١٠

1.8K 127 42
                                    



  أعيد رأسي إلى الخلف ....
لقد عايشت أياماً قاسيه..لقد مررت بالكثير عزيزي يوري
انه لمن الرائع انني لازلت حيّاً
لا زلت ابتسم .. رغم انها ابتسامةٌ خاليه من الحياه .

امُـد يدي ..وتلتقطها الممرضه

أتذكر بالضبط الأيام الأولى التي أتيـت فيها إلى هنا

كانوا يحتاجون لربط يداي وقدماي ليضعوا لي الابرة بهدوء
أما الان
فقد اختلف الوضع ..اعتقد انه بعد كل هذا لست بحاجةٍ للخوف
فقد مات كل مالدي من شعور ..

مع غرس الابرة في ثنايا يدي اعضّ لساني متألماً فتبتسم ؛
لقد انتهيت ، احسنت عملا .

وتغادر ..

تاركةً إياي ..كما المعتاد

جدار غرفتي الزجاجي
الذي فكرت كثيراً بتحطيمه واستغلال احدى شظاياه لقطع اوردتي
يبهرني كل مره ..هذا الجدار يبهرني
بالادلّه الدامغة التي يرميها علي ..

فعندما تغلق أوقات الزياره ، أقول لنفسي " غير صحيح ! أنت لست وحيداً يوري ! لديك الكثير من الناس يحبونك !"

لكن عندما تعود لتفتح أوقات الزياره..وارى كيف تتهافت الأمهات على ابناهئن الذين في الغرف المجاورة ..وكيف يزور الأصدقاء اصدقائهم
اتيقّن من انني وحيد ...

وهذا الشعور هو رابع اكثر شعور مؤلم حظيت به طوال العشرون سنةً الماضيه ...

أما في المرتبة الأولى .. فموت والدتي هو ما قصم ظهري وارداني جريحاً ومصاباً
وحين قدم لي والدي المبلغ الهائل قائلاً " أنسى انك تنتمي لهذا المنزل " كان الشعور الثاني المؤلم ..لكنني بعد سبعة عشر سنه قضيتها معه سئمت..لطالما تقلبت من الألم في تلك الغرفة دون ان ينظر لي حتى

وماللذي يدعو للتعجب ان تعرض فتاً تخلت عن عائلته للاغتصاب من صديقه و'اخاه' ؟ لا شيء ! لاعجب! لا الم حتى !

اتذكر كل مشاعري تلك الليله...سقطت على الأرض ..كنت فارغاً....كـجثةً بارده..بقيت ليومان ساقطاً مكاني أتأمل السقف...دون الشعور بالألم..دون ان اذرف دمعةً واحدةً حتى
اعتقد ان هول الصدمة أحدث فراغاً بداخلي...
بعد يومان...رتب عقلي الأمر جيداً
لقد هربت أمي مني نحو الموت
وتخلى عني والدي
ثم اغتصبني صديقي المقرب

ذلك كله دفعني لأذهب لحافة الجسر ..واصعد مستعداً للتخلي عن كل شيء.....



- العشاء وصل .

يرتبه الطباخ جورج على الطاولة وقبل ان يغادر اهمّ بسؤاله ؛
- الم يأتي احدٌ ليسأل عني ؟

يطوي شفتيه كالمعتاد ويكذب نفس الكذبه ؛
- بلى لقد أتى رجلٌ يرتدي معطفاً اسود طويلاً سألني عن صحتك وعن ان كنت تتناول الطعام بإنتظام ثم غادر .

يعصرني قلبي ... لانني احتاج لأقنع نفسي بهذه الكذبات لكي لا أشعر بمزيد من الألم .

عندما يشرف وقت الزيارة على الانتهاء ..اقف خلف زجاج غرفتي
أتأمل المرأة التي تأتي لتزور ابنها القاطن في الغرفة اربعه عندما تغادر
اليوم تبدو اسعد من الليلة الماضيه ..
ابتسم
وانظر لجدة الفتاة في الغرفة المجاورة عندما تغادر ولا تزال تشير لحفيدتها بالوداع
وابتسم اوسع ..
أراقب عائلة المريض في الغرفة السابعه عندما يرحلون
وابتسم اكثر


ثم تنطفأ اضواء الممرات
واعود لسريري ..محملاً بالحزن والألم والوحده والخوف وبعضٌ من الرهبة


لقد عشت وقتاً حــادّاً جدا ...بكيت كثيرا وعانيت من نوبات هلع وحاولت الانتحار مايزيد عن عشرين مره ..

والآن .. اقطن في هذا المشفى البائس .

للمرضى النفسيين ، اللذين عانوا وعاشوا وقتا عصيبا
مثلي ..
لكن الفرق بيني وبينهم
ان هنالك من يدعمهم..من يبتسم لهم
أما انا ..فبعد ذلك الصديق الذي اغتصبني ثم غادر
لم يعد لدي احد في هذه الحياه

انني التفسير الحقيقي لكلمة وحيـد ..

الفرق الآخر هو ان احتمالية شفائهم ممكنه ..إما انا
فيأمل الطبيب المشرف على حالتي ان اموت ليرتاح .

يا الهي .. يا الهي .. يا الهي

اسأل الرب دوماً عن اختياره لي لأعيش كل هذا
لكن لا اجد اجابةً ..

وجهي شاحب وعيناي حمراوتان .. نحيل لدرجة ان الأطفال يخافون عند رؤيتي
يحلقون شعري باستمرار بسبب تلقي العلاج الكيميائي

لذا ..أبدو مضحكاً ومرعبا في الآن نفسه ..

انا حزين ..حزين جداً
لعدم قدرتي على العيش مثل بقية الفتية في عمري
انا وحيد ..وحيد جداً
ومتألمٌ للغايه .







يوري الصغير x ٢٩/مارس/٢٠١٩
شكرا لاستماعكم لقصتي البائسة .

€€'

البنت الـ11 من بنات افكاري ..اغلقها بدموعي ..
شكرا لكل من قرأها ، شكرا لكل من شاركني مشاعره من خلالها ..
انتهت بكل حزن ، شكرا لكم ، شكرا.
29/3/2019 .



نلتقي في بيتنا التالي Dolly Dolly .

.

🎉 لقد انتهيت من قراءة ThisIsMyHome 🎉
ThisIsMyHome حيث تعيش القصص. اكتشف الآن