الفصل الاخير

3.9K 137 39
                                    

الفصل الاخير
الجزء الثانى
ومرت الايام وزينة تحاول تخطى الامر وبدى لى أنها بدأت تتحسن ، عدت الى البيت بأحد الايام فوجدتها تجلس على كرسى امام قبر سليم  وبيدها شيئاً ما ويبدو انه قد أخذ كل تركيزها فذهبت إليه أتبين ما الخبر فإذا بها تنسج شلات من الصوف ألقيت عليها التحية التفت على صوتى وبادلتنى السلام
ثم بادرت بسؤالها عن ماهية ماتصنع ، خفضت رأسها بالأرض وعلى محياها ابتسامة هادئة :
مش عارفة لقيت الخيط ده عندى لقتنى بشغله حتى مش عارفة انا عملت ايه
أمسكت بالجزء الذى صنعته فاثنيت  عليه كثيرا ثم جالت ببالى فكرة ربما تعيد اليها الحماسة مرة أخرى :
_ طب بما انك شاطرة كده بقى ممكن اطلب منك طلب
رفعت بصرها وهى تترقب طلبى مردفة :
_ اتفضل
_ ممكن تعمليلى كوفية
حاولت أخفاء معالم وجهها المشدوه ثم هزت رأسها بالايجاب :
_ أكيد طبعا... بس تحب ألوانها ايه ولا تحبها سادة
ابتسمت وأن أشعر بنشوة تحقيق هدفى فهززت رأسى أحرك كتفى :
_ لا سايبها لذوقك انتى بقى
ابتسمت ثم أستأذنت منها بالانصراف وخلدت الى النوم بعد مكالمتى الروتينية مع أروى تخبرنى ببعض الاشياء التى رأت تبديلها فى أساس منزلنا وبعض الاشياء الاخرى التى ستضيفها .
فى صباح اليوم التالى
استيقظت أمارس عاداتى اليومية وارتديت حلتى لانطلق للشركة فتحت باب الغرفة وانطلقت لأذهب فاستوقفنى صوتها الهادئ استدرت انظر خلفى فإذا بها تقف على بعد بضعة خطوات من غرفتى أقتربت وهى تحمل كيس ورقى ثم أعطتنى إياه ، عقدت مابينى عينى متسائلا ماذا يوجد بداخل الكيس  وهى تقف تحبس أنفاسها تراقب ردة فعلى ،ممدت يدى افتح الكيس فإذا بوشاح صوف متناسق الألوان بشكلا أنيق بل هى الألوان هى التى أحبها أيضا أخرجته من الكيس أتفحصه بإعجاب شديد :
_ الله ايه دا دا شكله شيك جدا  ودى الألوان اللى بحبها على فكرة
هزت برأسها وعلى محياها ابتسامة رائعة وكأنها لم تتفاجأ بأخر جملة فعقبت :
_ اه أنا شوفتك بتلبس الألوان دى كتير فقولت أكيد دى الألوان اللى بتحبها وهتلايق على حاجات كتير
لوهلة توقفت أذنى عن جملتها قبل الاخيرة أتسأل هل تلاحظ ما احب وما اكره ثم أخرجتنى من شرودى
_ يارب يكون عجبك
نظرت اليها بابتسامة ثم وضعته على كتفى أحيط به عنقى :
_ جميل جدا تسلم ايدك
رأيت نظرة الفرح تنطلق من عينها عندما وضعت ماصنعت أزين به هيئتى ، لاول مرة أرى تلك البسمة منذ وفاة سليم ، كم تبدوا تلك الفتاة بريئة تطالعتها غاية فى البساطة ، وانصرفت أخيرا ًأفكر طوال الطريق فى تلك التى لم يضاهى أى شئ اخر بالسعادة بصدرى أكثر من رعايتها
وقابلت أروى التى أبدت إعجابها الشديد بذاك الوشاح وساورنى الفضول انتظر هل ستلاحظ ان تلك الألوان هى المفضلة لدى لكنها لم تذكر الامر، وتبدلت ملامحها تماما حين علمت بمصدر ذاك الوشاح ثم انصرفت على الفور
بذاك اليوم حدث أمراً غريب مديرة مكتبى  تعرضت لحادث كبير سيمنعها من مواصلة العمل لامداً بعيد ، ولم أطل التفكير كثيرا فيمن سيحل محلها ، بل ربما شكرت القدر لذلك ، وعدت الى البيت أحمل الخبر وتحدثت معها كثيرا ً بدعوى أن عملى سيتعطل وأن الامر لا يحتمل المجازفة بشخصاً مجهول لست أثق به ، فوافقت على مضض
وانتظمت بالعمل وسط ثورة عارمة من أروى وخصوصا بعد أن أثبتت كفاءتها فى إدارة العمل وبعد جلسات معها أشرح لها سير العمل
أفلح أحياناً فى إخماد ثورتها واذهب معها فى قضاء بعض أمورها التى كنت أشعر بالملل الشديد منها ولكن أحاول إخفاء الامر ، ومرات أفشل فى إخمادها فأتركها حتى تهدأ من نفسها وتعود .
وفاجائتنى بزيارتها باحدى الايام فى القصر مبتهجة جدا بل الغريب أنها تعاملت مع زينة بلطفاً شديد على خلاف عادتها ، وسألتها عن سر هذا التغير المفاجئ :
_ خير يااروى مش بعادتك يعنى مع زينة
نظرت الىّ بابتسامة ماكرة وردت بمرح :
_ وحد يكره مرات أخوه برضه ؟!
نظرت إليها لم أفهم ماترمى اليه :
_ مش فاهم ؟!!
نظرت إلى وقد ازدادت ابتسامتها:
_ خلاص ياسيدى منتش مضطر تشيل همها تانى بعد كده انا عارفة الشهامة الزيادة اللى عندك دى ، ياسيدى مهاب أخويا انت عارف انه اضرب عن الجواز بعد مراته السابقة بس بعد ماشاف زينة فى الشركة وأتعامل معها وهو عمال يشكر فيها زى حضرتك وبعدين رجع امبارح وكلمنى فى الموضوع وقالى أخد رأيها
شعرت بالتوتر فسألتها لتزيل غموض ماقالت :
_ رأيها فى ايه ؟!!!
ضمت مابين حاجبيها لتردف :
_ايه ياحسين ؟! عايز يتجوزها
انتفضت وتناثر كيانى الى بلايين الذرات وخرجت بقوة بدون وعى :
_ لا طبعا
نظرت الىّ  وتسمرت من هيئتى التى تبدلت تماماً بعد حديثها حاولت ان استدرك الموقف معلل رفضى
_ زينة لسه ابنها ميت من كام شهر مظنش هتوافق
لم تعقب على حديثى سوى بعبرة تسللت الى مقلتيها ثم أردفت بغضب :
عشان هى اللى مش هتوافق ولا انت اللى مش موافق ؟!
استدرت لأكون فى مواجهتها :
_ قصدك ايه ؟!
ردت بصوت محتقن بالبكاء :
قصدى انت فاهمه ياحسين ، وبعدين انا عايزة افهم هى قاعدة هنا ليه جوزها مات قولت قاعدة عشان ابنها وورث ابنها دلوقتى ابنها كمان مات هى قاعدة هنا ليه ؟!!
وكأنها أيقظت بركاناً خامد انطلقت حممه تحرق وتصهر كل شيئاً بقربه:
_ يعنى ايه قاعدة ليه؟!! قاعدة فبيتها ومن الاخر كده زينة دى مننا ومتدخليش فى الموضوع دا تانى لو عايزانا نكمل م........
بترت جملتى وأوليتها ظهرى وقد شعرت بفداحة جملتى الاخيرة ، وانطلقت مسرعة لتركب سيارتها وتخرج من القصر
.............................
كانت اخر زيارة لامى لى ولمحت عن عدم ارتياحها وأبى لوجودى هنا بالقصر ولكنى استترت  خلفى مشاعرى المذبوحة بل وهاجمتها كيف لى أن اترك ابنى واذهب اما كفى ماحدث لى لا يعنينى الجميع ولا يعنينى مايريدون سأبقى بجوار ابنى ، انسحبت واتعتذرت عن حديثها تحاول تهدئتى وكبح دموعى التى كانت تعرى أمراً أخر لم أجرؤ ان أبوح به لنفسى حتى يوم زيارة أمى ، وكتمت بل وتحايلت على نفسى بالحجج الواهية حتى يوم زيارة أروى 
كانت على غير عادتها غير عابثة بوجهى تعاملنى بلطفا زائد ، تركتها هى وحسين وصعدت الى غرفتى أقرأ وردى من القرآن ، ثم قاطعنى صوت شجار فقتربت من الشرفة أنظر فإذا بكلماتها تخترق أذنى وتمزق كل وريداً بقلبى
شعرت بأنى عارية وشعرت بجرم مكوثى هنا ...بقربه حتى لو لم أعلنها قبل ذلك فهى باتت حقيقة،  انتظرت حتى بزوغ الفجر وجمعت كل أغراضى وذهبت أودع قبر صغيرى قبل أن أرحل الى الأبد واستودعته فحسبى أننا سنتلقى بعالماً أخر سيموت فيه الالم والمعاناة الى الأبد وخرجت من باب الفيلا وأوقفت اول سيارة أجرة رأيتها قبل أن يلمحنى احدهم ، وذهبت الى بيت أهلى وسط دهشة من أمى التى كانت تحاول تهدئتى لمجرد طرح فكرتها بترك القصر والعودة اليهم ، لكنها دفنت دهشتها وفضولها يصدرها بعد أن رأت حالتى الحزينة وعزوفى عن الكلام
هاتفنى بالليل عدة مرات وأجبته أخيراً يسألنى بصوتاً مبحوح لما رحلت
أبلغته بقرارى ورغبتى فى البقاء بين أهلى ، لو لم يكن يفصل بيننا ذاك الهاتف لكدت أجزم أنى أرى عبراته المتساقطة على وجنتيه وانا أسمع صوته المختنق وهو يحاول أخفائه أغلقت الهاتف وشاركته العبرات التى يبدو أنى أيقنت أنها ستظل رفيقى إلى نهاية عمرى
ومرت الايام وكان اليوم المقرر لزفافه ، أحاول إلهائى نفسى بأى شئ قررت أن أذهب إلى أحدى رفيقاتي لكن ومضيت بعض الوقت معها شعرت ببعض تحسن ولكن ماان خرجت من باب منزلها حتى عاودت الذكريات تهاجمنى بشراسة
اقتربت من باب المنزل فوجدت أخى الصغير يركض نحوى بسرعة ويسألنى بلهفة :
_ كنتى فين بندور عليكى من بدرى وفى ضيوف عايزينك
دلفت الى الداخل بسرعة واناأتسأل عن ماهية هؤلاء الضيوف
ودخلت الى غرفة الضيوف بعد أن نادانى أبى فوقع بصرى عليه يجلس فى مواجهتى وعلى محياه ابتسامعة واسعة ارتبكت ورأسى يضج بالحيرة والأسئلة لما أتى يوم زفافها ، لكن قاطعنى صوت أبى :
_ تعالى يازينة البشمهندس حسين جاى عشانك
ثم قاطع أبى صوت أمى تناديه فخرج اليها
نظرت اليه ولا أدرى ماذا أقول جاء ثم جلس بالكرسى المجاور لى يسألنى :
_ مش عايزة تعرفى انا جاى ليه ؟!
أومأت برأسى بالنفى فاستدرك :
_ جاى عشان أخذك معايا
قاطعته بصرامة مش هينفع عش............ فبتر جملتى بصوته الرخيم الساحر :
_ زينة تتجوزينى
لم أستوعب ماقال قبل ثوانى فتسألت :
_ طب وأروى انت مش المفروض فرحك النهاردة
قاطعنى مبتسماً :
_ أروى بعتتلى الدبلة تانى يوم ماانتى مشيتى وطلبت الطلاق
شعرت بالذنب الشديد فقاطعته :
_ ليه كده دى كانت بتحبك اوى ؟!
نظر الى مبرراً :
أروى فهمت اللى أنا وانتى مكنش فاهمينه او بنخبيه ، هى اللى طلبت وأصرت انى أطلقها لانها عارفة أنى جوازى منها مش هيكون أكتر لوفاء للوعد وانا عوضتها وكتبتلها الشقة اللى كنا هنتجوز فيها باسمها وعرفت كمان تقريبا كده فى مشروع خطوبة بس لسه مش رسمى ، ها هتيجى معايا بقى ولا هرجع زى خيبتها
دلف أبى الى الداخل ثم رأى الابتسامة تملأ وجهى فخاطبه حسين :
_لو سمحتى ياعمى أبعت للمأذون
....................................
حسين ياحسين
يلتفت اليها ويمسك بيدها يحتضنها ثم يقبلها
تنظر إليه ثم تجلس بجواره :
_ كنت سرحان فى ايه ياسونة
_ بستغرب أزاى السنين عدت  بسرعة كده ؟!
_ سبحان الله كنت لسه بسترجع السنين اللى فاتت برضه
_ الحمدلله على كل حال
_ الحمدلله ، طب يلا عشان العيال كلهم جايين النهاردة هيفطروا معانا وبعدين نستعد عشان نروح البلد عشان العيد
_ كل سنة وانتى طيبة ياتيتة
_ تيتة ؟!! لا ياخويا انا لسه صغيره ولادك هما اللى كبروا وخلفوا بسرعة
_ هو انا قولت حاجة لسه صغيرة وست  الستات كمان
_ ربنا مايحرمنى منك ياحبيبى ولا من حنيتك علّيا
تقبل أحدى الخادمات لتخبرهم بقدوم أبنائهم والصغار يخرج حسين وهو يتأبط ذراع زينة لاستقبال ابنائهم
.......................................
بقلمى آلاء عبد الله

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 10, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

نوافذ مظلمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن