بعد شهرين منتصف أكتوبرمطر مفاجئ يداهمها وهي تقف على الرصيف فتركض حاملة الحقيبة المدرسية فوق رأسها لتقيها من البلل وتختبأ بجانب احد المحلات
تنفض *ماريا* ثيابها بانزعاج وتنزل حقيبتها عن رأسها وتنتظر ....
لأكثر من عشرين دقيقة وهي تنتظر ان يحضر حارسها الجديد سيارة أجرة بدل سيارتها التي تعطلت لكنه اخرق على ما يبدو
ساعة معصمها الذهبية تشير الى التاسعة مساءا بعض المتاجر القريبة أغلقت مسبقا و لم تجد مكانا لتبتاع منه شيئا ياكل
زفرت نفسا طويلا وقد ارهقتها كل هذه الدروس الخصوصية التي أخذت اليوم من اجل امتحاناتها القريبة
عادت تدور بنظراتها في المكان والحارس لم يظهر بعد .... اي حارس غبي هذا يترك سيدته بمفردها لاكثر من عشرين دقيقة ليلا ؟
حين طلب منها قبل لحظات ان تنتظر لبرهة ليتما يجلب سيارة ظنته سيوقفها من مكان قريب في دقيقة على اكثر تقدير
رفعت رأسها نحو السماء المظلمة وتمتمت بحسرة :
_ في مواقف كهذه أفتقد اسد بشدة
عادت تطالع ساعتها عندما داهم سكونها صوته الرخيم ليقشعر بدنها وهو يقول : انت لست حذرة البتة زوهرية ، تقفين لوحدك في العتمة وتناظرين ساعتك الذهبية بينما يتربص بك هؤلاء .
نظرت جانبا حيث اشار بحركة من رأسه فرأت مجموعة من الشباب المراهقين ينظرون اتجاهها فسحبت كم قميصها تغطي به الساعة الباهضة
ثم تستدير بحدة نحو الرجل : _ ماذا تفعل هنا هل تلاحقني ؟
رفع يده الوحيدة أمامها يحمل بها كيس سكر : انا اتبضع للمنزل .
دون وعي منها حدقت في كم قميصه الأخر الذي يتدلى فانتبه الى نظرتها لكنه تجاهلها قائلا : _ لوحدك ؟
تحركت بحذر خطوتين بعيدا عنه مجيبة : كلا .
لكنه ابتسم قائلا : في الحقيقة انا لم اتي صدفة ، حتى اني احمل حقيبتي
قطبت حاجبيها ونظرت اليه بعدم فهم وهي تحاول الحفاظ على مسافة الامان بينهما فكلما تقدم خطوة تراجعت هي خطوة مماثلة حتي كادت تتعثر على الرصيف وبيده الوحيدة حاول امساكها
لكنها صفعة تلك اليد الممدودة نحوها بقوة شديدة
قبل ان تنتبه على فعلتها وهي تستعيد توازنها بمفردها : _ أنا آسفة ، لقد تصرفت يدي دون وعي مني
نظر نحوها بامعان احرجها : أنت مذعورة يا فتاة ‼
تمسكت بحقيبتها المدرسية ثم فتحت السحاب دون ان تتوقف عيناها عن الحركة في كل اتجاه مؤكدة قوله وسحبت هاتفها لتتصل بالحارس : هي انت ، ماذا تفعل ؟.... تعال هنا حالا .
وتمتمت بخفوت بعد ان اغلقت الهاتف : اغبى خادم رأيته في حياتي
قال الرجل كحيل العينين : هل يمكنني ان نتحدث في مكان هادئ
هزت براسها ان كلا
_ اريد فقط التحدث ... انا وخلال الشهرين المنصرمين فكرت فيك دائما وسالت اوراق التارو عنك كل اليوم
فكرت باستهزاء : هو مازال يتحدث عن هذه التراهات .... لابد مجنون .
قالت بحذر _ ما الذي تريده دعني وشأني ؟
قال بلهفة وخلع حقيبته هو الآخر ببعض الصعوبة : _ حسنا كنت اعرف انك لن ترغبي بالاستماع لذلك احضرت معي دفتري فاوراق التارو اخبرتني انا لقاءنا مقدر هذا اليوم .
_ دفتر ؟؟ أخبرتك الأوراق ؟؟
خرجت من حيرتها وهو يمد نحوها دفتر مذكرات سميك ويقول بينما يكافح مع الحقيبة : أمسكيه
ترددت قليلا لكنها اشفقت على حاله والحقيبة تخرج عن سيطرته بسبب انه يمتلك يد واحدة ، امسكت الدفتر ثم انحنت تجمع مشترياته وتساعده ليضعها داخل الحقيبة
صوت الحارس يخرج مرتجفا من شدة البرد وهو يقول _ سيدتي لقد جاءت السيارة .
بضجر ردت : واخيرا ؟ كدت انسى وجودك .
وخطت نحو السيارة عندما رفع صوته خلفها : سأنتظر لقاءنا القادم على احر من الجمر
نظرت نحوه لبضع ثوان قبل ان تلتفت وتدخل السيارة
في مقعدها الخلفي اخذت تفكر في سبب الحاح ذلك الرجل المريب تكاد تجزم ان له غاية
حادت بنظرها نحو الدفتر الذي القته قبلا كيفما اتفق ، شيء من الفضول تملكها فقلبت صفحاته بعشوائية ثم توقفت عند ورقة في المنتصف كتب فيها بخط اليد : _ بانتظار الخسوف الكلي ...
ابي يجبرني على الانتظار هنا ، كلما استطيع القيام به لملئ الوقت هو قراءة الطالع ... تحت البدر المكتلم استطعت قراءة النجوم وتبين ان طالعي هذا العام سيء... سيء للغاية .
أغلقت ماريا الدفتر وزمت شفتيها باستخفاف : _ ما هذا السخف؟لماذا يعطيني رجل مذكراته كي أقرأها ؟ ثم هل يكتب الرجال مذكراتهم ؟...انها اول مرة أرى شيئا كهذا
_ سيدتي لقد وصلنا
حملت الحقيبة على كتفها ودفتر الترهات في يدها بينما يفتح الخادم الباب لها ويغطيها بالمظلة قبل ان تخطو قدماها خارج السيارة
رنين قاطع خطواتها العجلى فردت بضيق على سارة : نعم ؟
_ أاااه ماريا انا سعيدة ...سعيدة جدا ، هنئيني
_ على ماذا ؟
_ وليد كان في المحكمة اليوم لاجل الطلاق
قالت ماريا بعصبية : لماذا انت سعيدة بمصائب الناس هكذا ؟
_ لست سعيدة ، انا سأطير فرحا ...
كانت سارة تتكئ على سريرها تلعب باخصلات شعرها وابتسامة عريضة تكاد تمزق وجهها ،
اضافت بعد ضحكة مستمتعة : _ سحر جلب الحبيب رائع ، انصحك بالعودة هناك والحصول على واحد ايضا
اجابت ماريا وهي تدخل المنزل : _ للسحر الاسود عواقبه الوخيمة سارة ، قد لا تشعرين بذلك الآن ، لكن مؤكد في يوم ما حين تفقد التعويذة مفعولها سينقلب السحر عليك .
قالت سارة بصوت ساخر دون ان تغادرها ابتسامتها :_ أنظروا من يتحدث ( السيدة غريبة الاطوار التي تسافر في العوالم الفضائية )
وقفت ماريا باعتدال بعد ان خلعت حذاءها ورمت الحقيبة عند المدخل وردت بعد زفرة طويلة : _ إسقاط نجمي ، انه تمرين روحي طاقوي لا علاقة ه بالسحر والشعوذة ... على العموم هنيئا لك ما سببته من خراب .
ثم نظرت ماريا الى الدفتر في يمينها وأكملت : وما سببته لي من ازعاج .
![](https://img.wattpad.com/cover/180595998-288-k109044.jpg)