×××
يحشر كفّيه في جيوب بنطاله الواسع،ويرمي بنظراته في الأرجاء بينما يلحق بخطواتِ الخادمةِ التي تدلّه إلى مكتب الدوق جيمس والذي ما عاد يستطيع التركيز في الطريق لكثرة الممّرات المليئة باللوحات المعلّقة التي عبروها، والثريات التي لا تخلو غرفة منها، والسجاد الأحمر ذو الأطراف الذهبية.
إذ أنّه، وبعد تفكيرٍ مطوّل، قد قرّر المخاطرة بمبادئه وقبول عرض العمل، إذ لم يقبل يوماً العمل تحت إمرة أحدهم، ولا حتى والده. لكنّه، هذه المرة فقط، أراد قطع الشكّ باليقين، إمّا أن جين تشابلن هنا، أو أنّه ليس كذلك.
وكان -مسبقاً- قد أعدّ الشاي وجلس على طاولة المطبخ وبدأ باحتِسائه عاقداً حاجبيه يفكّر ملياً، ولكن انتهى به الأمر برميه والذهاب للنوم. لم يكن يستطيع التفكير بمساوئ العمل، كان ارتجاله أسوء صفاته، ومن ناحية أخرى، كان الأفضل لراحته.
عندما وضعتِ الحرب العالمية الأولى أوزارها، وتحديداً عند انتصار المملكة المتحدة واحتفال شعبها بين البيوتِ ومراكز التسوّق المحطّمة أنصافها -في بعض المناطق- أو بأكملها في مناطق أخرى؛ مذ كان القصف العشوائيّ شديداً قبيل انتهائها. وفي تلك الفوضى حينما سأل هوسوك والديه عن اختفاء صديقه - جين، أُجيب بما لم يُصدّق يوماً:
"في مكانٍ أفضل الآن"
كانت ملامح والدته تعيسة حينها، إلا أنّه لم يفهمها تماماً، كان في عينيها غيهب مختلف استمرّ لهذا اليوم، مختلف للغاية عمّا عهد من بريق محلّه.
وحينما أراد التأكّد ممّا قد سمع، وتساءل إذا ما كان صديقه قد توفي، بطلقٍ ناريّ أو بقصف في مكان عمله، إلا أنّها لم تُجِبه واكتفت بالصّمت كلما تساءل مجدداً، وحينها علِم أنّه لم يمت، إلا أنّه في مكان ما، رغم إنكار والدته، استمرّ بإقناع نفسه بذلك، ونهايةً كان قد صدّق ما أراده هو، وتفادى البكاء لليالٍ متتالية.طرقت الخادمة باب الغرفة وحينما سُمِح لها بالدخول كانت قد شرّعت الباب ليدلف هوسوك، وتخرج هي مغلقةً الباب خلفها بعد أن انحنت احتراماً لمن يجلس خلف مكتبه.
- عمت مساءً، دوق جيمس تشابلن.
أردف بوِدّ مصطنع بينما يحرر كفّيه من سجنهما.- أتيتَ رغم ذلك، يا صغير! إذن، لمَ لا نتّفق على مواعيد أعمالك؟
شخر بينما يعبث بياقته،ثمّ استقام متّجهاً نحو الآخر.
- حدّدتُ عملاً سهلاً من أجلك، اسقِ الأزهار في الحديقة الخلفية يوميًّا، نظّف السيارة أسبوعيًّا، فلا يصح لمن يستطيع امتلاك سيارةٍ تركها متسخة - كما تعلم. وقم بمساعدة الخادمات إن احتجن شيئاً.
اوه! نسيت عملك الذي جئتَ من أجله!ابتسم مستفزاً الآخر، بينما ينظر لحدقتيه المهتزة وحاجبيه المعقودين وهو يشدّ على قبضة يده:
- امسح أحذيتي يومياً، تجدها عند المدخل.
وأيضًا، يحرم عليك الصعود لطوابق أعلى، ويمكنك الخروج إن أنهيت عملك مبكّراً.
يمكنك الذهاب الآن، هوسوك.درايدن.ابتسم بعدما زفر بضيقٍ مطبقاً جفنيه، ثمّ أعاد رفع شعره الذي بات أطول يغطّي أطراف عينيه:
- يسرّني العمل لديك، دوق جيمس.
ثمّ انحنى بخفّة متجّهاً للخارج.وبعد السير الطويل في الممرات، إذ لم يكن قادراً على تحديد الطريق الصحيح، كان يدور حول نفسه - وهو يدرك ذلك. يزدرد ريقه حيناً ويعاود الثقة بنفسه حيناً أخرى فيستمرّ بالتنهد بنظراتٍ ملولة.
حتى قابل فتاةً تبدو أصغر منه بأعوام، ترتدي فستانًا يغطّي كامل ساقيها وذراعيها، بشعرٍ أصهب قصير، عيناها تتلألأ رغم خفوت الإنارة. اقتربت منه مستفسرةً وجوده هنا.
- أنت الخادم الجديد؟- لستُ خادماً.
أمالت رأسها متحيرة:
- ضيف؟
بحثت حولها عن إحدى الخدم الذي -من المفترض- أن يدلّه على طريقه.إلا أنّه تجاهلها واستمرّ في السير من حيث أتت هيَ، صادف الدّرج على يمينه، ونظراً لهدوء المكان، تسمّر في مكانه ينصت إلى معزوفةٍ كلاسيكية لم يدرك عازفها، إلا أنّها مألوفة إلى حدٍّ ما.
وحينما لاحظ تأخره، خرج، دون أن يشعر بمن كان في أعلى الدّرج يحدّق به.سينام طويلاً بعد كتابته لرسالة جديدة لليوم الأخير من أكتوبر، عام عشرين وتسعمئةٍ وألف.
×××
أهلاً، كيف التحديث السريع بس؟🌚
توقّع عن الشخصيات؟✨✨.
أنت تقرأ
لوندرس.
Fanfiction"البرعم قد أزهر وما زال ينتظر." هوسوك في مهمة البحث عن صديقه. نوفمبر ٨، ٢٠١٨م. cover @Zoe_Su