الفصل السابع والأخير

717 70 14
                                    

- " كتاب شمس المعارف الكبرى الأصلي "
لم تفهم اياً منهما ما يعنيه ذلك الكتاب ولكن النظرة الذاهلة على وجه الرجل الآخر أخبرتهم بأن الأمر أسوأ مما يظنون .. لم تستطيع ام مجدي كبح فضولها أكثر من ذلك لذا سألته دون مواربة ،،،،
- " ما به ذلك الكتاب لم أفهم ؟ وما علاقته بمي ؟ "
نظر الطبيب للكتاب قبل ان يفتح اولى صفحاته وهو يقول دون النظر نحوها ،،،،
- " انه كتاب لتحضير أسوأ وأخطر أنواع الجان، كتاب قد تسبب في أذى الكثير من الناس ولذلك تم حرق كل نسخه .... "
كاد ان يتابع ولكن يديه توقفت فجأة عن التنقل بين صفحات الكتاب .. مد أنامله ليلتقط شيئاً ما والذي رفعه أمامهم وهو يستطرد ،،،،
- " الآن فقط بدأت أفهم علاقة الكتاب بما يحدث للفتاة "
الفضول والترقب ارتسم على الوجوه من حوله فيما ضيقت ام مي بين حاجبيها وهي تقول مشيرة للصورة بيده ،،،،
- " انها صورة مي، لقد التقطها لها جدها برفقته، ولكن أين باقي الصورة، وما هذا اللون الأحمر الذي على وجهها !!! "
قلب الرجل الصورة على الجانب الآخر وهو يدقق النظر في المكتوب في خلفيتها قبل أن يزفر بخفوت وهو يقول بينما يحرك سبابته دائرياً حول كلمة بعينها وهو يقول ،،،،
- " يوكاريست "
- " ماذا ؟ "
صمت لدقائق بعد ان انطلقت تلك الكلمة من الثلاثة أفواه المفروغة حوله وهو يستطرد شارحاً ،،،،
- " كلمة باللاتينية القديمة تعني القربان "
دون أن يهتم بالشهقتان الخافتتان أخذ يطالع الصفحة المقابلة بملامح متغضنة ... زفر مغمضاً عينيه ثم فتحهما وهو يصوب نظراته نحو الدة مي محادثاً الجميع دون ان يقطع تواصل نظراته الثاقبة بخاصتها الضائعة ،،،،
- " هل من الممكن أن تتركوني قليلاً مع والدة الفتاة "
رغم الإنزعاج الواضح على وجه الرجل الآخر الذي يتآكله الفضول حول تلك الحالة التي لم يقابل مثلها من قبل والتي أشعرته بالعجز للمرة الأولى الا انه أزعن لطلبه وهو يتحرك لخارج الغرفة تتبعه ام مجدي التي ربتت على كتف صديقتها بتشجيع قبل ان تشيعها بنظرة آسفة وهي تخرج لخارج الغرفة ،،،
اقترب الرجل عدة خطوات محافظاً على مسافة لائقة بينهما ثم رفع خلفية الصورة أمام وجهها وهو يقول ،،،،
- " لقد قدمت إبنتك كقربان لعمل سفلي استعان فيه والد زوجك بمارد من أقوى مردة الجان، لو حقاً تريدين مساعدتها إشرحي لي كيف كانت علاقتكم بذلك الرجل "
ابتلعت الأم ريقها بتوتر وهي تنقل نظراتها المرتعبة بينه وبين الكلمات الدامية أمامها ، دماء !! الآن فقط علمت من اين أتى باللون الأحمر المحيط بملامح ابنتها في الصورة ولكن لمن تلك الدماء !!
عيناه كانتا تحثانها على البوح ... يرمقها بفضول مهني لم يحاول اخفاؤه وعندها بدأت في الحديث وهي تحاول تجنب النظر لعمق عينيه ،،،،،
- " لم أقابله سوى مرتين فقط، المرة الأولى كانت قبل زواجي والثانية عندما حضرت مي برفقتي لذلك المنزل "
أومأ لها مشجعاً فتابعت ،،،
- " زوجي كان يشعر بالعار من عمل والده بالدجل واهتمامه بالسحر وهو أيضاً لم يكن يوماً له أباً كباقي الآباء، ولكنه كان يخشاه، عندما تزوج زوجي من زوجته الثانية أتيت الى هنا أشتكيه لوالده وقد كانت مي برفقتي ..... ووقتها طلب مني ،،،، "
ثم صمتت عن الحديث وهي تعض على شفتها السفلى بحرج فشجعها قائلاً بفضول ،،،،
- " ماذا طلب ؟ كل كلمة ستقوليها من الممكن أن تفيد ابنتك "
رغم التردد الواضح في عينيها الا ان نظرة واحدة لصورة ابنتها التي رفعها أمامها ليذكرها بسبب حديثها جعلتها تستطرد وكأنها تبثق الكلمات بتقزز ظهر جلياً على ملامحها ،،،،
- " لقد طلب معاشرتي وأخبرني بأن السائل الذي سينتج عن ذلك اللقاء هيأخذه على قماش ويقوم بعدها بعمل عمل سفلي بواسطته لزوجي حتى يعود لي "
سمعت تنهيدة الرجل مصاحبة لإعتصاره لعينيه ولكنها لم تهتم ، ليس بعد ما قالته بالفعل ، لقد أخبرته بالسر الذي أقسمت على ان تصحبه معها لقبرها ،،،،
- " عندما رفضت بانفعال ضحك وقال لي كما تشائين وبعدها طلب من ابنتي أن يلتقطا صورة سوياً بهاتفه "
ثم صمتت فجأة وهي تطالعه بعينان متسعتان بإدراك متأخر وهي تقول بانفاس لاهثة ،،،،
- " عندما كان يلتقط الصورة صرخت مي ثم بعدها وبنظرة واحدة من عينيه صمتت ولم تنطق ببنت شفه ولكن عندما عدنا بعدها للمنزل اكتشفا بأن هناك جرح في ذراعها ولا أذكر أنها قد جرحت من الأساس "
أومأ لها ايجاباً وقد اجتمعت خيوط الأحجية في عقله على ما يبدو ، لم تحتاج لسؤاله عما يدور في عقله لانه و فور انتهائها من حديثها قال ،،،،
- " إستخدام مياه زنا المحارم هي أحد أساليب التحضير، وعندما فشل في إقناعك جرح ابنتك ليحصل على دمائها وصورتها وقام بعدها بعمل التعويذة الموجودة على ظهر الصورة تلك ثم قدمها كقربان للمارد الذي أراد الإستعانة به ... لابد وأني تحمدي الله ان ابنتك لم تختفي "
عقدت بين حاجبيها ولكنه تابع دون اكتراث وهو يشير نحو الرسمة المتوسدة أرض الغرفة ،،،،
- " من الواضح أنها قد أصيبت بمس ولذلك كانت لا إرادياً تقوم بطقوس الزواج "
اتسعتا عيناها بصدمة وهي تقول لاطمة لصدرها ،،،
- " زواج ؟ "
أومأ لها ايجاباً وهو يقلب بين صفحات الكتاب قبل ان يتوقف على صفحة بعينها بظفر مشيراً نحو رسمة مطابقة للمرتسمة على أرض الغرفة ،،،،،
- " نفس الرسمة ومن الواضح انه كان قد أعد لتلك اللحظة جيداً حتى عندما تصلا للمنزل تجد ابنتك طريقة التحضير بسهولة وكذلك المارد كان يساعدها وهو الذي يسيطر عليها الآن حتى تكتمل الطقوس وعندها لم نكن لنستطيع مساعدتها أو انقاذها أو ايجادها من الأساس لنحاول، لأنه كان سيأخذها لعالمه بمجرد انتهاء ذلك الطقس "
نظرت للكلمات الغريبة المتراصة أمامها على الصفحة المفتوحة للكتاب وهي تقول بغير تصديق ،،،،
- " وكيف ستقرأ ابنتي ذلك الكلام ؟ "
- " اخبرتك سلفاً سيدتي انه كان يقوم بمساعدتها، يتلبسها ويتحدث بلسانها، وسيفعل أي شئ حتى يأخذها لعالمه، تلك كانت صفقته مع والد زوجك "
ترقرقت الدموع في عينا الأم وهي تحرك رأسها نفياً بخوف ، سيأخذها ، سيختطف وحيدتها للجحيم الذي لا يليق سوى بوالد زوجها اللعين .. لانت ملامح الرجل وهي يرسم ابتسامة مطمئنة تراها للمرة الأولى مرتسمة على صفحة وجهه قبل ان يقول بجدية ،،،،،
- " لا تقلقي مقاطعة الطقوس انقذت ابنتك، كل ما سنفعله الآن هو أن نقوم بعمل نفس الطقوس ولكن سنقوم بعكس التعويذة المكتوبة "
تدلى فكها ببلاهة فأمسك معصمها برفق متوجهاً بها نحو غرفة ابنتها وهو يقول ،،،،،
- " سنقوم بإحضارها الآن وستجلس في منتصف النجمة الخماسية لقد قمت بتنويمها مغناطيسياً ولن تستطيع فعل شئ لانها عندما تفيق سيكون الطقس قد بدأ بالفعل "
***
وقفت كل من الأم وصديقتها على باب الغرفة بتوتر بينما كان الرجل يساعد الدكتور لبيب في إشعال الشموع حول جسد مي المستكين في وسط النجمة الخماسية التي رسمتها سلفاً .. فتح الطبيب الكتاب بيد بينما وضع الأخرى على رأس مي وهو يهمهم ببضع كلمات انهاها مبتعداً و الفتاة ترمش بأهدابها .. تتأمل الوجوه المحدقة فيها بعدم فهم سرعان ما تحول لغضب وهي تحاول التخلص من الأحبال التي تقيد معصميها وقدميها وكذلك قبضتا الرجل الضخم اللاتي تثبتانها أرضاً في مكانها .. أخذت تصرخ بصوت مرتفع بينما لبيب يردد كلمات التعويذة المعكوسة بصوت مرتفع .. وكلما علا صوتها علا صوته كذلك وهو يتطلع في عينيها بثبات مردداً التعويذة مرة تلو الأخرى .. كادت الأم أن تقترب منها عندما بدأ جسدها يختض بشكل مرعب تزامناً مع  فتحها لفمها بشكل مبالغ فيه ولكنها توقفت عندما رفع لبيب يده مستوقفاً لها دون ان يحيد بعينيه عن عينا ابنتها التي انقطع صوتها في تلك اللحظة تماماً .. ضباب أسود كثيف بدأ في الخروج من فمها تبعه الطبيب بنظرة ذات مغزى للآخر الذي بدأ في ترديد آيات من القرآن الكريم دون توقف .. تهالكت مي أخيراً على أرض الغرفة بينما تجمع الضباب فوقهم مشكلاً هيئة ضخمة مرعبة .. أخذ الرجل يردد آيات القرآن بضراوة وقد بدأ الطبيب في مشاركته في ترديد نفس الآيات بصوت مرتفع .. صرخة مرعبة وكأنها خرجت من أعماق الجحيم شقت الأجواء تبعها صمت مهيب بينما يتحول الهيكل الضبابي لكتلة عملاقة من النيران المشتعلة فوق رؤوسهم .. دقيقة واحدة وبعدها توقف كل شئ .. تهالك الدكتور لبيب على ركبتيه بانهاك بينما القي الآخر بجسده المنهك على الفراش من خلفه .. بعد ان التقط لبيب انفاسه اقترب بوهن من وسط النجمة بعد ان سحبتا السيدتان جسد مي التي بدأت تستفيق الآن بعيداً بأمر منه ليلقي بالكتاب في المنتصف قبل ان يشعل فيه النيران 
***
- " هل انتهى كل شئ الآن ؟ "
أومأ الطبيب باسماً لأم مي وهو يقول بجدية ،،،،
- " أجل سيدتي والشيخ رحيم قام بتحصين المنزل بالقرآن الكريم، لا تقطعي القرآن عن منزلك أبداً خاصة سورة البقرة، وتلك الغرفة بعد أن أفرغنا ما بها لم يعد بها ما يثير قلقك، منزلك الآن نظيف وكذلك ابنتك  "
ابتسمت الأم بامتنان ثم اقتربت بتردد من الرجل وهي تسأله بحرج ،،،،
- " حسناً سيدي وكم تريد ؟ "
بادلها الرجل الإبتسام قبل ان يشير برأسه نحو باب المنزل المكسور وهو يقول ممازحاً ،،،،
- " فلتعتبريه إذن ثمن تصليح الباب "
لم يطلب يوماً أجر من أحدهم على تجربة علمية جديدة يخوضها .. هو رجل يبتغي العلم لا أكثر لقد أسداها خدمة وفي المقابل حصل على مقال جديد ، معلومة جديدة ستفيده في بحثه القادم .. لقد أحرق الكتاب لانه مرتبط بلعنة الفتاة المسكينة .. لن يغامر على حسابها .. ولكن بالطبع سيكون هنالك نسخة أخرى ، في بلد آخر ، في مكان آخر تنتظر من يدرسها ، من يعرف كيف يقرأها بعملية متلافياً مخاطر العبث بمحتواها، واليوم سيبدأ في كتابة مقاله البحثي الجديد عن مي عن ........

( يوكاريست )

تمت بحمد الله

يوكاريست حيث تعيش القصص. اكتشف الآن