تتلاطمُ الأمواجُ بتوالٍ سريعٍ، محدثةً هديراً قوياً (أشبهُ بصوتِ رعدٍ) و زبداً كثيفاً، و قد تحولَ لونُها الداكنُ قليلاً إلى السوادِ معلناً عن تجمُعِ السحبِ مع بعضها منذراً بسقوطِ الأمطارِ قريباً.
تراجعت الفتاةُ بخطواتٍ معدوداتٍ عن الشاطئ ، هاربةً من وصول ماءِ البحرِ إلى قدميها ؛ فهي تخشى بللَ قدميها كما بللت الأقدار قلبَها.
عادت تنظرُ إلى البحرِ الهائجِ بتعابير صامتةٍ خاوية ، فلا أحد سيخطرُ ببالهِ إذا رآها على هذا الحال بأن هناك دوامة من الأفكارِ تدورُ بخُلدِها،، لقد كانت خبيرةً برداء القناعِ الباردِ الزائف و خداعِ من حولها .
كانت من الأشخاص التي تكترثُ لمشاعرِ غيرِها على حساب خاصتِها ، متجاهلةً كلَ ألمٍ يصيبُها ؛لأنها ببساطة لا تحبُ أن يقلقَ الآخرون عليها.
كثيرٌ من المراتِ هي التي تَجملتْ بابتسامتها أمامَ الآخرين موضحةً لهم أنها بخيرٍ وعلى ما يرام ، و هي بالحقيقةِ غارقةٌ بأحزانها و مصائبها لوحدها ، معتدةٌ بنفسها.أنزلت رأسَها لتغطي فمَها و أنفَها بوشاح رقبتِها و فردت قبضتها اليسرى على المعطف فوق صدرِها بقوة ثم حركت رأسَها (المغطى نصفُه) يميناً و يساراً عدةَ مراتٍ قبل أن ترفَعَهُ و زفرت بعدها زفيراً طويلاً محدثاً بخاراً حولها نظراً لبرودةِ الشتاء و قالت بصوت مسموعٍ للبحر : "نعم أنا مثلكَ تماماً أيها البحر ،، مهما اشتدت الكروبُ و مُلِىءَ قلبي بالندوب ، سيأتي فجرٌ يُزيلُ كلَ الجروح ليُرجعَ قلبي خفاقاً أحمرَ كالورود... فأنت مهما اشتدت حولك العواصفُ تهدأُ بعدها و تصفو مياهُكَ معلنةً عن بدايةِ فصلٍ جديد."
أرجعت رأسها للوراء قليلاً و ضغطت بيدها اليمنى على الورقة التي بجيب معطفها و قالت : " نعم لقد قررت ، سأعود إلى اليابان منشأي و مرتعي منذ صغري " و صرخت بأعلى صوتها نحو البحر : " أسمعتَ يا أبي؟ أسمعتِ يا أمي؟ سأعودُ إلى هناك لأكمل حياتي و سأحاول مواجهة الأمر الذي ذكرته يا أبي بنفسي ، لا تقلقا أبداً ؛فأنا قويةٌ لا أنكسر... أرقدا بسلام، أحبكما من أعماق أعماق قلبي."
ثم همست و الدموع تتسلل إلى خديها: " أجل أحبكما من كل قلبي، لكن هذه المرة سأحاولُ ألا أُؤذي قلبي إرضاءً لغيري."
أنت تقرأ
قويَّةٌ هشَّة ( مكتملة )
Romanceكانت ترضي من حولها على حساب نفسها ،،، و تخفي آلامها بابتسامتها خشيةً من قلق الغير عليها،،، ليس ضعفاً منها و إنما محبةً لغيرها . فهي قويةٌ معتدةٌ بنفسها .. لكن هل ستبقى تؤذي قلبها لترضي غيرها أم ستتمرد على واقعها؟؟ بقلمي: أماني مجدي نعيم