مساء الخير. ابي.
صاح عمر بمرح وهو يدخل الى غرفة الجلوس في منزل والديه.
رفع والده راسه اليه وابتسم قائلا.
اهلا اهلا. ايها المغامر. منذ عيد ميلاد نهلا لم نراك
جلس عمر في المقعد المريح المواجهه لوالده ومدد ساقيه متمطيا بإرتياح
لقد كانت جولة عجيبة يا ابي. خلال اسبوع زرت ١٠ دول. من اجل مؤتمر دولي أقيم في سفارتنا في البرازيل
والحمدلله تكلل المؤتمر بالنجاح. وقد أقيمت حفلة مبهرة في ختام المؤتمر. ولن تحزر المفاجأة
اعتدل والده في كرسيه وقال بإهتمام
ماذا حدث. ماهي المفاجأة ؟
ابتسم عمر بدهاء. وقال. لحظة سوف ادعك تراها بنفسك.
ثم اخرج هاتفه الذكي من جيبه وعبث به قليلا وناوله الى والده وقال له شاهد هذا الفديو
تناول والده الجهاز وادار الفديو
فوجد امامه تلك الفاتنة. التي تألقت في فستان من التل المذهب والعاجي اللون وكأنها اميرة من القصص السحرية.
ترقص مع راقصا وسيما يرتدي بذلة التوسكيدو السوداء الانيقة
يرقصان ببراعة الى جانب فرقة من الراقصين والراقصات المحترفين.
والذي أدوا رقصتهم ببراعة واتقان وفخامة. وبما يتناسب مع المكان الذي اقيمت به الحفلة.
رفع والده نظره اليه وقال
لم اكن اعلم ان يمنى قد وصلت الى هذه المرحلة من العالمية. ظننت ان الرقص هواية. اشتهرت بها هنا فقط في بلادنا.
وضع عمر ساقا فوق ساق واتكئ بظهره على المقعد. وقال بتسليم وبسمة
وانا مثلك. لقد فوجئت بها. ولكن بصراحة. ابدعت في الرقص وفرقتها في غاية البراعة
ولقد حضوا بتكريم خاص من السفير. نظيرا لقبولهم احياء الحفلة في وقت قياسي. وكما سمعت من الملحق الثقافي ان يمنى والراقص الرئيسي في الفرقة. تبرعا كالعادة بأجرهما للمراكز الطبية وملاجئ الايتام.
اعتدل عمر في جلسته ووضع ذراعيه على ركبتيه ضاما كفيه سويا وقال بهدوء لوالده
ابي. اريدك ان تخبرني. من هي يمنى. ؟
نظر اليه الاب بحيرة
انت تعرفها ياعمر. مابك. انها ابنة صديق عمري. خالد
قال عمر بإصرار
انت تعلم انني لا اقصد ذلك. وانما. اقصد. ماذا حدث. لتصبح يمنى كماهي الان
كل من عرفها من قبل مصدوم من التغير الكبير في شخصيتها. الجميع كانوا يصفونها بالمغرورة والمتكبرة والقاسية القلب. حتى اصدقائها. لقد اكتشفت ان احد اصدقائي متزوج بزميلة لها في الجامعة وعند تناول الحديث عن الفن ذكرت لهم يمنى
عندها قالت زوجة صديقي. انها كانت زميلة لها في الجامعة وقد كانت من اكثر الطالبات غرورا وتكبرا وفظاظة. حتى انها لطالما احتقرت غيرها من الطلاب المتوسطي المستوى
لا اخفيك. صدمني هذا الكلام ف يمنى التي تعرفت بها منذ كم شهر. ليست هكذا ابدا. وارجعت هذا التغير لسر خطير حدث في حياتها. واظنك تعلم به
تنهد معن الفارس. ونظر الى عمر بحنان ابوي وقال
لقد صدقت يا عمر. لم تكن يمنى كماهي الان. كانت متمردة. عنيدة. مغرورة. دلال خالد وسلمى لها افسدها كثيرا. بالاضافة الى ذكائها الشديد وعبقريتها. مما ساعد على زيادة تكبرها واستصغارها للاخرين
كنت وامك لا نصدق انها ابنة خالد الطيب وسلمى الحنونة. المتواضعان.وكانت لا تبالي واحيانا لا تحترم احدا. ولا تختلط مع محيط والديها لذا لم نكن نراها كثيرا. وصدقا قد اراحني هذا لاني لم اكن احتمل معاملتها لوالديها بتلك الغطرسة
قال عمر بإهتمام.
ماذا حدث. ابي. لقد اثرت فضولي بهذه اللغز.
ضحك معن وقال.
نعم يا عمر تراها الان لغز. ولكن ماحدث لها كشف انها فقط. مجرد فتاة. رقيقة وكل ذلك قشرة زائفة
سأحكي لك القصة.
ولكن دعنى تناول فنجان من القهوة. قبلا.
ضحك عمر وقال حسنا. سأذهب لاعد القهوة. اعتقد انها ستكون قصة مثيرة للاهتمام
بعد ان احضر عمر القهوة. جلس في مقعده امام والده الذي كان على ما يبدو مستغرقا في التفكير
صب القهوة الساخنة ومد الفنجان نحو والده قائلا
اشتري افكارك بمليون
ضحك معن متناولا الفنجان من عمر وقال.
ان المليون قليلة ارفع المزايدة
ثم استند على مقعده وهو يرشف مت قهوته. وقال
اتعلم. ان الرجل الوحيد الذي كانت يمنى تبدو امامه طفلة صغيرة مطيعه. هو جدها. لأمها. الفنان المشهور الراحل .
لقد كان موسيقيا من الدرجة الاولى. لحن وكتب العديد من الاغاني المشهورة لفنانين وفنانات عظماء.
الم تسمع اغنية. عاشق. للفنان. ياسر رعد. التي اشتهرت لفترة طويلة
قال عمر وهو يفكر
نعم نعم. لقد سمعت الاغنية. كانت جدا معبرة وذات كلمات ولحن قوي.
قال معن.
والكثير من الاعمال الرائعة كانت له.
قال عمر بتفهم.
من هنا جاء حب يمنى للموسيقى والرقص
فرقع معن بأصابعه مشجعا وقال
اصبت. بالفعل من هنا كان الاساس
كان جدها رجلا فنانا بحق حساسا يملك قلبا ذهبيا. وكان خالد يحبه ولكنهما دائما يصطدمان في افكارهما.
ف خالد عملي قاسي يعمل بعقله. وجدها رجل قلبه يتحكم به
وبينهما كانت يمنى.
ولدت يمنى بعد معاناة سلمى من مرض في احد صمامات القلب. التي ظهرت بعد ان انجبت فؤاد. فقد قال لها الاطباء ان الانجاب خطرا عليها
فأحزن هذا قلبها كثيرا. لكن خالد لم يهتم لانه اكتفى ب فؤاد. ولكن سلمى. ظلت في داخلها غصة تريد طفلا اخر. فكانت اتسعى الى العلاج. ولم يتركها خالد رغم انه لم يوافق على ذلك دعمها في رحلتها
وبعد عدة عمليات للقلب. لاستبدال الصمام. حملت ب يمنى
فكانت حالة عارمة في منزل خالد من الفرحة والصدمة.
قال عمر.
ما كان موقف عمي خالد. ؟
ابتسم معن. وقال.
كان مضحكا.
نظر عمر اليه بدهشة. وقال
لماذا
قال معن وهو ينظر للبعيد. كأنه يتذكر الماضي
كانت مشاعره مختلطة فقد كيف نفسه على انه له ابن وحيد هو فؤاد وبعد ٨ سنوات جات يمنى
طفلة صغيرة بريئة تختطف الانفاس بعيناها المميزة.
فخطفت قلبه وعقله وكسرت جموده وقسوته. فدللها بإفراط كانت كل رغباتها امر لا بد من تنفيذه
نظر الي عمر وضحك قائلا
تخيل في احد المرات. ارسل طائرة خاصة الى مصنع الالعاب. ليحضر دمية طلبت خصيصا ل يمنى. والسبب ان يمنى لم يعجبها فستان الدمية في محل الالعاب فأرادت ان يكون باللون الاحمر بدلا عن اللون الابيض.
فخاطب المصنع وطلب دمية معدله خصيصا ل اميرته يمنى
انفجر عمر ضاحكا فضحك والده ايضا معه. وقال
ألهذه الدرجة ؟. لم اكن اعلم ان عمي خالد ممكن ان تسيطر عليه فتاة صغيرة
صفر معن وقال
اووووه. ياولدي. لقد ادارته يمنى بين اصبعيها الصغيرين.
ثم تنهد بأسف قائلا
ولكن للاسف ارتد عليه هذا الدلال جحيما
فقد تعلقت يمنى بجدها كثيرا. واحبت الموسيقى والرقص. وكانت الزائر الدائم لاستديو جدها. وهناك. عملتها زوجة جدها في تلك الفترة. وقد كانت امرأة. جميلة راقصة محترفة. وذات اخلاق رائعة. علمتها الرقص بدقة واحترافية. وكانت تبلغ من العمر سبع سنوات. وظلت تدربها الى ان اكملت يمنى عامها السادس عشر عندها توفيت زوجة جدها بسبب معاناتها مع مرض السرطان
حزن جدها على زوجته كثيرا. فانتقلت يمنى للسكن معه في مزرعتها فترة طويله. كانت خلالها قد انهت المرحلة الثانوية ودخلت الى الجامعة وهي لم تبلغ العشرين من عمرها فقد نقلوها صفوفا اعلى بعد تطبيق الاختبارات الخاصة بذلك عليها فتخطتها بجدارة
خلال تلك الفترة. كانت تتابع الرقص وتقوم بعروض حية من اجل التبرعات وكان جدها يرافقها. ولكن خالد كان رافضا لذلك بشكل قاطع وبدأت الصدامات بين خالد ويمنى وجدها. رغم ان سلمى كانت تحاول رأب هذه الصدامات لكن الشقوق بدأت تكبر من تحت الاقدام.
يمنى تريد الاستمرار في الرقص ولاتريد العمل بتخصصها الذي اختارته وهو الاقتصاد الدولي وجدها مؤيد وداعم لها ووكيلا لأعمالها
وخالد يريدها ترك الرقص والانتقال الي منزله والعمل معه في الشركة او فتح مكتب خاص بها للاستشارات الاقتصاديه
قال عمر وهو يسكب مزيدا من القهوة لوالده
واين فؤاد في كل ذلك ؟
قال بمعن.
فؤاد لم يتدخل منذ البداية رغم انه حاول كثيرا تقريب وجهات النظر وهو صاحب فكرة ان تعمل يمنى مع والدها وتنظم جدولا خاصا وعروضا اقل لترضي نفسها ووالدهما
وبنى لها اساتديو الرقص الخاص بها في حديقة منزلهم. ؟
لكن يمنى كانت قد ورثت خالد في عناده وقسوته. فكانا مثل جبلين يصطدمان
استمرا على ذلك المنوال حتى انفجر البركان حينما استدعى خالد يمنى الى المنزل وبدأ بالضغط عليها بترك الرقص وعدم العودة للسكنى مع جدها
ثارت يمنى وقالت له بأنها تكرهه وانه ليس له اي علاقة بحياتها
ففقد خالد اعصابه. وصفعها.
اعتدل عمر في جلسته سريعا وقال.
يا الهي.
هز معن راسه وقال بأسف
نعم كان هذا بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير
وضع معن فنجان قهوته على الطاولة امامه. وقال وهو ينظر الى البعيد ويعيش احداث تلك الليلة :
عادت يمنى الى جدها مصطحبة صديقتها الحميمة ريما. في تلك الليلة المشؤومة
وعند وصولها الى مزرعة جدها. بدات لها الامور غريبة. وكأنها احست بفطرتها وذكائها ان هناك امرا غير عادي
فقد كان الهدوء يخيم على المنزل بشكل غريب وغير معتاد. لطالما كانت الموسيقي تصدح بين جدران منزل جدها
دخلت الى المنزل هي وريما لتجد امامها. جدها وقد جلس على كرسيه بهدوء والى جانبه رجل يصوب مسدسا الى راسه
وعندما تقدمت قليلا وهي مذهولة. فوجئت بصوت من خلفها يقول
ها قد حضرت الفنانة الفاتنة
التفت يمنى. بخوف ونظرت الى ذلك الرجل الغريب. الذي يبدو وكانه اعتاد على القوة والقسوة. وعندما ادارت عيناها في المكان. وجدت انهم اكثر من رجلين. على الاقل كان هناك ست رجال
اشار ال الرجال الذي تحدث والذي بدى انه رئيسهم لرجاله فأمسكوا ب ريما التي صرخت برعب وبدأت بالبكاء.
ارتجفت يمنى وتسلل الخوف والرعب بقوة الى قلبها.
وقالت بصوتها المرتجف.
م م. ماذا تريد ؟
نظر اليها الرجل بنهم. وقال
اريدك يا حلوة.
تجلى الفزع في عيناها. وقالت
لم افهم. مالدي تريده مني. ؟
اقترب الرجل منها. ووضع فوهة مسدسه على خدها ثم بدأ يحركه على طول حدود وجنيتها قائلا
لقد حملتي لنا امانة. ضمن حقيبتك عندما عدت من كوريا ونريد استعادتها.
فغرت يمنى فمها بدهشة وكررت ببلاهة
ماذا. امانة. عن ماذا تتحدث
صرخ الرجل في وجهها مما جمد الدم في عروقها. وقال لها.
لا تتغابي. اعلم كم انت ذكية.
اين الحقيبة الرمادية التي تحمل شعار جامعتك. ؟
نظرت يمنى اليه بخوف وقالت.
في غرفتي. ؟
اشار الرجل الى احد رجاله الذي صعد السلالم راكضا. وبعد دقايق عاد بالحقيبة
اخذها منه الرجل وبدأ يفتشها مزقها بشراسة. من الداخل وحطمها من الخارج ولم يجد شيئا
اقترب منها الرجل وقبض على رقبتها يخنقها بوحشيه صارخا.
اين هو. تكلمي. ؟
ارتعدت يمنى وبدأت بالبكاء وهي تتوسله قائلة.
لا اعلم لا اعلم عن ماذا تتحدث
هدد الرجل بوحشية سأقتل صديقتك الان امام عيناك ان لم تتكلمي.
صرخت ريما عند هذه الكلمات وزاد نحيبها
ازداد رعب يمنى وارتجف جسدها فزعا ورعبا. وبدأت تصرخ
صدقني لا اعلم. اقسم لك لا اعلم عما تتحدث.
اشار الرجل لرجاله.
فسحبوا ريما التي بدأت تصرخ بهستيريا.
ورموها ارضا ووضع احدهما قدمه على رقبتها. وهو يوجه مسدسه الى وجهها
عاد الرجل ينظر بقسوة ووحشية الى يمنى
هذه فرصتك. اخبريني اين الفلاش ميموري. الاسود
اتسعت عيناها ذهولا وخوفا. وهو يضغط بأصابعه على رقبتها. وتسمع صراخها جدها المكتوم. وبكاء ونشيج ريما الهستيري
لا اعلم. اقسم بأنني لا اعلم. لا املك اي فلاش ميموري.
عندها سمعت طلقة واحدة. وصوت ريما اختفى الى. الابد
بدأت يمنى بالصراخ وهي تحاول التخلص من اصابع الرجل الفولاذيه.
ولكنها لا تستطيع التغلب على هذا الضخم المرعب. سحبها والقى بها عند قدمي جدها. الذي كان يجاهد يساعدها ولكن كانوا يوجهون مسدساتهم اليه.
وضعه قدمه على اناملها المنبسطة على الارض عند سقوطها تحت قدمي جدها وضغط عليها بحذائه الغليظ. فصرخت الما. وقال هيا يا جميلة لا تريدين ان اشوه جمالك الفتان. الان.
ومال اليها شادا شعرها بقوة الى الخلف ليجبرها على النظر الي وجهه.
وقال بفحيح مخيف
لقد اخذت من وقتي الكثير. هيا اعطيني الفلاش
هزت راسها برعب وبدأت تصرخ بهستريا.
لا اعلم. يالهي انني لا اعلم اقسم بأنني لا اعلم
عندها. افلت الرجل شعرها بقوة. واستقام واقفا وقال بخشونة
لقد جنيتي على نفسك
ورفع مسدسه امامها. لكن جدها في تلك اللحظة. رمى بنفسه عليها. فأصابته الرصاصة في ظهره وسقط فوق يمنى التي بدات بالصراخ وفقدت صوابها ولكن الرجل لم يكتفى. اطلق الرصاص عليها
وسحب رجاله وخرج
عند هذا الحد. سكت معن وكأنه ينتظر عمر ان يستوعب ماقال ونظر الى عمر فوجد في عينيه نظرة ذهول عظيمة
زفر عمر بقوة. وقال.
يا الهي. لا استطيع ان اتصور الموقف.
اخذ معن نفسا عميقا. واكمل قائلا.
ظن الرجل انها ماتت. لانه اطلق الرصاص. فأصابت كتفها. وكانت قد فقدت الوعي بعدما دخلت في حالة هستريا بسبب جدها.
فخرج مع رجاله
مالم يكن يعلمه هذا الرجل. ان منزل جدها كان به نظام امنى عالي الكفاءة. ركبه جدها. بسبب وجود تحف ولوحات فنية غالية الثمن لديه. ولإصرار ابنه خال يمنى عليه. فقد كان خبير انظمة امنية وصاحب شركة مهمة في هذا المجال
نظر معن الى عمر نظرة مفكرة وقال
لابد انك سمعت به. طارق نمر. صاحب شركة سكيورتي كود
هز عمر راسه موافقا
نعم نعم. لقد تعاملت معه. انه رجل ذكي جدا
رد معن.
فعلا وبسبب الانظمة التي اصر على والده ان يركبها له في منزله استطاع انقاذ يمنى من الموت
فقد كان نظام الامان مربوطا بجهاز طارق الشخصي. لانه كان يقلق كثيرا على والده في تلك المزرعة البعيدة
وعندما اخترق رجال العصابة الجهاز الامنى بدون ان يعلمون ذلك. ظهرت اشارة تحذيرية. عند طارق. بحدوث اختراق امني
غادر طارق مسرعا بإتجاه المزرعة. ولكن للاسف عند وصوله وجد والده وريما وقد توفيا وكان يظن ان يمنى ايضا قد ماتت لولا انه شعر بنبض ضعيف في قلبها. فأسرع بنقلها بنفسه الى المشفى وابلغ الشرطة
اثناء ذلك
دخلت يمنى في غيبوبة بسبب الدماء التي فقدتها.
ولكنها نجت بأعجوبة. نجت لتصبح انسانة اخرى. تماما.
الصدمة افقدتها القدرة على الكلام. وحزنها تغلب عليها فترة طويلة.
كان خالد وسلمى وفؤاد في حالة مزريه من الالم والبؤس والعذاب لما حدث لها. ولكن كما يقال لرب ضارة نافعة
هذه المأساة. غيرت تشيكل شخصية يمنى بشكل فظيع وكبير. اصبحت لا تود الابتعاد عن والديها. ووتعمل جاهدة على راحتهما. حتى انها لم تعد الى عملها وانما حبست نفسها في المنزل. فقط مع والدتها ووالدها الذي كان يتمزق لرؤية ابنته يمنى تذوي كالشمعة.
اصبحت لا تفارق والديها. وكأنها مرعوبة من ان يحدث لهما شيئا.
وطوال عامان. وهما يحاولان مع فؤاد جاهدين ان يخرجها من السجن الذي حبست نفسها فيه.
قال عمر
من هذه العصابة. وماعلاقة يمنى بها ؟
نظر معن الى ابنه وقال بحزن.
اتصدق بأنها مجرد غلطة بسيطة من رجلهم المكلف بتوصيل الفلاش ميموري ؟
كانت خطتهم التي اكتشفوها لاحقا في التحقيق انهم يضعون الفلاش في حقيبة تحملها فتاة. وكانت مواصفات الحقيبة تتطابق مع حقيبة يمنى. فوضعها العميل الخاص بالعصابة في حقيبة يمنى في المطار. وبالطبع كان فيها جهاز تعقب.
نظر عمر الى والده بإستغراب وقال.
لكنك قلت انهم لم يجدوا شيئا في الحقيبة. في المزرعة
ابتسم معن. وقال
بالفعل لم يجدوا شيئا. لانه من سخرية الموقف. ان العميل المكلف بوضع الفلاش وجهاز التعقب في الحقيبة. لم يتمكن من انجاز المهمة كاملة. والسبب ان حقيبة يمنى هي نفسها حقائب كافة فريق الرقص الذي كانت معه يمنى.
لذا وضع الفلاش في احدى الحقائب وعندما اراد ان يكمل مهمته بوضع جهاز التعقب في الحقيبة. فوجئ بدخول بعض العاملين فوضع الجهاز بسرعة وبسبب تكدس الحقائب. علق الجهاز في سحاب حقيبة يمنى. ولكنها لم تنتبه له لانه جهاز صغير جدا ممغنط علق في العلاقة السوداء للسحاب. فلم تنتبه له.
فكان هذا الخطأ الصغير سببا فيما حدث لها ولجدها وصديقتها بدون ذنب
تنهد معن. وقال
وكما ترى الان فأنها اختفت عن العالم لمدة عامين. وبعد جهد كبير من والديها وفؤاد بدات تخرج معهم وكانت حفلتنا اول خروج لها منذ حدوث الحادثة.
والان تعتبر في وضع جيد فقد عادت لممارسة عملها مع والدها. ويبدو ان دخول نهلا الى حياتها. حطم حواجز القلق والخوف بداخلها ولو قليلا. بالاضافة طبعا الى عودتها الى ممارسة الرقص وهذا بحد ذاته متنفس كبير
ولكن تبقت مشكلة صوتها. فقد اجمع الاطباء ان فقدانها لصوتها ليس له سبب عضوي وانما بسبب الصدمة القوية التي تعرضت لها.
وانهم يجب ان يتركوها للوقت. فقد يعود صوتها يوما ما.
اطرق عمر مفكرا. وقال.
قصة غريبة ومرعبة. لايمكن ان يتخيل المرء ان يحدث له شيئا كهذا. بدون ذنب.
استقام معن واقفا وتنهد وقال
ولكننا لا ننسى انه رغم بشاعة ماحدث. الا انه ساعد على تغيير يمنى تغييرا جذريا. وتصبح انسانة مختلفه تماما. بعيدة عن يمنى المغرورة والقاسية
وقف عمر الى جانب والده وقال.
يبدو انني كنت غارقا في احزاني فلم. انتبه الى هذه الاحداث. رغم اننا مقربين جدا من عائلة عمي خالد
ربت معن على كتف ولده عمر بحنان وقال
اذا كنا نحن اهلك لم نكن نراك. فكيف ستعلم وتنتبه لاحداث حدثت في حياة الاخرين. بالاضافة الى ان يمنى طوال حياتها وهي في المدارس الداخليه السويسريه. والجامعة ومراكز التدريب. اي انها لم تكن موجودة ضمن دائرة تواصلنا مع عمك خالد
تمطى معن بكسل وقال
هيا الان لقد تعبت. واريد ان استلقي قليلا.
ثم غمز عمر بخبث وقال له.
أشعر ان في الاجواء حكاية.
وانطلق ضاحكا وهو يخرج من غرفة الجلوس تاركا عمر مبتسما مفكرا. في انه. اخيرااا تعرف على يمنى الجديدة.
أنت تقرأ
الراقصة البكماء
Roman d'amourجميلة شفافة مشاكسة تعشق الحياة. في لحظة ألم فقدت صوتها. وسيم جاد قوى صارم في لحظة ألم فقد احساسه. يتلاقى القلبان في دوامة العشق