كان مساءً جميلا والبحر امواجه هادئه. والقمر يتلألأ بين نجمات السماء. كانت ليلة جميلة ومثالية لأقامة حفلة في حديقة فيلا والد نهلا المطلة بجمال على الشاطئ الخاص بها.
نظمت نهلا الحفلة المختصرة بحب. من الطاولات المغطاة بتلك الاقمشة البيضاء الناعمة وأنية الزهور المليئة بالورود التي تراوحت بين درجات الاحمر الخلابه. واكواب العصير الكريستالية. وتلك الاضاءات التي توزعت في كل مكان وشعلات النار التي اضافت طابعا خاصا وحميما على الاجواء.
وفي وسط المكان. تم تركيب تلك الشاشة الضخمة واجهزة الصوت المتطورة والكاريوكي.
وفي زاوية الحديقة كان هناك طاقم من العاملين في اهم وافخم مطعم للشواء في المنطقة. ليقوم بتجهيز العشاء المكون من المشاوي اللذيذة والسلطات والحلويات والفواكه والعصيرات المختلفة.
بدأ المدعوون الحصريون بالتوافد. حضر فؤاد اولا برفقة ساهر. وابدئ اعجابه الشديد بتنظيم نهلا. فهو يعجب بكل ماتقوم به نهلا.
وقد ارتدى قميصا ابيض اللون وبنطالا ابيض مع حذائه الفاخر ذي اللون البني الداكن. اما ساهر فقد ارتدى تي شيرت فاخر ابيض اللون مع بنطال ابيض وحذاء رياضي يحمل اسم مصممه
دخلت فريدة وهي ترفل بثوبها الابيض الطويل المصنوع من الشيفون والتي تبدو فيه كحورية قادمه من البحر وقد ارتسمت بسماتها الحنونه على ملامحها. وتقدم فؤاد ليلقي عليها التحية. وكان خلفها عمر. صاحب الاناقة الدائمة ببذلته الصيفية البيضاء ذات الخطوط المتقنه المكونة من قميص ابيض وبنطال ابيض وسترة بيضاء انيقة تفصل بنيته القوية وتبرز جاذبية جسده.
اخيرا دخل والدهم. معن وبجواره صديقه خالد وزوجته الجميلة سلمى. وابنتهم. الفاتنة. يُمنى.
نظر عمر اليها. كانت ذات جمال غامض نظراتها الهادئة. وبسمتها الناعمة.
كم تبدو جميلة في ثوبها الذي يصل الى ركبتيها. تصميمه المميز من خط الرقبة المستقيم. وبدون ذراعين لينسجم مع حنايا جسدها ثم ينزل بإتساع جميل من عند وركيها ليصل الى ركبتيها. وعلى وسطها حزام ابيض مثبت ببروش ذهبي لفراشتين صغيرتين تبدوان وكأنهما تلعبان سويا.
وعلى اذنيها قرطان ذهبيان صغيران ايضا بتصمم فراشات وسوار ذهبي يتماشي مع القرطين. نزولا الي ساقيها المثيراتان. في ذلك الحذاء ذو الاربطة الذي يصل الى منتصف ساقها. بلونه الذهبي الباهت المثير. حذاء في غاية النعومة والاثارة.
مد كفه مصافحا عندما اقتربت منه مبتسمة. مرحبا بها. وهو معجب بشعرها الجميل وهو يتموج حول وجهها في خصلات مجعدة فبدت كحسناء غجرية على غلاف رواية رومانسية
يا الهي مالذي يحدث لي ؟
اطرق برأسه ينظر الى الارض وابتسامة تتلاعب على شفتيه
يبدو انني جننت. !
ثم استدار ليبتعد قليلا عنهم. ويجلس بإسترخاء على احد المقاعد المريحة التي وزعتها نهلا في المكان.
بدأ الجميع في تناول المرطبات وتبادل الاحاديث والنكات. وكانت يمنى تقف بالقرب من نهلا. تستمع اليها وهي تحدثها عن بعض مغامراتها في عملها كمنظمة حفلات واغرب الافكار التي يطلبها العملاء.
كانت نظرات عمر على يمنى. فرأى في عيناها دفئ نحو نهلا. وكانها تنظر الى صديقتها الحميمة.
ثم تذكر. انه لم يسأل والده عما حدث. ل يمنى فصمم على ان يفعل ذلك في اليوم التالي بدون تأخير
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
بدأت الحفلة وادارت نهلا جهاز الكاريوكي. وتحلق فؤاد وساهر ونهلا ويمنى وصديقان زوجان مقربان من نهلا هما امير وربى. حول مسرح الرقص المصغر الذي صممته نهلا وركبته على ارضية الحديقة
وبدأ بلعبتهم.
بينما استرخى خالدومعن وعمر وسلمى وفريدة. في زاوية قريبة منهم يستمتعون بتبادل الحديث.
بدأ خالد ومعن الحديث عن شركة عقارية كبرى سوف تتحول الى شركة قابضة وستطرح اسهمها قريبا في الاسواق.كان لكل منهما رأي حول مدى نجاح هذه الشركة وبدأ في الجدال ولكن بصورة ودية مليئة بالمزاح والضحك. ثم فجأة رفع معن يده وقال صائحا
وجدتها !
فلنستدعي المستشارة يمنى لتعطينا رأيها ؟
أوليست هي مستشارة اقتصادية. وذكية جدا. وغمز عمر مما دعى عمر الى الضحك بقوة مربتا على كتف خالد وقال
يبدو انه يريد ان يكسب تأيد ابنتك يا عماه.
رد خالد بخبث. وقال
حسنا حسنا. سنرى.
التفت الى مجموعة اللاعبين. ونظر الى يمنى وهي تضحك على عمر ونهلا وهما يقلدان شارلي شابلن في رقصه
ونادها قائلا
يمنى. حبيبتي. هلا حضرتي هنا قليلا ؟
التفت يمنى الى والدها بسرعة وابتسمت وهزت رأسها موافقه
نهضت وتوجهت اليهم. وهي تسير على العشب حافية. مما اثار منظرها عمر
كانت تبدو صغيرة. ضعيفة هشة. وكأنها ليست في ٢٨ من عمرها.
اقتربت منهم
ووقفت الي جانب كرسي والدها الذي امسك بكفها يجلسها الي جواره قائلا
انظري لدينا معضلة وانت من سيحكم فيها
نقلت نظراتها المتسألة بين والدها وعمها معن ثم استقرت على عمر ورفعت يدها تلف اصابعها علامة استفهام وهي تحرك ذقنها الي الامام وكأنها تقول.
ماذا هناك ؟
ضحك عمر رافعا ذراعيه علامة الدفاع عن نفسه.
لا اعلم. انت الان الحكم
ضحكت وامالت رأسها الى جانب واحد ناظرة الى والدها وكأنه تقول له
ماذا هناك ؟
تكلم معن بحماس وقال
انظري يا يمنى قضيتنا هي اننا اختلفنا في مدى نجاح تلك الشركة العقارية التي ستتحول الي شركة قابضة
انا اقول انها ستخسر ووالدك يقول بل سوف تنجح
وكونك مستشارة اقتصاديه. مهمة. نريد رأيك !
وضعت يمنى كفها علامة التفكير تحت ذقنها. والتفت نحو حقيبتها الملقاة على احد الكراسي بجانبها واخرت دفترا صغيرا وقلما مميزا مذهبا منقوش عليه اسمها ببراعة وجمال ومرصع بياقوته حمراء صغيرة على شكل قلب تحت اسمها.
وبدأت تكتب. لفت القلم انتباه عمر جدا وشعر بأن له مكانة مميزة عندها ولكنه لم يفصح عن ذلك بينما والدته فريدة قالت بإعجاب
ياله من قلم جميل ومميز
قالت سلمى وهي تهمس بحب اختلط بالحزن
انه هدية من والدي ل يمنى. عندما تخرجت من الجامعة. فقد كانت الاولى على دفعتها
احاطت انامل فريدة بيد سلمى وقد فهمت لماذا قالت ذلك همسا
حتى لا تسمعها يمنى.
وضعت يمنى الدفتر على الطاولة ودعت بيدها والدها وعمها الى النظر الى الدفتر ليقرأ ماكتبت
وبعد ان قرأ والدها وعمها ما كتبت ضحك معن جذلا ومصفقا.
لقد ربحت. يمنى توافقني الرأي
ضحك خالد وقال
هنيئا لك. لن اجادلك طالما الاستاذة يمنى أيدت رأيك
امسكت يمنى بالدفتر وقلبت الصفحة الى صفحة بيضاء ودعتهم مرة اخرى للنظر الى الدفتر وكتبت
سأشرح لكما وجهة نظري
وبدأت ترسم لهم بعض الرسوم البيانية المبسطة وتكتب الارقام والافكار وكأنها تتحدث معهما. وهما منسجمان وبتركيز شديد فيما تقوم به
وعندما انتهت
نظر معن اليها ونهض واقفا
انت بارعة بارعة جدا في الواقع.
واحتضنها بأبوة وقال
هنيئا لك بيمنى يا خالد
التفت يمنى الى والدها ومدت ذراعيها وضمته الى صدرها وقبلت جبينه
وتكلمت بلغة الاشارة قائلة
شكرا لانك والدي.
وقبل ان يتكلم خالد صرخت نهلا
يمنى يمنى هيا حان دورك.
وركضت بإتجاه يمنى وسحبتها وهما تضحكان نحو حلبة الرقص
تعالى صوت الموسيقى كان دور يمنى وكانت الاغنية مضحكة جدا بقدر جمالها في زمانها
فالاغنية تعتبر مثيرة جدا في رقصتها. هي للمغني دادي تسمى ليمبو.
نظر ساهر وفؤاد ل يمنى بتحدي وقال ساهر
هل سترقصينها بهذا الحذاء العالي
ضحك فؤاد. فساهر لا يعرف كم هي يمنى مشاسكة
نظرت يمنى الى ساهر بنظرة غامضة وتوجهت الى وسط حلبة الرقص
ورفعت يدها الى شعرها لتزيل مشبك شعرها الجميل وتدعه حرا يداعبه نسيم الليل فيزيدها اثارة واعطت اشارتها ل نهلا لتدير الموسيقى
وعندما بدأت يمنى بالرقص على نغمات هذه الاغنية اللاتنية المثيرة
وتحرك جسدها بإثارة واغاظة ل ساهر وفؤاد ثار حماس نهلا وامير وربى وبدأو بالتصفيق والصراخ والتهليل لها.
مما لفت انتباه الاخرين فأقتربوا ليشاهدوا العرض. وبدأ بالدخول في الجو الصاخب
الا عمر كان يشعر بشعور غريب. يود لو يسحبها من وسط الحلبة ويوفقها عن هذه الرقصة المثيرة.
فكر في داخله وقال لنفسه
ايعقل انني اشعر بالغيرة؟
هز رأسه ينفض هذه الافكار من رأسه. ولكنه مازال يشعر بحرارة تملأ جسده لرؤيتها وهي ترقص بهذه الاثارة والجاذبية.
عندما انتهت الرقصة تعالى التصفيق واقترب ساهر رافعا ذراعيه مقرا بالهزيمة. وهو يضحك وقال
لقد اشعلتي الحلبة. يا جميلة
ابتسمت يمنى وضربته على كتفه وبإشارة انتصار من اناملها.
وكأنها تقول له.
اياك ان تتحداني
لكز فؤاد ساهر في ذراعه قائلا بغباء مصطنع
الم اذكر لك سابقا ان اختى الصغرى مشاكسة. ؟
نظر اليه ساهر حانقا.
ولف ذراعه حول عنقه قائلا.
ولا مرة ولا مرة. وبدأ الاثنان بالضحك مما نقل العدوى الى الجميع
بدأ الجميع بتناول العشاء اللذيذ والاستمتاع بهذه الحفلة المميزة
وجاء وقت الهدايا
فتحت نهلا اول هدية من والديها
ثم هدية عمر. وساهر
واخيرا تناولت هدية يمنى. وهي تبستم بمحبة لها
وعندما فتحتها شهقت ورفعتها ليراها الجميع
كانت عبارة عن سلسال من البلاتنيوم الابيض ينتهي بطائر محلق من الالماس يحمل على جناحه قلبا من الياقوت الاحمر مشابها لمافي قلم يمنى. ويتدلى من تحت جناح الطائر حرف N. وهو حرف نهلا بالانجليزية
وعلى الجناح الثاني من الخلف نُقشت عبارة. كوني صديقتي
كان واضحا انها هدية صنعت خصيصا لانسانة مميزة. ركضت نهلا نحو يمنى
وضمتها بمحبة وقالت لها
شكرا يمنى انت فعلا صديقتي واختي.
تلألات الدموع في عين يمنى وهي تحتضن نهلا. وتفكر في نفسها هل سوف تسعدها الحياة مرة اخرى بصديقة مخلصة. بعد ان فقدت ريما.
كانت حفلة رائعة. حتى ان والدا نهلا بعد مغادرة الضيوف قال لها.
اروع عيد ميلاد لك يا نهلا.
لم يكن صاخبا متكلفاً وانما حصريا ومليئا بالمحبة والفرح
مدت نهلا ذراعيها تحتضنهما سويا وهي تتنهد قائلة
نعم لقد احببت عيد ميلادي هذا العام اكثر من كل الاعوام السابقة
هذه البساطة والانسجام والضيوف المميزين جعل للحفل معنى
ضحك ساهر وقال
اين الفتاة المتفاخرة؟
مدت له لسانها وقالت
اسكت انت مايدريك عن احساسي
قال عمر وهو يسحب نهلا بين ذراعيه مقبلا اياها على جبينها
كل عام وانت بخير اختى الحبيبة
واعتقد انك اصبحتي تحبين تكرار هذه الطريقة في الاعوام القادمة
نظرت اليه نهلا بتفكير ووضعت اصبعها على شفتيها وقالت
نعم. وافكر ايضا ان حالفني الحظ ووجدت مخبولا يقبل بي. سيكون حفل زفافي بسيطا دافئا كحفلة اليوم
ضحك ساهر عاليا ووضع كفه على جبينها وقال
من انت ؟ وماذا فعلتي بصغيرتي نهلا
لكمته نهلا بقبضتها على صدره
فتظاهر بالالم. وبدأ بالضحك مجددا.
كانت حفلة جميلة. ولكن عمر خرج منها بشعور اكيد ان هذه الفتاة قد سرقت احساسه بالاطمئنان
أنت تقرأ
الراقصة البكماء
Romanceجميلة شفافة مشاكسة تعشق الحياة. في لحظة ألم فقدت صوتها. وسيم جاد قوى صارم في لحظة ألم فقد احساسه. يتلاقى القلبان في دوامة العشق