2.8K 201 58
                                    

من حق كل مَن يشعر أنه مضطهد أن يطالب بحقوقه، حتى ينالها، أو يفنى في الطريق إليها. والنسوية ليست حراكًا للمطالبة بحقوقٍ على مستوى فردي، أو جمعي صغير، فقط، بل هي شأن يخص نصف البشرية، وهذا يُضفي الجوهريّةَ على حراكهنّ ، خاصة لو كانت النساء في مجتمع متأخر إنسانيًا، يسلبهنّ الكثير، حتى هويّاتهنّ.

ولكن، والحديث هنا لجميع المُنسلخين من التطرف بشتّى أشكاله، المحاربين للفكر القديم المُعيق، الطامحين إلى بيئة إنسانية أرقى، أقول لهم: لا يكفي أن نئد فكرةً لنتخلّص من شرورها، ولكن يجب أن نجتزّ طريقة التفكير التي أتت بهذه الفكرة ليعم السلام. أي، لا تُتلف الرصاصة، بل عطّل البندقية، والبندقيةُ هنا في حديثنا هي التعصب المؤدي إلى إقصاء الآخر، ومعاداته، بل واستباحته أحيانَ كثيرة.

فلا تنسوا، يا أصدقائي، وأنتم في طريقكم إلى التحرر من الماضي، أن تغيروا أجسادكم وليس فقط قمصانكم، فليس من صالحنا أن نرى امرأة تلبس ثياب حقوق المرأة والمساواة، ولكنّ جسدها إقصائي، مُحتقِر للجنس الآخر، تمامًا كالذكور الذين تناضل ضدهم، ولا نريد أن نرى متطرفًا خلع ثوب التراث ولبسَ قميص الحداثة، ولكن طريقة تفكيره، المعادية للآخر، ظلت كما هي، فكل ما فعله هذا المتطرف هو تغيير اتجاه البندقية التي يمسك بها، ونحن لا نحتاج إلى هذا لننهض، بل نحتاج إلى من يُلقي بالبندقية جانبًا، ويفتح ذراعه تقبّلًا للمختلف.

وأكبر مثال لنا هو التجربة الأوروبية، التي لم تتقدم خطوة قديمًا، رغم توالي الأفكار والمعتقدات عليها، التي تبدو مختلفةً في الظاهر، ولكنّ باطنها واحد، وهو إقصاء المغلوب والتنكيل به، واستمروا في الظلمات حتى تنبّهوا إلى ضرورة تغيير الطريقة، وليس فقط الفكرة أو المعتقد، وها نحن الآن نرى حضارتهم البهية في أرقى صور التطور والسلام الإنساني.

فضفضة بنت نسوية -  DIARY - حيث تعيش القصص. اكتشف الآن