المقدمة

3.1K 78 1
                                    

يوم صيفي حار وشمس لم يخفت وهجها رغم اقتراب الساعة من الخامسة عصراً .. ميعاد عودتها اليومي .. ترجلت عن الحافلة بعد أن ودعت زميلتها في العمل .. تزفر بخفوت وهي تحاول التقاط إنفاسها التي إختنقت بداخل رئتيها بسبب الزحام الخانق بداخل الحافلة الممتلئة عن آخرها بالركاب .. ابتسمت بود للبائعة التي تجلس على قارعة الطريق .. تحييها بإيمائة من رأسها وهي تتجاوزها لتقترب من الحي البسيط الذي تقطنه .. تحاول الإسراع رغم خطواتها الثقيلة آملة في الحصول على حمام بارد ينعش جسدها ويزيل قطرات العرق التي تشعر بها الآن تنساب على طول ظهرها .. توقفت فجأة مجفلة عندما قطعت عليها الطريق سيارة سوداء فخمة بزجاج داكن .. ورغم التوتر الذي ألم بها الا انها استجمعت قوتها وهي تقرر تجاهل نوبة الرعب التي عاجلتها والإلتفاف حول السيارة لمتابعة طريقها .. فتح باب السيارة فجأة ليترجل عنها رجل ضخم الهيئة يرتدي بدلة أنيقة سوداء اللون .. يضع نظارة شمسية تخفي ملامحه التي تشك في أنها تعرفها من الأساس .. حثت الخطى ولكنها توقفت فجأة بعينان جاحظتان وهي تسمعه يحادثها بإسمها، ذلك الذي لا يحمل لها سوى الألم، ذلك الذي تناسته لسنوات بينما يطلب منها بأدب ركوب سيارته،
وضعت يدها لا إرادياً بحمائية فوق بطنها المنتفخ قليلاً وهي تتفقد ما حولها، الجميع يتابع الموقف بصمت .. دون أي نية للتدخل لمساعدة تلك المسكينة .. وكأنه قد لاحظ ارتعابها .. وضع يده في جيب سترته .. تراجعت خطوة للخلف تبتلع ريقها كرد فعل تلقائي على فعلته .. ولكنها كادت تزفر ارتياحاً عندما إستل هاتفه وهو يشير لها بيده مهادناً قبل أن يضغط على زر الإتصال، الإسم الذي هتف به جعل عيناها تتوسعان وهي ترمقه بغير تصديق، مد يده لها بالهاتف يطالبها بالرد على سيده
رمقته بشك والذكرى تطرق برأسها دون رحمة ، ذكرى أملت أن تسقط عن ذاكرتها يوماً ما ولكنها ببساطة لم تستطيع .. كابوس لعين رغم تجاوزها له الا أنه عاودها الآن بقسوة بينما تتطلع في ذلك الرجل المهيب أمامها .. ابتلعت ريقها بتوتر وهي تتحاشى النظر لوجهه وبأنامل مرتجفة سحبت الهاتف من يده لتضعه على أذنها دون كلمات ليأتيها ذلك الصوت الذي تعرفه حق المعرفة ، صوت من الماضي اللعين الذي ظنت أنها قد تركته خلفها للأبد .. إستمعت بصمت للكلمات المقتضبة على الطرف الآخر قبل أن تبعد الهاتف عن أذنها أخيراً لتناوله إياه .. ثم وبدون كلمات فتحت باب السيارة المجاور لها لتحتل المقعد خلف مقعد السائق بينما خافقها يضرب بين جنبات صدرها بجنون وسؤال واحد ظل عالقاً في رأسها دون إجابة
هل حياتها في خطر !!!

أهازيج الضلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن