تجلس على المقعد في الغرفة المفتوحة واضعة ساقا فوق اخرى بكل أناقة تطالع آخر صيحات الموضة على جهازها اللوحي بانتظار دورها .
_ مرحبا ماريا
قالت المزينة شيماء وهي تعلق حقيبتها الجلدية باهضة الثمن وتنحني لتسلم عليها .
فتتخلى ماريا عن جلستها الرسمية وترد التحية ببشاشة.
تفتح شيماء أزرار سترتها بسرعة بعد ان خنقتها الحرارة المنبعثة من أجهزة التكييف ومجففات الشعر وهي تقول :
_تريدين تغيير مظهرك مجددا ؟أجابت بهدوء :_ أجل ، لقد مللت من نمط الفتاة المدللة.
ابتسمت شيماء ساخرة : _ أرى ثقبا في أنفك ؟ ما هو المظهر الجديد الذي تنوين عليه ؟
تمسك ماريا الجهاز اللوحي وتكبر الصورة المحفوظة بداخله ثم تميل نحو الاخرى قائلة : أريد هذا اللوك .
_ آااااه ..... فتاة المافيا ،هذا مغاير تماما لشخصيتك وأسلوبك .
حركت ماريا أصابعها الرفيعة ذات الأظافر المطلية بلون زهري فوق شاشة الجهاز اللوحي وهمست : للشعر أريد مزيجا بين اللون الأسود الفاحم و الأرجواني الغامق .... مكياج دخاني و الأسود للأظافر ....
قالت المزينة وهي تقودها نحو المغسلة ، لكن هذه الألوان لا تناسب بشرتك .
اجابت ماريا وهي تحني رأسها نحو الخلف وتسمح للمزينة بفرد شعرها وغسله : _ لا تقلقي لدي المستحضرات اللازمة ، وهذا اللون الاسمر هو مجرد برونزاج .
بأصابع خبيرة دلكت شيماء شعرها جيدا بينما اغمضت ماريا عينيها مستمتعة بالاحساس الرائع الذي يبعث داخلها رغبة غامرة في النوم
*
في متجر صغير بواجهة زجاجية وسط المدينة يحمل اسم *مملكة الأعشاب الطبية *
كان نذير يفرغ الطرد أمامه ويدون محتوياته في السجل عندما دلف أحدهم إلى المحل
حين رفع رأسه ليتبين الداخل تجمدت نظراته عليها ... امرأة شابة ملتحفة بالسواد تسدل النقاب على وجهها ولا يبدو منها الا تلكم العينين الذهبيتين المكحلتين بعناية .
• صدقا إن بعض النساء فتنة*
هذا ما فكر به وهو يستقيم واقفا ذاهلا عندما ألقت الزبونة السلام بصوت خفيض وعيناها تجوبان اركان المحل بارتباك
وحين ساد الصمت المربك عادت لتسأل : _ أين صاحبة المحل ؟لقد سجلت طلبا منذ أسبوع .
فتح الدفتر أمامه قائلا : _ ما اسمك ؟
همست : دنيا زاد .
هل وجب قلبه للتو .... اسمها شاعري جدا .
مرر إصبعه على لائحة الطلبات حتى توقف قائلا بحماس : _ آه هاهو ... طلبك تم تجهيزه مساء أمس
ابتسمت المرأة بامتنان وفتحت حقيبتها تنوي إعطاءه ثمن الخلطة لكنه استوقفها قائلا : للأسف عليك انتظار صاحبة المحل لأني نسيت مفاتيح الخزائن .
_ وهل ستتأخر ؟
_ سأتصل بها حالا .أجرى اتصاله السريع دون ان تفارقها عيناه الفضوليتين
تساءل وهو بانتظار الرد ( ترى ما الذي يخفيه النقاب تحته ؟ أي وجه ستمتلكه امراة بعيون ذباحة كتلك ؟)
التقت عيناهما فجاة فابتسم مغلقا الهاتف واشار الى الطريق قائلا : _قالت انها قادمة وهي خلف مبنى المكتبة ذاك .
نظرت الى حيث اشار وما هي الا ثوان حتى ظهرت امرأة شابة تمشي بخفة وحيوية في سروال جينز ممزق من ركبتيه وقميص رمادي ناعم وفضفاض ينسدل على جانب واحد كاشفا احدى كتفيها بجرأة واما الحذاء فكان بكعب رفيع وطويل جدا يصدر صوتا رنانا مع كل خطوة ، دفعت الشابة الباب الزجاجي وقالت بصوتها المرح المفعم بالطاقة الايجابية : مرحبا هل تأخرت عليكم ؟.
نظر كل من الزبونة والمساعد نذير الى ماريا بصدمة
لتكون دنيا زاد صاحبة اول ردة فعل وهي تقول بحيرة :هل انت صاحبة المحل التي سجلت طلبي ؟
هزت تلك رأسها موافقة وهي تضع الحقيبة الجلدية الصغيرة التي تحملها في يدها على الطاولة الداخلية
تساءلت دنيا زاد : ألم تكوني شقراء ؟
أما نذير فهتف بذهول : ما هذا الذي فعلته بنفسك ماريا ؟ تبدين كم خرج توا من فلم vampire
صدرت منها ضحكة مكتومة ولم تجب اي منهما
وتقدمت نحو الخزانة مبتسمة بشقاوة و قامت بإخراج علبة زجاجية تحوي مزيجا من العسل والحبة السوداء وبدور الكتان والصمغ .
وضعتها أمامها ونظرت نحو المرأة المنقبة قائلة وهي تزيل شريط التسعيرة : هاهي خلطتك جاهزة ، سعرها 1200 دينار .
مدت المرأة ذات النقاب يدها بالنقود وترددت قليلا قبل ان تسأل بخفوت : هل لديك عشبة * العرعار * ؟
رفعت ماريا نحوها نظرات متعجبة فبل ان تقول : _اجل .
- أعطني كمية .... حوالي خمسين غراما .
في تلك الإثناء غادر المساعد متسلقا السلم نحو العلية حيث يقوم بحفظ قارورات الزيت و بعض المكونات التي لا تتحمل الرطوبة