الفصل الاول

24.8K 265 1
                                    

الفصل الاول
ريم عبد الرحيم ، انثى هادئة ، تكاد لا تلاحظ وجودها
تأسرك إن نطق لسانها ، بأدبها و رزانتها ، عاشت حياتها ككل
قريناتها إلى أن تغيرت حياتها و انقلبت رأسا على عقب
كان صباحا عاديا في يوم جمعة شمسه كانت قويه ساطعة في
غير رحمة تنشر أشعتها و تبث حرارتها في كل شيء على الرغم
من أن الوقت كان مبكرا ، تذكر تفاصيل تلك الأيام جيدا
استيقظت كعادتها مبكرة لتجد والدتها تعد الافطار ، كانت وقتها
تبلغ الخامسة عشرة ، عاونت والدتها و أعدت طبق الأومليت
الذي يفضله والدها الغالي  ، ساعتها  كان بدورة المياه ،
عند خروجه
لثمته قبلة الصباح المقدسة و احتضنته قائلة
" أحلى صباح لأحلى موظف في شركة المياه كلها "
بادلها القبلة و ضمها بقوة أكثر
" يا صباح الشربات على بنوتي
الحلوه اللي رافعه راسي ، و هتحقق أملي و تنصفني
مش الراجل اللي اسمه ابني و مطلع عيني "
ضحكت " خلاص يا بابتي ، عديها "
ابتسم في مراره متوجها نحو طاولة الطعام
" أعدي ايه بس يا ريم ، وجدي مخليني أشد في شعري ،
لا نافع في تعليم و لا نافع في صنعه ، بقي عنده الوقتي
عشرين سنه ، يعني اللي زيه خلاص يقربوا يتخرجوا أو
متعلمين صنعه تنفعهم ، انما ده أقول ايه يا رب ، تعليم
و فاشل فيه ، حتى الشغل كل ما أوديه مكان ما يسترنيش "
ربتت على كتفه " خلاص يا سيد الناس بقي ، ما هو شغال
في الورشه أهو بقاله شهر "
رفع كفيه للسماء داعيا الله
" يا رب يصلح حالك يا وجدي يا ابني "
ثم نظر للطاولة و لم يجده
" ايه هو لسه نايم ، صحيه يا بنتي الصلاه ما عادش عليها
كتير يجي معايا يصلي الجمعه "
" حاضر يا بابتي "
توجهت لغرفة وجدي ،طرقت الباب ثلاثا و لا مجيب، ففتحت
الباب بهدوء، لتجده ممدا على السرير ، اقتربت منه ، وكزته برفق
" وجدي ، وجدي ، اصحي يا حبيبي "
لا مجيب
" يا وجدي اصحي "
لا مجيب
هزته بعنف " اصحي بقي زهقتني "
ليفرك عيناه و يرد بنعاس " ايه الطريقه دي حد يصحي حد كده ،
ايه فيه زلزال "
ضربته في صدره " حرام عليك باصحيك من بدري و انت و
لا انت هنا ، ايه نايم مع الاموات "
ألقى الوسادة ناحيتها " امشي يا ريم من وشي ، سيبيني أنام "
هزت كتفيها رافضة " لا ، بابا قالي صحيه عشان يفطر و
نروح نصلي الجمعه "
زفر بغضب " يوووه ، حتي النوم هيتحكم فيه كمان "
ألقت الوسادة عليه " عيب احترم نفسك ، ما أنت بقالك يومين نايم ،
مش عندك أجازه عشان صاحب الورشه عنده حالة وفاه "
ماشي "فرصه عشان اقوله اني مسافر "
نظرت متعجبه "خير اللهم اجعله خير مسافر فين "
أبعدها عن طريقه " و انت مالك "
و خرج ألقي تحية الصباح على والده و جلس و بينما يتناولون
الافطار
" بابا أنا مسافر اسكندريه "
" خير ليه "
" عندي شغل "
نظر له والده بعمق " و شغلك في الورشه "
" لا ورشه ايه بقي ، دي شغلانه حلوه في اسكندريه في المينا 
على مركب و هالف الدنيا بقي بدل الكتمه اللي هنا دي "
نظر له والده مطولا " اللي أنت عاوز تعمله اعمله ، ربنا يهديك "
و سافر علوان
بعد يومان
رن جرس الباب فتحت ريم لتجده الحاج حسن صاحب الورشة
التي كان يعمل بها وجدي
" اتفضل يا عمو "
ربت علي رأسها " بابا هنا "
ضحكت " ايوه اتفضل ادخل و أنا هاناديه "
جاء عبد الرحيم هاشا باشا
" يا مرحب يا مرحب و أنا باقول البيت نور ليه "
تنهد الحاج حسن " ده نورك يا حج "
صافحه عبد الرحيم بحراره
" البقاء لله يجعلها آخر الأحزان يا رب "
رد بحزن "حياتك الباقيه، أنت عارف اننا أهل يا عبد الرحيم
و أنت غال عليا قوي و حبيبي ، و لولا كده ما كنتش شغلت
وجدي عندي ، و انت عارف انه لعبي و مش بتاع شغل "
ابتسم عبد الرحيم " اهو سبنا و مشي "
انقلب وجه الحج حسن " مشي راح فين و فلوسي "
نظر له عبد الرحيم في تعجب " فلوس ايه !"
" ابنك سرقني و أنا غايب يا عبد الرحيم "
لطمت سناء خدها " يا نهاري ابني أنا يسرق "
أخذ عبد الرحيم نفسا أحس أنه يجاهد ليدخل رئتيه
" أنت متأكد يا حسن أنه ابني"
رد حسن بثقة
" هي دي فيها رمي بالباطل يا عبده يا أخويا ، أنا مركب
كاميرات سريه في الورشه و لما رجعت شفت اللي حصل"
و أخرج هاتفه و قام بتشغيل فيديو
" وجدي ده و الا مش وجدي "
قال بحسرة و هو يمسك قلبه
" هو وجدي ، حسبي الله و نعم الوكيل "
فقال حسن " أنا عاوز بس الخمس آلاف جنيه اللي سرقهم
، و هنكتم علي الموضوع ، ده حتى ولادي ما يعرفوش
و الفيديو مسحته ما فيش الا النسخه دي ، أنا عارف إنك
راجل محترم بس هنقول ايه يخلق من ظهر العالم فاسد "
عبد الرحيم لم يسمع  ما قاله حسن كان في دنيا أخرى ،
كان يجاهد جهاد شديدا ليستطيع ادخال و اخراج الهواء
ليتنفس في الوقت الذي أحس أن قلبه يوشك على التوقف  ،
آلام شديد تسري في جسده ، يمسك بقلبه ، و سط صراخ
سناء و ريم و حسن
" مالك "
هتف حسن في ريم
"بسرعه نادي حد من الجيران يا ريم يشيله معايا نروح
المستشفي "
هرعت ريم إلي الشقة المقابلة ، تضرب الباب بكل قوه ،
فتح عامر جارهم الباب صارخا " ايه فيه ايه "
ليجد ريم أمامه " الحق بابا "
#نشوه_أبوالوفا

عيون الريم  للكاتبه الجميله نشوه ابو الوفا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن