2 - من يخاف الدكتور فرغسون ؟

3.4K 55 1
                                    

من يخاف الدكتور فرغسون؟

وفي صباح اليوم التالي , هبطت أندريا من غرفتها ألى المطعم لتناول الأفطار , وكانت ترتدي قميصا قطنيا خفيفا ورديا , وسروالا من القطن الأزرق على أحدث طراز وحذاء بنفسجيا خفيفا مرن النعل من الطراز الأسباني , وكانت ثياب آندي بهيجة وعملية في الوقت نفسه ,وكانت أيضا قد أستبدلت ساعتها الدقيقة الأنيقة بساعة أكبر وأرخص وحرصت على وضع كمية كبيرة من بودرة الثلك في حذائها , ولكنها لم تكن قد أزالت طلاء أظافرها , وما زال العطر الفرنسي الثمين يفوح منها أما شعرها فقد ثبتته خلف رأسها بشريط يناسب لون قميصها.
سبقها ألى قاعة الطعام شقيقها , بيتر وصديقه وزميل رحلته جوي , وأثناء تناولهم الطعام تساءل جوي :
" ترى كيف يمكن أن نجد حال الطريق الداخلية في هذه البلاد؟".
وكان بيتر كعادته مشغولا بمطالعة الصحف ولكنه عندما سمع ذلك رفع عينيه عن الصحيفة وقال :
" ستكون حسنة جدا حسب ما أعتقد , ذكر فرغسون أنه ينبغي أن نصل ألى سانغي موسانغ في الساعة الثالثة تقريبا ".
ورد جوي ساخرا:
"أعتقد أنه كان من الأفضل لو أننا ركبنا طائرة فأن ركوب سيارة لمدة ثماني ساعات في هذا المناخ لن يكون نزهة مرحة في أي حال ,فكيف أذا كانت هذه السيارة عبارة عن سيارة جيب عتيقة".
منتديات ليلاس

وحاولت أندريا أن تخفف من وقع هذا الأحساس وقالت :
" ربما لا تكون الرحلة سيئة بهذه الدرجة خاصة أذا كانت الطريق مرصوفة وفضلا عن ذلك فأننا سوف نتمكن على الأقل من مشاهدة الكثير من أجزاء هذه البلاد أكثر مما لو كنا محلقين في الجو".
وأبتسم جوي وقال لها:
" سوف تسعدين بالجلوس ألى جانب فرغسون طوال اليوم , أنها فرصة قد تثير أي فتاة".
وأشارت ألى نفسها ثم نظرت أليه قائلة :
" ولكن ليست هذه الفتاة , أنني أفضل الجلوس في المقعد الخلفي معك".
وفي الساعة السابعة تماما وصل فرغسون لأصطحابهم , ولم يكن في سيارة جيب عتيقة كما زعم جوي من قبل , ولذلك فأنه لم يتمالك من أبداء الدهشة عندما شاهدوا جميعا السيارة البنية اللون ذات السقف المتحرك التي كانت تقف خارج الفندق وقال جوي في أعجاب:
" يا لها من سيارة جميلة".
ولم تجد أندريا من الضروري بالنسبة لها أن ترفض أحقيتها في الجلوس في المقعد الأمامي لأنه لم يعرض عليها ذلك بل على العكس فتح لها الدكتور فرغسون الباب الخلفي وكان واضحا أنه وافق على مرافقتها لهم في هذه الرحلة بقدر ضئيل من الحماسة والأهتمام , وكانت هي تبادله المشاعر نفسها.
وكان بيتر وجوي يرتديان سروالين من القطن المتين الكاكي وقميصين تأثرت ألوانها بفعل الشمس وهي الملابس التي أعتادا أرتداءها للعمل , أما الدكتور فرغسون فرغم أنه لم يكن يرتدي ربطة عنق ألا أنه كان يبدو متجها ألى العمل في معمل مكيف الهواء , أذ بدا وكأنه تسلم قميصه وسرواله الأبيض من أفضل مؤسسة لغسل الملابس وكيّها في سنغافورة , وكانت جواربه أنيقة أيضا وحذاؤه لامعا , وعلى عكس الرجلين الآخرين بدا كأنه أخذ حماما باردا لتوه , بينما كان باديا على الرجلين الآخرين الشحوب الذي يتسم به الأوروبيون الواصلون منذ فترة وجيزة ليواجهوا هذا المناخ الأستوائي.
وقد عبر الجميع بالسيارة الطريق المعبد الذي يربط سنغافورة بداخل المدينة وراء سيارة لوري صينية محملة بسماد مصنوع من مخلفات الأسماك بتميز برائحة كريهة للغاية.
وكانت مضائق غوهور تلمع في ضوء الشمس الساطع صباحا , والسماء زرقاء صافية تشعرك أنك تعيش جو عطلة منعش.
ورغم أن الدكتور فرغسون كان يقود السيارة بسرعة ألا أنه لم يكن مستهترا وكانت أندريا تتطلع ألى يديه البنيتين وهما تلمسان برقة عجلة القيادة وكان يستخدم أجهزة السيارة بمهارة , ويمسك عجلة القيادة في الوضع الصحيح , ولم يكن يتنحى يمينا أو يسارا بسرعة خارقة حتى لا يؤثر ذلك على أطار السيارة كما يفعل جوي بطريقته التي تنم عن عدم أكتراث.
وفي الساعة الحادية عشرة أوقف سيارته على جانب طريق بجوار مزارع المطاط المعتمة ووجه حديثه أليهم قائلا:
" يمكنكم أن تستريحوا في هذا المكان أذا شئتم لمدة خمس دقائق , أما أنا فسأحضر لكم سلة الغداء".
وخرج بيتر من السيارة , وخرج جوي وأندريا من الناحية المقابلة , وسألها جوي بعد أن أبتعدا قليلا عن السيارة :
" ألا تزالين غاضبة؟".
وهزت أندريا كتفيها قائلة :
" الغضب لا يفيد , وما لم يصمم بيتر رأيه فلن يكون هناك الكثير مما أستطيع أن أفعله".
" ولكنني لا أوافقك على ذلك , لم تحاولي بعد تجربة التأثير بنفسك ".
وردت أندريا في أسى وهي تضع يديها في جيبها :
" الدكتور فرغسون ليس الشخص السريع التأثير".
وألمح أليها جوي قائلا :
" من يعرف , ربما يكون هذا المظهر الجاف الذي يبدو به الرجل مجرد واجهة فقط , أما ما يخفيه وراء هذا المظهر فهو شيء آخر".
ونظرت أندريا أليه متشككة وقالت :
" أشك في ذلك أنه يبدو لي صلبا مثل حجر الغرانيت ".
" ربما وربما لا , ألا أنه ليس هناك الكثير من الرجال الذين يستطيعون مقاومة فتاة جذابة أذا ما عقدت العزم وأذا أخذتني أنا كمثال فأنا أيضا لست الشخص السريع التأثير ألا في أوقات معينة , ولكنني لا أستطيع يا عزيزتي أن أصمد أمامك".
" ما الذي تحاوله يا جوي , هل تريد أن تقوي معنوياتي المنهارة؟".
" كلا , أنني أعني ما أقول فعلا ....".
وأستطرد جوي قائلا :
" لو تلقيت بعض التشجيع منك...... فسوف أستسلم نهائيا !".
وتوقفت أندريا ونظرت أليه نظرة طويلة وقالت :
"أوه , لا تمزح , كنت طوال الرحلة بالطائرة تغازل المضيفة بطريقة جنونية".
" نعم , ولكنني لم أكن في حماسي المعتاد , وكان ذلك أيضا قبل أن أشخّص حالتي بصدق , وأعتقد أنني لم أكن في حالتي الطبيعية لفترة , ولكن الأمر لم يستمر حتى الليلة الماضية , حينما أدركت لماذا لم أكن في حالتي العادية....".
منتديات ليلاس

تعالي إلى الادغال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن