_1_

4.7K 165 5
                                    

كانت تطالع نفسها في نظرة تقييميَّة أخيرة، بعد أن قامت بتحضير نفسها بعناية شديدة، بما أنه يومها الأوَّل في الجامعة، الجامعة التي دخلتها بإصرار شديد وحلم كبير، فعلى الرغم من معدلها المرتفع جدًّا، إلَّا أنها لم تدخل في كليَّة الطبِّ، أو الهندسة، بل لطالما كانت تحلم بدخول كليَّة العلوم، وهذا ما فعلته.

أبعدت شعرها البني الطويل المختلط ببعض الخصلات الشقراء عن عينيها الزرقاء الواسعة، المحاطة برموش سوداء كثيفة، أنف مستقيم صغير، وشفاه ورديَّة مكتنزة، جسدها متناسق ذات طول مناسب، ليست طويلة ولا قصيرة، انتهت من تأمُّل نفسها بنظرة تقييمية لتبتسم برضى، ومن ثمَّ توجَّهت نحو حقيبتها التي كانت قد قامت بتحضريها مساء اليوم السابق، حملتها وخرجت سريعًا من غرفتها تتوجَّه نحو صالة المنزل لتتسع ابتسامتها بسعادة وهي تشاهد والدها يجلس على أريكته المعتادة وهناك يمسك إحدى الكتب بين يديه يقرأ بانسحام وفنجان قهوته أمامه كعادته كلَّ يوم، توجَّهت نحوه لتحتضنه من الخلف وهي تتحدث بسعادة:

-صباح الخير يا وسيم.
-أجمل صباح بوجودك معنا طفلتي الصغيرة.
تحدث بابتسامة واسعة وهو يترك الكتاب على الطاولة ويقف لمواجهتها، لتتسع ابتسامته ويحتضنها بسعادة، ليكمل كلامه قائلًا:
-لقد كبرتي يا صغيرتي وها أنت الآن مقبلة على خطوة جديدة في حياتك، ولكن هل أنت حقًّا واثقة من قرارك هذا؟ كليَّة العلوم؟ مع معدلك هذا؟ ألا تعتقدين أنك تظلمين نفسك بهذا الاختصاص؟

-أبي التعليم أعظم مهنة قي تاريخ، ولولا جهود المدرسين لما شاهدت الأطباء والمهندسين، هذا حلمي منذ الصغر، وعدتك بمجموع يرضيك ولكنني لن أتخلى عن رغبتي، أنا سعيدة أقسم لك، لطالما حلمت بدخول هذه الكليَّة، بعيدًا عن الهندسة والطب، هلَّا تشاركني سعادتي وننسى مجموعي الآن؟

-وانا يا ابنتي ما الذي يسكتني غير هذه السعادة التي أراها تلمع في عينيك، وما باليد قوله غير أنني فخور بك وسعيد من أجلك، هل ذاهبة الآن؟

-نعم سأذهب نحو موقف الحافلات وأنتظر الحافلة للوصول إلى الجامعة، وداعًا الآن.
أنهت كلامها لتطبع قبلة صغيرة على وجنته لتتوجه نحو باب المنزل، وقبل أن تقوم بفتحه جاءها صوت غاضب من خلفها:
-ميلا! أين تظنين نفسك ذاهبة أيتها الشابَّة؟ ومن دون توديعي؟ نعم وما نفعي أنت وقد ودعتي والدك حبيبك، أنا لست سوى والدتك فلماذا ستودعينني هاا؟

ظهرت ملامح التوتر على وجهها، لتلتفت وتقابل وجه والدتها الغاضب تشاهد عيناها التي تحولت للون الأزرق القاتم والتي ورثتها منها، لترسم ابتسامة سريعة تخفي خلفها ارتباكها.
-أمي حبيبتي ظننتك نائمة فقلت عيب عليك يا فتاة والدتك تعمل طوال النهار ومن العار أن توقظيها من نومها، لذا لم أدخل إلى غرفتك حتى لا أوقظك، تعلمين محال أن أزعجك وأوقظك عار عليَّ أن أفعل هذا.

عشق مجنونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن