الفصل التاسع والأخير (الجزء الأول)

2.9K 93 7
                                    

عادة اكتسبها ثلاثتهم منذ مدة، وهي كانت السبب بها وبتلك الوضعية الغريبة بالجلوس؛
فبعد أن وصلت للشهر الخامس في الحمل وبدأ تورم كاحليها، أمرتها الطبيبة برفعهما على وسادة عالية وتدليكهما،
لينتهز حازم الفرصة ببراءة خبيثة؛ كي يتلمس ساقيها بحرية، مع ارتدائها لفساتينها القصيرة الفضفاضة،
فتمنحه رؤية جيدة بسخاء مُبهج؛
فتحل ساقاه محل الوسادة يرفع عليهما قدميها, ويقوم بمهامه كزوج مراعٍ لزوجته ظاهريًا، وعابث منحرف بدوافعه الداخلية..
وهي في الواقع تتركه فتدليكه لقدميها وساقيها, وصولاً لركبتيها؛
يمنحها شعورًا رائعًا, مع وعاء الفُشار العملاق الذي تحتضنه بكلا ذراعيها, يشاركها به حلا وحازم..
فيبدو أن صغيرها يحبه كوالده, وعمته الصغيرة..
إنها الجينات الوراثية التي تشعر بالتوجس حيالها, مع كل يوم خلال فترة حملها..
وبالطبع الجلسة لا يمكنها أن تخلو من حلا, التي تُسرع لتنضم إليهما, تحشر نفسها بين جيلان وحازم،
مُقلدة شقيقها بوضع ساقي جيلان على ساقيها الصغيرين، لكن وزنهما يكونا على ساقي حازم..
يشاهدون فيلمًا كارتونيًا، أو كوميديًا يناسب سن حلا؛
وفي بعض الأحيان مباراة لكرة القدم؛
يصرخ فيها حازم متفافزًا ككرة مطاطية ساخطة، ومعه حلا تقلده, يرتديان قميص فريقه المُفضل..
وهي تراقبهما بكسل مع مشاركتها إليهما قليلاً..
وبجلستهم الليلة يتابعون فيلم طرزان, مع أول لقاء له مع جين فوق الشجرة, وهروبها من القرد الصغير الناقم وعائلته،
اتسعت ابتسامته مع نبرته المتسلية:" انظري.. إنه يُحب ساقيَّ جين منذ رآها أول مرة.."
قلبت عيناها بضجر، من تحريفه للأحداث، قائلة بحنق:" توقف عن ذلك.. إنه فقط فضول.. لم يرى بشري بحياته.."
رمقها بنظرة ساخرة، قبل أن يُتابع مجددًا، يشير بيده للتلفاز،
قائلاً:" حقًا!.. انظري له.. لقد رفع فستانها, ويداه تتحركان صعودًا لـ......."
قاطعته تهدر موبخة من حديثه الوقح أمام الصغيرة:" توقف..
يا إلهي إنه فيلم أطفال.. هل ستحرفه لانحرافك!.."
هز كتفه بخفة، دون أن ينظر إليها،
يتابع حديثه بتسلية عابثة:" طرزان كارتوني المفضل منذ الصغر..
فهو يحب السيقان مثلي..
يلتصق بجين طوال الوقت يتلمسها كلما أتيحت له الفرصة..
انظري إليها طوال الأجزاء, ترتدي تنورة مفتوحة مُظهرة ساقيها بسخاء صيفًا وشتاءً.. مثلكِ.. حتى أن اسمها مشتق من اسمكِ.. جين وجيلان.."
غمزها بعينه بابتسامة متسعة، جعلها تود أن تضربه بوعاء الفُشار، يائسة منه ومن أفعاله،
والصغيرة تهتف:" يتلمس ساقيها كهازم مع جيلي.. السيقان ناعمة.."
شهقت بقوة مصدومة بفاه مفغر، تنظر إليها بعينين متسعتين،
ثم تنظر لحازم الذي عبس كطفل،
يقول متبرمًا:" أنا لا ألمس إلا ساقيَّ جيلي.. لا تلمسي ساقيَّ أحد بالخارج.."
ابتسمت باتساع، تهز رأسها موافقة، قائلة بسعادة:" المس ساقيَّ جيلي فقط.."
مصاحبة حديثها بلف ذراعيها الصغيرين حول ساقي جيلان تحتضنهما، واضعة وجنتها المكتنزة على إحداهما، تتلمسها،
مُضيفة بعينين مغمضتين باستمتاع:" ناعمتان جدًا.."
زم حازم شفتيه بغيظ، يرمقها بغيرة طفولية، ويده تلمس ساق جيلان بدوره،
مغمغمًا بنزق:" الخنفساء تشاركني حتى ساقيَّ جيلان.. بل وتستطيع أن تلمسهما بأي مكان.."
والمسكينة صاحبة الساقين, تكاد تموت يأسًا من أفعالهما،
وها هما تركا الفيلم, الذي حوله حازم من طفولي إلى انحرافي بدرجة كبيرة،
جعلها تتحرك منزلة ساقيها موضوع الجدال، ترمقه بنظرة مشتعلة,
مع ضغطها زر الإغلاق من جهاز التحكم،
تهتف آمرة:" إلى النوم.."
فتنال عبوس متماثل منهما، مع اعتراضهما:" لاااا.."
وحازم يُضيف بتظلم:" لم أرى مشهد تأرجحهما على الأشجار.."
ثم تلمع عيناه ببريق، متمتمًا بتفكير حالم:" أتمنى تجربة الأمر معكِ.. سيتيح رؤية ثلاثية الأبعاد.."
_توقف.. وللنوم الآن..
ونبرتها حادة هادرة, تُوقف انحرافه العقلي،
منغصة عليه أحلامه، ليرمقها بحنق، قبل أن ينهض من مجلسه،
فتقفز حلا واقفة على الأريكة, متعلقة به من الخلف، تلف ذراعيها حول عنقه, وساقيها حول خصره،
هاتفة:" إلى النوم.."
تحرك بها، يداه تدعمان ساقيها كي لا تسقط، حتى وصل لغرفتها؛ فيُسقطها برفق على فراشها،
لتضحك بمرح، ثم ينضم إليها متسطحان عليه تحتضنه,
متسائلة بترقب:" متى سيصل الصغير؟.."
رفع وجهه للأعلى يزفر بملل، فهي تسأله كل ليلة عن موعد وصول صغيره،
متحمسة للغاية من حديث جيلان عنه، وأنه سيشاركها غرفتها لتعتني به،
فيقول بصبر مُكررًا:" تبقى أربعة أشهر.."
فتعد على أصابعها ثم ترفع إليه أربعة, مع محاولة بائسة لإخفاء الإصبع الخامس،
متسائلة:" هكذا!.."
هز رأسه موافقًا، يجيبها:" أجل.. والآن هيا للنوم كي تمر الأيام سريعًا.."
هزت رأسها مرارًا بابتسامة مشرقة، تُغمض عينيها بقوة، كقوة احتضانها له،
ويبقى على ذلك الحال حتى تنام, ويشعر بأنفاسها تنتظم..
فينهض بحذر متجهًا لغرفته..
نظر لجيلان المتسطحة على ظهرها, تنظر إليه حين فتح الباب,
تسأله بابتسامة رقيقة:" هل نامت؟.."
هز رأسه دون حديث, ثم تحرك للفراش, ينام بجوارها, يلتصق بها,
مُقبلاً وجنتها,
قائلاً بتنهيدة ملولة:" انتظر قدوم الصغير بفارغ الصبر؛ كي تنشغل به الخنفساء.."
ضحكت بخفوت يائس, تربت على يده التي استقرت على بطنها,
قائلة بغموض مرح:" أخشى أن ما سيحدث عكس ما تتوقعه.."
مط شفتيه للجانب بنزق, يغمغم بحنق ساخر:" رائع.. سيمتلئ بيتنا بالخنافس المزعجة.."
صمت قليلاً, ثم تابع بنبرة متوعدة:" لكني سأقوم بإرسالهما لجاك وسارا.. لقد عاشا حياتهما بما فيه الكفاية دون إزعاج.. ليجربا الحياة الصاخبة مع الخنافس.."
تحركت قليلاً لتنام على جانبها الأيسر كما أخبرتها الطبيبة,
مهمهمة بنعاس:" لنرى ماذا سنفعل حين يأتي.."
اعتدل على جانبه بدوره, ظهرها يُقابل صدره, يطوقها بذراعيه,
مُغمضًا عينيه, هامسًا:" تصبحين على خير جيلي.."
لم تجبه بشيء, فقد غفت سريعًا..
بعد وقت لم يتبينه, فتح عينيه يلتفت برأسه ناظرًا للساعة الرقمية التي تُشير للساعة الثانية وثلاث دقائق, المتواجدة بجوار الفراش,
يراقب دقائقها بعينين جامدتين, ومع الدقيقة السابعة,
وجد هاتفه الصامت تُضيء شاشته باتصال يترقبه كل ليلة..
نهض بحذر متمهل, يُمسك بهاتفه, يقف أمام النافذة, ينظر من خلال زجاجها للخارج,
ثم يعود وينظر للهاتف المضيء بعينين قاسيتين بقتامة,
قبل أن يضغط زر الإيجاب,
قائلاً بنبرة جامدة:" ماذا تريد؟.."
وصله الصوت يسأله بتنهيدة مُثقلة:" ألن تأتي!.."
_لا..
والنبرة حازمة بقوة,
فيقابلها الطرف الآخر بيأس حانق:" سيغضب بشدة.."
ارتسمت ابتسامة ملتوية قاسية, مع لمعة عينيه,
ونبرته الغير مكترثة بتشفٍ:" ليغضب لا أهتم.."
زفر مُحدثه بضيق, يهتف بنفاذ صبر:" تبا حازم.. أنا أتصل بك منذ مدة.. وأنت لا تفعل سوى الرفض.."
رفع ذقنه بإيباء, ثم قال بنبرة قاطعة مُنهيًا الحديث:" لن آتي.. ولا تتصل بي مجددًا بهذا الوقت.. انتبه لفروق التوقيت أنا أكون نائماً بهذا الوقت..
وأنت تزعجني.."
دون أن يستمع لباقي الحديث أغلق الهاتف بوجهه، مُكتفيًا بما سمعه, راسمًا ابتسامة متشفية على شفتيه,
ثم اندس بجوار تلك النائمة بهدوء، يحتضنها بقوة مقبلاً كتفها,
مغلقًا عينيه, ماحيًا كل كلمة سمعها بتلك المكالمة كعادته..
شعر بها تتململ, متسائلة بهمس ناعس:" مع من كنت تتحدث؟.."
_لا أحد..
رمشت قليلاً, تُحاول طرد النُعاس, ثم اعتدلت تواجهه, تنظر إليه بتشوش,
قائلة بشك:" حازم.. من يتصل بك؟.."
زفر بخفوت, ثم كرر كلماته:" لا أحد.."
التوت شفتيه بابتسامة عابثة, يقترب بوجهه منها, مع رؤيتها ستبدأ الحديث,
هامسًا بحرارة:" جيلي.. إن كنتِ استيقظتِ وتريدين الحديث.. لدي موضوع للجدال, وسنستمتع به كثيرًا.."
رفعت حاجبها بترقب, تتطلع إليه قليلاً,
ثم هزت كتفها بخفة, قائلة ببساطة مستفزة:" لا.. سأنام.."
أنهت كلماتها مع إغماضها لعينيها تقترب منه, دافنة وجهها بصدره,
تغمغم بكلمات غير مفهومة,
جعلت ابتسامته تتلاشى, مع زمه لشفتيه بحنق,
هامسًا بغيظ:" تستيقظين للجدال.. وينتابكِ النُعاس حين تُصبح الأمور أكثر متعةً لي.. دومًا تُفسدين متعتي.."
سمعها تهمس بنبرة ثقيلة:" لا تُفكر سوى بالوقاحة.."
زفر بيأس, يرد عليها حانقًا بنزق:" لم أتزوج بكِ سوى للوقاحة..
لم تسمحي لي بها قبله.. والآن تمنعيها.. سأموت كبتًا يومًا ما.."
****************

الشريد (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن