الجزء الاول

1.9K 138 8
                                    


قصة قصيرة
1
في شهر تموز عام 1990
نام الناس في بغداد على فاجعة يتفطر لها القلب
مقتل امراءة في العشرينيات من عمرها حاملا بشهرها السابع وبطريقة وحشية بعدة طعنات ادت فورا الى وفاتها وجنينها بل ان بعض الطعنات استهدفت الوجه واخرى الجنين عينه

الحادثة هزت المجتمع العراقي واستنفرت كل القوات الامنية للتحقيق فيها
وبعد مضي عام عليها
اغلقت القضية وقيدت ضد عصابة مجهولة
حيث تم الفصل انها حادثة سرقة
اذ نزعت كل الحلي عن المراءة بطريقة عنيفة ادت بعضها الى جروح عميقة
وتم سرقة كل الذهب والاموال في المنزل
لكن الغريب ان الشرطة لم تعثر على اي دليل يربطها بالعصابة التي قامت بالحادث

في عام 2003
قرر الشاهد الوحيد التحدث وفتح التحقيق من جديد
بغداد
عام 1988
كان المعزون يتوافدون لبيت الصائغ ابو نبيل
احد التجار المعروفين والبارزين في صياغة الذهب
مهنته الاساسية كانت تجارة الاقمشة والسجاد
لكنه حديثا انخرط في مجال صياغة وبيع الذهب كي يشرك ابنه في عمل وتجارة مربحة ونظيفة وراقية في حين كان شقيقة الاصغر اي شقيق ابو نبيل هو من يدير اعماله بشكل عام نظرا لسوء صحته
ابو نبيل لم ينجب ابنه الوحيد الا متاخرا
بعد ان انجب اربعة بنات كلهن تزوجن في سن مبكرة
وهاهو يودع ويفارق الحياة وابنه الوحيد الذي كان في الخامس والعشرون من عمره يتوسط صالة استقبال المعزن يرافقه عمه الوحيد واولاود عمته الاثنين
كان نبيل قد اعتاد اخذ مكان والده في محل صياغة الذهب في شارع النهر
منذ ان كان طالبا في كلية الزراعة بدوام جزئي وبعد التحاقه بالعسكرية ايضا
الى ان اقعد المرض الاب وانتهت خدمته العسكرية
فاستلم هو زمام الامور وبدا يشارك عمه ادارة اعمال والده الكاملة
حتى انه كان يقوم بتوزيع حصص بسيطة من الارباح لاخواته البنات
بعد الوفاة بشهرين بدأن النساء بالتحدث الى ام نبيل بضروروة تزوجيه بعد انتهاء فترة الحداد التي عادة ماتكون سنة وربما تزيد عليها شهرا
كان الموضوع شبه محسوم بالنسبة لها لما تراه من علاقة حميمة بين نبيل وابنة شقيقتها الصغيرة انتصار
فالاخيرة كانت تقضي معظم الوقت في منزلهم
ولم تكن تعص على نبيل من طلبات ومشاعر جياشة بحجة مساعدة خالتها في اعمال المنزل
بل كانت على غير المعتاد لا تتوان في اظهار علاقتها بالشاب الوسيم ابن العائلة الثرية
لكن حدث ما لم يكن بالحسبان
في نهاية شهر تشرين الاول
وفي يوم صيفي حاار
كأن الصيف كان يأبى توديع مناخ مدينة بغداد
دخلت امراتين وثلاث فتيات الى محل الذهب
كن شقيقتين وبناتهن الثلاثة
حيث كان نبيل يتناول غدائه مع صانعه حيدوري
كانت المراءة الاولى التي بدات بالتحدث .. ام موسى قد شمرت ساعديها لتختار لعروسهم نادية ابنة شقيقتها التي وقفت خلف والدتها باستحياء
فبدات بالسلام ثم اخذت تتطلع بابتسامة الى الشاب الوسيم ..نبيل
عادة ماكانت العوائل تذهب الى شارع النهر من اشهر شوارع بغداد في الثمانينات ببيع المصوغات الذهبية وتجهيزات العروس
فقالت وابتسامة كبيرة ارتسمت على محياها

----احنى هاي اول مرة نزورك يابه
وعيني نريدك منك شلون يعني تراعينا بالسعر
فاجابها والخجل مرتسم على ثغره باتسامه
--انتوا تتدللون خالة اختاروا الي يعجبكم ويصير خير
--نت تعرف بعد مانوصيك اريد ست بتوتات لبت اختي
عروستنا ههه
وحلقة وتراجي وبعد نريد زنجيل ذهب والمدالية تعرف
يعني موكلش جبيرة ولاصغيرة
ثم استدارت الى شقيقتها ام صباح التي وقفت مع ابنتيها وقد فردت عبايتها السوداء عن امراءة شابة في نهاية الاربعينات من عمرها
لم يكن هناك اي تشابه بين الاختين فام موسى كانت بدينة بوجه دائري عريض وملامح غجرية وعيون خضراء صغيرة
بينما تراخت ام صباح بانوثه ناعمة وعينان عسليتنا واسعتان
فاستدارت الى ابنتها نادية
وهي الابنة الثانية من ثلاث بانت فقط انجبتهن في سن مبكرة ولم تنجب لهن اخا ذكرا
وسالتها بلهجة الام الحنون العطوف
---تعالي يمه نادية شوفي شتختارين انت وخالتج اتفقن هي خو بعد مثل امج
اني حكعد ها اها هنا
ثم جلست على تخت انيق قد اسند الى الحائط قبالة الواجة الزجاجية التي تعرض المصوغات
ثم انزلقت عبائتها على كتفها
كانت قد جلست بالقرب من ابنتها الصغيرة عايدة ذات العشرين عاما التي اسرعت بالجلوس اول دخولهن المحل من شدة التعب الذي انهكها بالسير طوال الصباح وحتى الظهيرة في السوق الكبيرة
ففسحت المجال لناظري نبيل ان يلتقيا لاول مرة بعيون عايدة الزرقاوان شديدي الاتساع
فظل صامتا محدقا بها!
فلمحت الام ذلك فاستدارت نحو ابنتها
فانحنى راس عايدة خجلا من الموقف
فسالت الام الشاب لتقطع هذه اللحظة المريبة
----عيني بلازحمة عليك اذا عندك كلاص مي
ريكنا نشف والله من الصبح طالعين نفتر
فانتبه نبيل ووجه حيدوري
---- على السريع حيدوري جيب خمسة بارد
فشكرت ابنة ام موسى التي رافقت والدتها وهي حامل في شهرها الثاني لطف الشاب وذهبت لتصطف مع خالتها وابنتها على نفس الاريكة
تاركة الساحة لامها والعروس باختيار مايرغبن به

#ماويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن