هي صديقتي ، لطالما آنست وحشتي وقتلت غربتي وأعادت إليَّ لذيذَ نومي ،
إنها معي منذ سنين طويلة لمْ تتخلَّ عني ولمْ اتخلَّ عنها ورغمَ أن قربها ينزعُ الدماءَ من شراييني ويكاد يقضي علي الا أنني لن أبتعد ،قد وفت بالعهد لخمسٍ وعشرين عامًا فلمَ أخذُلها في لحظةِ تفكير تقلب كل موازيني وأعودُ ذاك الوحيدَ رفيقَ الحزنُ والحزنُ لهُ في داخلي ألفُ عنوان ، لمَ أبقَ في سجونِ أحزاني بعدَ أن وجدتُ المهربَ منها ؟ ، لطالما كانت سببًا لجلاءِ همّي وللسفرِ بعيدًا إلى عالمٍ لمْ يستقبل غير مُدخّن قط .
منذُ القدمِ والتعبيرُ يخونني فلا أقدرُ على الكلامِ ولا التحدثِ عمّا يجولُ في صدري ولو إلى اقربِ قريب ، يُربط لِساني ويُقفلُ فَمي بسلاسلَ لا أقوى على فتحِها ، فصارَ عددُ أصدقائي ثلاثة : سيجارتي ، وحدتي ، والصمت وليدُ حزني ، ولقلةِ حيلتي وعجزي عن الدفاعِ عن نفسي لازمني الضعف ، نعم لا تستغربوا ، إنني أرتدي قناعَ القوةِ لكنّني هشّ منَ الداخلِ ، لذا كنتُ دائمًا أشعرُ بالنقص بدأت رحلتي حينَ كنتُ مراهقًا غبيًا ينساقُ وراءَ الاخرين ولمّا وجدتُ ما يملأ نصفَ كوبيَ الفارغَ تمسكتُ بهِ وحتى الآن بعدَ أن أصبحتُ في الأربعينَ من عمري لن أدعَها تغادرُ يدي فلكلِ شيءٍ أسبابُه
لطالما كنتُ مختلفًا عن اخوتي وأكثرَهم سلامًا أو استسلامًا ممّا كانَ يُشيط غضبَ أبي لينعتني بالفاشلِ ، تنازُلي عن حقوقي وانسحابي من أي نقاشٍ لا أقدرُ على مجابهته ، لم أكن ضعيفًا لكنني كنتُ أفضّلُ عدمَ خوضِ المعركةِ على الخسارة ، كان كبريائيَ يصيح بصوتٍ ضئيل ، يخرجَ من ظلماتي ليخبرني أنَّ عليَّ الدفاعَ عن نفسي ويصرخ قائلًا : انت لست ضعيفًا قُل لهم ، لكن من يقوَ على نحتِ الحجرِ بكلمة ؟ ، كانوا رجعيينَ ، يسكنُ التخلفُ داخلَ عقولِهم وليسَ هذا فقط فقد احتلها
من يومها رحلت ، بسبب ظلم جاءَني كالطعنةِ من الخلفِ .