<meta http-equiv="refresh" />
وأدتموني
أصول وأجول باحثة عن لُغتِنا الضائعةِ ، تلكَ العجوزُ الهرِمةً الذابلةُ وكأنها لمْ تَذُق طَعمَ الماءِ منذُ امدٍ ، أجِدُها تَجلسُ في زاويةِ الحياةِ و تنظرُ الى الواقعِ بحسرةٍ وألَم ، وألقى منْ حلَّ مكانها من لغةٍ عاميةٍ او انجليزيةٍ معربة ولكنات جديدةٍ مشرقةَ الوجهِ ،دَخلَت عالمنا بلا استئذانٍ ولكِنّ الجيلَ هذا رحّبَ بها وأدخلَها الى دُنياه .
تَحملُ تلك العجوزُ الحدباءُ صغارها وتنطلقُ من نقطةٍ ليسَ عنها رجعةٌ وأظنُ أنها لا تَنوي العودةَ أبدًا
الفصحى ، أيها الشعرُ ، يا ...نَثر ، الى أينَ تَرحلونَ ؟ منْ لكْم سِوى أمّةِ مُحمدٍ ، أجيبوني؟
اللغةٌ العَجوز : نحنُ رَحلنا معَ الأوائِلِ ودُفنا معَهم في القبورِ ، لَجئنا لميتٍ بسببِ ذلك التجاهُل والإهمال، نحنُ الميْتونَ بلا جُثمانٍ من تلكَ اللحظةِ التي تركَ العربُ لغةَ القرآنِ فيها ، كلامُ اللهِ وفخرُ الأوائِل ، أولئكَ المباركونَ ، لُغتُكم أنا ، فكيفَ تركتموني في مهبِ الذكرياتِ وبينَ ثنايا الكتبِ المحكمةِ الإغلاقِ منذُ رحلَ أجدادُكم الماضينَ ، أليسَ من حَقي عليكمُ ألّا تَستبدلوني ، أنْ تَفْتخروا بي ، أليس أم ليسَ ليسَ؟ ، تاللهِ أضعتمْ وَقاري ، ما هذا الظلم ! .
أتمنى رفع قضية ، أخَذتموني إلى أكبرِ صحراءٍ وتركتموني دونَ بوصلةٍ أنقذُ بها نفسي، وأولادي صغارٌ وما من طعامٍ يسمنُ او يغني من جوعٍ ، ولا أشمُ فيها رائحةَ الحياةِ سوى من هذا الصبارِ القاسي الذي لا ذنبَ لديه سوى اشواكه .
- عودي يا أٌمّنا الكُبرى ، تَعالي ولنْ يبدرَ منّا سوى إكرامِ الضُيوف ، أرجوكِ تَعالي ولا تَتَعاليّ.
الفصحى : ليسَ هُنالك عودةٌ بلا مقدماتٍ ، كيفَ أعودُ الى أصحابِ العقولِ المستلبةِ والمنسلخينَ عن اصلِهم وعزِّهم؟
-ضاعتْ الُلغة بينَ الألسنِ وبينَ تقليدٍ دونَ داعٍ ، متى نَرجعُ لها ونقولُ كما قالَ حافظ إبراهيم : ( رجعتُ لنفسي فاتهمتُ حصاتي ) .
بمقدورِنا استرجاعُها واستخراجُها منَ العُصر الأولى لتكونَ لنا أصلًا وأصالةَ ، أطالبكِ بالعودةِ ، دَعي لنا فرصة ، بحقِ كلِّ من أعطاكِ حقكِ.
غضبتْ وقفتْ ، ثارتْ صرختْ : شُروطي صعبةٌ ، وأمَلي بِكم ضئيلٌ ، ألا يكفي أنَّكم إليَّ تُنسبون وحَصدتم الشِعر والخواطَر وكَلماتي وحبرَ أقلامي وسيطَرتي وهيبتي ومَلكتم زمامَ الأمور بتحريفِكم وفي النهايةِ رَفضتم أنْ أكونَ جُزءًا منْ واقعِ أيامِكم وأصبحتُ لا أدري الى أي ديارٍ أنتمي ولا أدري أي ارضٍ بي تزدهرُ حتى صرتُ بلا قدرٍ ، وعشتُ الموتَ حتى مرَّ عُمري من أمامي كشريطٍ سينمائيٍ سينتهي يومًا .
- بلا صرخاتٍ كثيرةٍ اسمعي ، صَحونا ، عُدنا والعَودُ أحمدُ ، نعض أصابِعنا ندمٌا على حقكِ التائهِ دون وليّ، فتحنا اعيننا وأزالَ اللهُ تلكَ الغشاوةِ ، أصبحنا ندركُ ما لا يَصح ، وبسمِ اللهِ سنبدأ .
مالي وللعودةِ عندَ أمثالِكم ، أنتم من قتلتموني بإهمالِكم ، تاللهِ أضعتم هَيبتي ، جَعلتم مكاني هذه اللغة الرَكيكة َ !، ما اعظم ظلمكم! ، تجهلون لغة قرآنكم..
يا الهي ما هذا الطنين مزعج ، واشعر بدويّ قوي داخل رأسي وكأنه سينفجر، أفتح عيناي على شعاع شمس يعمي الابصار ،يا الهي ما هذه اللغة العنيدة جدًا ! و ما هذا الحلم الغريب بحق ! الذي أعاد ترتيب أفكاري واحاسيسي ولا انوي سوى انتشال لغتي الام من قبرها وأدعو اللهَ أنْ يَبثَّ فيها الروحَ مرةً أخرى .