الفصل الثاني
ما يحدث أمامها عبث واضح, يجعلها تود لو قامت بصفعه على وجهه؛
ماحية تلك الضحكات المستفزة المتعالية, مع كل كلمة ينطقن بها تلك الحقيرات،
تشعر بالحماقة أنها قبلت أن تأتي معه لذلك الحفل، ها هي تجلس بأحد الأركان تأكل أظافرها غيظًا مما يفعله، تهز ساقها بعصبية،
يرتفع حاجبها باستنكار غاضب, وهي ترى تلك الحقيرة تقترب ملتصقة به، تلامسه بقصد بحركات مغوية،
ترفع يدها، تبعد تلك الخصلة الساقطة على جبينه، ثم تتخلل بأصابعها خصلات شعره،
وذلك الأحمق لا يُبعدها عنه؛ بل يواصل حديثه، ثم ينظر إليها غامزًا لها، قبل أن يميل عليها هامسًا ببعض الكلمات،
فترى الفتاة تبتعد قليلاً بابتسامة مصطنعة، مع لمعة عينيها تنظر إليه بشغف واضح..
أخذت نفسًا عميقًا تزفره بقوة، تحاول تهدئة أعصابها التي على وشك الاحتراق..
اتسعت عيناها بذهول, فاغرة فاها مع حركاته ذلك الوقح..
نهضت دون شعور منها بانتفاضة حادة، تتحرك اتجاهه,
وهو ينظر إليها بابتسامة مضيئة تضيء وجهه, تزيده وسامة بنظر الفتيات حوله,
تكاد تقسم أنها تستمع تنهيداتهن الهائمة..
سخيفة بالنسبة إليها تجعلها تقبض على يدها؛ كي لا تُهديه لكمة تحطم له أسنانه..
وصلت إليه تدفع تلك السمراء الملتصقة به, بكتفها بحركة غير ملحوظة، تبتسم ابتسامة صفراء لمن حولها،
فتجده قد أحاط خصرها بذراعه، مبتسمًا بإشراق،
قائلاً بقلة حيلة مرحة:" عذرًا عزيزاتي.. فأنا لست متاحًا.."
رفعت وجهها إليه فغمزها بتسلية ضاحكًا، يميل بوجهه مقبلاً وجنتها،
بطريقة جعلتها تلكزه بكوعها بمعدته بقوة، فيتأوه ضاحكًا،
وهي تقول من بين أسنانها بغيظ:" كف عن السخافات حازم.."
ثم نظرت إلى من حولهما، مضيفة بنفس ابتسامتها موضحة:" إنه بمثابة أخي.."
ارتفعت بعض الحواجب باستنكار، في حين لمعت بعض الأعين بتلهف للحصول على ذلك الوسيم..
حين قطع النظرات، يُمسك بيد جيلان،
قائلاً بمرح:" حسنًا عزيزاتي لأرقص مع تلك المُدعية.. وهي تكاد تموت غيرة.."
ثم غمزهن بعبث، غير آبه بتلك التي احمر وجهها بغضب، مع اشتعال عينيها،
يجذبها لمنتصف المكان، يراقصها رُغما عنها،
لا يتيح لها الاعتراض أو الحديث, يردد الأغنية بصوت عالٍ..
هاتفًا بقوة:" هيا جيلي.."
يراها تفغر فاها كي تتحدث، فيُمسك بيدها يديرها حول نفسها عدة مرات،
قبل أن يجذبها فيصطدم جسدها بصدره، ضاحكًا،
قائلاً بصوت عالٍ نسبيًا بسبب الموسيقى الصاخبة:" كفي عن التبرم.. انطلقي.."
راسمًا على وجهه تعبير متوسل مضحك، جعلها تبتسم رُغمًا عنها،
تهز رأسها بيأس، ترقص معه،
قائلة بغيظ من نفسها قبله:" أنت مجنون.. وأنا حمقاء لأسايرك فيما تفعله.."
يرقصان باستمتاع وضحكاتهما تختلط مع الموسيقى حتى انتهت الموسيقى،
فيقوم ذلك المغرور بإضافة لمسته، حين جعلها تدور حول نفسها ثم قربها إليه يضع يده على ظهرها، ويده الأخرى تمسك بيدها،
ثم يميل بها، ناظرًا لشفتيها، يود تقبيلها وسط تهليلات الحضور،
فترتسم ابتسامة شقية على شفتيها، تدير وجهها للجانب، هاتفة لمنسق الأغاني،
هاتفة:" أريد أغنية أصدقاء.."
ثم تعتدل بهدوء، تتركه، حتى وصلت بجوار المنسق، تحمل ذلك الميكروفون، تتمايل مع الموسيقى تغني بمشاكسة غريبة..
ومع كل جملة تنظر إليه بحاجب مرفوع بتحدي،
مشيرة بيدها لرأسها؛ كأنها تريد أن توصل إليه تلك الرسالة..
ثم تنظر للبقية، تحرك بيدها علامة مجنون..
فيهز رأسه ضاحكًا مما تفعله، رغم ذلك الشعور الذي يتسلل إليه بالضيق، فيقترب منها مع كلمات الأغنية الأخيرة،
يضع يديه على خصرها ينزلها من المنصة،
وهي تهتف بمرح صاخب:" مجرد أصدقاء.."
*********************
أنت تقرأ
الشريد (مكتملة)
Acción"بلا وطن.. بلا عائلة شريد يبحث عن انتماء.. ومعكِ وجدت مدينتي المفقودة, مدينة بأسوار عالية مُبهجة للنظر, كلما حاولت تسلقها؛ أجدني أنزلق عائدًا لنقطة البداية, لكني لم أيأس؛ لأصل للقمة وأظفر بها.. أنا الشريد بلا مأوى, ما من مأوى يستطيع أن يحتويني, فبت...