الفصل الثامن

123 4 0
                                    


اليوم الثاني
..... الوقت
القدر
المصير ... ثلاثة اشياء لا يمكن تغييرها او التكهن بها
لا يوجد احد قادر على ان يتدخل في أي منهم سواء كان من الانس أو الجن .
هذا ما فهمته من مسيرة كفاحي الطويل ضد قدري في ان أولد زوهريا و ضد مصيري في ان أكون حبيسا وضد وقتي الذي سأعيشه
حاولت الهروب من هنا عشرات المرات
لكني استسلمت في النهاية عندما تأكدت أنه لا مهرب من ابي فهو سيجدني دائما ويعيدني ها هنا ليقيدني اكثر ...

كانت ماريا تقرأ المذكرات باهتمام وتركيز شديدين عندما امتدت يد اسد من خلفها تغلق الدفتر وهو يقول بصوت خشن خفيض قرب أذنها : لا أحب عندما تنشغلين عني وتولين إهتمامك لاشياء اخرى.
اتسعت عيناها في ذهول
ونظرت ناحية والدته التي تجلس قبالتها في صالونهم البسيط
أمه بدورها التي نظرت اليهما باندهاش ، غير قادرة على التصديق ان اسد يهتم بشخص ما
إنها أول مرة يبدي فيها اهتمامه بغيرها
هل يجدر بها ان تفرح ام تخاف ، خاصة وهي ترى النظرة المذعورة المرتسمة على وجه ماريا وهو يقف خلفها واضعا يده على كتفها بتملك ضاغطا بشدة حتى انكمش قماش قميصها تحت أنامله
صوتها الراجف وهي تنحني لتحمل المذكرة التي رماها مسبقا : _ أنا أحاول أن اشغل نفسي .
خفف ضغط يده على كتفها شيئا فشيئا حتى تحول الى مجرد لمسة رقيقة على جانب رقبتها استجاب لها جسدها بقشعريرة باردة
وتحرك ليجلس بجوار أمه قائلا بخفوت وهو يحتضن يدها : صباح الخير ... كيف تشعرين اليوم .
تبتسم أمه بحنان دون ان تفارق عينيها حركات ماريا المتوترة وترد : بخير الحمد لله ... ماذا عنك حبيبي تبدو حيويا اليوم .
ارتفع جانب فمه في ابتسامة ماكرة مليئة بالرضا وتنهد تنهيدة قصيرة قبل ان يميل نحوها بجسده متكأ في دلال دون ان يجيب بينما عيناه تلتهمان تفاصيل وجه ماريا
شعرها الكثيف دو التموجات الطبيعية ، تلك البشرة الحنطية الناعمة التي لامستها يده بحرية تلك العيون البنية المدورة التي نظرت اليه بخوف وارتباك ثم دهشة و ارتعاش
ثم أخيرا تاهت نظراته في تفاصيل شفتيها الصغيرتين و اغمض عينيه مسترجعا الملمس والطعم لتلك الشفاه التي اعتقدها دائما غير مغرية
تلك النبضة العنيفة في صدره تخبره مجددا انها المبتغى
بينما تتظاهر هي بالقراءة في مذكرات ابن المشعوذ الذي لا تدري اسمه وهي تدرك جيدا انه ينظر ناحيتها فهي تشعر بوخز شديد ونظراته العميقة تربكها
بالكاد استطاعت النوم بالأمس بعد ما حدث ... فقد شغل اسد تفكيرها بكل الطرق وطوال الليل

** قبل عدة ساعات **
في غرفته بينما تقف هي في الداخل وهو خارجا يفصل بينهما الجدار المنخفض وإطار النافذة
قال ببرود ممسكا بيدها بقوة : _ أظن أني ...أحبك
اتسعت عيناها بذهول وقبل ان تستيقظ من صدمتها الأولى باعترافه ، قرب وجهه منها قائلا بإلحاح و أنفاسه السريعة المتلاحقة تلفحها :
_قبليني بشغف .
ان كان الدم يتجمد في العروق فقد تجمد دمها بكل ما للكلمة من معنى تسمرت مكانها مذهولة تنتظر منه ان يضحك مخبرا اياها انه يمزح او ان يسخر من ردة فعلها او حتى يقول كلاما فظا كما هو معتاد
كانت لترتاح حينها لو قال اي شيء، لكنه فقط استمر بالتحديق في وجهها بعيون لامعة شغوفة وأنفاس لاهثة متحفزا لسماع ردها
هبت الريح الخريفية مجددا حركت معها الستائر البيضاء لتتطاير بينهما تحجب وجهه عنها وتعطيها فرصة لاستعادة نفسها وجمع شتاتها بعد الصدمة
( هل أهرب ؟)
فكرت بذلك وتحركت ساقاها فعلا نحو الخلف في خطوة متراجعة لكنها نست ان يدها لا تزال في قبضته عندما قال بخفوت شرس ضاغطا عليها : اين تظنين نفسك ذاهبة ؟
بارتباك ردت : اريد النوم
وضع كأس الأعشاب المغلية على حافة النافذة بحركة قوية وازاح الستائر بعنف وبدا وكأنه يغلي غضبا : ماذا عن كلماتي التي قلتها توا ؟ هل ستدعسين عليها فقط ؟
صر على أسنانه وبيده القوية التي تحكم على يدها ، سحبها نحوه بحركة خاطفة
لتطبق شفتاه على شفتيها في قبلة شرسة .
قبلة من طرفه وحده أودع فيها الكثير من الشغف ... القليل من الغضب و الكثير الكثير من التوسل الصامت بان تبادله تلك المشاعر المجنونة أو على الاقل ان تتجاوب معه .
و كانت هي بعد الصدمة الأولى والثانية مذهولة تماما قبل ان تنتفض وترفع يدها الحرة تدفع بها صدره.. تحاول باستماتة الابتعاد عنه ... لكن لم يكن من السهل أبدا الفكاك منه ، هو كحارس شخصي و رجل قوي في عز شبابه ينبض بالطاقة بدا كجبل من صخر امام قبضتها الهشة ... كان يسحبها نحوه بقوة اكبر واطار النافذة يضغط أسفل صدرها يكاد يقسم جسدها الى نصفين .

 أوراق التارو حيث تعيش القصص. اكتشف الآن