الحلقة الثالثة _ الجزء الثاني

1.4K 94 5
                                    


غادر عصام بعد الغداء لتجلس ندى تراجع ما حدث ، لقد استيقظت صباحا لتشعر بالغضب فهو لم يحاول أن يراضيها ، هى لم ترتكب جريمة ؛ هى فقط فعلت كما كانت أمها تفعل .
بدلت ملابسها وحملت صغيرها وغادرت لمنزل أبيها غاضبة .

جلست تقص على والديها ما حدث لتكتشف أنهما ايضا غاضبان مما فعلت

نظرت لها أمها بحزن : يعنى ضيعتى للراجل مرتب شهر وكمان جاية زعلانة ؟
الأب : قولى لها .
ندى : ليه !!!! أنا عملت ايه لكل ده ؟
الأم : ضيعتى مرتب جوزك وانت داخلة على شهر رمضان . إحنا يابنتى كنا بنجيب كتير علشان بنودى لاختك منه ، وانت واخوكى وانا وابوكى أربعة بنستهلك . لكن تروحى تجيبى نفس الكمية لاتنين !!!!

الأب : ماتعرفيش بعد كدة تسألى ، الراجل مطحون علشان الفلوس اللى روحتى جبتى بيها بندق وفستق .

شعرت بالخجل من نفسها ، لقد فعلت ذلك فعلا أنفقت راتب شهر كامل لكنها لم تقصد ذلك مطلقا .

طلب منها والدها العودة لمنزلها والتعقل فى صرف المال ، فغلاء الأسعار يأتى على الجميع بالضيق ، بينما طلبت أمها منها التمهل حتى تنتهى من اعداد الطعام فهى لن تجد الوقت الكافى إن عادت لطهو الطعام لزوجها .
نهضت ندى بعد أن اعترفت أمام نفسها بالخطأ الذى ارتكبته وهى تنوى أن تعتذر من عصام حين عودته .

************************

وصل عصام لعمله يشعر بالانهاك النفسى الشديد ، جلس خلف مكتبه وقام بتشغيل الحاسوب وبدأ العمل وتسجيل ما فاته من فواتير ؛ فهذا عمله ؛ صاحب هذا المتجر رجل ذو خلق لا يحاول أن يتهرب من دفع جنية واحد مستحق عليه . ونظرا لأن العاملين بالمتجر جميعا من البسطاء احتاج لشخص ذو خبرة للتعامل مع الحاسب ليتمكن من تسجيل المبيعات بدقة متناهية .

انهمك عصام بعمله وقد تناسى قليلا خلو جيبه من المال تقريبا ، فما معه الأن لا يكفى لأكثر من أسبوع ، وماذا إن توعك الصغير ؟؟ ستكون كارثة !!! سيكون عليه إقتراض المال ،يستغفر من حين لأخر ويدعو الله أن يرزقه حلالا .

فى العاشرة مساء ، حيث وقت الذروة ، وقد عج المتجر بالعديد من الزبائن وصل صاحب المتجر ( واسمه الحاج زاهر ) على غير العادة فهو لا يأتى إلا لدفع الرواتب أو استلام إيراد الأسبوع من عصام .
استقبله عصام بحفاوة ليتخلى له عن مكانه فورا .
الحاج زاهر  : أنا فعلا هقعد مكانك وانت هتمشى .
تماسك عصام وهو يحاول أن يبدو طبيعيا : امشى ليه يا حج ؟

الحاج زاهر : لا انت فهمت إيه ؟؟

قدم له ورقة مطوية : انت هتروح لصاحب المحل ده تشوف له الحسابات وترجع لى ، هو صاحبى والدنيا ملخبطة عنده شوية .
ابتسم عصام براحة حقيقة : عينى يا حج حاضر .

وتوجه بالفعل للمتجر الذى ارشده إليه ليجد رجلا فى الخمسين يبدو رجلا شديد الطيبة ، رحب به وترك له المكتب وهو يشرح له أن الإيرادات انخفضت فى اليومين الماضيين بشكل ملفت وهو لا يجيد الحساب .

وضع عصام خطة سريعة للعمل وبالفعل قام بجرد المخزن فى ساعة واحدة وفى الساعة الثانية راجع الفواتير التى بحوزة صاحب المتجر والمسجلة بدفتر المبيعات  ليكتشف اختلاسا  واضحا .

بالطبع كان محاسب المتجر فى ورطة كبيرة ، بينما نصح عصام صاحب المتجر أن يلجأ للتسجيل الالكتروني حيث الدقة حقا سيحتاج شخصا يعمل على الحاسوب لكن سيكون بمأمن من السرقات .شكره الرجل وطلب منه ترشيح شخصا للوظيفة ليفكر فورا فى زميله حسين فهو حديث الزواج ايضا وينتظر طفله الأول ، سيكون العمل مفيدا له للغاية

عصام : هو فى واحد زميلى ممكن ينفع حضرتك بكرة أكلمه اذا وافق اجيبه واجى بكرة
الرجل بإمتنان : أنا متشكر يابنى جدا ، انت انقذتنى من ورطة مع الضرائب ، ليه حق الحج زاهر يشكر فيك .

استأذن عصام بالإنصراف ليصر الرجل على الدفع له مقابل تلك الخدمة التى اسداها له .
عصام برفض : أنا ماعملتش حاجة تستاهل
الرجل : بلاش تقل من نفسك ، فكرك اذا الضرائب بعتت حد مش كنت هلبس قضية . خد يابنى وكتر خيرك كمان .

غادر عصام مع وعد بمحادثة زميله بأمر العمل في الغد تاركا الرجل ليسوى حسابه مع ذلك المختلس .

لم يستطع أن يخفى سعادته بالمبلغ الذى حصل عليه فسيعينه بشكل كبير ليحمد الله ويعود لعمله ، وجد الحاج زاهر ينتظره وفى يده كمية لا بأس بها من الفواتير عليه تسجيلها ايضا .لكنه لم يمانع المزيد من العمل .

نهض الحاج زاهر بمجرد رؤيته يقدم له الفواتير : انت يابنى كدة هتتعب النهاردة .
عصام براحة وسعادة : اكل العيش ما يتعبش يا حج زاهر .

أقترب زاهر من رأس عصام هامسا : اوعى تكون انكسفت تاخد فلوس علشان صاحبى

عصام : والله ياحج فعلا مكنتش هاخد بس هو أصر .
ربت زاهر على كتفه : انت بتاخد نظير تعبك يابنى محدش بيتجمل عليك . خلص شغلك هنا بقا وأقفل علطول .

***************************

انتظرته كثيرا حتى غلبها النعاس ونامت ، لا تدرى لم تأخر كثيرا ، ربما لازال غاضبا ، حسنا هى تلتمس له عذرا الأن .

عاد عصام رغم ارهاقه الشديد إلا أنه سعيد راض ، لم يعد غاضبا منها فقد عوضه الله بالرزق الحلال ، يلتمس لها عذرا فهذا عامهما الأول وهى قليلة الخبرة ، فى المرات القادمة سيحاول أن يصحبها ويخبرها بمايلزم شراءه وبما يترك لما يتبق من المال ولا بأس من عدم شراءه ايضا .

وجدها نائمة ليبدل ملابسه وينام بهدوء
استيقظ صباحا كانت متيقظة بالفعل وما إن غادر المرحاض حتى وجدها تحمل الصغير وتتجه إليه ، ابتسمت له لكنه لم يبادلها لا لشئ سوى لصداع عنيف يحطم جنبات رأسه بمطرقة صماء . استعد للعمل واقترب من باب المرحاض حيث كنت على ما يبدو تحمم الصغير ، طرق الباب برفق : ندى أنا نازل .

ندى برجاء : طيب ثوانى هجهز لك فطار .
عصام : لا خليكى براحتك هفطر مع زمايلى علشان المواصلات
وغادر ليشعرها بالمزيد من الحزن ، وهى تظنه لايزال غاضبا منها .

أقبل رمضانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن