المقدمة

479 7 0
                                    


طفلة صغيرة تحتضن لعبة دب من الفرو يعادلها طولا .... تقف في حيرة وسط الصالة الفاخرة لمنزلها تنظر بذهول الى كل اولئك الأشخاص بالبدلات الرسمية والوجوه المستاءة   يتناقشون بحدة  ولهجة عدوانية وعنيفة
.....كلهم أقاربها
وكلهم دون استثناء يريدون كفلها وضمها الى عائلتهم
هي ماريا ذات العشرة أعوام الابنة الوحيدة  لأشهر واغنى رجل في المدينة. توفي والدها  منذ أسبوعين فقط وترك لها ثروة خيالية  تسيل لعاب كل فرد من افراد العائلة
الأعمام والأخوال و حتى أولئك الأشخاص الذين تجمعهم معها علاقة قرابة بعيدة  جاءوا اليوم لأجلها ليس حبا فيها  إنما طمعا في امتلاك الطفلة *الكنز* الذي سيحصل وصيها على امكانية التصرف في كل أموالها حتى تبلغ سن الرشد .
_ ماريا ستختار.
انطلقت الجملة بحدة متسببة في موجة صمت عمت المكان  والتفتت جميع الأنظار نحوها بتحفز
بينما انكمشت هي حول نفسها وضمت الدب الكبير اليها بقوة 
ترددت الجملة مجددا بالصوت العميق لرجل خمسيني تخلى عن وقفته وسط الحشد وتقدم نحوها  بابتسامة مصطنعة قبل ان ينحني ويجثو على ركبتيه أمامها  وبصوت وضع فيه  كل الحنان الزائف : _ ماريا حبيبتي مع من تريدين العيش ؟
رغم الحنو في صوته والهدوء في نبرته كانت كل ملامحه تحمل تهديدا لها  وكان عيناه تقولان لها  : _ إختاريني أيتها اللعينة .
ارتعشت شفتاها بخوف وتراجعت نحو الخلف حيث تقف الخادمة وأمسكت بثوبها بيدها المرتجفة
الخادمة التي كادت تبكي للحال الذي وصل اليه اسياد هذا المنزل الذين كانت تحبهم وتخدمهم منذ سنين طويلة
الام التي ماتت أثناء الولادة
الأب الذي توفي بشكل مفاجئ بعد ارتفاع ضغطه يجنون لسبب مجهول  والسيدة الصغيرة التي ربتها على يديها كما ربت ابنتها و أيدي الطامعين من اسرتها تتلقفها  و تضغط عليها
_ لا تضغط عليها الطفلة خائفة  .
وقف الرجل الذي كان جاثيا امام ماريا  ونظر بحدة نحو الخادمة التي تجرأت على الكلام  واعطاء رأيها قال بحدة  وهو ينظر في وجهها بازدراء : الخدم مكانهم في المطبخ . ... وماريا ستختار الآن
قال ذلك وعاد ينظر الى الطفلة وهي تتشبث اكثر بثوب الخادمة بعد ان تركت دبها يقع ارضا
وحين نفذت منها الخيارات  وجميع العيون مسلطة عليها تركت مكانها واندفعت راكضة بقوة نحو الشخص الوحيد الذي تعرفه بين كل هولاء  امرأة فاتنة الجمال  تقف وسط الجموع .... امسكت ماريا بثوبها القصير بقوة وهتفت بصوت مرتعش باول جملة نطقتها منذ توفي والدها  : انا سأبقى مع أمي داليا .
تلقائيا ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه زوجة أبيها المتكبرة وطالعت الحاضرين بنظرة تشفي وانتصار قبل ان تنحنى وتربت على شعر الطفلة قائلة : وهو كذلك يا فتاة  .... أنت ستبقين معي .
عم الصمت مجددا فلا أحد يجرأ على الكلام معها او الاعتراض عليها في وجود المحامي  وكل أولئك الحراس الشخصين الخاصين بسيد المنزل المتوفي
وقف المحامي حاملا حقيبته الجلدية واتجه نحو المرأة الفاتنة ذات العيون الزرقاء كصفحة بحر هادئ في صباح صيفي
_ حسنا سيدة داليا  أنت ستكونين الوصي الشرعي على ثروة ماريا ...... حتى تبلغ الثامنة عشرة من العمر
سأجهز الأوراق اللازمة في أقرب وقت مري على مكتبي للتوقيع .
بينما تعالت التمتمات الساخطة لاقارب الطفلة كانت ابتسامة داليا تزداد اتساعا  وهي تصرخ بصوت داخلي  ( اجل لقد حصلت عليها أخيرا ....الثروة  )
عندما خرج الجميع من منزلها  عادت ماريا لصمتها الحزين مجددا واعتكفت في غرفتها 
جالسة على سريرها مغمضة  العينين  تتنفس ببطء شديد وتسافر بمخيلتها الطفولية  لتلتقي بوالديها في حلم مبهج  تنسج خيوطه في عقلها اللاواعي

 أوراق التارو حيث تعيش القصص. اكتشف الآن