حُسم الأمر بالفعل ، ولم يَكُن لها بدّاً من المُعارضة ، بل فعلياً هي ليس لها حق فعل ذلك مُذْ قبلت أن يشرف بنفسه علي رسالة تخرجها ، كانت علي عِلم مُسبق بحتمية وجود زيارات للآماكن الأثرية ؛ ليكون البحث أكثر جدياً وقائماً علي أساس مُـؤكد وواقعي ومَلموس ، ليس علي بضعة أبحاث مَشكوكة المصدر .
حزمت أمتعتها بناءاً علي طلبه وانتظرته في محطة القطار ؛ ليشرعوا في رحلتهم الي منطقة غير معروفة تم اكتشاف بها قطعة أثرية ثمينة مُؤخراً ، والتي آثر قصدها لندرة الأبحاث عنها ولأنه وجد بأنها فرصة الأحمق فقط من يولي لها ظهره ، هي حقيقتاً لا تعلم ماهيتها للتشديد من نشر الصور حولها لا تعلم لمّ ! فضلت أن لا تُهلك ذهنها في الإجابة عن ذلك السؤال الذي يجعلها ترتاب مِمّا هو مجهول ومما هي مُقدمة علي فعله ، فعندما قررت البحث عن تلك القطعة الأثرية تقافزت بعض الإشاعات علي شاشة حاسوبها وكُلّ منها تختلف عن الأخرى ، فلاينفك كُل شخص يضع لمسته مُضيفاً للإشاعة خرافة أغرب من التي سبقتها .
تثاءبت بخمول وعاتبت نفسها علي عدم أخد قسط كافٍ من الراحة بسبب نخرها المُتواصل في الموضوع وحماستها الممزوجة بتوجسها من تلك الرحلة الغامضة !
كادت جفونها تنطبق لولا أن سمعت صوته يصدع في المكان مُستأنفاً بهدوءه المُعتاد :
- القطار سيفوتكِ أيتها الكسولة !انتفضت من مجلسها علي أثر صوته وجاهدت علي فتح أعينها لتحدق به بإبتسامة بلهاء :
- أستاذ ' بيون ' ! لقد أتيت .تحرك لتتبعه نحو القطار وهو يلوي فمه ساخراً مردفاً :
- بل هذا شبحي أرسلته لكي يصطحبكِ !فضّل اتخاذ مقصوره خاصة ، فالطريق طويل بالفعل ولا يريد أن يُرهقا قبل إنجاز أي شيء مما جاءوا من أجله ، تنهد وهو يراها نائمة بعمق وكانها لم تنم منذ أسابيع !
ثم أخرج كتاب قد إشتراه ليكون دليلاً لهم وشرع يقرأ فيه بصمت .تمطت بذراعيها وهي تفتح عينها ببطء ورمقت المكان حولها بغرابة وشعورها يتأرجح ما بين الخوف والتيه وما لبث أن اتنفضت من مكانها مُتلفتة حولها بحركات شبه مُتشنجة ، لكن ثوانٍ وقد هدأت حركتها عندما التقطت أُذنيها صوته الهاديء يقول ومازالت أنظاره مُسلطة علي أوراق الكتاب :
- لمْ تخطفكِ عصابة لتبيع أعضائك بالطبع يا مُغفلة !
شعرت بوجنتيها تحترق فهو بكل سهولة أفصح وفضح أفكارها السخيفة بدون عناء يُذكر ، ابتسمت بحرج ثم أزاحت تلك الخصلات التي شوشت رؤيتها وهي تهمس بخجل بينما قد تعلقت أنظارها بوجهه ذو الملامح الجامدة :
- كيف عرفت بما أفكر ؟هربت منه بسمة صغيرة ليرفع وجهه متطلعاً لهيأتها المُتحرجة قائلة :
- ليس بالصعب ان أخمن فيما تفكري .
أنت تقرأ
حلم جوسون || B.B.H.
Abenteuerانتَشلها من ديمومةٍ الإعتياديّة ، وكُل إرادتِه مُنصبّة علي دَفعِيها تِجاه آفاق المَاضي الغَنِي لترسم بنقوش التّاريخ لوّحة تخرجها ، فلم يَكُن " مَوسوعة التّاريخ " لقبهُ هدراً ، ولكن انفلتت دَفَّة الأمور من يَديهِ ، ليسوقهم القدر نَحو المَجهول ، كحُلم...