الفصل 3

1.7K 103 0
                                    

اقبل الغد بمناخ أشد سوءاً من الأمس وبدت الثلوج تتساقط دون توقف .
وقطب جايلز حاجبيه وكاد قلب مولي ينخلع من بين ضلوعها إن الجو سوف يضاعف من تعقيد الأمور وربما يفسد كل شيء وجائت مسز بويل بواسطة سيارة أجرة ..وتحدث السائق عن الجو وجبال الجليد التي عرقلت السير طوال الطريق ، وهمست في نفسها قائلة : بإن عرقلة المواصلات أمر يدعو للتشاؤم .
وعاد السائق يقول : أكبر الظن إن تلك العاصفة الثلجية سوف تتزايد قبل هبوط الظلام حيث إن جميع المؤشرات تؤكد سوء حال الجو .
في الواقع أن وجود مسز بويل قد ضاعف من حجم التشاؤم خاصة وإنها أمرأة ضخمة الجسم عابسة الوجه تتحدث بصوت يثير الجلبة والفوضى ويقطع الهدوء حيث تتكلم دائماً بلهجة الأمر وكأنها جنرال عسكري .
والواقع أنها كانت في الماضي البعيد تشغل العديد من المناصب العسكرية فعلاً حتى ظنت أنها لاتزال على وضعها القديم .
قالت وهي تنظر حولها في ضيق : لو إنني علمت أن هذا الفندق حديث العهد لما جئت إلى هنا أبداً .. لقد ظننت إنه فندق عريق تتولى إدارته مجموعة من الخبراء والعباقرة الإداريين .
فقال جايلز : إذا كان المكان لا يناسبك فلا يوجد سبب يدعوكِ للأقامة فيه رغم إنفك .
- طبعاً لا أظُن أنني ملزمة بالأقامة فيه .
- هل أتصل تليفونياً بمن يرسل إليكِ إحدى سيارات الأجرة يا مسز بويل ؟ إن الجليد لم يعرقل كل الطرق على أي حال فإذا كان قد حدث لبس أوغموض فيمكنك الذهاب إلى أي مكان آخر .
فأمطرته بنظراتٍ قاسية وقالت : لن أترك المكان قبل أن أختبره .. هل لكِ يا عزيزتي أن تأتي بمنشفة كبيرة للحمام  يامسز دافيز ؟ .
- إنني أميل دائماً إلى المناشف الكبيرة .
فأبتسم جايلز ومضت مسز بويل إلى غرفتها وراحت مولي تقول لزوجها : خير ما صنعت يا زوجي العزيز.. إنكَ أجدت معاملتها .
- إن المتكبرين من أمثال تلك السيدة ينبغي معاملتهم بالمثل .
- إنني لا أعرف كيف ستتعامل مع شاب مثل كريستوفر رين .
وحدث فعلاً بعد ظهر ذلك اليوم أن تحدثت مسز بويل مع مولي بطريقة فظة حيث قالت : هذا الذي يسمى كريستوفر رين أتصور إنه شاب غريب الأطوار.
وجاء الخباز وهو يرتدي من الثياب وكأنه مكتشف القطب الشمالي وقدم لمولي حاجتها من الخبز ، وعبر لها عن شكوكه في قدرته على تلبية مطالبها في موافاتها بالخبز كل يومين حيث قال لها في أسف : إن الجليد يسد الطريق ويواصل إرتفاعه ساعة بعد ساعة ولذا أرجو أن يكون لديكِ منهُ ما يكفي .
فقالت مولي : لدينا في الحقيقة كمية من المعلبات .. وأعتقد أن الأفضل أن أختزن بعض الدقيق لأصنع منه خبزاً .
وكان الخباز قد أحظر لها المجلات والجرائد فقامت بتوزيعها على الموائد .
لم يكن في الصحف انباء سياسية تلفت الإنتباه ، وربما كانت أنباء الطقس السيء هي التي تتصدر عناوين الصحف إلى جانب تفاصيل دقيقة عن حادث مقتل مسز ليون .
كانت مولي تتأمل صورة مسز ليون في الجريدة حين سمعت صوت كريستوفر رين من خلفها يقول : جريمة بشعة اليس كذلك ؟ إمرأة مسكينة تعيش في شارع فقير .. من الصعب أن يكون وراء مثل هذه الجريمة قصة مثيرة .
علقت مسز بويل في سخط : لاشك إنها نالت جزائها الذي تستحقه .
فنظر إليها كريستوفر رين بحدة وقال : تقصدين إنها جريمة جنسية ؟
- لم أعن شيء من ذلك إطلاقاً .
- لكنها قتلت خنقاً أليس كذلك ؟
ثم بسط يديه الطويلتين إلى الأمام وأردف قائلا : ترى ماذا عن شعور القاتل حين يخنق أحد الأشخاص .
- كفى يا مستر رين .
ولكن كريستوفر تقدم نحوها ببطىء وهو لا يزال يبسط يديه إلى الأمام وهو يقول بصوت خافت : هل فكرت ذات مرة يا مسز بويل كيف يكون شعور الضحية حين تجد قاتلاً يغرس أظافره في عنقها ؟
فصاحت مسز بويل مرة أخرى في ضيق وغضب :
كفاك .. كفاك يامستر رين .
وأرادت مولي أن تضع حداً لهذا الحديث المخيف الذي يدور بين مسز بويل وكريستوفر فقرأت في الصحيفة بصوت عالٍ : ويبحث رجال الشرطة عن رجل متوسط الطول يرتدي معطفاً أسوداً وكوفية من الصوف وقبعة خفيفة .
فضحك كريستوفر وقال : كلنا ذلك الرجل .. فمن الذي لا يرتدي معطفاً اسود وقبعة خفيفة داكنة اللون وكوفية من الصوف .
فقالت مولي : صدقت .

المصيدة  أجاثا كريستيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن