الغريب يظهر مرتين
في الساعة الخامسة بعد الظهر هبطت الطائرة في سنغافورة مع ضوء الشمس الساطع والجو الذي وصلت حرارته ألى نحو أربعين درجة في الظل.
وبعد مضي ساعتين وبينما أستقروا في فندقهم وكانوا يتناولون عشاءهم في مطعم مكيف الهواء بالدور العلوي كان ضوء الغسق الأخضر في المناطق الأستوائية قد بدأ يتوارى مع سقوط الليل الباكر.
جلسوا يحتسون القهوة , سألت أندريا :
" ما رأيكم في أن نقوم بجولة ؟".
كانت أندريا قد أستعادت نشاطرها بعدما أخذت حماما باردا , وأستبدلت ملابسها , ولذلك تجددت في أعماقها رغبة الأنطلاق ألى الخارج لتشاهد بعض المناظر أذ ظلت لأسابيع تتطلع ألى هذه اللحظة التي تعتبر ذروة مرحلة كبيرة من التخطيط والأعداد.
" سنغافورة .....بداية الشرق!".
منتديات ليلاس" سنغافورة..... مدينة الأسد".
لقد أحست أندريا بشيء من الأضطراب عندما سمعت في بادىء الأمر بمعنى هذا الأسم فقد كان يعني شيئا غريبا وغامضا.... شيئا مختلفا تماما عن ذلك الجو الرمادي الكئيب الذي يخيم على لندن منذ أوائل كانون الثاني ( يناير ) مع كل ما يعقبه من أسابيع الشتاء البارد الطويلة ولكن أخيرا أنتهى هذا الأنتظار لنهاية الشتاء , وأصبحت الأمطار والضباب على مسافة آلاف الأميال وراءهم.
ورفع أخوها عينيه في نظرة سريعة عن الكتاب الذي يقرأه وأجاب :
" ليس الليلة يا آندي ..... أريد أن أنتهي من هذا الكتاب فقد لا يكون هناك متسع من الوقت غدا".
ونظرت أندريا في رجاء ألى رفيقها وهو رجل نحيل ذو شعر أشقر , في بداية الثلاثينات من عمره , وقالت :
" ستأتي معي لنتمشى .... أليس كذلك يا جوي ؟".
وأرتشف جوي راندي كأسه الثانية وقال :
" لست في مزاج نشاط يا عزيزتي ..... فلنسترح الليلة".
وضحكت أندريا قائلة :
" أنت يا جوي لا أمل فيك كنا مرتاحين طوال اليوم , ونحتاج الآن لبعض النشاط , هيا تعال معي ".
ألا أنه لم يكن من السهل أقناع جوي أذ أمضى الوقت طول الرحلة من لندن يشرب ويغازل مضيفة جوية جميلة ذات شعر أحمر , والليلة بدا وجهه الجميل شاحبا على غير العادة.
وأخيرا قالت أندريا في صوت هادىء:
" حسنا..... سأقوم بهذه الجولة وحدي".
ورد جوي محذرا:
" الأفضل ألا تفعلي ذلك ربما تضلين أو تتعرضين للأختطاف أو أي شيء آخر , هذه ليست أوروبا يا عزيزتي , أنه الشرق الغامض!".
ولكن أندريا التي سافرت آلاف الأميال من قبل ألى مختلف أنحاء العالم ولم تعد الأماكن الغريبة تثير مخاوفها , أرادت أن تطمئنه , فقالت له:
" لا تخف , أنني لن أذهب بعيدا".
وتدخل شقيقها بحزم في الحوار الدائر قائلا:
" لن تذهبي ألى أي مكان".
فقالت في نبرة أحتجاج :
" أوه بيتر , ولم لا؟".
فأجابها :
" لأنني متأكد تماما أن المرأة الأوروبية لا تخرج بمفردها هنا الليلة , وعليك الأنتظار حتى الصباح يا آندي ".
وتنهدت أندريا في حسرة بدون أن تحاول مواصلة الحوار معه .
كان بيتر رغم أنه كان يحاول لفترة ألا يبين ذلك يشعر بتوتر عاطفي منذ بضعة أيام , ورغم أن أندريا لم تكن تعرف الحقيقة كاملة أ أنها كانت تعلم أنه على خلاف خطير مع تلك الفتاة التي كان يأمل في الزواج منها.
قالتها بأذعان , ثم أضافت قائلة:
" في هذه الحالة من المستحسن أن أتوجه لأغسل ملابسي وسألتقي بكما على مائدة الأفطار , طاب مساؤكما".
ونهض الرجلان وهي تنصرف عن المائدة , وتجول جوي بنظره ليشاهدها وهي تغادر المطعم , وطوال الوقت بينما تتابعها نظراته كان على أستعداد أن يغير رأيه ويقترح عليها أن يرافقها ألا أنه في شيء من اللامبالاة , عاود الجلوس فوق مقعده وأرتشف ما تبقى في كأسه , كان النزلاء الذين أسترخوا على مقاعدهم في أماكن متفرقة عند مدخل القاعة المغطاة بالرخام يراقبون أندريا أيضا وهي تتجه ناحية المصعد وكان معظمهم من الأميركيين والأستراليين , ولكنهم لم يتعرفوا عليها كما كان من الممكن أن يفعل أغلبية الأنكليز.
ألا أن شعرها الأشقر العسلي , وقوامها الفارع الرشيق , جذبا الأنتباه في كل مكان , فلم يكن جمالها من ذلك النوع العادي مثل تلك المضيفة الجوية ذات الشعر الأحمر التي رافقت رحلتهم على الطائرة , بل كان هذا التآلف بين عينيها الخضراوين ذات الرموش الطويلة وأنفها الدقيق وذقنها المستقيم يتسم بجاذبية تفوق كثيرا جاذبية أي وجه آخر.
وفي غرفتها في الطابق الأول غسلت أندريا قميصها وعلقتها على المشجب , أخذت تجوب غرفتها بلا هدف تحدده الرغبة في التعرف على الشوارع المزدحمة التي شاهدتها على عجل أثناء أنتقالها في السيارة من المطار ألى الفندق.
أنت تقرأ
تعالي إلى الادغال
Romansaروايات عبير القديمة تعالي الى الأدغال - آن ويل الملخص أعتادت أندريا على التجوال في مختلف أنحاء العالم مع شقيقها , ولم تثر فكرة مصاحبتها له في رحلة الى أدغال الملايو تستغرق ثلاثة أسابيع , أية مخاوف في نفسها .إلا أن جيمس فرغسون - الطبيب الذي يعمل مر...