شعور الروح تكاد تخرج من جسدنا .. كأنها انشقت لنصفين .. و هو يرى عيونها الرماديه اللامعه سابقا من الفرح .. حاليا اصبحت داكنة .. غامضة .. كانت فتاة يافعة كورقة الشجر الخضراء .. الان اصبحت ذابلة تحتاج للعنايه من جديد و الا ستموت .. رأى دموعها التى تجاهد لتخفيها خلف تلك النظرات الشمسية السوداء .. بينما اثار حزنة و غضبة .. حين رأى ملابسها السوداء .. قميص طويل يصل لركبتها باللون الاسود .. و حجاب اسود اللون .. و بنطال واسع اسود اللون .. كانت حزينة لدرجه جعلت قلبة يتحطم لمئة قطعه كالزجاج تهشم .. كان مؤلم للغايه رؤيتها شاردة حزينة .. هى ألقت عليه تحية عابرة .. كأنها لم تعد تراه مطلقا .. كأنها فى عالم اخر ..
كانت ثرثرة اروى كالعاده لا تصمت .. كأنها تحاول اخراجها من الحزن الذى يسيطر عليها .. تحاول ان تزيل الشحنات السلبية التى يزداد انتشارها فى الهواء حين تلتقى نظرات يزن و شغف فى مراّه السيارة .. النظرات التى تشعر بها تبعدها عن عالم الحزن الذى تعيش به .. النظرات التى تذكرها بالحلم الذى حلمت به قبل ايام .. و استيقظت على صوت اذان الفجر .. هذا يعنى انها رؤية .. ترى هل ستتحقق ؟...
اروى بابتسامة : صحيح يا شغف .. دكتور مروان كان سأل عليكى اكتر من مره ..
شغف بترقب : مروان مين ؟؟.. قصدك مروان اخ سيف الله يرحمة ..
التقطت اذن يزن الحديثث منذ سماعه لأسم رجل يذكر فى الحديث .. بل و ازداد تركيزة على الحديث حين عرف ان هذا الرجل اخ زوجها الراحل ..
اروى بهدوء : ايوووه هو .. معرفش كان عاوز ايه .. بس قالى لازم اول لما اشوفك ضرورى تكلمية ..
شغف بحزم : مفيش كلام بينى و بينة يا اروى .. بعد الفضيحه اللى امه عملتها فى العزا بتاع سيف فى بيتنا ..
اروى بحزن : يا شغف .. اعذريها .. دى ام برضوه ..حسى بيها شويه ..
يزن بغيظ مكتوم : هى كانت حسيت بيها لما فضحتها و طلعت عينها فى العزا قدام الناس كلها ..
التفت كلتا الفتاتان الى يزن باستغراب .. من انه يتابع الحديث من زمن ..طال الصمت بينما اروى تزج على اسنانها حتى تكتم الابتسامه من الخروج ..
شغف بجدية : اهو قالك .. كلامة صح ..
اروى بابتسامة : خلاص يا عم انت و هى .. انا غلطانة .. المهم ابقى شوفيه عاوز اييه ؟؟..
شغف بتهكم : نشوف يا اروى .. لا هو و لا حد من عيلة سيف الله يرحمه ليا بى صلة .. لو هشوف عاوز ايه يبقى هتيجى معايا ..
ثم التفت الى يزن الذى يتصنع التركيز فى القياده ..
شغف بجدية : ده بعد اذن حضرتك طبعا ..
يزن بزهول : اذن ايييه ؟؟.. انت بتكلمينى انا ؟..
اروى بخفوت : اعمل نفسك مش سامع ..
شغف باستغراب : بتقولى ايييه يا اروى ؟؟.
اروى بابتسامة : لا و لا حاجه خالص ..
يزن بجدية : خلاص مفيش مشاكل اروى هتروح معاكى .. بس اروى و انتوا مروحين تكلمينى علشان اوصلكم ..
اروى بفرح : تسلملى يا يزن يا عسل ..
ابتسم يزن بحنان اخوى لها .. ثم حاول قدر المستطاع ان يبعد نظرة عن شغف .. التى تبادلت الادوار معه .. اصبحت هى من تنظر له من اسفل نظارتها الشمسية .. تترقب كل حركة صغير تصدر منه .. كل حركة توتر ترفع حاجبة .. حين ذكر ماضيها .. لا تعلم هل هذة صدفة ام لا .. لكن ستعلم قريبا .
بينما يزن الذى عزم فى نفسه على معرفة ماذا يريد ذلك مروان من شغف ؟؟...
**********************************
كانت تسير فى الشارع الرئيسى ثم قررت ان تختار شارع بسيط يؤدى الى منزلهم الهادئ .. مرت بجامع الخاص بمنطقتهم .. كانت تسير بأرجل متعبة مرهقه .. شعرت بيد تخطف من يدها الاكياس التى تحملها التى تحتوى بداخلها بعض الخضروات و الفاكهه .. لتجد شيخ الجامع .. ذلك الذى عمره فى العقد الرابع من عمره ..
الشيخ حامد : عنك يا حجه امنة ..
امنة بابتسامة : مفيش داعى يا شيخنا ..
الشيخ حامد بهدوء : ده واجب عليا يا حجه .. المهم كنت عاوزك فى موضوع ..
امنة بترقب : اتفضل يا شيخ حامد ..
حامد بخبث : انا طالب الحلال يا حجة امنة ..
امنة بدهشه : فى مين معلش ؟؟..
حامد بابتسامة : طالب ايد بنتك .. ست الكل شغف ..
اتسعت حدقتى عيون امنة بزهول ..
امنة بعصبيه : انت ازاى تتجرأ و تطلب منى ايد البنت .. دى من دور عيالك .. و بعدين انت مش عندك 3 فى بيتك يا رجل انت ..
حامد بهدوء : طالما حلال ربنا اييه اللى يمنع يا حجه امنة .. ثم انها دلوقتى مش بنت بنوت دى ارملة يا حجة امنة ..
امنة بعصبيه : بص يا شيخ حامد . ارمى بنتى بره دماغك احسنلك .. و انا معنديش بنات للجواز .. و هات دول .. و من غير سلام ..
اخذت حقائبها و اسرعت لتحتمى بمنزلها .. او بالاساس تحتمى بعشها الصغير الذى بنته مع زوجها الراحل ..
توجهت مسرعه الى غرفتها .. لتخرج الصندوق القديم .. البنى اللون الذى يحتوى على ذكرياتها منذ بدأت حياتها مع زوجها ..
زكريات زواجهم لحظه بلحظه ..
زكرى مولد شغف ..
زكرى دخولها للمدرسة ..
زكرى نجاحها ..
كل الذكريات تجمعت فى ذلك الصندوق الصغير الذى يحتوى على الالاف الصور التى تجمع العائله الصغرى ...
****************************
تنفست الصعداء بعد انتهاء تلك المحاضره التى كان يلقيها مروان على مسامعها هى و على الطلاب جميعا .. كانت تشعر بأن جبل ملقى على عاتقها بسبب نظراته الغريبة لها ..
كانت تسرع فى خطواتها حتى لا يمسك بها او حتى لا يلحظ خروجها ..
مروان بهدوء : انسه شغف .. ثانية واحده ..
زفرت بضيق .. ثم التفت ببطء ..
شغف بهدوء : افندم يا دكتور مروان ..
مروان بترقب : ينفع اتكلم معاكى شويه يا شغف ..
شغف بتنهيده : مفيش حاجه نتكلم فيها يا مروان .. اللى كان بينى و بين عيلتكم هو سيف اللى يرحمه .. و خلاص راح ..
مروان بحزن : الله يرحمه يا شغف .. بس لو سمحتى انا مش هاخد من وقتك 5 دقايق بس ..
نظرت له تحاول تبين معرفة ما يريد منها ؟؟.. او فيما سيتحدث ..
شغف بهدوء : اتفضل بره .. قدام مخرج الكليه لانى هروح مع اروى ..
اشار لها لتتقدمة فى السير .. وقف كلاهما امام مدخل الكلية ..
مروان بحزن : بصى يا شغف .. من غير اى مقدمات كده .. انا عايز اتجوزك ..
صعقة .. كأنها احدهم وضع على بشرتها سلك عارى .. كأنها سكب عليها دلو ماء مثلج ..
شغف بزهول : بتقول اييييه يا مروان ؟؟.. انت اتجننت ..
مروان بهدوء : بصى يا شغف .. لو فرضنا انك حامل .. المفروض ان ابن اخويا يتربى فى عيلتنا .. و لو انتى مش حامل .. مش هسيب مرات اخويا كده من غير ظهر ..
شغف بغيظ : اسمع يا مروان .. انا واحده بمية راجل .. و مش هاممنى الناس كلها ده اولا .. ثانيا بقى .. عرضك مرفوض يا مروان .. ثالثا بقى انا مستحيل ادخل بيتكم ده تانى ..
مروان بهدوء : فكرى كويس يا شغف قبل ما تتسرعى .. صدقنى ده الصح ليكى .. محدش هيقدر قيمتك .. كله هيفتكر انك وش وحش .. او محدش كويس هيتقدم لأرملة ..
شغف بغضب : بص يا مروان .. انا كل ده عاملة حساب لسيف الله يرحمه .. امشى من وشى يا ابن فاطمة ..
قالتها و هى تنسحب من المواجهه تلك التى اضعفت قوتها .. الى اهانتها .. كم تشققت الانثى بداخلها .. ان ترى الانثى انها اصبحت ناقصة من وجهه نظر المجتمع .. هى حاليا اصبحت ناقصة فى وجهه نظر الجميع .. لكنها فى الحقيقه كاملة لكنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها و الا سيكشف السر .. ركضت لتخرج من الكلية .. بدات تركض فى الشارع .. لا تعرف الى اين تتوجه .. بل الى اين تذهب .. لا تعرف .. فقط تركض .. تهرب من شبح المجتمع .. وحش النظرات الرخيصه التى تنهش جسدها ..
لم تشعر بنفسها الا و شخص ما يجذبها من ذراعها ..
شغف بصراخ : ابعد عنى .. سبونى فى حالى .. كلكم شايفينى ناقصة .. شايفينى مش حلوة .. كلكم حيوانات .. اوعى ..
لم تكن ترى وجهه مطلقا .. لكن تسرب صوته الدافئ الى اذانها
يزن بحنان : اهدى يا شغف ..
تسربت الدموع على وجنتيها .. لا تعرف لما شعرت انها فى امان قليلا حين سمعت صوته .. او ربما هذا ارسل رجفة قشعريرة على طول ظهرها .. تسرب شعور الهدوء و الراحه الى قلبها قليلا ..
يزن بابتسامة : تعالى معايا ..
جذبها من يدها بهدوء .. ليضعها فى سيارتة .. تبعته هى كالمخدره .. او المنومة مغناطيسيا .. تتبع اوامره فقط .. لا تعرف لماذا ؟؟..
بعد ساعه تقريبا ..
سمعت صوتة الهادئ
يزن بهدوء : انزلى ..
هبطت من السيارة .. لترى امامها البحر .. شاطئ بحر الاسكندريه الساحر .. تلك المدينىة التى تعيش بها من زمن لكنها لم ترى البحر مطلقا .. والدتها كانت تمنعها من خوفها عليها ..
شغف بحزن : انت جبتنى هنا ليه ؟؟.
يزن بابتسامة : صرخى .. و طلعى اللى جواكى .. هترتاحى صدقينى .. انا عملت نفس الحكاية لما بابا مات .. طلعى اللى جواكى .. و انا فى العربية .. تأكدى انى مش هسمع حاجه من اللى هتقولها .. هقفل كل الشابيك .. و هسيبك براحتك ..
قال جملتة ثم تركها واقفه امام البحر .. و توجه لسيارتة و فعل مثلما قال .. و ظل ينظر لها بحزن شديد من زجاج سيارتة ..
لم يستطيع ان يحتويها بين ذراعيه .. اذن فليجعلها تخفف على نفسها بطريقة اخرى .. ليساندها لكن بطريقته ..
منظرها و هى تصرخ و تبكى بقوه .. كاد يجعله ان يخرج من السيارة ليعانقها و يخبرها انه بجانبها .. لكنة وعدها انه لن يخرج قبل ان تنتهى هى .. لكن ما يؤلمة هو بكاءها على زوجها .. الذى يغار منة لانة امتلكها قبلة .. لا يهم ذلك الان .. المهم قلبة الذى يتحطم الى اجزاء حين رؤيتها هكذا ..
شعرت بأنها رخيصة .. ليس لها قيمة .. الشعور كأنها انثى قليلة .. او انثى مستعملة .. انثى فقدت ما يميزيها فى هذا المجتمع الشرقى .. يا لسخرية القدر الذى يتلاعب بها كدمية .. هى اصبحت مستعملة فى وجهه نظر الجميع لكن هذا كذب .. لكنها لا تستطيع النطق بهذا .. لكنها ستجد من تحبه يوما ما .. ستجد من يقبل بها كأنثى كاملة .. ستجد من يحبها بحالتها حتى يدرك انها كذب ..
شعور بداخلها اخبرها ان ينظر اليها .. ادارت وجهه للخلف.. لتجده ينظر اليها بحزن .. لا تعرف لما لم تشعر بالنفور .. هى تشعر بالنفور من من يشعر بالشفقه تجاهها .. لكنه ليس هكذا .. شيئ ما بداخلها يخبرها انه ليس مثلهم .. نظراته لها صباح اليوم .. نظراته لها الان .. شيئ غريب يحدث .. او ربما حدث ..
********************************
طرق خفيف على الباب .. فتحت الباب على اعتقاد انها اروى الذى اصبحت تسليتها المعتادة .. لتتفاجأ به هو ..
لينا بدهشه : بتعمل ايه هنا يا حسام ؟؟..
حسام بغيظ : رحبى بيا طيب ..
لينا بغيظ : اخلص يالا .. انجز عايز ايييه يا حسام ..
حسام بغيظ : لا لا لا لا .. و كمان مره لا .. انت خدتى عليا .. و مش هينفع كده ..
لينا بضحك : طب يلا من غير مطرود يا حسام يلا ..
حسام بضحك : شوف وانا اللى كنت جايبلك هدية
لينا بترقب : هديه ايه يا سيدى ؟
اخرج من خلف ظهره .. هديه مغلفة باللون الوردى الهادئ .. و وضع عليها ورقة باللون الابيض .. " تسلية بدل ما تتجنى من كتر المذاكرة " .. ابتسمت له بهدوء .. و بدأ هو يصفر فى الفراغ .. و ينظر للحائط من حوله .. كأنه يتصنع عدم الاهتمام .. فتحت الهديه .. لتجدها روايه " انت لى للكاتبة منى مرشود " .. ابتسمت بحنان اخوى له .. او ربما تصنعت ذلك .. رفعت له نظراته لتجده على تلك الحاله .. ضربته على معدتة بضحك ..
حسام بتألم : ايييى .. بالراحه يا حجه لينا ..
لينا بضحك : تستاهل علشان عامل نفسك من بنها ..
حسام بضحك : طيب يا اختى .. عجبتك
لينا بابتسامة : اووى .. شكرا خالص يا حسام ..
حسام بغرور : عدى الجمايل بقى يا صغيرة ..
لينا بضحك : ماشى هعدهم .. يلا من هنا بقى ..
حسام بضحك : لا ما انا قاعد ..
لينا بغيظ : يا ابنى انت مش وراك مذاكره ..
حسام بخبث : خايفه عليا ..
لينا بسخريه و ضحك : اه يا اخويا .. و يلا بقى علشان شفطت كل الاوكسجين ..
حسام بضحك : ماشى يا لينا .. يا خساره الخبر الحلو اللى كنت جايبهولك ..
لينا بلهفه : لا قول .. قول .. ده انا لينا حبيبتك يا حس ..
لا يعرف لما شعر بنبضات قلبه تزداد .. " حبيبتك " .. كلمة بسيطة خرجت منها بطريقه عفويه .. لكنها حركت قلبة ..
حسام بهدوء مصتنع : اتفضلى ..
قالها و هو يخرج من جيب بنطاله ورقة مطوية ..
امسكت لينا الورقة باستغراب ..
لينا باستغراب : اييه ده ؟..
حسام بابتسامه مصتنعه : افتحيها ..
فتحت الورقة .. ثم ما ان قفزت بفرح .. و هى تقرأ انه تم قبولها فى صف دورة تدربية خاصة بالرسم ..
لينا بفرح : هيييييييييييه .. قبلت فى الدورة .. هيييييييه ..
ثم اخذت تدور حول نفسها بسعاده و فرح .. ليسبب ذلك ارتفاع نسبى فى فستانها البيتى الفيروزى اللون .. الذى يبين جمال عيونها البنية ..
لينا بفرح : انا بحبك اووى يا حسام ..
قالتها و هى تقفز من الفرح .. قالتها بمعنى اخوى .. او ربما اقنعت نفسها هكذا .. بينما هو تسمر مكانة .. شعر بان دلو ماء مثلج يسكب على جسده .. و ما زاد المصائب .. رؤية والدتها تقف خلفه .. و علامات الغضب و العصبيه تبدو على وجهها ..
يبدو ان الكارثة وقعت .. فليتحمل اذن العاصفة التى ستبدأ الان .. حين تنفجر والدته به و ب لينا .. و ب يزن الذى وعدها بان حسام لن يقترب من لينا .. رغم معرفة يزن بكل خطوه فعلها .. الا ان والدته ستعتقد ان لينا تلعب عليه ..
***********************
يتبع
أنت تقرأ
الاعيب القدر للكاتبه ايمان عبد الحفيظ
Romanceجميع حقوق الملكية تخص الكاتبه ايمان عبد الحفيظ هو من يمحو الحزن و يرسم البسمة على وجهها .. هو القدر الذى أحضره لها القدر ... هل القدر دوما فى صالحنا ؟ ام ضددنا ؟؟.. للكاتبه ايمان عبد الحفيظ " الحسناء حنين سابقا"