الحلقة الثانية _ الجزء الثانى

1.5K 87 11
                                    


مرت ساعة ونصف ولم تعد ندى من الخارج وبدأ عصام يشعر بالقلق ،كما بدأ الصغير يشعر بالجوع فيتذمر ، تحرك عصام نحو المطبخ ليعد له رضعة من اللبن الصناعي الذى يكلفه الكثير لكن لا بأس فصحة صغيره اهم من مال الدنيا .

خرج من المطبخ يحمل القارورة وهو يهزها ليتأكد من خلط الحليب بالماء ويهمس
لصغيره : هى ماما اتأخرت كدة ليه يا عدى ؟
عاد لمقعده وبدأ يطعم صغيره بعد أن تأكد من ملائمة درجة حرارة الحليب وعينيه متعلقة بالباب ، حسنا يكفى انتظارا ؛ سينهى إطعام صغيره ويهاتفها .

لم ينته الصغير من طعامه ليفتح الباب معلنا عن عودة ندى للمنزل ، ينظر عصام لما تحمله يبدو أنها تسوقت ما يكفى فهى تحمل العديد من الحقائب .

أسرعت تجلس أمامه : السلام عليكم . عدى تعبك ؟
عصام : عليكم السلام.لا ابدا إحنا تمام . انت جبتى كل حاجة ؟
نظرت له بفخر : طبعا

وبدأت تفتح الحقائب لتعرض عليه ما اشترت
الصدمة الأولى كانت على هيئة مجسم لا يعرف ما هو ليتساءل فورا : إيه ده يا ندى ؟
ندى بسعادة وتلقائية : ده فانوس ل عدى

عصام : فانوس !!!! فانوس إيه بس يا ندى هو عدى يفهم فانوس ؟

ندى بحزن : الله يا عصام ، بكرة يفهم وبعدين ده أول رمضان ليه مانجبلوش فانوس ؟
عصام : وبكام ده بقا ؟
ندى ببساطة : ده بخمسين جنية بس مارضتش اجيب من الغالى وقلت عدى بردو لسه صغير .

شعر بالصدمة ، لقد أنفقت هذا المبلغ على لعبة تافهة وليت صغيره سيستفاد بها ، حسنا لن يفسد اليوم لأجل مبلغ صغير ، يمكنه التغاضى عن الأمر .

هز رأسه بلا مبالاة : طيب يا ندى ، جبتى إيه تانى ؟

تخرج ما بالحقائب وهى تضع أمامه كميات كبيرة من ياميش رمضان المعروف فى مصر .لقد أحضرت كميات تكفى لعائلة من خمسة أشخاص على أقل تقدير
ينظر عصام للطاولة التى امتلأت ببضائع لا أهمية لها على الإطلاق ليشعر بضياع ماله وضياع مجهود شهر كامل فى الهواء ، فأقل من نصف هذا كان يكفى ويزيد .

نظر لها والصدمة بادية على وجهه : إيه ده يا ندى ؟ كل ده ياميش !!! ليه دا انا وانت مفيش غيرنا

ندى : ماما كانت بتجيب كدة .
عصام : واحنا مالنا ومال ماما . ده ياميش يكفى عيلة .وايه كل المكسرات دى !!! انت هتفتحى محل تسالى ؟
ندى : ده كيلو واحد من كل نوع
بدأت تعد الأكياس : كيلو بندق وكيلو لوز وكليو فستق .
ثم نظرت له : حتى ماجبتش كاچو وعين الجمل

زادت صدمته وهو يقول متهكما : خسااارة ما جبتيش عين الجمل وكاچو كمان !!!!

هز رأسه بأسف وهو ينظر يتحسر على ماله الذى ضاع هباءا : طبعا الفلوس خلصت ؟
اومأت برأسها إيجابيا وقد بدأت للتو تشعر أنها أخطأت
مسح على وجهه طالبا الصبر من الله فقد أنفقت راتب شهر كامل على ياميش رمضان ، دون أن تفكر للحظة ماذا سيتتاولان لوجبتى الافطار والسحور . عليه أن يوفر المزيد من المال .
تساءلت بحزن : انت زعلت ؟
رفع عينيه لها : زعلت !!!! انت عارفة أنى مديكى مرتب الشهر كله امبارح . هناكل إيه بقا ؟
صمت لحظة وقال : هنفطر اراصيا ونتسحر بندق ؟

عاد للصمت لتنظر له بحزن : كل الناس بتجيب كدة فى رمضان .
عصام بإنفعال : مالنا ومال الناس ؟ انت عارفة الفلوس على القد هاتى الضروري . هاتى جبن ، فول ولا حتى هاتى فرختين وكيلو لحمة . انت يا ندى ضيعتى تعب شهر فى كلام فاضى .
بدأ يشعر أن صغيره ينزعج من صوته المرتفع ليناولها إياه ويغادر غاضبا .

نظرت في أثره ثم نظرت لمشترواتها لتتركها على الطاولة وتنهض بغضب متجهة لغرفتها .
توجه عصام لعمله فى متجر الأحذية الذى يعمل به فترة المساء ، وظل طيلة فترة عمله مهموما حزينا من تصرفات ندى غير المتوقعة .

عاد للمنزل ليلا ليجدها نائمة ، هو لم يتناول طعاما منذ افطاره برفقة زملائه بالعمل ، هو يعود يوميا لتناول وجبة الغداء ثم يتوجه لعمله المسائى ، أما اليوم فقد افسد تسوقها كل شئ .

توجه للبراد يبحث عن الطعام ليتفحص محتوياته ثم يعيد إغلاقه فهو لا يشعر برغبة في الطعام رغم شعوره بالجوع .

بدل ملابسه وتوجه للنوم فقد تجاوزت الساعة منتصف الليل وعليه الاستيقاظ باكرا .

******************

بالطبع لم يرها فى الصباح فهو لا يحب إزعاجها ، كما أنه يتناول فطوره برفقة زملائة بالعمل .

ليتركها تنعم بالراحة فى الصباح ، فهى تعتنى بطفله الذى يستيقظ غالبا في الليل .
مر يومه روتينيا  ليغادر عمله بموعده تماما ليجد حسين يحيط رقبته بذراعه : انت مروح علطول ؟
عصام : يادوب يا حسين انت عارف انى بشتغل بعد الضهر .
حسين : طيب بقولك ايه فى منفذ منتجات رمضانية قريب هنا ، تيجى تاخد شوية حاجات ؟
عصام وقد تذكر ما حدث بالأمس : بيبيعوا إيه ؟
حسين: كل حاجة تعالى معايا انا رايح
عصام : بعدين يبقا زحمة واتأخر على شعلى .
حسين: تعالى شوف الحاجة اذا زحمة قولى عاوز ايه وانا اشتريه واجيبه معايا بكرة .الواحد مش مستغنى عن مرتب شهر يديه للمدام هههههههه

ابتسم عصام بشحوب وتوجه معه بالفعل ، وقد راقته البضائع والأسعار ايضا ؛ لكن الزحام شديد ، كتب ورقة بما يريد حسب ما معه من مال متبقى واعطاها ل حسين مع المال وانصرف شاكرا له معروفه .

عاد للمنزل ليتناول طعامه ليجد المنزل بلا طعام  . ليس هذا بالأمر السئ لكن ما أفزع قلبه وشتت عقله أن وجد المنزل بلا زوجته وولده  .

شعر بالفزع ليخرج هاتفه فورا ليهاتفها ،فهى لم تخبره عن مغادرتها المنزل اليوم ، استمع لرنين الهاتف. الصوت قادم من خارج المنزل ليجد بابه يفتح معلنا نهاية عذابه.

دخلت بإرتباك ليتوجه لها بقلق : كنت فين ؟
تهربت بعينيها وهى تجيب بإرتباك : كنت عند بابا .

تنهد محاولا استحضار الصبر ليتحلى به وهو يسألها لم توجهت لمنزل والدها دون إخباره لكنها تتهرب من الإجابة متجهة للمطبخ لإعداد ما منحته لها والدتها من طعام .

صمت عصام حتى لا يثير مشكلة جديدة وتناول الطعام مع نظرات تحذيرية فقط ليغادر بصمت .

أقبل رمضانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن