قام جوزيف في أسبوعه الأول بالجامعة بإنهاء أموره الروتينية ، انتسابه وأمور سكنه ، وتأمين بعض حاجيّاته ..
رمى جسده المتعب على الأريكة محدثا نفسه :
"كان أسبوعا عصيبا ، يبدو أنني لن أقضي عطلة نهاية الأسبوع بعيدا عن هنا ، مازال هناك كثيرا من الأشياء علي إنجازها "
ثم أغمض عينيه يريحهما قليلا ، قبل أن يراوده خيال أماندا ، طالبة بالجامعة بنفس تخصصه ، طلبت منه مساعدة بسيطة بما يخص بعض الأوراق ومضت ، سمع إحدى الفتيات تنادي باسمها فعرفه ، ولكنه لم يكترث كثيرا وأكمل سيره مغادرا المكان ..
قرر جوزيف الخلود مبكرا للنوم ، والهروب من تلك الأفكار التي تعصف به يمينا وشمالا ،فكل مكان جديد ننتقل إليه لا بد وأن تساورنا بشأنه جملة من الأفكار المقلقة التي لا تنتهي ، وكذلك فعل ..
اتصل بوالديه ووعدهما أن تصبح زياراته الأسبوعية منتظمة بعد أن يستقر على وضعه الجديد ، كانت المنطقة جديدة عليه وعلى رفاقه ، لذلك استغلوا اليوم الأول في العطلة للتعرف عليها ..
عاد جوزيف لسكنه نهاية اليوم ولكنه تعثّر بحقيبة كتبه ووقع على الأرض ، وعندما عاد لجمعها ، وقع نظره على دفتر المذكرات ذاك ..
" يا إلهي ، غدا ستتوجه أنابيلا للقطار ، يجب علي إعادة دفترها لمكانه في هذا الوقت ، لماذا أدخل نفسي بمشاكل الآخرين ، كم أنا غبي ، أوه غبي ومتعب للغاية ، ولكن لا خيار لدي ، لا بد أن قراءة قصة حيّة يستحق بعض التضحيات ! "
خرج جوزيف في ذلك الوقت المتأخر من الليل ، بملابسه العفوية من مبنى السكن ، لمحه سال أحد أصدقائه من الأعلى ، فاتجه لهاتفه وقام بالاتصال به ، ولكن هاتف جوزيف كان يرن وحده بغرفته المظلمة ، شعر سال بالخوف ، فلماذا لا يرد على هاتفه؟ ، هل فعلا من رآه كان صديقه جوزيف أم أنه تخيّل ذلك من شدة التعب ؟ ، توقع سال أنه كان متعبا كثيرا ، وأنه تخيّل كل شيء رآه ، وأن صديقه نائم الآن ولن يرد على الهاتف ، وخلد بدوره للنوم ..
فيما كان جوزيف يواصل توجهه نحو القطار ، ووقع في مشاجرة مع سائق الأجرة ، لأنه أوصله ولم يحصل على أجرته ، فلقد نسي إحضار محفظة أمواله معه ، واضطر لإكمال طريقه سيرا ، وهو يلعن غبائه واستمراره به ، ولكنه لم يفكر بالتراجع عن ذلك ..
وصل لمحطة القطار ، وكالعادة كانت المحطة الأقل ارتيادا من الناس ، كونها تحوي قطارين لكل منهما وقته المحدد ، وينقلان الناس لمناطقهم البعيدة تكاد تكون رحلاتهم محدودة للغاية ، بالإضافة لهذا الوقت المتأخر من الليل ..
تحدث مع صاحب القطار ، وتظاهر بفقدان بعض الأشياء ليسمح له بدخول القطار دون تذكرة ليبحث عن أغراضه ..
دخل جوزيف القطار ، واضعا الدفتر بذلك المخبأ الذي كان فيه ، وتأكد من أنه مخبأ بشكل جيد ..
أنت تقرأ
مذكرات متشرّدة
Short Storyدائما ما تحمل رسالة الورق مشاعرا وقيمة ، قد تغيّر بها حياة إنسان ، فكيف بدفتر منها ، لا يُكتب إلا بدافع التنفيس والتفريغ عن ظلم على كاهل فتاة لم تجد من يهتم لأمرها ، ويحدث أن تسبر تلك الكتابات عمق أحدهم ..