة المطهر الأرضي المثير للغثيان ، وعاء قذر يصفو بجانب السرير المهترئ يكسوه اللون الابيض يغفو عليه شاب لا يتجاوز عمره ال26 عاماً يغلق جفنيه بتعب ومعالم الذبول تعلو وجهه ... شعيرات ذقنه نامية بغزارة لأهماله لها لكنه لا يعلم انها زادته وسامة ، كم انت وسيم سيدي الشاب ؟ بل من الظلم أن انعتك بالوسامة فهي لا تعني شيئاً امام حسن وجهك .. يدٌ هزيلة يتمد منها انبوب المغذي لينعشو به جسده النحيل .
تبدأ ملامح وجهه بالتململ وكأنه على وشك الاستيقاظ لكن مهلا ! هو لا يستيقظ ادرك ذلك من خلال رؤية صدره يعلو ويهبط بسرعة تكاد تشقه نصفين وتفاحة آدم تصعد وتنزل وكأنه يريد الصراخ لكن هيهات فصوته لا يخرج هو فقط يشعر بالاختناق الآن يريد الأوكسجين لكن رئتاه لا تلقطه ، يمسك بحافة السرير بكلتا يديه حتى ابيضت مفاصلهما وكأنه يستنجد به ليسحبه نحو الحياة هو لا يريد الموت ارى ذلك من طريقة تشبثه بخرقة السرير البيضاء لكن لا جدوى من محاولاته هو يعي جيداً انه حين يعود للحياة لن يجدها أيضاً ! ارهقه غيابها كثيرا لم يشعر بالحياة الا معها رغم قصر مدة علاقتهما لكنها جديرة بأبقاءه عليها ضمن ذكرياته الجميلة/المؤلمة في آن ، يتنفس ويتنفس تعالت أصوات شهقاته ولا احد يسمع بالطبع هنالك اجهزة صوتية لكنها لا تعمل بطبيعة الحال فهو مشفى حكومي قذر لا يتوفر اياٌ من مستلزمات الحياة فيه ... يبدأ تنفسه المضطرب بالهدوء شيئاً فـ شيئاً يعود لسكينته من جديد يرفع يده المتعبة ليمسح قطرات العرق فتظهر عروق يده البارزة ومنكبيه العريضين نسبياً ثم يبدأ بفتح عينيه تدريجياً استطيع رؤية خضارهما من بعيد لكن لحظة ! ليسا خضراوين بل اخضر ممزوج بالأحمرار كـ لون البحر وقت الغروب يا اللهي لقد اتعبته تلك السمراء والحياة كذلك فهو لم يشفى يوماً من لوعاتها .. لكم اتمنى ان أصل له لأعانقه يحتاج ذلك بشدة اتبين ذلك من دموع مقلتيه المنسابتان على وجنتيه الذابلتين وتفاحته التي تكاد تنفجر لغصته بالدموع ، هو يريدها هي فقط بل لا يريد اي شيء غيرها . كانت ترى ذلك في منامها وهي تتقلب يميناً ويساراً في سريرها الدافئ وغرفتها الأنثوية الناعمة حتى قفزت من ذلك الكابوس المرهق وهي تتنفس بصعوبة بالغة اخذت ترتشف قليلا من الماء لتهدأ وتعيد ذكريات ذلك الكابوس الذي يخص حبيبها السابق .....!
أنت تقرأ
خـواطر
Romanceجرح الماضي .... قد لا تدركين لكم هو مؤلم ادعاء نسياني لكِ كم هو مؤلم ان يحيطني طيفك في كل مكان وزمان لكم هو صعب ان اجوب الطرقات وحيدا ولنا في كل زاوية زقاق ذكرى وهمسة ولمسة وكذب ....! اجل كذب ايقنت اليوم انكِ كنت معي للتسلية فقط ، وليس لغرض الحب...