5-سراديب الموتى

2.9K 147 79
                                    

باريس هي من اكثر المدن رقيا وتطورا في أوروبا والعالم , ولكن هذا لا يمنع وجود زوايا مظلمة في هذه المدينة التي تعرف بمدينة الانوار , واكثر المناطق المظلمة والمرعبة في المدينة هي مدينة الموتى او سراديب الموتى , وهي انفاق تحوي عظام اكثر من ستة ملايين مواطن باريسي , وهي عظام جمعت على مدى عقود ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من جميع مقابر المدينة المخصصة لدفن  الفقراء , وتعتبر اليوم احد الأماكن السياحية في المدينة, كما يلجأ اليها بعض غريبي الاطوار بطريقة غير مشروعة لإقامة حفلات صاخبة بعيدا عن انظار السلطات .

كيف ظهرت سراديب الموتى ولماذا جمعت عظام ملايين البشر في انفاق باريس

سراديب الموتى او كتاكومب هي  تلك الشبكة الطويلة من الانفاق تحت مدينة باريس والتي يرغب البعض بتسميتها مدينة باريس التحت أرضية , والتي تضم عظام اكثر من ستة ملايين باريسي كانوا قد عاشوا على مدى اكثر من ستة الاف عام في المدينة, وغالبيتهم ان لم يكونوا كلهم من الفقراء الذين دفنوا في عدة مقابر جماعية حول المدينة وكان اشهرها واحدثها مقبرة القديسين الأبرياء والتي غصت بمئات الاف الجثث والهياكل العظمية المكدسة فوق بعضها , وخاصة مع البوادر الأولى للثورة الفرنسية وما رافقها من فوضى وعنف كثرت معه الجثث , وأصبحت المقابر الجماعية التي كدست فيها مجموعات تضم عشرات الجثث  في كل حفرة  , وهو ما أدى الى ظهور الحاجة الى حل غير تقليدي لما اصبح مشكلة صحية خطيرة في المدينة

تاريخ سراديب الموتى

لم يكن الهدف من انشاء الانفاق تحت مدينة باريس هو تحويلها الى مقابر جماعية لعظام ملايين البشر بل كانت عبارة عن مناجم للحجر الكلسي , ويعود تاريخ انشاء هذه المناجم الى ثمانينات القرن الثاني عشر أي بعد 1180 ميلادية حيث ظهرت الحاجة الماسة الى إيجاد مقالع حجر إضافية لاستخراج الحجر الكلسي اللازم لتشييد القصور والقلاع, ولم يكن ذلك ممكنا في ظل توسع المدينة وامتدادها فوق الأراضي التي كان يفترض انها ستصبح مقالع جديدة للحجر , ولذلك تم اعتماد طريقة جديدة وهي عمل مناجم للحجر شبيه بمناجم الفحم , حيث تم الحفر الى أعماق وصلت 20 مترا , ومن ثم تم التوسع وعمل شبكات انفاق تحت الأرض لاستخراج اكبر كمية ممكنة من الحجر .

استمر العمل في انفاق الحجر لما يقارب ستمائة سنة  وهو ما شكل قنبلة موقوتة تحت باريس كانت تنذر بكارثة , حيث حدثت مجموعة من الحوادث الصعبة التي كانت مجرد مقدمات لكارثة اكبر , فقد انهارت بعض المقاطع من هذه الانفاق وتسبب بخسائر مادية جسمية , لكن تلك الخسائر لم تكن لتذكر لو ان العمل في الانفاق استمر , وهو ما كان سيتسبب بانهيار مساحات شاسعة من باريس والى تدمير معالم تاريخية مهمة في المدينة  وبالطبع قتل عشرات الاف المواطنين ممن يسكنون المدينة ولذا اتخذ قرار بحظر العمل في هذه الانفاق واغلاقها تماما وذلك عام 1777 , كما تم ردم الأجزاء التي تشكل خطورة على المناطق الحيوية من المدينة .

Horrorحيث تعيش القصص. اكتشف الآن