استيقظت يمنى على صوت المنبه المزعج. وهو يذكرها بضرورة الاستيقاظ المبكر رغم انها تستيقظ مبكرا كل يوم لكن اليوم مختلف قليلا. فاليوم سوف تقوم بإفتتاح صالة التدريب الملحقة بكلية الفنون والموسيقى التي تبرعت ببنائها هي وخالها تخليدا لذكرى جدها.
قفزت من سريرها بحيويتها المعهودة وتوجهت الى الحمام الخاص بها. وبعد ان استعدت بكامل اناقتها بتلك البدلة العاجية الانيقة. ذات التنورة الضيقة التي تصل الى ركبتيها. وقميصها البيج الحريري وسترتها العاجية الفخمة التي يتوسطها ازرار ذهبي اللون يخصر السترة على جسدها الناعم. سرحت شعرها على شكل جديلة فرنسية انيقة. ووضعت قليلا من احمر الشفاه المشمشي والمسكارا على رموشها. وانطلقت خارجة من غرفتها.
التقت بخالها امام الكلية. الذي صفر قائلا
ماهذا الجمال يافتاة ؟. سوف تجعلين العميد يصاب بنوبة قلبية
ابتسمت لخالها وطوقت عنقه بذراعيه تضمه اليها وبعد ان قبلته على وجنتيه. اشارات اليه بضرورة الدخول
كان حفلا صباحيا. تواجد به طلاب وطالبات الكلية ووالديها واخيها وعمها معن وزوجته وابنته نهلا بالاضافة.
تم الافتتاح الرسمي للصالة بحالة من الابتهاج والتصفيق. والفرحة من هيئة الكلية. فقد كانوا يحبون جدها كثيرااا ويقدرون اعماله وابداعه
وبعد الحفل دعاهم والدها الى الغداء جميعا. في مطعم ايطالي يتميز بتصميمه الفريد وحديقته التي تضاهي تلال توسكانا جمالا
عندما دخلوا الى المطعم. صرخت نهلا وهي تمسك بكم والدها وقالت انظر يا ابي. ان عمر هنا ايضا
واشارات الى طاولة يجلس عليها اربعة رجال منسجمين في حديث جدي. ضحك معن. وقال
يالها من صدفة جميلة
وتوجه نحو طاولة عمر فوضع يده على كتفه.
رفع عمر نظره متفاجأ وعندما عرف الرجل ابتسم ونهض بسرعة ليلقي عليه التحية
ثم توجه بنظره نحو المجموعة التي حضرت مع عمه معن. وتركز نظره عليها. على يمنى
يالهي كم تبدو جميلة. ليس عدلا ان تكون هناك فتاة بهذا الجمال وهذه الهالة من الهدوء والاثارة
التفت الى زملائه واستأذن منهم قليلا
وتقدم مع عمه معن اليهم
مرحبا عمر. قالت نهلا بمرح
ابتسم لها. وقال
مرحبا يا شيقة. ثم التفت الى والدته والسيدة سلمى ورحب بهما. وانتقل بنظره الى ذلك الرجل الوسيم الذي يقف الى جوار يمنى.
وقد تسلل التوتر الى نفسه. من يكون ؟
وعندما اقترب منهما. ابتسمت يمنى وبادرت بمد كفها. تحييه
تناول كفها بين انامله. فتسلل الدفئ الى قلبه. وقابلت عيناها عيناه.
ثم انتقلت عيناها الى الرجل الذي يقف الى جوارها. وسحبت يدها من يده لتضعها على كتف الرجل.
وتحدثت اليه بلغة الاشارة تعرفه على خالها.
تنهد بصوت مسموع مما اثار مرح خالها الذي قرأ في عينيه. ما لم يستطيع الاخرون ذلك
ومد كفه مصافحا عمر بقوة.
مرحبا بك سيد عمر يشرفني ان اتعرف عليك. لقد سمعت الكثير عنك
رد عليه عمر بإبتسامة هادئة وقد زال توتره
اهلا وسهلا بك سيد وانا ايضا اتشرف بالتعرف على عبقري الانظمة الامنية.
ضحك خالها بقوة. وحك رأسه بخجل وقال
لالا ليس لهذه الدرجة.
لكن عمر شد على يده. وقال
صدقني عندما اقول ذلك. فالنظام الامني في شركاتي من تصميمكم. رغم انني لم التقي بك مسبقا. ولكنني كنت اود ذلك منذ فترة طويلة.
قال معن. كفانا حديثا نحن نتضور جوعا
هيا فلنطلب الغداء
اعتذر عمر وقال
اعذروني انني قد دعوت زملائي لغداء عمل ولا استطيع تركهم الان
ثم اشار برأسه معتذرا وعاد الى طاولته. ولكن بجسده فقط. فعقله وقلبه كان معها
عندما جلست يمنى الى طاولة لم تستطيع ان تلمس الطعام خوفا من يلاحظ احدا ما ارتجافة يديها.
لماذا. لما اشعر بهذا الشعور. ؟ ليست المرة الاولى التي اراه فيها. ؟
لماذا اثرت بي لمسته لهذه الدرجة. ؟
كانت افكارها متسارعة كدقات قلبها. لقد شعرت بتيار غريب يسري في جسدها عندما امسك بكفها. هي متأكدة ان السبب ليس لمسة كفه. فليست المرة الاولى التي تصافحه. ولكن في عيناه. نعم في عيناه كانت تلك النظرة الغامضة. التي اشعلت حواسها واربكتها. شعرت كأنما عيناه تأسرانها
عندما عادت الى المنزل. ظلت افكارها تتصارع. وحاولت ان تلهي نفسها فذهبت الى الاستديو لترقص لعلها تنفض هذه الافكار من راسها
ولكن لا محالة. مازالت افكارها تتجه نحو عمر. لم يؤثر بها رجلا هكذا من قبل. لماذا. هو ؟.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
اقتربت يمنى بسيارتها من منزل نهلا وزاد التوتر لديها. كانت تدعو في سرها. الا تقابل عمر.
وعندما نزلت من السيارة واتجهت نحو باب المنزل. ايقنت ان دعواتها لم تستجاب. فلقد فُتح الباب فجأة لتصطدم ب عمر امامها.
تراجع بسرعة وهو مذهول فأخر ما كان يتوقعه هذا المساء هو رؤية يمنى. وامامه وقريبه منه بهذا الشكل.
ابتسم بإحراج وقال
اسف اسف لم اعلم انك تقفين عند الباب ؟
حركت يمنى كفها علامة. لا عليك. واشارات بإنها لم تطرق الباب
عاد الى الخلف ممسكا بالباب. ودعاها الى الدخول.
فمرت من جانبه. ليحيط به عطرها. ياله من عطر مزيج من المسك والورد رائحة لا يمكن نسيانها
تقدم للسير الى جانبها. مرحبا بها.
لابد انك حضرت من اجل نهلا. ؟.
أومأت برأسها علامة الموافقة. وقالت له بلغة الاشارة
اين هي نهلا ؟
التفت حوله. بمرح وقال.
لابد انها في مكان ما هنا. من المؤكد ستحضر حالا. وخلال ذلك دعيني ادعوك لكوب من القهوة
هزت يمنى راسها موافقه. وسارت الى جانبه الى باب الحديقة المفتوح
اشار لها بالجلوس. وقال
سأطلب القهوة
جلست يمنى وماهي الا دقائق الا وعاد وجلس في الكرسي المقابل لها قائلا
ستنزل نهلا حالا يبدو انها كانت غفت وهي تعمل
ضحكت يمنى. واخرحت دفترها الصغير وكتبت.
كثيرا ما غفوت وانا اعمل. تبدو تلك الغفوات لذيذة جدا
قرأ عمر ذلك وابتسم لها وقال
نعم. تلك الغفوات تجدد الطاقة بشكل غريب.
اعتدل في جلسته وقال.
يبدو انك تعملين كثيرا. هذه الايام مع التغيرات الاقتصاديه.
كتبت يمنى
نعم. تحليل الاسواق المالية حاليا مرهق ومتعب بسبب الظروف الطارئة خاصة السياسية
هز عمر راسه مؤيدا وقال
نعم ان الحرب في المناطق الوسطى من اسيا اثرت على الاسواق العالمية كثيرا. ولكن نحن بصدد عقد قمة دولية الان لعلها تساعد وقف هذه الحرب.
نظرت اليه يمنى بإعجاب وكتبت
هل تحب عملك السياسي ؟
رفع نظره اليها بعد قرأ ما كتبت. وقال.
جدا. اجد نفسي فيه. واعتقد انك تفهمين شعوري لانك تحبين الرقص.
هزت يمنى راسها موافقه على كلامه وكتبت
عندما ارقص ادخل عالما اخر. عالما لي وحدي. اتحكم به. واذوب في تفاصيله
نظر اليها عمر بتأمل. ظل يحدق في عيناها وهي تبادله النظرة
ثم مال في كرسيه الى الامام وقال
يمنى.
اتقبلين دعوتي الى العشاء. ؟
بعد صمت ردت عليه يمنى كاتبة
نعم.
وقبل ان يتكلم. سمعا صوت نهلا قادما من باب المنزل لتدخل بكل صخبها. وتعانق يمنى وتشكرها على تلبية دعوتها لتناول الشاي.
ثم التفت الى عمر ولكزته في كتفه قائلة.
شكرا لانك احسنت استقبال صديقتي. وهيا غادر
انفجر ضاحكا وقال
ماذا تطردينني. ايتها الشقية
قالت بحنق.
نعم هيااا هيااا غادر. قبل يأتي ساهر فتصعب عملية اخراجكما من هنا
رفع عمر كفيه مستسلما وقال
حسنا حسنا. ولكن ليس قبل ان تعطيني يمنى رقم هاتفها النقال
نظرت نهلا بتعجب اليه وقالت
لماذا. ابتعد عن يمنى ولا تضايقها. واشارت تهدده بإصبعها
ضحكت يمنى ووضعت يدها على كتف نهلا
واشارات لها. انه لا بأس بذلك
التفت نهلا الى عمر وقالت بخبث
حسنااا يبدو انكما متفقان. هيا غادر وسوف ارسل لك الرقم.
ارتد الى الخلف وهو يضحك. وقال
مستبده. اعان الله من سيتزوجك
وقفز خارجا بسرعة قبل ان تصل اليه نهلا
امضت نهلا ويمنى يوما جميلا سويا. ولم تنسى نهلا ارسال الرقم الى عمر فهي كانت تأمل بأن يلاحظ عمر يمنى منذ البداية
ارسل عمر الى يمنى تفاصيل دعوته الى العشاء. وحدد لها الموعد
وفي الوقت المحدد توقفت سيارة عمر الفاخرة امام منزل السيد خالد
طرق الباب ففتحه له يمنى. ليرى اجمل فتاة. شاهدها في حياته
كانت ترتدي فستانا ضيقا يصل الى الكاحلين بلون نبيذي خلاب. ذا كمين طولين وياقة مرتفعه تلتف بإناقة حول عنقها. رافعة شعرها بشكل شنيون روماني جميل مع مشبك فضي على شكل ورقة شجر. ترتدي حلقا فضيا يكمل طقما مع مشبك الشكل بشكل ورقة شجر صغيره مرصعا بالالماس.
قال لها وهو يبتسم. بإعجاب
مرحبا. هل هذه الجميلة ستكون رفيقتي الليلة؟
ابتسمت يمنى بخجل. ومدت يدها اليه. فأمسك بها يقودها الي السيارة
وبعد ان اصبحا في المطعم الفرنسي الذي صُمم بتلك الالوان والاضاءات الهادئة وكأنه لا يستقبل الا المحبين
بدأت السهرة بتوتر وقلق بسيط من كليهما. فقد كانت خطوة جديدة لها. وعودة مجهولة له
تحدثا طويلا واكتشفا ان بينهما العديد من القواسم المشتركة. ولم يؤثر عدم قدرة يمنى على الكلام عليهما بل بالعكس. كانت تحدثه مرات بلغات الاشارة ومرات كتابة. وعندما تكتب. كان يحب طريقتها وهي تتكلم كتابة وكيف ترسم بعض الخربشات شارحة ماتريد
بعد ان انتهوا من العشاء تعالى صوت الموسيقى. وبدأت اغنية. Love me like you. للمغنية ellie goulding شعر عمر وكأنها تتكلم عنهما تمام. فوقف مادا يده اليها داعيا ايها الى الرقص
وقفت يمنى بهدوء وعيناها في عيناه. فأبتسم قائلا.
لن اكون ببراعتك. وعليك ان تعلميني.
افترت شفتاها عن ابتسامة ملائكية خلابة. وهي تقترب منه
ليسحبها عمر الى جسدها ضاما ايها ليبدأ الرقصة الرومانسية مع ايقاع الكلمات التي تتحدث عن مشاعر الحب المحمومة والساخنة.
لم يعد يشعران بالعالم حولهما. وهما يدوران في حلبة الرقص التي امتلئت بالراقصين من المحبين والازواج
اشتبكت عيناهما في نظرة صامتة. وكأنهما فقدا الاحساس بكل ما يحيط بهما.
شد عمر يمنى الي صدره فوضعت كفها على قلبه. لتشعر بنبضاته المتسارعة. ومال برأسه ليقول بجانب اذنها. وهي تشعر بإنفاسه تلفح وجنتها.
انك ملاك. لست من هذا الكون ؟
امالت راسها الى الارض وقد احمر وجهها خجلا.
رغم شهرتها. ورغم جنونها. السابق وغرورها. لم تسمع كلمات غزل في حياتها.
ارتجفت اناملها على صدرها. وارادت تحريك يدها لكنه وضع كفه عليها مانعا ايها من تحريكها.
اكملا الرقصة بشجن وانسجام غريب. الى ان رن هاتفه النقال. فتوقفا فجأة
ضحك عمر محرجا وقال.
لابد انه اتصال مهم. دعيني ارى
وعادا الى الطاولة وبعد ان جلسا.
فتح عمر هاتفه. عندما قرأ الرسالة تغيرت ملامح وجهه واصبح اسودا من الغضب
ورفع راسه الى يمنى وقال بهدوء غريب
لقد استمتعت جدا بهذه السهرة. واتمنى ان نكررها. ما رأيك يا يمنى ؟
فهمت يمنى ان هناك امرا اجبره على انهاء السهرة بهذا الشكل. فهزت رأسها موافقه
فنهض بسرعة ووضع مبلغا في داخل الفاتورة مع اكرامية مزجية
ومد يده اليها يدعوها الى النهوض.
ظل صامتا طوال الطريق. وكأنه ليس عمر الذي كان منذ قليل يرقص بعذوبة الامراء والعاشقين
وعندما وصلا الى المنزل اوصلها الى الباب وتأكد من دخولها. ثم قفز في سيارته مسرعا.
وهو يفكر في التهديد الذي وصله على هاتفه
ليست هذه المرة الاولى
هذه الرسالة السادسة خلال اسبوعين منذ ان تم تعينه المندوب الخاص بعملية السلام في منطقة الحرب. وهذه الرسايل تصله
لم يبالي بها. ولكنها الليلة اثارت الرعب في داخله لقد وصفت الرسالة وضعه بالتفصيل في المطعم. وهذا دليل على انهم يراقبونه. وهذا اثار رعبه ليس خوفا على نفسه فقد اعتاد المخاطر منذ ان كان في الجيش. ولكنه خائفا على عائلته ومن هم حوله والليلة بالذات كانت يمنى معه.
وقد اثار هذا قلقه بشدة. ماذا لو حدث لها شئ بسببه. ووجد نفسه يدخل في حالة من الخوف عليها.
توقف امام منزله. وضرب على مقود السيارة بيده. بغضب. ثم نزل وقد خطط في ذهنه لأمر ما.
رمى بنفسه على كرسي مكتبه في شقته. واخرج هاتفا من الدرج. وضرب رقما معينا
رد عليه رجلا. بصوت هادئ
قال عمر.
هل وصلتك الهدية. ؟
رد الرجل
نعم. ونعمل على فتحها والتمتع بها
اغلق عمر الهاتف واعاده الى مكانه السري داخل الدرج
نهض وتوجه الى غرفته رمى بملابسه ودخل تحت الدش البارد. وتكأ بكفيه على الجدار خلف الدش تاركا المياه الباردة تسيل قوية على راسه وجسده وهو يفكر
لماذا اختاروا هذه الليلة. ليظهرا. لقد كان قريبا جدا منها. انه يحلم بها منذ ان رأها. اصبحت تسري من جسده مسرى الدم
وضع كفه على قلبه وكأنه يتحسس لمستها. التي اثارات نيرانا بداخله.
لم تحرك إمرأة مشاعره كما فعلت يمنى. حتى زوجته التي كان يظن في بداية علاقته بها انه يحبها. لم تحرك مشاعره مثل يمنى
انها كالانفاس تمام بدونها. نموت كنبض القلب ان توقف مات الجسد. هز راسه بقوة نافضا المياه عن شعره وخبط بقوة وغضب على الجدار وهو يشتم في داخله هؤلاء الارهابيين الذي لم يظهروا الا في هذا الوقت الذي يريد ان يوئسس فيه حياة جديدة. لقلبه وروحه
استلقى على فراشه واغمض عيناه يتذكرها وهي بين ذراعيه. كانت مثيرة. مثيرة. كم تمنى لو انه قبلها. انه يعلم يقينا لو انه اقدم على ذلك. لما استطاع ان يتراجع بعدها.
لقد ملكته نعم. ملكته يمنى. واصبح اسير هواها. عمر. الذي لم تهزمه امرأة. اسقطته على ركبتيه. راقصة بكماء.
أنت تقرأ
الراقصة البكماء
Romanceجميلة شفافة مشاكسة تعشق الحياة. في لحظة ألم فقدت صوتها. وسيم جاد قوى صارم في لحظة ألم فقد احساسه. يتلاقى القلبان في دوامة العشق