الفصل السابع

3K 67 1
                                    

الفصل السابع
الأيام تمضى ،اليوم كأمس وأمس كغداً ، الامر يزداد تعقيدا ولا ينبأ سوى بمزيداً من الضحايا ، لا ادرى ان كنت أبغضه أم أشفق عليه ؟ مازالت تلوح تلك الذكرى أمام بصرى فلا يسع عبراتى ألا بالهطول ألما ً لما وصل إليه ،
لم يكن أخى طفلا عاديا ، بل كان يشع بالبراءة والطيبة وفطرة نقية جداً، كان مرتبطاً بوالدتى بشكلاً غير عادى وكذلك أمى كانت لاتتركه بعيداً عنها فقد أنجبته بعد ثلاثة عشر عاماً بعد يأساً من الإنجاب بعدى كما أخبرها الأطباء ، الأمر الذى أزعج أبى كثيرا حاول كثيراً أن يدعه بغرفته ولكن الأمر كان ينتهى بنوبات صراخ فتعيده أمى  إلى غرفتها ، وأصر أبى بليلة ان تتركه أمى لينام بغرفته حتى الصباح ورغم صريخه الذى ملأ البيت لكن لم يجرؤ أحدا منا ان يذهب إليه نزولا على رغبة أبى الحازمة ، فهو كان يراه مدللا وينعته دائما بالفتى المدلل ابن أمه وهذا ماكان يثير جل غضبه ، فى الصباح ذهبت أمى إليه متسللة لتجده متكوماً على نفسه فى حالة من التشنج ، ساءت حالته واستدعي أبى طاقماً من الأطباء لكن كان جاوبهم جميعاً واحد ، أخى يحتاج الى المساعدة النفسية وليس العضوية الامر الذى كان ينفيه والدى تماماً وكان ينكره ، عاد الامر كما كان سابقاً واستقرت حالته نسبياً بعد عودته لأمى لكن الامر لم ينتهى مع أبى عند هذا الأمر ، فعاد بأحد الليالى حاملاً خبر ذهاب حسن إلى أحدى المدارس الداخلية الامر الذى رفضته أمى وانا علاوة على حسن التى كانت حالته أشبه بالانهيار ، وأصر أبى على موقفه وذهب حسن الى تلك المدرسة الداخلية وبات الامر واقعا، أيام وأشهر وسنون وتبدل حسن أخى الى شخصاً أخر تلوح على وجهه نظرة جامدة وانطفأت تلك النظرة المحبة إلينا وتحول من شخصا كان يحب رفقتنا الى شخص أخر أخر مايريده هو البقاء معنا او مصاحبتنا فى أى مكان ، ظن أبى ان الامر انتهى هكذا وصار ابنه الصغير رجلا يعتمد عليه يستحق ان يحمل اسم عائلة الراوى بسيرتها العريقة ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن وظهرت شخصية أخى الاخرى ، سفور ومجون ومصائب ذاعت فى كل مكان الامر الذى كان يسبب لأبى الحرج مخافة منصبه الحساس فكان يولينى أمر إخفاء تلك المصائب عن عيون الاعلام والصحافة وكنت اتكتم قدر الإمكان وأعود أحدثه وانصحه ليرتدع عما يفعل ولكن يقابلنى بنظرة يملؤهاالانتقام والوعيد بمزيداً من المتاعب ، لم يكن لدى شك بأنه سيعود وماهى الا رعونة الشباب ويوما ما سيعود ويرتدع عما يفعل  حتى دخل علينا حارس بوابة القصر بأحد الايام  يطلب الاذان لفتاة عشرينية تستغيث بِنَا أذنت له أمى ان يأذن لها بالدخول وما ان دلفت من باب القصر حتى انفجرت بنوبة من البكاء والتوسل وتقبيل الايدى ان يستر عليها ويتزوجها  حسن بعدما حملت منه ، سادت حالة من الصدمة على الجميع وبعد أن كان الحديث موجه الى أمى انتقلت الى مشادة كلامية بينهما ينكر فيها معرفته بها من الأساس ، وانطلقت الفتاة تدافع وتقسم بأغلظ الإيمان  أنه وعدها بالزواج بشكلا رسمى بعد مدة بعد أن كتب لها ورقة على يد محامى تثبت فيها زواجه منها ولكن بعد فترة اختفت تلك الورقة ، وهى الان أصبحت حامل وأهلها لن يتركوها اذا علموا بالأمر ستقتل لا محالة ، ظل حسن متشبثاً بإنكاره والفتاة تقسم وتقسم ، وانتهى الامر ان زج بها خارج الباب ، يسبها بأقذع الألفاظ ، ولاحت فى عين الفتاة نظرة بالضياع والخزلان لم أنساها ابداً
وبعد ثوانى هرع إلينا حارس البوابة يعلن ان الفتاة المذكورة  ألقت بنفسها أمام سيارة عابرة لتسقط قتيلة
صارت حالة من الهرج داخل البيت واشتد الشجار بين أبى وحسن وحتما سينفضح الأمر من المتربصين له من خصومه السياسين وأعدائه من الصحافة الصفراء وانتهى الامر بأن طرده أبى من البيت ولكن لم تتحمل أمى الامر وأصيبت بجلطة نالت من حركة قدميها وأحد ذراعيها ، ورجع أبى عن قراره بشأن حسن بعد ان أوصى الطبيب بمراعاة  حالة أمى النفسية ، ولكن لم يهدأ الامر عند هذا الحد فسرب خبر حسن والفتاة أحد الصحفيين المغمورين بأحدى الصحف عن طريق أحد الخدم فى البيت ولكن بعلاقات أبى تكتم الخبر وحذف من الصحيفة وأحيل ذاك الصحفي للطرد ، وحول حسن التلطيف من الامر بينها وبين أبى وحاول إقناعها بتمضية العيد فى البلدة مثل كل عام حتى يسير الامر بشكلا طبيعى غير مثير للريبة ، ونزل أبى على رأيه ورأى أمى التى كانت بحاجة لتغير المكان وذهبنا فعلا فى موعدنا المعتاد ليلة العيد ومضينا الليلة اتحدث انا وأمى عن أيامنا الخالية حتى بزغزالفجر وتعالت تكبيرات العيد ، نهضت لأعد نفسى للخروج وبعد دقائق خرجت وجاء خلفى أبى ، انتهينا من صلاة العيد وكما هو الحال دائما يأتى لزيارتنا أقاربنا وأعيان البلد ونواحيها بعد صلاة العيد ، دلفت الى فناء الفيلا بعدما جاء أحد  رفاقى القدامى يسلم علىّ وخرج حسن على صوتى انا ورفيقى ونزل يشاركنا الحديث وزاغ بصره فجأة ناحية الباب يركل بكرة كانت بجواره ناحية الباب  نهرته عن فعلته تلك الغير مسئولة فربما اصطدمت الكرة بأحد المارة وخرجت أتأكد وكان ظنى بمحله أصابت الكرة فتاة كانت تمر من أمام الفيلا شعرت بالحرج الشديد بعدما رأيت ملامح وجهه المتشنجة من الالم فاعتذرت منها بشدة ولكن عقبنى حسن ليأتى مازحا ً ، شعرت بالغيظ الشديد فلم تكن تلك الركلة عشوائية انما كانت عن قصد ، وذهبت الفتاة وظل واقفا يرمقها ويبدوا ان بيتها كان على مقربة منا ، وقفت اعنفه ولكن حك بجانب رأسه وعلى وجهه ابتسامة خبيثة لم أعينها وقتها ومر يومان أجده يقف مع أحد أقربائنا اسمعه يتحدث عن بيانات فتاة ما شعرت بالريبة وسألته لكنه لم يفصح بالأمر وظننت انها مجرد شئ عابر ، لكن جاء فى الليل مبتهجاً يخبرنا بأنه يريد الزواج والاستقامة وقد وجد الفتاة المنشودة ، ولاقى طلبه استحسان أبى الذى ظن انه سيكف أذاه عنه وفضائحه التى لاتنتهى ، لكنى لم اقتنع بما رواه وعلمت أنها مجرد ضحية جديدة ستضم الى قائمة ضحاياه وتأكدت من حدسى عندما علمت بمستوى تلك الفتاة ، هى المنشودة فعلا لحسن وأبى ،أهلها قرويين بسطاء ستلمع ابصارهم بذاك العريس الثرى ذَا الحسب والنسب ولن يبحثوا خلفه ،حاولت إقناع أبى بفكرة حسن الشيطانية ، لكن حجة حسن كانت أقوى ، وعلى الفور تمت إجراءات الزيجة وانا أشعر بجرم ماسيحدث ورأيتها يوم الزفاف تخرج بذاك الفستان الأبيض تشع منها البراءة ابتلعت تلك الغصة وأشعر كأنى أسوِّق تلك الفتاة الى المذبح أشارك فى جريمة أخى التى أعلم انهاماهى الا جريمة انتقام   منا ومن نفسه ومن أى ضعيف يقع بفخه ، وتوالت الايام وتسرب الىّ نبأ علاقته بفتاة متزوجة من رجل أعمال شهير يسافرن معاً الى الخارج ويوهم الجميع بانه ذاهب لسفرات عمل لم أخبر أبى انه انقطع عن العمل معى منذ ثلاثة أعوام حتى لا يَصْب غضبه عليه كالعادة ويتأزم الامر كما العادة  ، لكن توترت علاقتنا كثيراً منذ معرفتى بعلاقته بتلك الفتاة وازداد الامر سوءاً عندما علمت بأن ذاك الصحفي المغمور زرع أحد الخدم فى القصر للتجسس على أخبارنا ، هددته بالهاتف ثم انتظرت لحين عودة حسن من تلك السفرة لاواجهه بالأمر ، وعاد من السفر وعلمت بنبأ حمل زوجته التى كنت اتحاشها دائما للشعورى بالجرم تجاهها وأنا أعلم كل خبايا اخى المخزية ، شعرت بالضيق الشديد لسوء حظ تلك الفتاة المخدوعة وخرجت الى ذاك الواشى من الخدم لأصب عليه كل غضبى وجاء خلفى حسن ، ليشعل غضبى أكثر وانا أعنف ذاك الواشى ، ويحدثهم عن الرفق والرحمة بالضعيف وجهت كل غضبى اليه وواجهته بعلاقته بتلك الفتاة وتلك العلاقة التى لن تدر عليه وعلينا سوى المتاعب والفضائح ، لكنه كان كعادته مستخفاً بالأمر ، تركته وتحاشيت الحديث معه او الاقتراب منه ، حتى أنجبت زوجته سليم الصغير الذى ملأ علينا القصر وصار هو نبضه الحياة والفرحة التى تسرى بقلوبنا ويبدوا ان فضائح أخى لم تصمد طويلا وتكشفت وعلمت زوجته بالأمر ثم تصاعدت الخلافات بينهم وانتهت بطلب الطلاق الامر الذى دافع أبى كثيرا لردعه وأذعنت زوجته لضغط أبى وعادت مرة أخرى ، لكن صارت الامور بينهما من سئ الى أسوء نسمع شجارهما باستمرار ، حتى أتتنى ذاك اليوم بالشركة كنت أجلس مع أروى أختى شريكى بالعمل ونائبى أيضا ، أروى فتاة من عائلة راقية ملتزمة فتاة مهذبة أعجبت بها من اول مرة رأيتها أسند اليها أخيها مهاب العمل بالشركة كمهندسة ديكور  ومنذ ذلك الحين وانا دائما مايزداد اعجابى بها وصرحت لها بالأمر لكن مشاكل أخى التى لاتنتهى كانت دائما عائقاً فى ذهابى لطلبها وخطبتها ، ولكن ذاك اليوم أتت الىّ وتحدثنا ولمحت بالأمر ويبدو انها قد ضجت من الانتظار ، واتفقت انا وهى على نهاية الأسبوع ان نعقد القران على ان تنهى  من تجهيز بيتنا الخاص ونقيم الزفاف وكنت سعيد جدا ، حتى دخلت علّيا مديرة مكتبت تخبرنى بانتظار زوجة أخى بالخارج ، الامر الذى أثار اندهاشى وقلقى فهى منذ زواجها من أخى لم تكن بينا اى علاقة او حتى حديثاً عابر ودلفت الىّ لكن قاطعنى صوت الهاتف كان الحد الموظفين بأحد الشركات يخبرنى بأن عاملا قد أصيب أثناء العمل باصابة خطيرة وعليا الحضور ، شعرت بتوترى فاستأذنت بالانصراف ، لم يكن أمامى سوى ان أذهب ولتفقد ذاك العامل المصاب ،

نوافذ مظلمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن