- أين يمكنني إيجاد أستاذ التاريخ ' بيون بيكهيون' ؟
استأنفت إحدي الطالبات علي عُجالة مُوجهتاً كلامها لزميل لها ،دفع الأخير بسبابته نظارته -والتي كادت أن تنزلق - للخلف ، ثم أمال برأسه قليلاً للجانب وصمت هُنيهة يفكر ، وفجأة انتفض صائحاً بإبتسامة واسعة :- أجل لقد تذكرت أخيراً ! لقد رأيته منذ لحظات في المكتبة .
جفلت مكانها من حركته المُفاجأة لتهز رأسها مرات مُتتالية مُجيبة إياه بنبرة قوية :
- حسناً ، أشكرك كثيراً .
وأسرعت فارّة من أمامه وهي تهز رأسها للجانبين بإستغراب ، وطأت أخيراً قدمها أرض المكتبة لتبدأ في رحلة البحث عنه ، دقائق وكانت تقف أمامه ، تراه قابعاً علي إحدي المقاعد بينما تحتوى إحدي يداه علي كتاب يرفعه لمُستوى بصره ويقرأ فيه بتمعُن شديد ، لا يفصلها عنه سوي مترين فقط ، شعرت بالرهبة من هيبته ، وحُضوره الطاغي علي الكُل هنا ، دحرجت نظراتها تتفحص المكان حوله فوجدته فارغ الإ من طالبين فقط !
شعّرت بالبرد فجأتاً ، بللت شفتيها بتوتر ثم سحبت نفساً عميقاً تهُديء به نبضاتها التي تتراقص علي قفصها الصدرى وكأنها معزوفة ! شدّت من قامتها مُشجعة نفسها بحماسة ، فها هي تقف أمام " مَوسوعة التاريخ " كما يطلقون عليه بعض الطلاب ، تقدمت له راسمتاً الثقة علي قسمات وجهها المُتعرقة بالفعل !
تنحنحت فورّ ما وقفت أمامه لكنه لم يبدِ أي ردة فعل !
شعور الإحراج يُضَخ الآن بكل خلية بجسدها ! هو حتي لم يلتفت لها ! أو يُبدي أي ردة فعل ! بل لم يتحرك قيد أنمله قط !!
- أُستاذ ' بيون ' ! هل لي بكلمة ؟
تساءلت بنبرة حاولت إخراجها بصورة طبيعية ولكن بعض حروفها خرجت متذبذة ، والجواب كان الصمت ، وكأنها تحادث الهواء ! وقفت مَشدوهة مكانها ثم ادارت وجهها وهي تضحك بزهول ، جزّت علي أسنانها بحُنق والتفتت لتُغادر مُحافظتاً علي ما تبقي من ماء وجهها .
- القاعدة الأولي " عدم إنتهاك الصمت السائد أبداً أثناء القراءة ، إلا إذا رفع القاريء وجهه وقد إنتهي بالفعل " .
التقطت أُذنيها صوته الرخيم عقب استادرتها مباشرتاً لترمش بتوتر وتبتلع ريقها مُرطبتاً حلقها والذي جف فجأتاً ، عادت أدراجها تطالعه بغرابة لتردف مُوضحتاً :
- ولكنني أُريد ...
رفع يده مُشيراً لها بالصمت لتبتر كلامها وهي تشعر بأنها كالمُغفلة أمامه ! ما تلك المُعاملة ؟! هي حتي لم تُعرِّف عن نفسها !!
أنت تقرأ
حلم جوسون || B.B.H.
Adventureانتَشلها من ديمومةٍ الإعتياديّة ، وكُل إرادتِه مُنصبّة علي دَفعِيها تِجاه آفاق المَاضي الغَنِي لترسم بنقوش التّاريخ لوّحة تخرجها ، فلم يَكُن " مَوسوعة التّاريخ " لقبهُ هدراً ، ولكن انفلتت دَفَّة الأمور من يَديهِ ، ليسوقهم القدر نَحو المَجهول ، كحُلم...