أغمض جفنيه بيأس وهو يبحث بدأب عن حل لمعضلتهم تلك ، وكأنه يفتش في خلايا مُخه ، وكلما مر الوقت كلما اشتدت أعصابه أكثر ، زفر بتعب وهو يلوي عُنقه لينظر لها وقد انزوت بجانبه تنتحب بخفوت علي حظهم العثر ، ضرب رأسه بيأس للخلف ثم دس يده داخل حقيبته ليخرج منديلاً ورقياً ومده لها بصمت .
تعلقت أعينها الحمراء الباكية بمُقلتيه تستنجده ، فبدالها بنظرات مُحبطة ، ليعلو نحيبها من جديد وهي تجذب المنديل من يده وتُمرمغ وجهها به .
كور قبضته ثم بكل عزمه ضرب الأرضية الصُلبة وهو يلعن من وضعهم في ذلك الوضع الخطر ، ثم دحرج بنظراته يدرس كل ثغرة في ذلك المكان بحرص .
قطع ذلك الهدوء صوت صرير الباب لينتفض من مكانه معتدلاً وتبعته هي وهي تهتف بسعادة مُلوحتاً بذراعيها في الهواء :
- لقد فُتح ! يا إلهي لقد فُتح أخيراً !!رقضت ' جايون' سريعاً نحو الباب ، في حين لم يمنع ' بيكهيون ' ثغره من الإبتسام بارتياح وهو يجذب حقيبته من الأرض ويتجه بحماس خلفـها .
صُعقت عندما وجدت نفسها في الخلاء الواسع وسط الصحراء ، وانضم هو إليها أيضاً ليشاركها في حالة الزهول ، حاول ابتلاع الصدمة وهو يهمس بصوت مُستنكر وصل الي مسامعها :
- بحق هذا اليوم المشؤم ! أين نحن ؟!!ارتجفت هي لتحدق به وعلامات الصدمة ترتسم علي قسمات وجهها ، ثم صرخت بانفعــــــال وهي تدبدب علي الأرض بقدميها ، وتشد شعرها ،بينما وقف هو يطالعها بغرابة وقد ابتعد عنها بعض السنتيمترات مُتوجساً من أي خطوة ستتخذها .
هدأت حركتها وهي تتنفس بصوت عالي ، لتسقط علي الأرض من فرط المجهود الذي بذلته وهي تضع يدها علي أذنيها بعدم تصديق !
ظل راقب انفعالاتها لدقائق حتي قرر أن يتجه صوبها ، وقف أمامها فحجب عنها الشمس وربت علي كتفها وهو يقول مُواسياً :
- لا أعلم ما عليّ قوله حقاً ، ولكن أعجز عن تفسير ما حدث لنا !رفعت وجهه مُبدية اهتمامها لحديثه ليكمل بحزم :
- ولكن علينا أن نبحث عن مكان نأوي إليه قبل أن تُظلم ونعلق هنا في جوف الصحراء .سمعها تزفر بإنهاك ، ليجلس علي ركبتيه أمامها وقد احتوي وجهها بين كفيه الدافئين قائلاً بلطف:
- هيا لنتحرك ! فليس بحوذتنا أي خيارات أخري !أومأت باستسلام لينهض وينتصب بظهره ثم ساعدها علي الإعتدال وشرعوا في سيرهم نحو المجهول !
مرت ساعة ونصف علي سيرهم وقد بلغ التعب أقصاه وتمكّن منهم ، قرروا بأن يأخذوا راحة فتوسدوا الارض وتمددوا مُحدقين في السماء بتيه ، اعتدل ' بيك هيون ' ليخرج قارورته ثم أسندها علي طرف شفتيه وارتشف آخر قطرات منها ، القاها بجانبه بغضب وهو يستطرد بنزق :
- نفذ الماء ! الآن ما العمل ؟!!
أنت تقرأ
حلم جوسون || B.B.H.
Avventuraانتَشلها من ديمومةٍ الإعتياديّة ، وكُل إرادتِه مُنصبّة علي دَفعِيها تِجاه آفاق المَاضي الغَنِي لترسم بنقوش التّاريخ لوّحة تخرجها ، فلم يَكُن " مَوسوعة التّاريخ " لقبهُ هدراً ، ولكن انفلتت دَفَّة الأمور من يَديهِ ، ليسوقهم القدر نَحو المَجهول ، كحُلم...