الجزء الثالث 3

785 103 7
                                    


3
ظل الشاب يراوح في مكانه محاولا اطالة الكلام معهن
والام وابنتها كل واحدة منها تفكر فيه بطريقة مختلفة
فالام كانت تريد ان تربطه بابنتها باي طريقة وباسرع وقت
بينما كان هم الفتاة ان تجد وسيلة اخرى لكي يكون هناك اتصال مستمر بينهما
ظل نبيل يستعلم عن عايدة بطريقة غير مباشرة وابتسامة كبيرة قد خطت وجهه البشوش وقطرات العرق التي راح يمسحها بكل استراحة ممكنة
عرف منهن في اي مرحلة كانت هي
وفي اي جامعة
واعتقد ان هذا ظفر له اذ ان هناك امل اذن ان يذهب ليراها هناك
كما اعطته الام عنوانا تقريبيا لسكنهم
وبسلاسة حديثها كانت قد اشارت الى خطاب العايدة الكثر
وعناد والدها
وهكذا فاجاءت الشاب بسؤالها له عن خدمته العسكرية
كان حينها يقوم بتلميع الاساورالجديدة التي يبدوا انها اخذت وقتا اكثرمن العادة
اجابها وهو يحك راسه ويحاول بمنشفته الصغيرة امتصاص العرق المتجمع حول رقبته فحاول ان يتاكد ان المروحة التي وجهها نحو ضيوفه الاعزاء تعمل بكامل طاقتها
ارتاحت الام عندما علمت انه تخلص من الظل الاسود الذي التصق بمعظم الشبان والطلاب الذين كانوا يرغبونون بالفتاة الجميلة
وبينما انتظر هو منها توضيحا لسؤالها اجابته بعدم اكتراث بابتسامة مصطنعة
ثم ساد بعض الصمت حين كان هو يتأمل زوجا من الاقراط بشكل ورد نرجس صغيرة وناعمة تخيلها تلألأعلى رقبة عايدة الناعمة
بينما تتحدث اليه باعجاب بريئ وخجل لذيذ
فقطع هذا الصمت سؤال الام المفاجئ عن سبب عدم زواجه
وهو الشاب الوسيم ذو الثروة الطائلة واضافت جملة... كما تقول بل انها شدت عليها
ثم خفت تلك الشدة بجملة وكما يظهر عليك
---ونص الشباب في العراق يتمنون ربع حالتك
فابتسم ابتسامة عريضة محاولا ان يخرج من ذلك القالب الملول الذي حشر نفسه فيه
فالقى بنظراته الثاقبة نحو عيون عايدة
محولة منه ان يظهر للجميع اعجابه الجريئ بها وان عليها ان تعلم ذلك
---ماشفت بت الحلال خالة
يعني ماشفت الي اريدها ...
----ان شاء الله تلكاها يمه بنات الحلال واية موجودات يمه ويامكثرهن
قالت ذلك وهي ترمق ابنتها بنظرات تحذيرية وقد ضمت عبائتها اليها بقوة اكبر وهي التي كانت قد تراخت على كتفيها
فاضاف معلقا انه مساة اخرى اعاقت ذلك قالها عاقدا حاجبيه بالم واضح
متحدثا عن فقدان والده حديثا
قطبت ام صباح جبينها وشعرت باستياء شديد بل انها سرحت في حساب المدة التي تقتضيها منتظرة لاتمام سنة الحداد
لم يرقها الامر وهي تعلم صعوبة ابقاء هذا الامر طوال هذه المدة مع طبيعة زوجها المتعبة
فنهضت بعد ان غلف نبيل الاساور بعلبة مخملية جميلة جدا وقدم بالقرب منها علبه اخرى بلون احمر توسطتها الاقراط النرجسية الناعمة
وقال بادب جم انها هدية من المحل لزبوناته الجديدات
فاعرضت الام بشدة بل انها اشعرته بسوء فعلته عندما سالته عن سبب منحهن الهدية وان لاداعي لذلك
تراجع نبيل قليلا الى الوراء متفاجاءا من ردة فعل الام الغير متوقعة
واخبرته انها زبونة ككل الزبونات ولاتظن انهيقوم بتوزيع الهدايا هكذا عليهم عند زيارتهم!!
تلعثم الشاب للمرة العاشرة منذ قدومهن
وشعر بفداحة ماعمل فحاول ان يخبرها انه لم يقصد بالمجان بل انه فقط اختيار المحل لها
وقصد ان تاخذه بسعر مخفض
فرفضت الام هذا العرض ابضا وقررت اخذه بكامل سعره ان لزم الامر
فاحتار الشاب بما يفعل فتدخل هنا حيدوري الذي كان طوال جلوس السيدتين يجلس في تلك الغرفة الخلفية الصغيرة حيث الخزينة الحديدة وادوات التصليح والنتظيف تنتهي بحمام ضيق يفضلها ستار احمر غليط عن واجهة المحل
فاخبر الام ان بامكانها ان تدفع حقه فيما بعد
لكنها رفضت وبشدة
ودفعت له نقدا مستحقات الاقراط التي لم تستطع رفضها لشدة جمالها
بينما كانت تفكر في سرها بامر اخر
خرجت الام بعد ان وضعت كامل النقود قرب الميزان الصغير بينما اسرع نبيل واخرج الاقراط ليلبسها الى جميلته كي تتم كل الخطة التي رسمها في مخيلته منذ الصباح
كانت يداه ترتجفان وعيناه معلقتان بالام التي التصقت بالواجهة الخارجية للمحل تراقب كيفية ارتداء الفتاة للاقراط ويبدوا انها لم تكن ممانعة
فهمس اخيرا انه وضع لها رقم هاتفه تحت الستان الابيض للعلبه
فشكرت الفتاة نبيل بياماءة صغيرة وكلمات متلعثمة ثم اخرجت الورقة الصغيرة من العلبة
ووضعتها قرب الهاتف
ثم سلمت عليه وذهبت
صدم نبيل لتصرف عايدة
وخرج يودعهما هما يسيران بخطوات مسرعة اكثر من العادة وقد شدت الام يد ابنتها مستعلمة عن ما حدث في الداخل
فقالت لها الفتاة انها فعلت كما طلبت منها امها ان تعيد له رقم الهاتف في ما اذا حاول ان يمرره لها
فقبلت الام ابنتها وشعرت بلذة الانتصار وهي تعبر الشارع بالاتجاه الاخر كي تلتلقط احدى السيارات المصبوغة باالون البرتقالي والابيض عائدة للمنزل بكل زهو
في حين كان نبيل يراقب حلمه يتلاشى من بين يديه
مر وقت ليس بالقصير
واستعدت عائلة ام صباح لعرس ابنتها نادية المنتظر من ابن خالتها ام موسى
وبالها عند ذلك الموضوع الذي لم تتمه
كان تسأل ابنتها كل يوم في ما اذا تجرأ الشاب وقدم الى جامعتها
لكن جوابها كان النفي في كل مرة
ذبلت الصغيرة عايدة وصارت تسرح كثيرا بعدما كانت قد بنت قصرا من الاحلام تسكنه مع حبيبها المفترض!
وكانت في كل مرة يتقدم لها احد الاقرباء تسقط بين احضان والدتها توسلا ان ترفضهم عسى ولعل ان يحدث امرا
لكن المراءة يبدوا انها يأست منه
وفي محاولة بائسة اخيرة
اقسمت ام صباح لنفسها ان لم يحدث امر ما بعد هذه المحاولة فانها ستقطع الامل به نهائيا اذا يبدوا انه كان يحاول ان يتسلى بها
انقضت ايام العرس وصارت الام متفرغة اكثر اخذت ابنتها في حميس بداية شهر تشرين الثاني وذهبت كعادتها مسرعة نحو شارع النهر
حاملا زوج الاقراط النرجسية بعد ان قامت بكسر متعمد في احدى خيوطها الذهبية المتشابكة المنسوجة باحكام لتكون تلك الزهرة الجميلة
جلست قليلا اذ يبدو ان نبيلا بم يكن متواجدا في تلك الساعة
رحب الصانع بهما اشد الترحيب اذ يعلم ان سيده مغرم بهذه الفتاة التي ظن انه اضاعها بتصرفه الاحمق!
ولما دخل عليهن
كان يابهى مايكون
انبعثت اسرير الفتاة الجميلة وهي تلتقي بحيبها مرة اخرى وقد ارتجفت شفتاها واناملها الرقيقة وهي ترد تلك التحية الكبيرة والمفاجئة السعيدة التي نعم بها نبيل
بعد ان عانى من سوء الخلق وعصبية المزاج في الفترة التي مضت
ظنا منه ان رد عايدة له كان رفضا قاطعا بجملة الامر وتفصيلاته  

#ماويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن